الغارمات والغارمون سيدات ورجال تحملوا مسئوليات الحياة فدفعتهم الاقدار للاستدانة لاسباب كثيرة منها التمسك بالعرف والتقاليد المبالغ فيها لتجهيز ابنائهم المقبلين علي الزواج فاختاروا طواعية التوقيع علي ايصالات امانة أو شيكات عجزوا عن سدادها وانتهي بهم الحال خلف القضبان تاركين أسرا واطفالا بلا عائل فكانت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتسديد ديون الغارمات لحماية الاسر المصرية من التفكك واعداد البرلمان دراسة حول الاسباب الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة الغارمات ومناقشة مشروع قانون لتحويل عقوبة الحبس للغارمات والغارمين الي العمل المدني كعقوبة بديلة لاستطاعة سداد الديون.. وهذه رؤية اسلامية واجتماعية لتصحيح مفاهيم خاطئة حول عادات وتقاليد المغالاة في المهور وتجهيز العرائس. في البداية يوضح الشيخ عبدالحميد الاطرش رئيس لجنة الفتوي الاسبق بالأزهر ان الحياة الزوجية حياة مقدسة وقد اخذ الله علي الزوجين أغلظ المواثيق فقال سبحانه »وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا» وقال الرسول صلي الله عليه وسلم:»أقلهن مهوراً أكثرهن بركة»، فقيمة العروس ليس في صداقها ولا جهازها وكذلك قيمة الخاطب ليست في منصبه ولا في جاهه ولا في ماله وانما قال صلي الله عليه وسلم: »زوجها لتقي فإن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها»، فهذا هو الاساس في بناء الاسرة أما ما يحدث هذه الايام من مغالاة في المهور وتجهيز العرائس لا مثيل لها كان سبباً في الكثير من المشاكل وأبرزها مشكلة الغارمات. الأصل في الزواج ويضيف ان الرسول صلي الله عليه وسلم بين أن جهاز بيت الزوجية في الاصل علي الزوج فهو المسئول عن تأثيث بيته علي قدر طاقته ولو كان علي حصير ووسادة ملؤها ليف ومما روي في السنة عن جهاز المرأة ما قاله علي رضي الله عنه: جهز الرسول صلي الله عليه وسلم فاطمة في خميلة »أي قطيفة بيضاء من الصوف» وقربة ووسادة حشوها إذفر »ليف» وفي حديث طويل عن قصة زواج علي رضي الله عنه انه باع درعا له بأربعمائة وثمانيين درهماً وجعلها مهراً لفاطمة فقبض النبي منها قبضة فقال: أي بلال ابتعنا بها طيباً. وأمرهم ان يجهزوها فجعل لها سريراً ووسادة وهذه كانت بداية الحياة الزوجية علي سنة الرسول صلي الله عليه وسلم ولكن هذه الايام ظهرت المغالاة التي لا اساس لها ولا نتيجة من ورائها الا امتلاء السجون بالغارمات والغارمين. ويقول د. علي عبدالراضي استشاري العلاج والتأهيل النفسي والاسري بجامعة عين شمس: من خلال متابعة دقيقة لاسباب هذه الظاهرة بالاخص بين النساء فهي لها أسباب ثلاثة الاول وهو الاكثر انتشاراً هو الاستدانة لشراء مستلزمات الزواج حيث تقوم الام بشراء الاثاث أو الاجهزة الكهربية من خلال معارض التقسيط وسرعان ما تتعثر الام في السداد فيدخل الامر ساحة القضاء ويتطور الي السجن. والثاني ما يعرف شعبياً بالحرق حيث تقوم السيدة بشراء سلعة بثمن قد يكون في الغالب مبالغا فيه نظير قسط شهري ثم تبيعها بثمن بخس للاستفادة من السيولة لقضاء حاجة ماسة لديها وسرعان ما يحدث التعثر في السداد. الثالث الضمانة حيث تضمن السيدة جارتها أو قريبتها في شكل من اشكال التقسيط وحين يتعثر الطرف الأول في السداد يصير الضامن غارماً وتتم مقاضاته.. وقد تزايدت ظاهرة الغارمات مؤخرا نظرا لاستخدام التجار من محترفي التقسيط ايصالات الامانة لتوثيق الدين مما حول عملية البيع والشراء من قضية مدنية يمكن الفصل فيها دون عقوبة الي قضية جنائية تؤدي الي السجن لعدة سنوات نتيجة لديون لا تتعدي بضعة آلاف من الجنيهات. ويضيف ان حل هذه المشكلة يكمن اولا في تغيير نظرة الام عن جهاز البنات فالصراحة والوضوح مهمان بأن تعلن الام أو ولي الامر امكانيات اسرة العروس الحقيقية امام العريس ويقتنع العريس ايضا بما تشتريه العروس من جهاز يناسب قدراتها.. أيضا علي البنات ألا يرهقن أسرهن بمستلزمات جهاز كثيرة وغالية تقليداً لاقاربها أو زميلاتها ،هذا شق.. الشق الثاني دور الجمعيات الاهلية في توعية الاسر في المناطق الشعبية بخطورة الشراء بالتقسيط والمساعدة المادية والعينية لاسر الفتيات المقبلات علي الزواج حتي لا تضطر الام للجوء الي طريق الغارمات.. أو توفير فرص عمل للامهات والبنات. الشق الثالث الغارمة ليست مجرمة فلابد من اصدار تشريع قانوني لاستبدال عقوبة الحبس بعقوبة بديلة في الخدمة المدنية والمنفعة العامة خاصة انهن سيدات لسن متهمات في قضايا جنائية كالقتل والمخدرات أو السرقة فالغارمة في السجن تختلط بمجرمات وتتعرض للالم النفسي الذي قد يحولها مستقبلا الي مجرمة لان المجتمع لم يحمها من ظروف قاسية مرت بها ويسبب احباطا لبقية افراد اسرتها خاصة البنات بعد ان حملت أمهن لقب مسجونة.