- أريد ضوء الشمس - كلا ، تمني أي شيء آخر الآن ، فأنا مجهد ولا أريد الذهاب - إذن ، دعوني أذهب بمفردي - أنتِ تعلمين أن والدك لن يعشق هذه الفكرة - لن يعلم ! - لا يجوز ! تتقدم أمي تجاهها بحب وتعلو وجهها ابتسامة عذبة والكثير من الشفقة ، قالت بلهجة من يحدث طفلًا : - ما رأيك أن نذهب أنا وأنتِ إلي أماكن ضوء القمر ، ضوء القمر جميل وقريب ويمكننا أيضاً تناول بعض العصير - وبم سيفيدني ضوء القمر !! ، أنتم تمزحون ، أليس كذلك ! ، قلت أريد ضوء الشمس ، أحتاجه ، لا أريد أن أتحلل !! - وأنا قلت لن أذهب ولن تذهبي ، لا تعقدي الأمور وتحللي كما شئتِ .. وقتها فقط عرفنا كم كانت صادقة في كلامها فقط عندما شممنا رائحة العفن المنبعثة من غرفتها الموصدة فقط عندما خرجت من غرفتها إلينا بعد مرور ثلاثة أيام فقط عندما ألقيت نظرة إلي غرفتها فوجدت جسدها ينخره السوس ملقي علي الفراش ، ونظرت إلي السائرة أمامي فتبينت ألوان المزهرية باهتة من خلفها ! مرت الأيام التالية طبيعية جدًا ، لا فرق سوي انتهاء المشاجرات بيني وبينها كانت أمي تحبها فعلًا ، تحاول التهوين عليها وإسعادها ، رغم أن كونك تملك شبحًا وسط أبنائك شيئًا لا يجلب الفخر ! أحيانًا كانت تدخل جسدها وتتحرك به وأحيانًا كانت تتركه ليستريح وتتحرك بمفردها ، وخيرًا فعلت في الثانية ف أنا لا أحب أن أجد ذراعها منسيًا في غرفتي أثناء تحركها الرتيب ، أو أي جزء آخر من جسدها ، نعم .. شخص غريب أنا لأكره شيئًا مثل هذا ، ولكن تحملني أرجوك أحيانَا أخري كنت أشفق عليها ، خاصة عندما نعد طعامًا كانت تحبه ، أسمعها تبتلع ريقًا جافًا ، ثم تنظر إلي الأطباق في تمنِ وأيضاَ عندما يحل ضوء الشمس علي منزلنا ، وتنظر من النافذة الموصدة بإحكام لتري شعاعا ضعيفا، فأعلم أنها تفكر .. الآن لا يحق لها الاستمتاع بضوء الشمس ، لقد ولي هذا منذ زمن الآن لا يسمح لها سوي بالتحرك في ظلام الليل ، وأنا شخصيًا لا أحب الأشباح الليلية ، لذا فهي سجينة تمامًا أذكر جيدًا ذلك اليوم ، عندما سِرتُ فاصطدمت قدمي اصطدامًا خفيفًا بشيء ملقي علي الأرض لأنظر وأجده أحد أصابع قدمها اليمني ، أو اليسري ، لا أذكر تحديدًا ! أذكر فقط أنني ركلته في غضب جمّ ، وصرخت وأطلقت بعض عبارات السباب في وجهها فانحنت بحزن والتقطت إصبعها ، ثم اتجهت في تؤدة إلي المطبخ ! هرعت خلفها صارخًا : - ماذا ستفعلين !! نظرت لي نظرة خاوية وتجاوزتني ، ثم فتحت الفرن الكهربي ودست جسدها داخله ثم دخلت خلفه و أغلقت الباب هرعت أمي أيضاً إثر صرختي ، بدا عليها الفزع للحظة ، ثم تجمعت العبرات في عينيها وصمتت - ستحترقين أيتها الغبية !! نطقت هي للمرة الأولي منذ الحادثة وكنت أحسبها لا تنطق : - فقط أحاول إنهاء عذابي سريعًا - سينتهي ، فقط لو انتظرتِ قليلًا - لن يكتمل تحلل جسدي قبل شهور ، لا أستطيع الاحتمال ، أريد الحرية لمرة واحدة فقط ! ، لا تنسوا تنظيف الفرن بعد ذهابي - قلت لن تفعليها !! صرختْ : - اخرس ودعني أنصهر !! فتركتها تنصهر .