لويزيانا الأمريكية تسن تشريعا يسمح بإخصاء مرتكبي الجرائم الجنسية بحق الأطفال    جورجيا تعتزم سن تشريع يمنع زواج المثليين    بلينكن يبحث مع جوتيريش الأوضاع في غزة وأوكرانيا والسودان    رد فعل صادم من لاعبي الأهلي بعد تصريحات أفشة.. شوبير يكشف التفاصيل    «الأهلي» يرد على عبدالله السعيد: لم نحزن على رحيلك    المصري البورسعيدي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية.. ونتحدى رابطة الأندية    استعلم الآن.. نتيجة الصف الثالث الاعدادي محافظة أسيوط الترم الثاني برقم الجلوس (الرابط والخطوات)    عربية بورش وظهور لافت ل طليقة شاكوش، مشاهد جديدة من احتفال حمو بيكا بعيد ميلاد زوجته    الإفتاء تحذر المصريين من ظاهرة خطيرة قبل عيد الأضحى: لا تفعلوا ذلك    نجم الزمالك السابق يكشف التشكيل المثالي لمنتخب مصر أمام بوركينا فاسو    مودي يعلن فوزه في الانتخابات الهندية لكن حزبه سيخسر الأغلبية    استغلالا لزيادة الطلب، ارتفاع أسعار سيارات شيري تيجو 7 المجمعة محليا والتطبيق اليوم    إبراهيم عيسى: المواطن يشعر بأن الحكومة الجديدة ستكون توأم للمستقيلة    أحمد كريمة: من يعبث بثوابت الدين فهو مرتد    الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبحث ملف تطوير البنية التحتية للطاقة النووية في مصر    نبيل عماد يكشف حقيقة خلافه مع حسام حسن    السعيد: حب جماهير الزمالك أعادني للحياة.. وسبب الاعتزال الدولي واعتبار تجربة الأهلي    بعد موافقة «النواب الأمريكي».. ماذا يعني فرض عقوبات ضد «الجنائية الدولية»؟    ارتفاع مصابي حادث سقوط سيارة أجرة داخل ترعة الخطارة بقنا إلى 15 شخصا    وفد «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية يصل القاهرة لاستعراض الأوضاع الحالية في غزة    حكومة رمل وزلط.. برلماني: حكومة مدبولي المستقيلة انتهت صلاحيتها    حقيقة تكليف الدكتور محمود محي الدين بتشكيل الحكومة الجديدة    إعلام فلسطيني: شهداء ومصابين في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف منزلا وسط غزة    متى يبدأ صيام 10 ذي الحجة 2024؟.. تعرف على فضلها عن سواها    طريقة عمل البرجر، بخطوات سهلة ونتيجة مضمونة    بشير التابعي: الأهلي يتفوق على الزمالك في العديد من الملفات.. والأبيض لم يستفد بصفقات يناير    التنمية المحلية: المشروعات القومية تهدف لتحقيق رفاهية المواطنين    البابا تواضروس يروي كواليس زيارته للفاتيكان في عهد الإخوان    «شديد السخونة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    برلمان سلوفينيا يوافق على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة    سم ليس له ترياق.. "الصحة": هذه السمكة تسبب الوفاة في 6 ساعات    محافظ المنوفية: تفعيل خدمة المنظومة الإلكترونية للتصالح بشما وسنتريس    أفريكسيم بنك يدعو مصر للمساهمة في بنك الطاقة الأفريقي لتمويل النفط والغاز    البابا تواضروس يكشف كواليس لقائه الأول مع الرئيس السيسي    البابا تواضروس ل"الشاهد": بعض الأقباط طلبوا الهجرة أيام حكم مرسي    البابا تواضروس: حادث كنيسة القديسين سبب أزمة في قلب الوطن    عيار 21 الآن بالمصنعية بعد الانخفاض.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024 بالصاغة    علماء الأزهر: صكوك الأضاحي لها قيمة كبيرة في تعظيم ثوابها والحفاظ على البيئة    متى تنتهي الموجة الحارة ؟ الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024    "تحريض على الفجور وتعاطي مخدرات".. القصة الكاملة لسقوط الراقصة "دوسه" بالجيزة    منتخب إيطاليا يتعادل وديا مع تركيا استعدادا ل«يورو 2024»    البابا تواضروس: التجليس له طقس كبير ومرسي أرسل رئيس وزراءه ذرًا للرماد    البابا تواضروس يكشف تفاصيل الاعتداء على الكاتدرائية في عهد الإخوان    «التموين» تكشف احتياطي مصر من الذهب: هناك أكثر من 100 موقع مثل منجم السكري (فيديو)    حظك اليوم| الاربعاء 5 يونيو لمواليد برج الميزان    حمو بيكا يهدي زوجته سيارة بورش احتفالا بعيد ميلادها (فيديو)    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 5-6-2024 مهنيا وعاطفيا    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 5-6-2024 مهنيا وعاطفيا    الأهلي يوقع اتفاق «مشروع القرن»    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ الحكومة تحسم الجدل    إعدام 3 طن سكر مخلوط بملح الطعام فى سوهاج    إمام مسجد الحصري: لا تطرد سائلا ينتظر الأضحية عند بابك؟    عقار ميت غمر المنهار.. ارتفاع أعداد الضحايا إلى 5 حالات وفاة وإصابة 4 آخرين    وزارة الصحة: نصائح هامة يجب اتباعها أثناء أداء مناسك الحج    مع اقتراب عيد الأضحى.. 3 طرق فعالة لإزالة بقع الدم من الملابس    عيد الأضحى 2024 : 3 نصائح لتنظيف المنزل بسهولة    مؤسسة حياة كريمة توقع اتفاقية تعاون مع شركة «استرازينيكا»    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل افترست جويس ماينارد سالنجر أم كانت فريسته؟

قيل لي مِرارًا علي صفحات هذه الجريدة أنّني »امرأة مفترسة»‬. ولم تكن صاحبة هذه الكلمات هي الوحيدة التي تنفرد بهذا التقييم. ففي عام 1998، قبل ما يناهز العشرين عامًا من ظهور حركة # أنا أيضًا، نشرت كتابًا عن علاقتي مع كاتب شهير وموقّر سعي إليّ في حين كنت بالثامنة عشرة وهو بالثالثة والخمسين.
لن أسرد هنا كافّة النعوت- متطفّلة، امرأة رخيصة، انتهازيّة فاسقة- التي استهدفتني أنا وكتابي ذلك الموسم، حيثُ قوبلت القصة التي رويتها في كتابي »‬بوطن في الدنيا» من الصحافة الأدبيّة بما يُشبه الإدانة الكونيّة. وعلي الرّغم من أنّ ذلك لم يُدمِّر عملي ولا رفاهيتي العاطفيّة، إلا أنّه كاد.
تكمن جريمتي- التي دفعت بي إلي المقام الشائك بحسب ناقد بارز باعتباري مؤلِّفة »‬أسوأ ما كُتب علي الإطلاق»- في قراري بعد خمسة وعشرين عامًا من الصمت، أن أكتب مذكرات رويت فيها قصة علاقتي مع كهل ذي نفوذ.
ذلك أنّه في ربيع 1972 بعد أن نشرت مجلّة التايمز مقالًا كتبته أرفقت به صورة فوتوغرافيّة بريئة لي (جينز أزرق وشعر مسترسل وبدون مكياج) تلقيت رسالة من ج. د. سالينجر أعرب فيها عن إعجابه بي ورغبته في صداقتي والقيام بدور المرشد والدليل الروحي لي- وحضّني في رسائل ومكالمات تليفونيّة تالية علي ترك الجامعة والمجيء للعيش معه(كي ننجب أطفالًا ونتعاون في مسرحيات نمثلها معًا علي مسارح ويست إند بلندن) وأن أغدو (وهو ما أحببته حقًّا) شريكته للأبد.
هكذا تخلّيت عن منحتي الدراسيّة وتركت الدراسة في جامعة يال وقطعت كل ما يربطني بأصدقائي وانتقلت (لا أحمل سوي حقيبة تنانير قصيرة وألبومات مسجلة كنت ممنوعة من سماعها) عائدة إلي مسقط رأسي في نيوهامبشاير كي أعيش برفقته. لكن بعد سبعة أشهر أثناء رحلة قمنا بها إلي فلوريدا، وضع ورقتين فئة خمسين دولارا في يدي وأمرني بكلمات قاسية كانت يومًا آسرة وفاتنة، أن أعود إلي نيوهامبشاير كي أخلي منزله من أغراضي واختفي.
قبلت تقييمه لي كامرأة تافهة اعتقاداً مِنّي أنّ سالينجر هو الأسمي روحيًّا بين كل من عرفتهم، ونادرًا ما كنت أتكلّم عن تجربتي طوال ربع القرن التالي حتّي مع الرّجل الّذي تزوجته أخيرًا والّذي أنجبت منه ثلاثة أطفال. رغم ذلك تسرّبت أنباء أنّني تركت يال كي أرافق سالينجر، ونادرًا ما كان يمر أسبوع خلال تلك السنوات دون أن أُسأل عن الرجل العظيم، السؤال الّذي كنت أجيب عنه دومًا بأنني احترم خصوصيّة الرجل.
لكن حين بلغت ابنتي السن التي سعي إليّ فيها سالينجر، أعدت قراءة رسائله للمرّة الأولي بعد ما يزيد علي العقدين. كنت عاجزة حتّي ذلك الحين عن تصوّر نفسي الشّابة امرأة تستحق الحماية والرعاية، رغم ذلك حين تخيّلت ابنتي تمرّ بما مررت به وأنا في عمرها، نظرت إلي علاقتي بسالينجر عبر مرآة مُغايرة تمامًا، إذْ تسبب نشر كتاب »‬بوطن في الدنيا» وخياري اللاحق بيع رسائل سالينجر لي في مزاد- ما يزيد علي الثماني والثلاثين صفحة مما لا يُمكن عدّه رسائل غراميّة بل وثائق أدبيّة ثمينة بلا أدني شكّ- في اندلاع قدر هائل من الازدراء والغضب (يُقال أنّ رجلًا ثريًّا اشتري الرسائل وأعادها إلي سالينجر.)
أثناء حدث أدبي نادر دُعيت إليه ذلك الموسم نهض صفّ كامل من الكُتّاب الذين أكنّ لهم احترامًا عظيمًا، تاركين مقاعدهم جماعيًّا عند اعتلائي المنصّة وغادروا القاعة. أقول لنفسي ماذا لو بقوا وأصغوا لما أقوله يومئذ، ألم يكن من الممكن أن يطرحوا ما لديهم من ادعاءات. لقد عشت طوال عشرين عامًا مع عواقب رواية تلك القصة المُحرّمة، ورغم أنّني نشرت تسع روايات وكتاب مذكّرات آخر لم يتطرق أي منها لسالينجر، إلا أن بضع مراجعات فقط هي ما أفلت من تكرار مسألة نومي مع كاتب عظيم حين كنت بالثامنة عشرة، بل والأدهي أنّني ارتكبت الخطيئة التي لا تُغتفر برواية ما جري، أو وكما يُقال دومًا، »‬أفشيت أسرارًا حميمة»- بعبارة تضعني في صفّ واحد مع مشاهير الصحف الصفراء.
الخريف الفائت حين باغتنا نبأ انتهاكات هارفي ونستين للنساء في صناعة الترفيه، وما تبعه من فضائح تكاد تكون يوميّة تتعلّق برجال بارزين ومحترمين آخرين وُجهت إليهم اتهامات بارتكاب انتهاكات مماثلة، قلت لنفسي ها قد حان الوقت الّذي قد تحظي فيه تجربتي برؤية مُختلفة، وتصوّرت أنّ يرنّ هاتفي. لكن المكالمة المُنتظرة لم تأت. ورغم اعتقادي أنّ الكتاب الّذي ألّفته منذ عشرين عامًا لو كان قد نُشر اليوم لحظي باستقبال مختلف، إلا أنّ التنوير المتعلِّق بالانتهاكات التي يرتكبها رجال نافذون لا يبدو أنّه يمتد بأثر رجعي إلي النساء اللائي اخترن البوح منذ عهد بعيد، بل يؤذين ويذللن جرّاء ما فعلن. حيثُ أُشير لي في الخريف الماضي- بمناسبة نشر مذكّراتي حول وفاة زوجي الثاني، وهو الكتاب الّذي لم يظهر فيه سالينجر بأي حال- باعتباري »‬ملكة الفضائح».
فضائح! تُري ماذا تعني هذه الكلمة بالنسبة لامرأة تروي تجربتها الحقيقيّة فتتعرّض للنبذ لأنّها باحت بما يفوق طاقة العالم علي السماع؟ (ودائمًا ما تكون المرأة هي التي تُتهم بهذا، في حين يوصف الكاتب الرجل الّذي يعترف بتفاصيل حميمة تخصّ حياته، بأنّه شجاع ومقدام، بل وبارع. فكّروا في نورمان ميلر، أو الكاتب الأحدث، كارل أوفه كناوسجارد.)
تلقيتُ منذ أيام رسالة إلكترونيّة من صحافية شابّة تستفسر فيها عمّا يدور بخلدي بشأن حركة #أنا أيضًا. وكانت قد عثرت علي نسخة من كتابي »‬بوطن في الدنيا»بمكتبة في باريس وقرأته علي متن الطائرة التي تقلها عائدة إلي الوطن. لم تكن قد بلغت السابعة حين نُشر الكتاب، لذلك كانت حكايتي غريبة بالنسبة لها وغمرها فضول بشأن الطريقة التي كان ليستقبل بها اليوم. لقد قطعنا شوطًا طويلًا في مسار ثقافة الخوف من المرأة منذُ عام 1971، عامي الأول في جامعة يال، حين كانت قبلة مساعد تدريس لطالبة تُعدّ من جانب زميلاتها أو زملائه أمرًا طبيعيًّا أو إطراءً للطالبة. قطعنا شوطًا طويلًا أيضًا منذ عام 1998، حين اقتطعت ناقدة مُحترمة مشهدًا في مذكراتي أصف فيه بدقة تجربة الإجبار علي ممارسة الجنس الفموي مع رجل يكبرني بخمسة وثلاثين عامًا، وكتبت عن »‬فمّ ماينارد المشغول».
لكن هناك ما لم يتغيّر. مشهد يحدث وقتما أزور مكتبة للحديث عن آخر أعمالي. بعد أن أقرأ فقرة من الكتاب وأقضي عشرين دقيقة في مناقشة ما بها من أفكار، ترتفع يدّ ويطرح شخص- في آخر القاعة دائمًا- سؤالًا ملحًّا بالنسبة له أو لها أكثر مما سواه: »‬ماذا عن تلك المخطوطات التي سمعنا عنها المحفوظة في خزانة سالنجر والمقرر نشرها بعد وفاته؟» هذا الشخص يرغب في معرفة تختزل وجودي إلي مجرّد امرأة تكمن قيمتها الوحيدة في قربها النائي من الكاتب الوحيد الّذي يهمّ هُنا. تُري أي فتات معلومات استطيع نقله؟
لا أدري شيئًا عن أي مخطوطات، هكذا أقول لهذا الشخص، رغم أنّه خلال الشهور التي عشتها إلي جانب سالينجر كان يختفي كل صباح داخل الحجرة التي كان يكتب بها ساعات. كنت أعرف أنّه يجلس إلي آلته الكاتبة، وأنّه كان يكتب. أعلم أيضًا أنّنا كنا نقوم برحلة يومية فوق الجسر الصغير المُغطّي من نيوهامبشاير إلي فيرمونت لزيارة مكتب البريد، حيثُ دائمًا ما كُنّا نلقي بمغلفات داخل الصندوق.
أنا في الرابعة والستين الآن. وقد تلقيت رسائل عديدة من القراء خلال العقود التي تلت نشر حكاية تلك الأيام وأثرها المتواصل علي حياتي. بعضها من نساء لهن حكايات مُخيفة الشبه مع رجال أكبر منهن وذوي نفوذ، حين كان أولئك النساء لا يزلن في شبابهن، استغلّوا ثقتهن وبراءتهن الشديدة واستولوا علي قلوبهن فغيّروا مسار حياتهم.
تلقيتُ أيضًا خطابات ورسائل إلكترونيّة من نساء في مثل عمري لها قصة تُروي: عن تلقي رسالة منذ سنوات طويلة، في عمر الثامنة عشرة تقريبًا- رسالة شديدة الفتنة والسحر- مكتوبة بطريقة ميزن فيها طريقة [بطل رواية سالينجر »‬الحارس في حقل الشوفان»] هولدن كولفيلد، رغم أنّها تحمل اسمًا مألوفًا للغاية في نهاية الصفحة وتحتوي علي كلمات يمكنني استظهارها، إذْ أحفظها عن ظهر قلب. ويتبيّن في النهاية أنّ واحدة علي الأقل ممن تلقين تلك الرسائل كانت تتبادل الخطابات الغرامية مع سالينجر خلال الشتاء ذاته الّذي عشت فيه مع سالينجر شديدة الحرص علي ألا أزعجه أثناء الكتابة.
ربّما يوجد مفترس في مكان ما بهذه القصّة، لكنني أتركه لقرائي- ممن يملكون رؤية أوسع ربّما من القراء قبل عشرين عامًا- كي يقرروا أينا كان ذلك المفترس.
جويس ماينارد (النيويورك تايمز)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.