"دينية النواب" توافق مبدئيا على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى    أكاديمية الشرطة تستقبل وفداً من أعضاء هيئة التدريس بكلية الشرطة الرواندية (فيديو)    وزير الإسكان يُصدر حزمة من التكليفات والتوجيهات لرؤساء أجهزة المدن الجديدة    وزير التموين يوجه بزيادة الكميات المطروحة من زيت الطعام فى الأسواق    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية بخطة التنمية الشاملة    الاحتلال الإسرائيلي يقصف مطار صنعاء ومصنعا ومحطات كهرباء في اليمن    الكرملين: سنرد بشكل مناسب إذا انتهكت أوكرانيا هدنة عيد النصر    مباشر الدوري المصري - سموحة (0)-(0) طلائع الجيش.. هدف يضيع والمرمى خالي    اجتماع حاسم.. مصدر يكشف ل"يلا كورة" مصير بيسيرو في الزمالك    أجواء تنافسية شهدها اليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة    الأهلي يحيي الذكرى ال 23 لرحيل صالح سليم: الأب الروحي..لن ننساك يا مايسترو    زيزو يؤدى تدريبات الجرى حول الملعب وبيسيرو يقود مران الزمالك    وكيل تعليم الأقصر يتفقد مدارس الزمامى بإدارة القرنة.. صور    والد طالبة علوم الزقازيق: زميلها أخبرني بسقوطها على ظهرها ووجود كدمات على وجهها    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    مفتي الجمهورية: من واجب الفقهاء التفاعل بجِديَّة مع قضايا الأمراض النفسية    محافظ الغربية: التواصل المباشر مع المواطن نهج ثابت في العمل التنفيذي    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    الشرع في مشهد رياضي.. بين السلة ورسائل السياسة في قلب الأزمات    رنا رئيس تحتفل بزفافها وسط نجوم الفن.. وتامر حسني يشعل أجواء الحفل (صور)    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    المنوفية الأزهرية تختتم أعمال امتحانات النقل الثانوي والقراءات للفصل الدراسي الثاني    لمناقشة العنف السيبراني.. جامعة مصر للمعلوماتية تشارك في المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    «متى عيد الأضحى 2025».. تاريخ وقفة عرفات وعدد أيام الإجازة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    حفل استقبال رسمي على شرف قداسة البابا تواضروس الثاني في بلجراد    مهرجان البحر الأحمر السينمائي يفتح باب التقديم للمشاركة في دورته الخامسة    قصور الثقافة تطلق العرض المسرحي «منين أجيب ناس» لفرقة الزيتيات بالسويس    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    طريقة أداء مناسك الحج خطوة بخطوة.. تعرف عليها    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بنهاية التعاملات بدعم مشتريات عربية وأجنبية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    وزير المالية الإسرائيلي: سيتم تركيز سكان غزة في محور موراج جنوبا    لمناقشة فرص توطين اللقاحات وتعزيز التصدير، رئيس هيئة الدواء يستقبل وفد فاكسيرا    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    ننشر توصيات اجتماع وزراء السياحة بالدول الثماني النامية بالقاهرة    نصيحة وزير الشؤون النيابية لابنته بشأن العمل التطوعي    61.15 دولار للبرميل.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    ضربة موجعة لستارمر.. رفض طلب لندن الوصول لبيانات الجريمة والهجرة الأوروبية    كلية التمريض جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول المشروع القومي لمشتقات البلازما    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    تعليم السويس يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية    وزير الري: خطة وطنية لمراجعة منشآت حصاد مياه الأمطار    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    للمرة الثالثة.. مليشيات الدعم السريع تقصف منشآت حيوية في بورتسودان    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرعي الشياه علي المياه: رفعت سلام والكتابة السيزيفية
نشر في أخبار الأدب يوم 06 - 10 - 2018

شأن رفعت سلام شأن جميع الشعراء الكبار الذين يكابدون من قلق الوجود ببعديه الموضوعي المعيشي والذاتي الجمالي في الوقت نفسه. لذلك من غير المستغرب أن تبرز في شعريته هذه المقدرة الواضحة علي التحوّل والتجدّد. إنّه من الشعراء القلائل الذين استطاعوا، أو كادوا، أن يعبروا الشعر كلّه، إبداعاً وترجمةً، من غير أن يستقرّوا علي قصيدة يمكن أن يحيكوا علي منوالها. فهو بهذا المعني شاعر مراحل. ويمكن أن أبسط القول، بل وأسطحه إذا ما حدّدت هذه المراحل بشكل القصيدة وحدها، بإيقاعها الصوتي غالباً، فأذكر بداياته في شعر البحور ومن ثمّ انتقاله إلي قصيدة التفعيلة، فالشعر الحرّ وقصيدة النثر. وهذا شيء، علي الرغم مما يبدو من سطحيته، إلا أنّه أساسيّ، علي اعتبار أنّ الشعر موسيقي، ولن أختلف علي طريقتها حتي لو جاءت سردية، وغير موزونة. لولا أنّ ما قرأته في كتاب رفعت سلام الأخير (أرعي الشياه علي المياه) هو انتقال جديد بالشعر من الأشكال المذكورة إلي شكل الكتابة. وإذا كان هذا الشكل معروفاً نظرياً، وعلي نطاق محدود إبداعياً ويكاد ينحصر في كتاب أدونيس كونه كتاباً أرضياً وليس موحي من السماء.
يقول أدونيس في معرض كتابه »النص القرآني وآفاق الكتابة»‬: »‬إنّ من البداهة لاستغلاقاً». وهذه البداهة يشرحها أدونيس بالقول: »‬إنّ القرآن »‬يدعونا، بدئياً، إلي الإفلات من قيد التصنيف النوعي للكتابة». و أن يكون القرآن عربياً، وموحي باللغة العربية، فهذا يعني أنه مقال بنظامها، وما إعجازه سوي خلق شكل جديد يضاف إلي أشكال هذا النظام، فلا هو بشعر ولا هو بنثر.
وكان من البديهي أن يؤثّر هذا الكتاب المعجز في لغة العرب. بل وأن يصل أثره بعد مئات السنوات إلي أدونيس ليكتب كتابه حول القرآن، وليؤلّف بهديٍ منه. شكلاً من الكتابة غير النوعية، علي قدر موهبة أدونيس ومهارته الإنسانية، وعنوَنه باسم تملكي وحصري لمفهوم الكتابة هو »‬الكتاب».
بهذا المعني لم يأت رفعت سلام بشكل جديد للكتابة، وإن كان في عنوان كتابه يذهب إلي ما قبل الإسلام وربما إلي ما قبل المسيح حسب ما تذكر الألواح المكتشفة لأسطورة المشي علي الماء. وفي الحقيقة ما يلفت الانتباه في هذا الكتاب بعد ذلك هو محاولة التملك للإرث الشعري الإنساني كله كاقتباسات كاملة أو كإعادة إنتاج وتدوير للأساطير والشعر الأجنبي علي سبيل السخرية الما بعد حداثية تارةً وعلي سبيل التجاوز والمبالغة أو الإعلاء من شأن الذات بلاغياً تارة أخري. وقد يبدو هذا تخفّفاً من حمل الذاكرة الإبداعية ومشاغلها اللغوية علي الأقل لتكون الغلبة لرفعت سلام المترجم علي رفعت سلام الشاعر، وبقدر ما يكون القول كذلك فإنه موقف مقصود لذاته كإعادة اعتبار لما افتقده الشاعر من قداسة منذ مزامير داود أو من سلطوية منذ طموحات المتنبي.
خطورة هذا الكتاب وأهميته كونه يبرهن علي فشل محاولة الاعتبار هذه ولاسيما من خلال عملية التجميع بين لحظة ثورية وتاريخ من الوعي الارتكاسي وأشكال من الكتابة البصرية المتداولة في الكتب الدينية والتراثية لإخراجها في منظور جديد. ولعبة الإخراج هذه سوف تشي من طرف واضح بهامشية الشاعر أو بانحسار دوره لصالح الكاتب البلاغي والمعدّ والمصمم الجرافيكي ليضاعف من مأساة الشعر وتبدّده علي جبهات متعدّدة في حرب الأنواع الأدبية وأشكالها. لولا أنّ الأمر قد لا يكون كذلك بإخراج التوصيف الشعري من هذا الكتاب علي الرغم من حضوره علي سبيل التضمين وهذا شيء لحظه بول شاوول عندما قارب مفهوم الكتابة من مفهوم المقامة، وقد تكون هذه المقاربة فظة، ولاسيما هنا، ولكنها توضح شيئاً ما. وهو أنّ رفعت سلام يتبني الوعي الأسطوري أو الديني فيما يحاول محاورته ويتبني هزيمة الشاعر فيما يحاول الانتصار له ويتبني الكتابة النثرية فيما يحاوله من تملكه من شعر. وهو في كلّ ذلك ينطلق من إرادة سيزيفية لا تخلو من متعة المحاولة بما يملك محاولها من قوة الأدوات ومهارة استخدامها في دحرجة القمم!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.