القائم بأعمال سفارة سيراليون بالقاهرة خلال حواره ل »الأخبار« الرئيس السيسي اتصل للتعزية في ضحايا السيول.. وساعدنا في مواجهة الكارثة نتطلع لمساعدة القاهرة في حماية مياهنا الإقليمية.. وإعادة افتتاح المركز الثقافي المصري مهم جداً بدأنا المعركة ضد الفساد.. وانشغالنا بالانتخابات أجل تفعيل اتفاقية مع »الرقابة الإدارية» نستخرج الماس ولا نستفيد منه.. ونسعي للاستفادة من الخبرة المصرية لتنمية السياحة أحب »مو صلاح» وأستمتع بموهبته من بين شعوب القارة الإفريقية تتمتع سيراليون بخصوصية صنعتها ظروفها، فرغم أنها تملك مقومات تتيح لها فرصة تحقيق طفرة اقتصادية مهمة، إلا أن الحرب الأهلية التي ضربتها لسنوات جعلت هذه الطفرة تتأخر، لكن البلد الذي يقع في غرب إفريقيا تمكن من تجاوز أزمته، ليبدأ في تضميد جراحه، وانطلق لعلاج آثار الحرب ومكافحة الفساد في آن واحد، وتبدو الاتفاقيات العديدة التي وقعتها سيراليون مع مصر فرصة جيدة لدعم هذه الانطلاقة حسبما يري محمد هاشم القائم بأعمال سفارة سيراليون في القاهرة. في هذا الحوار يتحدث عن جذور العلاقات بين البلدين، التي تعود إلي عام 1961، ويتطرق إلي مأساة الحرب الأهلية وتداعياتها، ثم الخطوات التي قطعتها علي طريق الديمقراطية، وانتهت بفوز مرشح المعارضة قبل شهور بمنصب الرئاسة. بداية ما هي مجالات التعاون بين مصر وسيراليون ؟ العلاقة بين مصر وسيراليون لها تاريخ كبير، وتوجد مجالات تعاون مشتركة وحيوية عديدة منها التعاون التقني والزراعي والصيد، هذا بجانب العلاقات الدبلوماسية التي تمتد لتاريخ طويل، فقد افتتحت السفارة المصرية في سيراليون منذ عام 1961 وكانت دائما متعاونة في مساعدة دولتنا، خاصة أننا دولة صغيرة، ونعتمد علي مصر منذ الحرب الأهلية لدينا حتي الآن خاصة في المجالات الأمنية والزراعية. وقعتم اتفاقية مع مصر عام 2015 في مجال النقل البحري والنهري وإدارة الخدمات داخل الموانئ.. ما هي الفائدة التي تحققت للبلدين منها ؟ بدأت الفائدة خلال الحكومة السابقة، حيث إننا أرسلنا أشخاصا لتدريبهم في مصر بمجالات النقل البحري والنهري وإدارة الخدمات داخل الموانئ، لكننا توقفنا لفترة بسبب ظروف بلادنا الداخلية وسوف نستأنف قريبا، خاصة أنه ليس لدينا جهاز خفر السواحل المسئول عن حماية مياهنا الإقليمية، ونتطلع لمساعدة الحكومة المصرية في هذا المجال، فبخلاف التدريب ليس لدي بلادنا مراكب تقوم بهذه المهمة، ونأمل في توقيع اتفاقية مع مصر لتمنحنا هذه المراكب، خاصة مع وجود قراصنة يسيطرون علي مياهنا الإقليمية ويسرقون الثروة السمكية.. أما بالنسبة للفائدة التي عادت عليكم فإن مصر تتعامل مع 18 شركة ناشطة في مجال الصيد المفتوح في سيراليون، وهذه الشركات تساعد في تصدير الأسماك لبلادكم. هناك أيضا مذكرات تفاهم في مجالات عديدة منها الصحة والزراعة والثروة السمكية، فما شكل التعاون القائم في هذه المجالات؟ الإتفاقيات بدأت تحقق بالفعل المطلوب منها، فقد أرسلنا مختصين للتدرب في مصر بمجالات عديدة منها الزراعة والصحة، ولدينا أطباء يدرسون في القاهرة حاليا بمختلف التخصصات لاكتساب المعرفة والخبرة. ما نوع التعاون القائم بين سيراليون والصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا ؟ التعاون ضخم جداً ويشمل العديد من النواحي التقنية المتخصصة والعسكرية، لكن المشكلة الوحيدة هي قلة العدد الذي يحظي بفرص التدريب من بلادنا لعدم توافر الرعاة. زار الرئيس ارنست باي كوروما مصر في 2016 وبحث مع الرئيس السيسي تعزيز العلاقات ومكافحة الإرهاب، فما الذي تحقق حتي الآن علي مسار تفعيل التعاون؟ بعد زيارة الرئيس السيراليوني لمصر، حرص السفير محمد إدريس مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية في ذلك الوقت علي زيارة بلادنا للتأكيد علي التزام مصر بالاتفاقات والتعاون في كافة المجالات التي تمت مناقشتها، وتم وضع خطة لكنها لم تنطلق بعد بسبب تغير الحكومة لدينا. هل تعتقد أن هناك اتجاهاً لدي زعماء بلدان القارة لتعزيز التعاون بين دولها التي ظلت تعاني لسنوات من ضعف العلاقات نسبيا فيما بينها؟ مشكلتنا في إفريقيا أن الدول لا تساعد بعضها، بينما نتلقي المساعدات من قارات أخري مثل أمريكا وأوروبا، لكن مصر من الدول الأفريقية الكبيرة التي لها وزنها ليس بالقارة فقط إنما في العالم كله، وتقدم دائما المساعدات للدول الإفريقية الصغيرة في مختلف المواقف، وعندما انهار السد في بلادنا أدي إلي هدم بيوت منطقة كاملة نتج عنها آلاف الضحايا، ولم تكن لدينا آليات مواجهة هذه الكارثة، مثل الماكينات الكافية لرفع الأنقاض، كما أن الدولة لم تكن مستعدة لإيواء هذا العدد الكبير من الجرحي الذي نتج عن الكارثة، وقامت مصر بما ننتظره منها في مثل هذه المواقف وقدمت المساعدات المختلفة لنتجاوز أزمتنا، كما قام الرئيس السيسي بالاتصال برئيس سيراليون لتقديم التعزية في ضحايا السيول وساعدنا في مواجهة الكارثة وأعرب عن استعداد مصر لتقديم العون، أما بالنسبة لاتجاه الزعماء لتعزيز التعاون بين دول القارة بفقد أصبح اتجاها ملحوظا حاليا ويدعمه الاتحاد الإفريقي. ما هي التغيرات التي تتوقع أن تشهدها السياسة العامة لسيراليون بعد فوز الرئيس جوليوس مادا بيو في الانتخابات الرئاسية ؟ لدينا تغيرات عديدة أهمها لجنة مكافحة الفساد للقضاء عليه والبحث عن المذنبين وإرسالهم للمحكمة، واسترجاع الأموال منهم من خلال فريق الحكومة الانتقالية الحالي، وتعد هذه الأولوية هي الأكثر أهمية لدينا وستعود علي الدولة بالنفع، كما أننا بصدد تنفيذ مشروع مجانية التعليم من المرحلة الإبتدائية حتي الثانوية، ويعد هذا المشروع أحد أهم أهداف البرنامج الانتخابي للحكومة الحالية التي جعلتها تنجح، لأن معظم الأطفال لا يستطيعون الذهاب للمدارس، وسيتم بدء التنفيذ اعتبارا من سبتمبر المقبل، وقد تم إنشاء 40 مدرسة حتي الآن من أجل هذا المشروع.. ونتطلع إلي أي مساعدة من مصر في هذا المجال سواء كانت تقنية أو تدريبا أو أفكارا.. كما أن هناك مشروعات أخري مثل البنية التحتية والطرق، ولكن الأولوية لدينا أن يذهب أطفالنا للمدارس. تم توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة مكافحة الفساد السيراليونية وهيئة الرقابة الإدارية، ما هو التقدم الذي حققته سيراليون في مجال مكافحة الفساد ؟ لدينا مجهودات عديدة في مجال مكافحة الفساد، لكنه شيء يصعب القضاء عليه في أيام، وعندما تولت الحكومة الجديدة المسئولية قامت بتشكيل لجنة لمكافحته منذ مارس الماضي، وهي الآن في مرحلة التحقيقات للقبض علي المذنبين وتقديمهم للمحاكمة، أما دور المذكرة فلم يبدأ بعد لأن التوقيت الذي وقعت فيه كل الدول الإفريقية علي اتفاقية مكافحة الفساد، بدأت دولتنا في خوض الانتخابات. شهدت بلادكم صراعات سياسية حادة منذ استقلالها لكنها استطاعت أن تتجاوز أزمتها، ما أهم المحطات الرئيسية في تلك المرحلة ؟ ما حدث أنه كان لكل طرف من الأطراف أفكاره وآراؤه، ونتيجة خلاف الآراء اندلعت الحرب الأهلية، حاولنا النقاش وبذلنا كل الجهود الممكنة لمساعدة الدولة ولكن لم نستطع، وبعد فترة قامت مصر ونيجيريا وكينيا بجمع الأطراف المتنازعة وعقد 3 اجتماعات وتم التوصل إلي اتفاق لوقف الحرب وتخطينا هذه المرحلة، كما تدخلت دول الإيكواس للإصلاح وأرسلت قوات لحفظ السلام، هذا بجانب اهتمام الاتحاد الإفريقي لأنه معتاد علي محاولة حل مشاكل الدول الإفريقية والحفاظ علي وحدتها. ما الخطوات التي بذلتموها لكي تتجاوز بلادكم مشكلة الفقر؟ طبقا لما قاله الرئيس فإنه سوف يحاول إعادة البلاد لمجدها من جديد، بالفعل نحن نستخرج الماس لكن سيراليون ليست مستفيدة من استخراجه فكل ما تأخذه نسبة بسيطة، لأنه ليس لدينا آلات أو متخصصون في هذا المجال، أما بالنسبة للسياحة، فكنا نستقبل عددا كبيرا من السائحين قبل الحرب، لكن بعد اندلاعها قلت السياحة وخرجت الخطوط الجوية من الدولة ولم يرجع منها إلا شركات قليلة بعد انتهاء الحرب.. كما أننا نحتاج لمساعدة مصر في تنمية خبراتنا في السياحة، لأن مصر لديها الخبرة الكافية في هذا المجال، فعندما أزور أحد المتاحف المصرية ألاحظ هذه الخبرات في التنظيم الجيد وإدارة المكان. خلفت الحرب الأهلية أكثر من 120 ألف قتيل، مليون مشرد، نصف مليون لاجئ كيف تمكنت بلادكم من تجاوز أزمتها؟ بدأنا بإعادة الدمج والتأهيل والتوطين، وتحاول الحكومة تقديم ما تستطيع ليس فقط لضحايا الحرب الأهلية ولكن لعائلات من كانوا في الجيش وتوفوا، فنتيجة الحرب مأساوية، يوجد من قطعت أرجلهم وأيديهم ومن لا يجد مكانا يعيش فيه، والحكومة تحاول جاهدة مساعدتهم بتوفير أطراف صناعية وأماكن للمعيشة لمن فقد مسكنه. في ضوء تولي رئيسكم لرئاسة لجنة العشرة الإفريقية، ما المجهودات التي قام بها لإصلاح وتوسيع مجلس الأمن ؟ تم اختيار سيراليون منذ أيام الرئيس تيجان كابا كمنسق للجنة العشرة الإفريقية التابعة لمجلس الأمن، ومنذ ذلك الوقت ونحن نترأس اللجنة وبذلت مجهودات كبيرة لأخذ مقعدين دائمين لإفريقيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. في عام 1964 تم افتتاح مركز ثقافي مصري في فريتاون، وتم إغلاقه لفترة في التسعينات نتيجة اندلاع الحرب الأهلية، فهل تعتقد أن هناك ضرورة ملحة لإعادة افتتاحه؟ بالفعل إعادة افتتاح المركز الثقافي المصري له أهمية كبيرة، لأن كل الناس كانت تستفيد منه وأنا أيضا استفدت منه، فقد كان الناس مثلا يقرأون القرآن دون فهم، ثم بدأت مدارسنا تعليم اللغة العربية، وكان للمركز دور مهم في هذا الوقت، لأنه كان يحتوي علي عدد كبير من الكتب المتقدمة التي كنا نستطيع تعلم اللغة العربية وأسسها منها، خاصة أن 80% من سكان سيراليون مسلمون. ما نوع التعاون الثقافي بين البلدين ؟ وكيف نستطيع تنميته ؟ كنا نرسل طلابا في منح دراسية لمصر، ولكن كان البعض لا يحضر الامتحانات أو يرسب فيها بسبب صعوبتها ويخجل من العودة للبلاد مرة أخري، وذلك يرجع إلي عدم علمهم المسبق بالبرنامج الذي سيدرسونه قبل سفرهم، وهو الأمر الذي يجعل لإعادة افتتاح المركز الثقافي المصري أهمية كبري، لأنه كان يعد الطالب جيدا نفسيا وعلميا بحيث يعرف ما ينتظره من دراسة ومناهج، وفي حالة شعوره بعدم قدرته علي تنفيذ المطلوب منه في المنحة، سيتنحي عنها قبل سفره ويتم توفيرها لغيره.. كما نستطيع تنمية التعاون الثقافي بين البلدين عن طريق إرسال متخصصين من مصر لتقييم مناهجنا خاصة أن لدينا كثيرين يدرسون بالأزهر والعلوم الإسلامية، ثم يقرر المتخصصون أين نرسل الطلاب حينما يريدون الالتحاق بالبعثات. ألا تعتقد أن التعاون بين الدول الإفريقية يضع الثقافة في ذيل أولوياته؟ لا أعتقد ذلك فهي ليست آخر الأولويات، لكن هناك أشياء أهم حاليا مثل الوضع الأمني والاقتصادي، وعند انعقاد أي قمة إفريقية تكون الصراعات القائمة في أي دولة هي الأكثر طرحا، ويليها الوضع الاقتصادي، وهذه تحديات كبيرة في القارة الإفريقية. ما أكثر الأماكن في مصر التي تحب زيارتها ؟ أود زيارة أماكن عديدة منها الأقصر وأسوان، فمصر دولة تاريخية درسنا تاريخها وآثارها، وهذا يزيد شغفي ورغبتي في رؤية الأماكن التي قرأت عنها علي أرض الواقع. هل يوجد لاعب كرة مصري تحب أن تشاهده ؟ أحب »مو» صلاح وأعجبني أداؤه كثيرا في مباراة المنتخب المصري مع غانا، وتمنيت أن تفوز مصر في أكثر من مباراة لأستمتع بموهبته في مباريات أخري، لأنه لاعب متميز ومؤهل جيدا.