لم تمض سوي ساعات قليلة علي إعلان خطوبته الا وانطلق متوجها لأرض سيناء الحبيبة لاستكمال واجبه في الدفاع عن وطنه ومواصلة دوره مع زملائه الأبطال في تطهير أرضها من طيور الظلام . لم يطلب مد إجازته القصيرة ليقضي المزيد من الوقت مع خطيبته وأسرته .. طلب منه زملاؤه وقائده ذلك لكنه رفض مؤكدا لهم بأنه لا يمكن أن يتخلي عن أداء واجبه تحت أي ظرف من الظروف. اتجه علي الفور لوحدته وكعادته كان بطلا يتقدم الصفوف في المواجهة يحمي زملاءه ويذود عنهم حتي إنطلقت رصاصات الغدر التي طالت صدره لتصعد روحه الطاهرة لبارئها لتحلق في الفردوس الأعلي مع زملائه من شهداء الوطن . انه الشهيد مجند عبد اللطيف وحيد عبد اللطيف أحمد 23 سنة ابن قرية حلاوة الكبري مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية والحاصل علي دبلوم المدارس الثانوية الفنية والذي استشهد منذ 5 شهور . يتذكر والد الشهيد مسيرة حياة ابنه الشهيد وهو يستجمع قواه قائلا: نجلي كان رجلا منذ صغره .. كبر قبل الأوان .. لم يذق طعم الراحة في حياته يوما .. كان يعمل في إجازاته منذ أن كان تلميذا وكبر وهو كذلك حتي أنهي دراسته .. وفور انتهاء دراسته التحق بالقوات المسلحة وكان سعيدا بالتحاقه بها وفخورا وبكونه جنديا بها ولم يهب يوما مواجهة الإرهابيين وكان حريصا في كل إجازة أن يحكي لي عن عزمه هو وزملائه علي تطهير أرض سيناء من الإرهابيين والخونة والمتربصين بالوطن والذين يستهدفون رجال الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء من أبنائها وكنا نشجعه علي ذلك ونفخر به دائما .. حتي في اجازته لم يسترح يوما حيث كان يعمل نجارا طوال أيام الاجازة ليساعدنا قدر ما يستطيع . ويتذكر الأب آخر مكالمة له مع ابنه الشهيد حيث أخبره أنه يستعد للنزول في إجازة غدا وجاء بالفعل لكنها كانت الإجازة الأخيرة حيث جاء جثمانه الطاهر محمولا علي عربة اسعاف وملفوفا في علم مصر وتحققت نبوءته التي كان يخفيها عني وعن أمه شفقة بنا لكنه أخبر أصدقاءه بها وحكوا كل ماحدث عقب وفاته عندما حضر المحافظ الدكتور أحمد الشعراوي لأداء واجب العزاء حيث حكي الشباب ماكان يخبرهم به عبد اللطيف قبل استشهاده في حضور المحافظ . أما أمه المكلومة حفيظة محمد فتحي فلم تستطع الحديث إلا بعبارات مقتضبة والدموع تنهمر من عينيها قائلة: حسبنا الله ونعم الوكيل في الإرهابيين اللي عمرهم ما هيوردوا علي جنة .. حرقوا قلبي وقهروني وقهروا كل أبناء القرية فقد كان ابني فخر شبابها . . صحيح أنا عارفة انه في مكان أحسن من الدنيا بكثير لكنه الفراق الذي ترك في قلبي حسرة وألما .. والحاجة الوحيدة اللي مصبراني هو إني عارفة ومتأكدة انه في الجنة . أما عمه السيد 45 عاما يقول: نعم ابن أخي كان رجلا وكل أهل القرية يعرفوا كده لكني لم أكن أتخيل إنه كان فارسا لهذا الحد .. لم يترك صغيرا أو كبيرا إلا ساعده ووقف بجواره .. وما نسمعه يوميا من قصص وحكايات حول وقوفه بجانب كل محتاج أو مظلوم يفوق الوصف وآخر تلك الحكايات عندما كان يستقل دراجة نارية ومعه ابن عمه طفل عمره 5 سنوات حيث تعرضا لحادث أصيب خلاله عبد اللطيف وسقط الطفل في مياه الترعة فقفز وراءه وهو مصاب لينقذه غير عابئ بحياته .. ربنا يرحمه واحنا عارفين انه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .