صورة أرشيفية تسعي حركة طالبان من أجل تعزيز وجودها في إقليم باكتيا الأفغاني، وذلك في إطار تنافس بين منظمات الإرهاب علي تعزيز تواجدها علي رقعة الأرض الأفغانية من جانب وجهود من قوات الجيش الأفغاني المدعوم من أمريكا لمنع ذلك. وعلي الرغم من فشل مقاتلي تنظيم طالبان في السيطرة علي منطقة غازني هذا الأسبوع في مواجهة قوات الجيش الأفغانية إلا أن التقارير الميدانية تؤكد إحكام طالبان سيطرتها علي منطقتي أومنا وجايان بشرق إقليم باكتيا الأفغاني كمحصلة للاشتباكات العنيفة التي شهدتها أفغانستان منذ مطلع الشهر الجاري. ويعد إقليم باكتيا واحدا من 19 إقليما في أفغانستان ثلاثة منها يخضع لسيطرة طالبان وأربع منها يخضع لسيطرة الجيش الأفغاني و12 منها لا تزال الحرب تدور فيها لحسم السيطرة عليها، وتعتبر طالبان في سيطرتها علي منطقة باكتيا مكسبا استراتيجيا يعزز من تواجدها في أفغانستان ويدحض ما زعمه البنتاجون بلسان ناطقته دانا وايت في منتصف مايو الماضي من أن طالبان باتت "يائسة " في أفغانستان ولم يعد أمامها سوي أسلوب استهداف الأهداف المدنية السهلة. كما عزز البنتاجون منذ مطلع الشهر الجاري إعداد وتشكيلات قوات العمليات الخاصة و مكافحة الإرهاب على الأراضي الأفغانية كجزء من توجه أمريكى لتعزيز المكانية في منطقة جنوب وسط آسيا استراتيجيا من خلال الانخراط النشط في مكافحة الإرهاب على الأراضي الأفغانية. وزعمت نشرة "صوت الجهاد" التي تصدرها طالبان إحكام سيطرة مقاتلي الحركة على أومنا وجايان بصورة نهائية وصدهم لمحاولات الجيش الأفغاني إجلائهم منها، يأتي ذلك بعد حروب فر وكر استمرت في العام 2017 بين قوات الجيش الأفغانى ومسلحي طالبان للسيطرة على منطقتي أومنا وجايان اللتان تناوبت السيطرة عليهما القوات الطالبانية تارة والأفغانية تارة أخرى دون حسم نهائي. وإلى جانب الانخراط العسكري النشط تكشفت معلومات عن محادثات سرية مباشرة أجراها مسئولون عسكريون أمريكيون مع قيادات طالبانية هذا الشهر، وهو ما كشفت النقاب عنه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وطالبت الإدارة الأمريكية بتوضيح حقيقة تلك الاتصالات التي تعد إذا صدقت الأنباء عنها تحولا جذريا واستراتيجيا في سياسات الولاياتالمتحدة الأمنية، فمن المعروف أن واشنطن كانت ترفض منذ العام 2001 إجراء أي مفاوضات مباشرة مع قيادات طالبان باعتبارها جماعة إرهابية لكن في المقابل كانت واشنطن توكل مهمة مفاوضة طالبان إلى "الدولة الأفغانية". وفي يوليو الماضي استضافت باكستان -التي تقف على خط تماس مع تطورات النشاط الإرهابي في جارتها أفغانستان- مؤتمرا جامعا لقادة أجهزة الأمن والاستخبارات في روسياوالصين وإيران، وفي هذا المؤتمر بحث قادة أجهزة الاستخبارات الباكستانية والإيرانية والروسية والصينية سبل التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب في أفغانستان ومواجهة تحرك جماعات الإرهاب من منطقة الشرق الأوسط لكى تتوطن في الأراضي الأفغانية بما يهدد مصالح واستقرار الدول الأربع التي شاركت في أعمال المؤتمر. وقال سيرجيه ناريشكين مدير جهاز أمن الدولة والاستخبارات في روسيا، إن بلاده رصدت انتقال عشرة آلاف إرهابي من مناطق الصراع في الشرق الأوسط إلى أفغانستان معظمهم ينتمون لداعش وأنهم ينشطون في تسع مقاطعات أفغانية على الأقل بما يشكل تهديدا على أمن واستقرار منطقة وسط آسيا في وقت لا تتجاوز سيطرة الحكومة الأفغانية على أراضيها نسبة 60 في المائة. وكان لافتا عدم مشاركة الولاياتالمتحدة في هذا المؤتمر، بل قيل إن الدولة الداعية إليه لم توجه الدعوة أصلا للولايات المتحدة للمشاركة فيه، ويقول المراقبون إن ذلك يعكس حالة التوتر في العلاقة بين إسلام آباد وواشنطن التي كانت تعتبرها شريكا لها في الحرب على الإرهاب ، إلا أن الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب اتهم باكستان بعدم التعاون بالقدر المطلوب مع خطط مكافحة الإرهاب الأمريكية في وسط آسيا وألغى مساعدات بلاده العسكرية لها بل وذهب إلى أبعد من ذلك وهو استبدالها بعدوتها التقليدية –الهند– كشريك في الحرب على الإرهاب في أفغانستان، وفى المقابل خطت إسلام آباد إلى تعزيز ارتباطاتها الاستراتيجية بكل من الصينوروسيا لمواجهة عواقب تغير علاقتها مع الولاياتالمتحدة.