7 ساعات في أحضان قناة السويس الجديدة

خط بارليف.. عبرناه في الحرب وحولناه إلى قناة فى السلم

نعم، ليس من رأي كمن سمع.. فما شاهدناه في قناة السويس الجديدة إنجاز يفوق الإعجاز.. 7 ساعات ممتعة قضيناها أنا وزملائي رؤساء التحرير الصحف وكبار الإعلاميين في رحاب القناتين الجديدة والقديمة والأنفاق بدعوة كريمة من الفريق مهاب مميش رئيس الهيئة بمناسبة احتفالات مصر بالذكري الثالثة لافتتاح قناة السويس الجديدة.
هل تتذكرون خط بارليف المنيع الذي شيدته إسرائيل ولم يكن يخطر ببال قادتها أن الجيش المصري قادر علي تدميره في حرب أكتوبر المجيدة؟
قد تندهشون أن قناة السويس الجديدة تم حفرها مكانه وأن أجزاء عديدة من خط بارليف تحولت إلي جزء من الممر الملاحي للقناة الجديدة.
ألا يعتبر ذلك العبور الملاحي فوق خط بارليف المنيع امتداداً للعبور العسكري في حرب 1973 وأن الشعب المصري قادر علي تحقيق المستحيل؟
منذ أن تحركت بنا السيارة من القاهرة قاصدين الإسماعيلية برفقة الزميلين العزيزين أيمن بدرة رئيس تحرير أخبار الرياضة وطاهر قابيل مدير تحرير الأخبار، فتحنا صندوقاً خلال الرحلة، صندوق الذكريات للأحداث التي عشناها منذ 25 يناير مروراً بانقضاض الإخوان علي الحكم حتى جاء الخلاص عبر ثورة 30 يونيو التي أنقذت مصر والمصريين مما كان يحاك لهم بليل.. كانت المواقف البطولية لأبطال الجيش والشرطة حاضرة ثم انتقلنا بدفة الحديث إلى القضية رقم 250 وما تحويه من أسرار وأسماء العملاء الذين لعبوا دوراً حقيراً ضد مصر وباعوا وطنهم مقابل حفنة الدولارات.. وصلنا إلى قناة السويس.. هنا الإنجاز الإعجاز هنا الحلم قد تحقق.. قناة السويس الجديدة التي شقها المصريون في عام واحد في نفس الشريط الذي كان العدو الإسرائيلى قد شيد فوقه خط بارليف وقال إنه لا يقهر لكن قهره المصريون في حرب أكتوبر مرة وفي معركة البناء والتعمير مرة أخرى بحفر قناة السويس الجديدة مكانه.. البواخر العملاقة تزين صفحة القناتين الجديدة والقديمة تعبر بكل شموخ من الشمال إلى الجنوب في القناة القديمة ومن الجنوب إلى الشمال في القناة الجديدة.. معجزة أخرى تقف شامخة قرب ضفاف القناة أنها مدينة الإسماعيلية الجديدة التي شيدتها السواعد المصرية في زمن قياسي تبدو فيها فنون المعمار المصري وتضاهي »كومباوندات« القاهرة الجديدة في التصميم والفخامة وتنتظر سكانها من أبناء الإسماعيلية عقب افتتاح الأنفاق الأربعة في نوفمبر المقبل.. المشهد الرائع للبواخر العملاقة التي تعبر القناة، أعاد إلى ذاكرتي ما قاله القيادي الإخواني الهارب وجدي غنيم الذي خرج على كل قواعد الأدب والأخلاق عندما خاطب المصريين عبر قناة الجزيرة يوم افتتاح قناة السويس الجديدة منذ 3 سنوات ليسخر ويتهكم ويقول «طشت أمى أوسع من قناة السويس الجديدة».. قلت في نفسي ترى ماذا يقول هذا الغنيم الآن وهو يرى أكبر بواخر العالم تجوب قناة السويس ليل نهار؟ هل لنا أن نسأله أين حمرة الخجل يا غنيم أم أن اللي اختشوا ماتوا؟
داخل مبنى الهيئة استقبلنا الفريق مهاب مميش رئيس الهيئة بترحاب شديد.. الرجل كان في قمة السعادة بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها القناة الجديدة التي حاربتها جماعة الإخوان بكل كتائبها وأبواقها الإعلامية.. وفي كلمته أمام رؤساء التحرير وكبار الإعلاميين قال إنه سعيد بلقاء قامات الصحافة في مصر واختار عنوانا لحواره معنا «من القلب للقلب».. قال لو استرجعنا التاريخ نجد أن قناة السويس هي ماضٍ وحاضر ومستقبل مصر.. حين تم حفرها كان تعداد سكان مصر 4 ملايين ونصف المليون نسمة وشارك في الحفر مليون مصري واستغرق الحفر 10 سنوات، وهي نسبة مشاركة كبيرة جداً تدل على أن من حفر قناة السويس هم المصريون.
وقال: ظلت قناة السويس الرقم الصعب في تاريخ مصر القديم والجديد.. حرب العدوان الثلاثي 1956 كانت في قناة السويس وحرب 1967 من قناة السويس وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة 1973 جميعهم بدأوا من قناة السويس.. والآن تبدأ معركة التنمية أيضاً من قناة السويس، حيث إن القناة يعمل بها 25 ألف عامل وموظف جميعهم مصريين، وليس بهم أجنبي واحد، ويديرونها بمنتهى الكفاءة والاقتدار.
أكد أن قناة السويس الجديدة شريان جديد للخير للمصريين ورافد جديد للعملة الصعبة لخزينة الدولة المصرية وأن حفرها كان قراراً عبقرياً من الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث كان من غير المجدٍي أن تظل القناة القديمة بالمواصفات نفسها في التوقيت الذي يحدث به تطور في بناء السفن وفي الوقت الذي فكرت فيه إسرائيل في حفر قناة إسرائيلية من إيلات إلى أشدود.
قال: إن قناة السويس نجحت خلال الأعوام الثلاث الماضية في استقبال أحدث وأكبر سفن الحاويات في العالم تأكيداً على جاهزية القناة لاستقبال الأجيال الجديدة من السفن خصوصاً مع احتدام المنافسة بين الخطوط الملاحية الكبرى لصناعة السفن العملاقة ذات الغواطس الكبيرة واضعين نصب أعينهم الاسترشاد بأبعاد القناة عند تصميم وبناء السفن الجديدة، وهو ما يُعظم مكانة مصر الدولية في مجال النقل البحري.
وفي ختام كلمته وجه الفريق مهاب مميش التحية إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي على الدعم المتواصل لمسيرة قناة السويس ومشروعاتها التنموية التي تصب في صالح الوطن وتيسير سبل الحياة في منطقة القناة، كما وجه الشكر لشعب مصر العظيم على ثقته ودعمه لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة، وكذلك الشكر للقوات المسلحة المصرية التي تقوم بدور وطني رائع في حماية القناة وحركة التجارة العالمية براً وبحراً وجواً لتؤمن للعالم وصول الغذاء والوقود ومستلزمات الإنتاج في أقصر وقت ممكن. ووعد الفريق مميش بأن تظل هيئة قناة السويس برجالها الأوفياء تعمل ليل نهار لترفع راية مصر أمام العالم أجمع ولتظل القناة شرياناً للحياة والرخاء لمصر والعالم.
جولة على اليخت الرئاسى
عقب اللقاء مع الفريق مهاب مميش دعانا إلى جولة بحرية لمدة ساعة ونصف الساعة بدأت من قناة السويس القديمة وانتهت في قناة السويس الجديدة.. استقل بعضنا وأنا منهم اليخت الرئاسي «الأقصى» والبعض الآخر اليخت الرئاسى «سيناء».. وخلال الجولة البحرية مررنا بعدة نقاط لها تاريخ وسألت قائد اللنش القبطان خفيف الظل ناصر الزيات عن تاريخ اللنش.. قال إن اللنشين «الأقصى وسيناء» عمرهما 75 سنة وكانا خاصين بالرئيس السادات ولهما تاريخ كبير وسر قد لا يعلمه الكثيرون.. فقد كان الرئيس السادات يستقل اليخت «الأقصى» خلال إجراء المفاوضات التي تخص القضية الفلسطينية مع مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك.. وكان يستقل اللنش «سيناء» عندما كان يجري مفاوضات السلام التي تتعلق بسيناء.. وطوال الرحلة البحرية استرسل القبطان ناصر الزيات الشرح لي ولزميلي أيمن بدرة وهو يشير إلى مناطق تاريخية نمر بها.. قال هذه جزيرة الفرسان التي كانت سيدة الغناء العربى أم كلثوم تغني فيها روائعها من أجل المجهود الحربي..وهذه هي استراحة والي مصر التي شيدها دليسبس خصيصاً من أجل والي مصر محمد سعيد باشا لمراقبة حركة حفر قناة السويس القديمة واستخدمها من بعده الخديوى إسماعيل للإقامة وأيضاً الرئيس الراحل أنور السادات كان يفضل الإقامة بها.. من هنا حيا الزعيم جمال عبدالناصر السفن العابرة للقناة يوم أن اتخذ قراره التاريخي بتأميم قناة السويس.. وانتهت جولتنا البحرية بالتقاط صورة مع القبطان ناصر الزيات الذي أكد لنا أن أعظم أوقات حياته قضاها في رحاب قناة السويس..بعدها توجهنا إلى أنفاق قناة السويس التي تم تنفيذها على أحدث النظم العالمية
لغة الأرقام
ولأن لغة الأرقام لا تكذب فلك عزيزى القارئ أن تعلم أن تكلفة إنشاء القناة الجديدة 20 مليار جنيه وأنها أسهمت في خفض زمن العبور من 22 ساعة إلى 11 ساعة فقط وبلغ عدد السفن التي عبرتها خلال تلك الفترة 52199 سفينة بحمولات قياسية بلغت 3.01 مليار طن بضائع وأن القناة جذبت 8081 سفينة لم تكن تعبرها من قبل.
القناة حققت 15.8 مليار دولار ما يعادل 219 مليار جنيه في 3 سنوات والعام الحالي سجل 5.6 مليار دولار أعلى إيراد في تاريخ القناة بزيادة 600 مليون دولار عن العام الماضي بنسبة 12% وان العائدات بالجنيه المصري ترتفع إلى 99.1 مليار جنيه في العام المالي 2017/2018 مقابل 73.2 مليار جنيه في العام المالي السابق بزيادة 25.8 مليار جنيه بنسبة 35%.
هند والعزازى..شكرا
سر نجاح المؤسسات الكبرى يكمن في اختيار العاملين بها والتدقيق في اختيار ممثليها في التعامل مع الآخرين.. فمنذ أن وجه الفريق مهاب مميش الدعوة لنا لزيارة قناة السويس كانت الزميلة هند فتحي المسئول الاعلامى للمنطقة الاقتصادية بهيئة قناة السويس واللواء خالد العزازي مستشار رئيس الهيئة للعلاقات الخارجية صورة مشرفة للهيئة وبذلا جهداً كبيراً في حسن الإعداد للرحلة وامدادنا بجميع المعلومات مما كان له أكبر الأثر الطيب في نفوس الجميع.