في كل المناسبات الدينية التي حضرها حرص الرئيس السيسي علي الاحتفاء بأهل القرآن وتكريمهم، فقد تميزت مصر دومًا بأنها رئيسة لدولة التلاوة القرآنية في كل ربوع العالم، كما كانت تُمثل قوة ناعمة ضاربة في العمق الإفريقي والعربي والإسلامي، ولكن يبدو أن مسئولي وزارة الأوقاف لا تعنيهم كثيرًا تلك القوة التي بدأت تتفلت من بين أيدينا بسبب تجاهلهم مطالبات القراء بتحسين أوضاعهم المتدنية.. وفي هذا التحقيق يتحدث كبار نقابة القراء عن أهم المشكلات التي تعوقهم عن أداء دورهم: في البداية أكد القارئ الشهير محمد محمود الطبلاوي نقيب القراء أن النقابة تقوم بدورها علي أكمل وجه ولكن بحسب الإمكانيات المحدودة أيضًا، وكثيرا ما طالبنا وزارة الأوقاف بتحسين الأوضاع بما أنها المشرفة علي النقابة ولكن لا حياة لمن تُنادي، كما طالبنا الوزير كثيرا بإعادة الأوقاف الخاصة بالقراء وعددها كبير جدا حسب ما أعلم وتستطيع الإنفاق علي النقابة ولكن أيضا لا ترد علي مطالبنا، وكل هذا جعلنا في وضع صعب فالمعاش لا يتعدي الخمسين جنيها، ولا يوجد علاج أو تأمين صحي للقراء رغم أننا طالبنا كثيرًا بالعلاج في مستشفي الدعاة وبالطبع لم يستجب أحد. بدون مقر! أما القارئ الشهير محمد حشاد، نائب النقيب، وشيخ عموم المقارئ المصرية، فأشار إلي أن نقابة القراء منذ تأسيسها عام 1983 وهي بلا مقر دائم سواء في القاهرة أو المحافظات، والآن نستأجر شقة متواضعة بحي السيدة زينب بثلاثة آلاف جنيه شهريا، كما أن النقابة تضم عشرة آلاف عضو يتقاضي المعاش منهم نحو سبعمائة عضو، ونحن لا نُنكر ما قام به وزير الأوقاف د. مختار جمعة في دعم النقابة حيث ضاعف (الإعانة) السنوية، ولكن حتي مع هذا لا يزال المعاش الشهري للقارئ لا يتعدي خمسين جنيها وهذا لا يتناسب مع الأوضاع المعيشية الحالية. ومن جانبه أوضح محمود الخشت، قارئ مسجد السيدة نفيسة وأمين عام نقابة القراء، أن النقابة فقيرة جدا في مواردها وتختاج إلي إعانات عاجلة من وزير الأوقاف حتي تعمل علي زيادة المعاش الذي يُصرف كل 6أشهر 310 جنيهات فقط للفرد، أي لا يزيد المعاش علي 50 جنيها شهريا فقط، ولذلك فإن من واجب الأوقاف وهي المشرفة علي النقابة أن تُضاعف (الإعانة) السنوية ولو إلي 200 ألف جنيه، مع ضرورة توفير مقر ملائم وبصورة عاجلة للقراء، بدلا من المقر الحالي المؤجر الذي لا يليق بالقراء، بالإضافة إلي أنه يستنزف مواردهم. الوزير يرفض! القارئ صديق محمود المنشاوي، نقيب قراء الصعيد، وأمين صندوق النقابة يُشير إلي أن مجلس النقابة يجاهد للقيام بدوره علي الوجه الأكمل ولكن هناك عدة عوائق، منها أن وزير الأوقاف بصفته المسئول عن النقابة يرفض حتي الآن منح النقابة مقرا يليق بها لتخدم من خلاله أهل القرآن ومنهم القعيد والكفيف بدلا من الشقة المؤجرة بثلاثة آلاف جنيه شهريا.. ويُتابع المنشاوي أن المجلس يعمل أيضا علي تعديل بعض بنود القانون القديم لزيادة الموارد، ومن ثم زيادة المعاش المتدني، وكذلك نحاول الحصول علي حق الضبطية القضائية لمواجهة المتجرئين علي كتاب الله، وحتي لا نسمح للمدعين بالقراءة دون الخضوع لاختبارات النقابة والحصول علي الكارنيه كما يحدث في باقي النقابات. ويؤيد القارئ طه النعماني عضو مجلس نقابة القراء المطالب السابقة، ويشدد علي أن من يدعي بأن النقابة لا تقوم بدورها فهو كاذب ومفتر، لأن المجلس الحالي يعمل بقوة لمصلحة القراء بحسب إمكانياته المحدودة، كما أن النقابة تُساعد في إعداد القراء والمحفظين وتسهم في اكتشاف القراء الجدد علي مستوي الجمهورية، ويتم اختبار من يتقدم لقيد نفسه بالنقابة من قبل لجنة مختصة بذلك أنا أحد أعضائها. زيادة الموارد من ناحية أخري يري القارئ الشيخ أحمد محمود علي البنا أن نقابة القراء قد وصلت لدرجة لا تستطيع فيها خدمة أعضائها من القراء في العلاج والإسكان أو حتي توفير معاش مناسب يليق بالقراء، حيث لا يليق أن يصل معاش القارئ من النقابة 30 جنيها فقط. وأنه لابد من زيادة الموارد المالية للنقابة، فلا يكفي ما تحصل عليه النقابة من استقطاعات الإذاعة والتلفزيون من أجور القراء والتي تصل إلي 2% من أجورهم ولا يكفي دعم وزارة الأوقاف.. ويشير البنا إلي أن المطلوب زيادة موارد النقابة حتي تستطيع القيام بدورها في خدمة الأعضاء، كذلك تحتاج لتحقيق ذلك إلي مشروع تعديل قانون تتم مناقشته في البرلمان يقضي بزيادة الموارد المالية لها، مع عمل استقطاعات 2% من أجر القارئ في دور المناسبات لصالح صندوق النقابة.. ويضيف الشيخ البنا أنه يوجد بوزارة الأوقاف 87 ألف حجة لقراء القرآن، كانت وزارة الأوقاف تديرها وتحصل علي ربحها لصالح القراء، أما وقد أصبح للقراء نقابة ترعي مصالحهم، فهي أولي من وزارة الأوقاف بإدارة هذه الحُجج للحصول علي ريعها لصالح نقابة القراء وعندئذ ستتمكن النقابة من توفير خدماتها المتنوعة للقراء. بدون صلاحية! أما الشيخ حلمي الجمل، قارئ مسجد السيدة زينب والمُحكم الدولي في القراءات القرآنية، فيؤكد أن مجلس نقابة القراء الحالي انقضت صلاحيته بنهاية 2015 حيث مضي عليه أكثر من خمس سنوات المنصوص عليها في مادته 31 ولم تعد قراراته سارية وفي حُكم المنعدمة منذ هذا التاريخ، وكان علي النقيب أن يُخطر المحكمة ويدعو إلي جمعية عمومية لإجراء انتخابات علي منصب النقيب وعضوية مجلس الإدارة لكنه لم يفعل، بالإضافة إلي أن معظم أعضاء مجلس تسيير الأعمال الحالي أتوا بالتعيين دون أخذ رأي الجمعية العمومية كما يقضي بذلك قانون النقابة بالمادة 32، ولذلك فإن المجلس الحالي يتحمل كل ما يحدث من تراجع للنقابة .