إذا كنت تقرأ الكثير من السير الذاتية الأدبية كما أفعل، فلا يسعك إلا أن تشعر أن المجموعة المتاحة من المواضيع ذات حجم كبير وهناك عدد قليل من الكُتاب يموتون كل عام، ولكن ليس كلهم للأسف يستحقون كتابة سيرهم الخاصة وقد تم بالفعل تنفيذ عدد من تلك الأسماء الأكثر وقعاً علي نفوس القراء، فقد كان النجاح الذي حققته سلينا هاستينغز في كتابة سيرة حياة نانسي ميتفورد عاملا مساعدا في جعل لورا تومبسون تثني علي براعتها، حتي لو لم تكن تحيط بكل تفاصيل حياتها وحتي بأسلوبها كما قالت، وبفضل هذا النجاح نجحت هي أيضا مع أجاثا كريستي التي كانت آخر سيرة ذاتية لها كتبتها عنها جانيت مورغان في عام 1984. من الواضح أن تومبسون تشعر بأنها تجلب رؤي جديدة - وشغفاً خاصاً - إلي الحياة التي التقطتها بالفعل لأشهر كاتبة للجريمة في العالم، ولكن ربما يشعر ناشرها بالقلق من عدم انتشارها بسبب كثرة ما كُتب عنها، لكنها وكما قالت له هي تقدمها لغزا إنكليزيا خالصاً لم يكن بوسع أحد من الكُتاب نيله، يغطي غلافها صورة فريدة لكريستي تنظر نظرة ترقب وكأنها توحي بوقوع شيء مجهول كمعظم أحداث رواياتها، في هذه المذكرات تعود كاتبتها إلي خطابات العائلة وكل ما يتعلق بكريستي، فهي تقول: »إنها لا تعد هذه سيرة ذاتية، ولكن »تحقيق شامل» لأنها ليست مجرد كاتبة إنها تحولت إلي » مخبر»، عندما كنت أقرأ قصصها ورواياتها ظللت أقوم بتحليلها فوجدتها امرأة شجاعة حياتها عادية ولم تكن حافلة بالأحداث». ولدت في توركواي عام 1890 ونشأت يحيط بها الخدم تزوجت بداية زواجاً غير سعيد، أنجبت منه ابنة وعندما قطعت شوطاً في الكتابة واشتهرت حصلت علي الطلاق بسبب علاقته بامرأة أخري، وتزوجت ثانية زواجاً سعيداً غير تقليدي وماتت في سن 85، أما ما هو لغزها كما يشير العنوان الفرعي للكتاب؟ فهناك إجابتان الأولي وهي الأكثر وضوحاً هو اختفائها السيئ السمعة لمدة 10 أيام، ففي عام 1926 قامت الشرطة بالبحث في برك عديدة عن جسدها ونشرت صحيفة ديلي نيوز صورا عديدة لها بسبب اختفائها، لكنها ظهرت في فندق هاروغيت وهي علي قيد الحياة وبصحة جيدة ترتدي فستان جورجيت جديد وجميل، أما الجواب الثاني فهو سر نجاحها علي الرغم من أن هناك أشخاصا أنا واحد منهم من الذين لا يزالون يحبون مارجري الينجهام ودوروثي سايرز مع أن كريستي استطاعت أن تتفوق عليهما بنفس الطريقة التي عملت بها مع جميع معاصريها، وقد تم بيع مليار نسخة من كتبها باللغة الإنجليزية وحدها لماذا؟ لأننا لا يمكننا أن نتطلع إلي كريستي للحصول علي إجابات بسبب كرهها للمقابلات وعندما يتعلق الأمر باختفائها، فإن تومبسون تقوم بعمل رائع في الدخول إلي رأسها، وتخيل أفكارها عندما تخلت عن سيارتها بالقرب من غيلافورد بإنجلترا واتجهت إلي قطار إلي يوركشاير حيث بدت كسيدة محترمة وليست هاربة علي الإطلاق. وكان آرتشي زوج كريستي السابق قد كشف عن أنه كان يحب امرأة أخري أدي إلي طلب طلاقها منه والذي كان سبباً في وفاة أمها ما دفعها للتصرف بشكل يائس، أما قصة فقدان ذاكرتها التي أعدها آرتشي لاحقاً لصالح الصحافة فمن العدل القول أنها ملفقة كما لم يكن اختفاؤها حيلة دعائية بحسب تأويل بعض الكُتاب، ومع أن تومبسون متعاطفة إلي حد ما مع كريستي، إلا أنها تقول: »لا توجد كتابة في الوقت الحالي يمكن الاستدلال بها عن سر اختفائها، فقط هذه القصة الخاصة بها ». أجاثا كريستي كسيدة وكاتبة شهيرة معتادة علي التصرف بالشكل الذي يناسبها ويرضيها وعلي طريقتها الخاصة لم تعرف هذا الانهيار العصبي كما روج عنها، ببساطة أن تومبسون قد تكون منحازة كثيراً لها - لأنها تحب موضوعها - تحب الدفاع عن أجاثا، عن كل شيء غامض في حياتها خاصة الماضية، وبالتالي هي تحافظ علي كل ما قدم لها من ذكريات عنها أو ما كتبته هي عن حياتها. عن صحيفة الجارديان اللندنية