عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    ننشر حصاد وزارة الإسكان خلال أسبوع| فيديو جراف    الفضة تقفز ل 119 جنيها للجرام محليا.. وتلامس أعلى مستوى تاريخي عالميا عند 75 دولارًا للأوقية    الزراعة: خطط إرشادية لرفع إنتاجية المحاصيل.. والإرشاد زود إنتاجية القمح ل20 أردبا    استطلاع صادم يكشف أزمة قيادة غير مسبوقة داخل حزب العمال البريطاني    جيش الاحتلال الإسرائيلى يشن غارات عنيفة على قرى ومحافظات جنوب لبنان    مجموعة الفراعنة.. أنجولا وزيمبابوي يتعادلان 1 - 1 فى الشوط الأول    الجيش الأوكراني: أسقطنا 73 مسيرة روسية استهدفت مناطق متفرقة في البلاد    أمم أفريقيا 2025| «مجموعة مصر».. تعادل إيجابي بين أنجولا وزيمبابوي في الشوط الأول    القبض على عاطل استغل إصابة شخص واستولى على دراجته النارية| فيديو    مراسل القاهرة الإخبارية: تفجير مسجد الإمام سبب ذعر المصلين أثناء صلاة الجمعة    وكيل الصحة بالإسماعيلية تفاجئ مستشفى الحميات    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي ومفتي الجمهورية ومحافظين السابقين وقائد الجيش الثاني الميداني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد العباسي    السياحة تنظم قافلة ترويجية كبرى في السوق الصيني ببكين وشنغهاي    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    تركيا: اعتقال مشتبه به ينتمي ل "داعش" كان يخطط لشن هجوم في رأس السنة الجديدة    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    بمشاركة 60 ألف متسابق.. وزير الرياضة يطلق إشارة البدء لماراثون زايد الخيري    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية فى سلاح السيف    غداً.. فصل التيار عن 9 مناطق بمركز بيلا في كفر الشيخ    حبس موظف 4 أيام بتهمة تصنيع الأسلحة والذخائر داخل منزله بقنا    اختل توازنه.. كواليس مصرع طفل سوداني سقط من علو بالطالبية    ضبط 5 طن دقيق مجهول المصدر وتحرير 214 محضر تمويني بالمنوفية    إطلاق غرفة عمليات لمتابعة مشاركة المرأة في جولة الإعادة بالدوائر ال19 الملغاة    تحسن صحة محمود حميدة وخروجه من المستشفى.. ويستعد لطرح فيلمه الجديد "الملحد" الأربعاء المقبل    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    بعد مغادرته المستشفى، تفاصيل الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    «تكنولوجيا وقيادة وإدارة».. «الري» تؤسس جيلا جديدا لإدارة منظومة المياه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    أسباب انتشار مشاكل الجهاز التنفسي العلوي والسفلي بين الأطفال في الشتاء    الرعاية الصحية تعلن قيد جمعية الخدمات الاجتماعية للعاملين بالهيئة رسميا بوزارة التضامن    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    افتتاح 3 مساجد بعد الإحلال والتجديد بسوهاج    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    هيئة الدواء: هذه الأخطاء الشائعة في استخدام الأدوية تهدد صحتك    زامبيا وجزر القمر في مهمة الأهداف المشتركة ب أمم أفريقيا 2025    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    أمن الجيزة يكشف غموض العثور على جثة بائع بمدينة 6 أكتوبر    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    كأس الأمم الأفريقية.. زيمبابوي وأنجولا اليوم من أجل التعويض    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. كمال الدين عيد: حصاد عمر الأديب كتبه لا مناصبه
بعد حصوله علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 07 - 2018

أب حريص علي أن يتعلم أولاده، وعالِم حريص لتلامذته أن يدركوا أبوته. هو من يعمل علي أن تكون كتبه التي زادت علي الثلاثين؛ في أبهي ثوب جماليّ، بعد سهر ليالي العمر؛ لتكون في أبهي ثوب، ليهبها مجانًا لتلامذته في زمن عزّت فيه المجانيّة واحتلت الماديّة كثيرًا من السُطُوح.
هو رشيق العبارةً والطلة. هو الرمز المسرحيّّ المصري والعربي؛ حتي أن المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت أطلق اسمه علي القاعة التي قام بالتدريس فيها ثلاث سنوات. هو عضو لجنة التقديرية في الفنون 2014 و2016.
هو أحد رواد النهضة المسرحية الحديثة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولد بالقاهرة عام 1931، وتخرج في المعهد العالي لفن التمثيل عام 1952، وبدأ حياته العملية بالعمل كمفتش للمسرح المدرسي بالإسكندرية عام 1955، ثم انتقل للعمل كمفتش للمسارح والملاهي بمصلحة الفنون.
وكانت فرصته الذهبية لصقل موهبته حينما سافر للمجر، حيث نال بكالوريوس أكاديمية الفنون المسرحية، وماجستير الآداب الدرامية، ودكتوراه في فلسفة الآداب الدرامية.
وبعد عودته من البعثة عين مخرجا بالمؤسسة المصرية للمسرح والموسيقي (البيت الفني للمسرح حاليا)، كما عين عام 1988 وكيلا للمعهد العالي للفنون المسرحية.
شارك في بطولة أعماله المسرحية نخبة كبيرة من ممثلي ونجوم المسرح من بينهم: أمينة رزق، زوزو حمدي الحكيم، توفيق الدقن، سعيد أبو بكر، محمد السبع، إبراهيم الشامي، عزت العلايلي، كمال يس، محسنة توفيق، محمود عزمي، نجيب سرور، محمد الدفراوي، رشدي المهدي، عبد الرحمن أبو زهرة، عبد السلام محمد، عايدة عبد العزيز، رجاء حسين، سلوي محمود، سميرة محسن، عبد المنعم مدبولي، وحيد سيف، محمود القلعاوي، سهير الباروني.
هو العالِم الجليل الأستاذ الدكتور كمال الدين عيد، الحاصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب هذا العام.
استقبلني مع قرينته الفنانة التشكيلية القديرة مديحة متولي - بكرمهما المعتاد، في بيتهما العامر، وقبل أن أبادره بالتساؤلات، قال لي: حصاد عمر الأديب هو كتبه، وليس مناصبه؛ والأمثلة علي ذلك: عميد الأدب العربي طه حسين الذي كان وزيرًا للمعارف، والأديب الوزير يوسف السباعي، والأديب يوسف إدريس الذي كان مدير عام هيئة المسرح.
كيف تلقيت نبأ فوزك بجائزة الدولة التقديرية هذا العام؟
لم أنتظرها. أقول ذلك بكل تواضع بحسي الذي لا يكذب أبدًا، كان يجب أن أتقدم لنيل الجائزة التقديرية منذ زمن، ولكني انشغلت في تأليف خمسة وثلاثين كتابًا بعضها يقع في جزءين الجزء منها قد يتجاوز الثمانمائة صفحة من القطع الكبير.
يوم إعلان الجائزة اتصل بي في ليلة القدر الأستاذ الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، الذي كنت أراه في غاية الاجتهاد منذ كان معيدًا يقضي الساعات مع الطلاّب ليعينهم والآن غيّر بالاجتهاد الحروف، فصار المعيد عميدًا.
الجهة المرشحة لكم للحصول علي الجائزة كانت اتحاد الكتاب، فهل لذلك مدلول ما؟
الأستاذ الدكتور علاء عبد الهادي رئيس اتحاد الكتاب، سبق أن قابلته في ليبيا لمدة ثلاث ساعات وطلب أن يدرس في أكاديمية المجر فقلت له: لكنك مهندس، وهو ما واجهني به رئيس أكاديمية العلوم المجري وهو ذو شأن كبير إذ يشرف علي ثمانين رسالة دكتوراه في مختلف التخصصات، فأجبته بما أجابني به د.علاء وهو: امتحنوه واحكموا؛ فوجدوه موسوعيًّا في العلم والأخلاق والموسيقي والفلسفة والدراما والدراماتورجيه، ووافقوا علي تسجيله رسالة الدكتوراه بل وشهدت أكاديمية العلوم المجرية أن رسالته التي كانت باللغة الإنجليزية أفضل رسالة قدمت للمجر عبر التاريخ من مصري، وهي بالفعل رائعة في نوعها الشعري الجميل. فأشكره كابني وصديقي وزميلي وكرمز لاتحاد الكتاب علي ترشيحي، وعلي أن الفائزين الثلاثة في تقديرية الآداب هم أعضاء في اتحاد الكتّاب.
لنعد بالذاكرة للوراء.. مابين اكتشاف الرائد زكي طليمات لمواهبكم الأدبية والمسرحية، واكتشافكم للنابه نور الشريف، ماهي القيم التي افتقدناها وأوقفت هذا السلسال الفني والأدبي والإنساني؟
زكي طليمات رحمة الله عليه، أستاذي الذي تعلمت منه سبع سنوات منذ 1945 تاريخ دخولي المعهد العالي لفن التمثيل العربي حتي 1952 تاريخ تخرّجي. والفنان نور الشريف هو أحد طلاّبي في مادة مناهج الإخراج المسرحي لمدة سنتين وتخرج عام 1967، وقد شاهدته لأول مرة في معسكر للفنون بالإسكندرية وهو طالب بالمعهد ولفت نظري بذكائه. زكي طليمات له تاريخ عظيم في المسرح المصري؛ سنة 1931 أنشأ المعهد العالي لفن التمثيل العربي، وكان من تلامذته روحية خالد ممثلة المسرح القومي، وصالح الكابلي. ولم يبق المعهد سوي سنة واحدة وأغلقه حلمي عيسي باشا وزير المعارف بادعاء أنه مجرد معهد للرقص. فبدأ زكي طليمات العائد من باريس ينحت في جسد المسرح المصري، فأنشأ 1942 قلعة غير مسبوقة هي المسرح المدرسي، وفي السنة التالية أنشأ قلعته الثانية لأول مرة هي المسرح الشعبي، وجاهد في إنشاء الفرقة المصرية القومية للتمثيل التي حولها أحمد حمروش عام 1956 إلي المسرح القومي. وأقول لأول مرة شيئين: الأول هو إن زكي طليمات أخذ نوعًا من الأداء المسرحي كنوع منتشر في المسارح الفرنسية والأوروبية، يسمي Over Acting أي زيادة الممثل في انفعاله وصوته وحركته المسرحية إن كثيرًا أو قليلًا، وهو أفضل بمراحل من قليل الإحساس بالكلمة والحركة المسرحية. الأمر الثاني أن زكي طليمات أدّي في فرنسا كل أدوار موليير، وكان يهتم بالشكل الفيزيقي Physique، فاختياره لسعيد أبو بكر في "البخيل" كان لأن جسمه قليل وكأنه بخيل في التواجد بجسمه نفسه، واختياره لبرلنتي عبد الحميد في أدوار التدلل لأنه وجد حركة خطواتها جميلة، وزميل دفعتي عدلي كاسب بقامته الفارعة وتركيزه في مِشيته ممسكًا بطنه الممتلئ فاكتشف الروح الكوميدية الكامنة فيه، وقدم سعد أردش بقامته الفارعة أيضًا في دور "الكاردينال ريشيليو" وعبد الرحيم الزرقاني المتوسط الطول في امتلاء اختاره أيضًا لدور مناسب في مسرحية مترجمة عن الفرنسية هي "في خدمة الملكة" في المسرح الحديث الذي أنشأه 1953، وهذا طبعًا بعد اقتناعه بفن الممثل الذي يراه مناسبًا.
وكثير من المخرجين الآن يفتقدون هذا، ويفتقدون تواصل الأجيال، بحيث عندما تتوسم في صاحب موهبة غير معروف تمنحه الفرصة لتتواصل الحياة المسرحية. فمثلاً اعتذر السيد بدير رئيس هيئة المسرح عن عدم إخراجه ل"روميو وچولييت"، وأبديت استعدادي لإخراجها فوافق زميلي حمدي غيث مدير المسرح العالمي؛ وصممت أن آتي باثنين من الفنانين غير المعروفين لتجديد شباب المسرح بموهوبين فاخترت نور الشريف، وسناء ماهر التي اكتشفتها حينما أشرفت علي الفنون المسرحية بجامعة القاهرة في ستينيات القرن الماضي، وكنت أدرّب الممثلين كلهم ثلاث ساعات ونور وسناء ثلاث ساعات إضافية، وأحطت البطليّن بكوكبة من كبار الممثلين كعبد الرحيم الزرقاني وعزيزة حلمي وأنور رستم وشوقي بركة، ولكن لم يسلّمني الديكور لا د.رمزي مصطفي ولا زميلي حسين جمعة. ومع ذلك سلّمت النقّاد العرض في مسرح الأزبكية ووصفت ما حدث بالتفصيل في كتابي "المعمل المسرحي"؛ فكأن العرض تم تقديمه لشريحة فقط من الجمهور هم النقّاد. وحينما كنت علي الهاتف في السنوات الأخيرة مع نور الشريف، اتصل بي مدير أعماله ذات مرة وأخبرني أن نور عندما علِم أن المكالمة مني وقف منفردًا بين مجالسيه احترامًا لي ولو بحضوري الصوتي، فألف رحمة الله علي روحك الطيبة يا حبيبي يا صديق العمر يا عزيز المقام، وعلي شهداء المسرح في بني سويف. فأين هذه النوعية من الأساتذة الذين ينجبون هؤلاء التلامذة.
ما الذي تذكره عن تجربتك في الدراسة لماچستير الآداب الدرامية بجامعة اتفش لوراند بالمجر عام 1970؟
بدأت في دراسة اللغة المجرية 1958، وفي عام 1962، انتهيت من بكالوريوس الإخراج المسرحي – قسم الإخراج المسرحي في جامعة الفنون بالمجر. في عام 1968 ذهبت إلي المجر لدراسة الماچستير والدكتوراه علي نفقتي الخاصة. في الماچستير كنت قد أجدت اللغة المجرية كما أفادتني إجادتي للغة الإنجليزية، في الرجوع للمراجع للبحث عن الأدبيّن المجري والعالمي، حيث إنها باللغتين المذكورتين، وتقويت أيضًا في اللغتين بفعل دراستي في الماچستير. ودرست في جامعة "اتفش لوراند" بالعاصمة "بودابست" في قسم الأدب العالمي برئاسة ناقد كبير، ودرست بمعهد السينما المجري لمدة سنة، درست السيناريو، واللقطات والقَطع، وكل ما هو مهم للسينما، لأني رجل مسرح بالدرجة الأولي ولم أدرس السينما من قبل. وكنت أدرس العلاقة بين المسرح والسينما، والتغيرات الدرامية والفنية فيهما، وقد أفادني ذلك كثيرًا في دراستي.
وما الذي تذكرونه عن تجربتكم في الدراسة للحصول علي دكتوراه الفلسفة في الآداب الدرامية بأكاديمية العلوم المجرية عام 1974؟
بحثت لمدة أربع سنوات للدكتوراه (1970-1974) بأكاديمية العلوم المجرية التي تقع في مبني منذ القرن السابع عشر وهي قلعة من القلاع العلمية الأوروبية، وكتبت الرسالة باللغة الإنجليزية كما ترجمتها إلي العربية وطبعتها ليبيا ككتاب قيّم في لبنان أتمني تقديمه، وتناولت كل مسرحيات الكتاّب المسرحيين المصريين الذين عملوا علي قيم الدراما الاشتراكية التي كانت منارة لي ولزملائي في عصر الراحل العظيم جمال عبد الناصر، كتّاب من أمثال نعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبة ولطفي الخولي، وعنوان موضوع الدكتوراه هو: المشاكل المتعلقة بانبثاق وتطور الدراما الاشتراكية المصرية.
ونظام التصويت علي الدكتوراه هناك هو أن يتم التراسل مع كافة الجامعات في كل مدن المجر بإرسال الرسالة إليهم وميعاد ومكان المناقشة قبلها، فتخيّل مثلًا أن كل جامعات مصر في كل المدن كالإسكندرية والإسماعيلية والمنيا وأسوان وغيرها يكون مسموحًا لها بإثراء مناقشة الدكتوراه بإبداء الملاحظات؛ فياليت ذلك يكون لدينا. ثم يتواجد علي المنصة سبعة محكمين، وجلست بين الجمهور بالقاعة من غير سند بالمنصة وهي تجربة رائعة. وجري التصويت بأن تم تسليم كل محكم ورقة في حجم كف اليد يسهل فصل نصفيّها بغير وفي كل ورقة يخرج نصف نعم ونصف لا، ومرت السكرتيرة لجمع الأوراق وتم إعلان النتيجة فورًا، ووافق ستة منهم ورفض واحد، وكان يكفي موافقة أربعة، ولكن التقدير يزداد بازدياد الموافقين.
لماذا اخترت المجر؟ هل لها خصوصية عن بقية دول أوروبا من جهة الأدب والفن المسرحيين؟
بالتأكيد، فقد ظهر في كل أوروبا مؤلفون دراميون ومؤلفون أوبراليون. ميزة المجر أن الأساتذة الثلاثة الذين درست عليهم كلهم تعلموا في خارج المجر. أستاذي نادشتي كالمان رحمة الله عليه، هو أستاذي في الإخراج - الجانب النظري، كان قد درس في إيطاليا ثم عاد إلي المجر وأخرج أوبرات إيطاليّة عديدة. أما مايور توماش رحمة الله عليه أستاذي في الإخراج – الجانب العملي، فقد درس في باريس. الثالث هو مارتون أندرا، فقد درس بمعهد ماكس راينهاردت بالنمسا، وهو أستاذي في الإخراج أيضًا. وبذلك تجمّع لي في المجر توليفة أدبية وفنية، إيطالية – فرنسية – نمساوية – مجرية. وهنا أشير إلي أن المسرح المجري استند علي جهد دراما شعرية أبدعها شعراء عديدون ذاع صيتهم أيضًا خارج المجر، وقد ترجمت أعمالهم إلي لغات عديدة، وللأسف ما ترجم من ذلك إلي العربية قليل جدًا، ونلمس تقديم زكي طليمات دراما شعرية لعزيز أباظة باشا وأحمد شوقي وعلي أحمد باكثير وصلاح عبد الصبور، وهم شعراء عظماء؛ فأين ذلك من ضعف المسرح الشِعري الآن، بما يستطيع منحه من ثراء أدبي لغوي وإنساني وتربوي.
كنت أول من قام بمنح دكتوراه في المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر بقسم التمثيل والإخراج..
أنت تعيدني إلي عام 1991 حينما أراد طالب لديّ اسمه عثمان عبد المعطي، عمل بفرقة طنطا المسرحية وبالمسرح المدرسي، أن يحصل علي درجة الدكتوراه بعد حصوله علي الماچستير، وكان أمرًا جديدًا أثار نقاشات حادة في قسم التمثيل والإخراج. واخترت الراحل العظيم سعد أردش والدكتور عبد الهادي الجوهري الذي كان مستشارًا ثقافيًا لمصر في العراق عام 1990 وقابلته في مؤتمر تطوير إعداد المناهج المسرحية بجامعات العراق في بغداد، ثم أتي إلي مصر كعميد معهد إعداد القادة. وكنت ذاهبًا للتدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت؛ فأردت مناقشة الطالب قبل الموعد بشهرين، فقال لي زميلي وصديقي وعزيزي أ.د. فوزي فهمي: سافر بسلامة الله، وإذا ما تمت السنتان تتم مناقشة الطالب؛ فأتيت في نوفمبر بعد شهرين من سفري لمناقشة الطالب. ويظل هذا تاريخًا مشرفًا لنا كتلامذة لزكي طليمات في معهد سيظل إلي ما شاء الله يثري ثقافتنا المسرحية بفناني التمثيل والإخراج والدراما والنقد المسرحيين وهندسة الديكور.
لك خبرة عريضة بتدريس الأدب والفن المسرحيين بعدة دول عربية منها ليبيا والكويت والعراق، ما الذي يمكن قوله عن تلك الفترة؟
عملت بليبيا ثلاثة عشر عامًا. أولاً منذ 1974 حتي 1977 كمستشار لوزارة الثقافة الليبية لشئون الهيئة العامة للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية. ثم انتقلت إلي جامعة الفاتح 1977 وأنشأت قسمًا جديدًا للفنون بعزم من العقيد معمر القذافي رحمة الله عليه مع زميلي الأستاذ الدكتور علي سعيد البلوشي؛ فأنشأنا كلية الفنون والإعلام، وكلية الفنون الجميلة والتطبيقية. ويسعدني القول بأن ثمانين بالمائة من الدكاترة الحاصلين علي الدكتوراه بالمعاهد المذكورة قد أرسلت كثيرين منهم إلي المجر للحصول علي الماچستير والدكتوراه، بعد عدم اعتياد علي الشهادات العلمية الكبيرة. وفي العراق 1990 قمت بالتدريس في الدراسات العليا في بابل وبغداد والمستنصرية والديوانية، والآن رؤساء الأقسام المسرحية والعمداء لكليات الفنون الجميلة نصفهم علي الأقل من تلامذتي. وعلي الأقل عشرون من الأساتذة الدكاترة هم من تلامذتي، وأتواصل بسعادة معهم علي الهاتف. وأسعد بأن اثنان من تلامذتي صار كل منهما عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية هما أ.د.عبد الله الغيث وأ.د. فهد السليم، وكانا عميدين بقوة العلم الحديث النافع لدولة الكويت الشقيق؛ فشكرًا علي إطلاق اسمي المتواضع علي قاعة بمعهدها المسرحيّ قمت بالتدريس فيها ثلاث سنوات، مع قاعة باسم الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحليم رحمة الله عليه، الذي قام بالتدريس فيها عشرين سنة؛ فشكرًا للمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت عمداء وأساتذة وطلّابًا.
ما هي رسالتك التي توجهها للشباب فيما يتعلق بالأدب والفن المسرحيين خاصة، ثم فيما يتعلق بالأدب عموما؟
أقول للشباب عامةَ، وشباب أكاديمية الفنون بمعاهدها: الفنون المسرحية، والسينما، والموسيقي العربية والكونسرفتوار، والنقد الفني، والفنون الشعبية: افعلوا كما كنا نفعل لنتقوّي في الحلقات الدراسية، اهتموا بالدوريات الأدبية كأخبار الأدب؛ لتضمنوا جرعة أدبية ثقافية منتظمة تليق بكم كأدباء وفنانين عرب يقوم التقدم العربي المنشود علي وعيهم كشباب هم ذخيرة المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.