البابا تواضروس الثاني يدشن كاتدرائية "العذراء ومارمرقس" ب 6 أكتوبر ويلتقي مجمع الآباء الكهنة    اعرف لجنتك من تليفونك في دقيقتين قبل التوجه للانتخابات    الوزير: تطوير وسائل خدمات النقل وتقليل الاستيراد    بيطري القليوبية تطلق حملة لتحصين الماشية للوقاية من الأمراض    رئاسة السيدة انتصار السيسى الشرفية تُجَسِّد دعم الدولة للإنسان أولًا    سوريا.. وأمريكا كل المتغيرات واردة    أول تعليق من ييس توروب بعد التتويج بالسوبر المصري    خالد مرتجي: «توروب شغال 20 ساعة في اليوم.. وقلت لزيزو هتبقى رجل المباراة»    وزير الرياضة: مليار مشاهدة لنهائي السوبر تعكس مكانة الكرة المصرية    تحرير 310 محاضر خلال حملات مكثفة شملت الأسواق والمخابز بدمياط    «بالألوان»«صوت مصر».. رحلة فى ذاكرة أم كلثوم    ختام منتدى إعلام مصر بصورة تذكارية للمشاركين فى نسخته الثالثة    بينسحبوا في المواقف الصعبة.. رجال 3 أبراج شخصيتهم ضعيفة    البيت الأبيض يحذر من تقلص الناتج المحلي الأمريكي بسبب الإغلاق الحكومي    قرار صادم من يايسله تجاه نجم الأهلي السعودي    دايت من غير حرمان.. سر غير متوقع لخسارة الوزن بطريقة طبيعية    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    «قومي المرأة» يكرم فريق رصد دراما رمضان 2025    محمود مسلم ل كلمة أخيرة: منافسة قوية على المقاعد الفردية بانتخابات النواب 2025    أب يكتشف وفاة طفليه أثناء إيقاظهما من النوم في الصف    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    استشاري: العصائر بأنواعها ممنوعة وسكر الفاكهة تأثيره مثل الكحول على الكبد    أوقاف شمال سيناء تناقش "خطر أكل الحرام.. الرشوة نموذجًا"    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    شبيه شخصية جعفر العمدة يقدم واجب العزاء فى وفاة والد محمد رمضان    «ما تجاملش حد على حساب مصر».. تصريحات ياسر جلال عن «إنزال صاعقة جزائريين في ميدان التحرير» تثير جدلًا    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    الخارجية الباكستانية تتهم أفغانستان بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد الإرهاب    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    «فريق المليار يستحق اللقب».. تعليق مثير من خالد الغندور بعد فوز الأهلي على الزمالك    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    الصدفة تكتب تاريخ جديد لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية ويتأهل لأمم إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. كمال الدين عيد: حصاد عمر الأديب كتبه لا مناصبه
بعد حصوله علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 07 - 2018

أب حريص علي أن يتعلم أولاده، وعالِم حريص لتلامذته أن يدركوا أبوته. هو من يعمل علي أن تكون كتبه التي زادت علي الثلاثين؛ في أبهي ثوب جماليّ، بعد سهر ليالي العمر؛ لتكون في أبهي ثوب، ليهبها مجانًا لتلامذته في زمن عزّت فيه المجانيّة واحتلت الماديّة كثيرًا من السُطُوح.
هو رشيق العبارةً والطلة. هو الرمز المسرحيّّ المصري والعربي؛ حتي أن المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت أطلق اسمه علي القاعة التي قام بالتدريس فيها ثلاث سنوات. هو عضو لجنة التقديرية في الفنون 2014 و2016.
هو أحد رواد النهضة المسرحية الحديثة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولد بالقاهرة عام 1931، وتخرج في المعهد العالي لفن التمثيل عام 1952، وبدأ حياته العملية بالعمل كمفتش للمسرح المدرسي بالإسكندرية عام 1955، ثم انتقل للعمل كمفتش للمسارح والملاهي بمصلحة الفنون.
وكانت فرصته الذهبية لصقل موهبته حينما سافر للمجر، حيث نال بكالوريوس أكاديمية الفنون المسرحية، وماجستير الآداب الدرامية، ودكتوراه في فلسفة الآداب الدرامية.
وبعد عودته من البعثة عين مخرجا بالمؤسسة المصرية للمسرح والموسيقي (البيت الفني للمسرح حاليا)، كما عين عام 1988 وكيلا للمعهد العالي للفنون المسرحية.
شارك في بطولة أعماله المسرحية نخبة كبيرة من ممثلي ونجوم المسرح من بينهم: أمينة رزق، زوزو حمدي الحكيم، توفيق الدقن، سعيد أبو بكر، محمد السبع، إبراهيم الشامي، عزت العلايلي، كمال يس، محسنة توفيق، محمود عزمي، نجيب سرور، محمد الدفراوي، رشدي المهدي، عبد الرحمن أبو زهرة، عبد السلام محمد، عايدة عبد العزيز، رجاء حسين، سلوي محمود، سميرة محسن، عبد المنعم مدبولي، وحيد سيف، محمود القلعاوي، سهير الباروني.
هو العالِم الجليل الأستاذ الدكتور كمال الدين عيد، الحاصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب هذا العام.
استقبلني مع قرينته الفنانة التشكيلية القديرة مديحة متولي - بكرمهما المعتاد، في بيتهما العامر، وقبل أن أبادره بالتساؤلات، قال لي: حصاد عمر الأديب هو كتبه، وليس مناصبه؛ والأمثلة علي ذلك: عميد الأدب العربي طه حسين الذي كان وزيرًا للمعارف، والأديب الوزير يوسف السباعي، والأديب يوسف إدريس الذي كان مدير عام هيئة المسرح.
كيف تلقيت نبأ فوزك بجائزة الدولة التقديرية هذا العام؟
لم أنتظرها. أقول ذلك بكل تواضع بحسي الذي لا يكذب أبدًا، كان يجب أن أتقدم لنيل الجائزة التقديرية منذ زمن، ولكني انشغلت في تأليف خمسة وثلاثين كتابًا بعضها يقع في جزءين الجزء منها قد يتجاوز الثمانمائة صفحة من القطع الكبير.
يوم إعلان الجائزة اتصل بي في ليلة القدر الأستاذ الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، الذي كنت أراه في غاية الاجتهاد منذ كان معيدًا يقضي الساعات مع الطلاّب ليعينهم والآن غيّر بالاجتهاد الحروف، فصار المعيد عميدًا.
الجهة المرشحة لكم للحصول علي الجائزة كانت اتحاد الكتاب، فهل لذلك مدلول ما؟
الأستاذ الدكتور علاء عبد الهادي رئيس اتحاد الكتاب، سبق أن قابلته في ليبيا لمدة ثلاث ساعات وطلب أن يدرس في أكاديمية المجر فقلت له: لكنك مهندس، وهو ما واجهني به رئيس أكاديمية العلوم المجري وهو ذو شأن كبير إذ يشرف علي ثمانين رسالة دكتوراه في مختلف التخصصات، فأجبته بما أجابني به د.علاء وهو: امتحنوه واحكموا؛ فوجدوه موسوعيًّا في العلم والأخلاق والموسيقي والفلسفة والدراما والدراماتورجيه، ووافقوا علي تسجيله رسالة الدكتوراه بل وشهدت أكاديمية العلوم المجرية أن رسالته التي كانت باللغة الإنجليزية أفضل رسالة قدمت للمجر عبر التاريخ من مصري، وهي بالفعل رائعة في نوعها الشعري الجميل. فأشكره كابني وصديقي وزميلي وكرمز لاتحاد الكتاب علي ترشيحي، وعلي أن الفائزين الثلاثة في تقديرية الآداب هم أعضاء في اتحاد الكتّاب.
لنعد بالذاكرة للوراء.. مابين اكتشاف الرائد زكي طليمات لمواهبكم الأدبية والمسرحية، واكتشافكم للنابه نور الشريف، ماهي القيم التي افتقدناها وأوقفت هذا السلسال الفني والأدبي والإنساني؟
زكي طليمات رحمة الله عليه، أستاذي الذي تعلمت منه سبع سنوات منذ 1945 تاريخ دخولي المعهد العالي لفن التمثيل العربي حتي 1952 تاريخ تخرّجي. والفنان نور الشريف هو أحد طلاّبي في مادة مناهج الإخراج المسرحي لمدة سنتين وتخرج عام 1967، وقد شاهدته لأول مرة في معسكر للفنون بالإسكندرية وهو طالب بالمعهد ولفت نظري بذكائه. زكي طليمات له تاريخ عظيم في المسرح المصري؛ سنة 1931 أنشأ المعهد العالي لفن التمثيل العربي، وكان من تلامذته روحية خالد ممثلة المسرح القومي، وصالح الكابلي. ولم يبق المعهد سوي سنة واحدة وأغلقه حلمي عيسي باشا وزير المعارف بادعاء أنه مجرد معهد للرقص. فبدأ زكي طليمات العائد من باريس ينحت في جسد المسرح المصري، فأنشأ 1942 قلعة غير مسبوقة هي المسرح المدرسي، وفي السنة التالية أنشأ قلعته الثانية لأول مرة هي المسرح الشعبي، وجاهد في إنشاء الفرقة المصرية القومية للتمثيل التي حولها أحمد حمروش عام 1956 إلي المسرح القومي. وأقول لأول مرة شيئين: الأول هو إن زكي طليمات أخذ نوعًا من الأداء المسرحي كنوع منتشر في المسارح الفرنسية والأوروبية، يسمي Over Acting أي زيادة الممثل في انفعاله وصوته وحركته المسرحية إن كثيرًا أو قليلًا، وهو أفضل بمراحل من قليل الإحساس بالكلمة والحركة المسرحية. الأمر الثاني أن زكي طليمات أدّي في فرنسا كل أدوار موليير، وكان يهتم بالشكل الفيزيقي Physique، فاختياره لسعيد أبو بكر في "البخيل" كان لأن جسمه قليل وكأنه بخيل في التواجد بجسمه نفسه، واختياره لبرلنتي عبد الحميد في أدوار التدلل لأنه وجد حركة خطواتها جميلة، وزميل دفعتي عدلي كاسب بقامته الفارعة وتركيزه في مِشيته ممسكًا بطنه الممتلئ فاكتشف الروح الكوميدية الكامنة فيه، وقدم سعد أردش بقامته الفارعة أيضًا في دور "الكاردينال ريشيليو" وعبد الرحيم الزرقاني المتوسط الطول في امتلاء اختاره أيضًا لدور مناسب في مسرحية مترجمة عن الفرنسية هي "في خدمة الملكة" في المسرح الحديث الذي أنشأه 1953، وهذا طبعًا بعد اقتناعه بفن الممثل الذي يراه مناسبًا.
وكثير من المخرجين الآن يفتقدون هذا، ويفتقدون تواصل الأجيال، بحيث عندما تتوسم في صاحب موهبة غير معروف تمنحه الفرصة لتتواصل الحياة المسرحية. فمثلاً اعتذر السيد بدير رئيس هيئة المسرح عن عدم إخراجه ل"روميو وچولييت"، وأبديت استعدادي لإخراجها فوافق زميلي حمدي غيث مدير المسرح العالمي؛ وصممت أن آتي باثنين من الفنانين غير المعروفين لتجديد شباب المسرح بموهوبين فاخترت نور الشريف، وسناء ماهر التي اكتشفتها حينما أشرفت علي الفنون المسرحية بجامعة القاهرة في ستينيات القرن الماضي، وكنت أدرّب الممثلين كلهم ثلاث ساعات ونور وسناء ثلاث ساعات إضافية، وأحطت البطليّن بكوكبة من كبار الممثلين كعبد الرحيم الزرقاني وعزيزة حلمي وأنور رستم وشوقي بركة، ولكن لم يسلّمني الديكور لا د.رمزي مصطفي ولا زميلي حسين جمعة. ومع ذلك سلّمت النقّاد العرض في مسرح الأزبكية ووصفت ما حدث بالتفصيل في كتابي "المعمل المسرحي"؛ فكأن العرض تم تقديمه لشريحة فقط من الجمهور هم النقّاد. وحينما كنت علي الهاتف في السنوات الأخيرة مع نور الشريف، اتصل بي مدير أعماله ذات مرة وأخبرني أن نور عندما علِم أن المكالمة مني وقف منفردًا بين مجالسيه احترامًا لي ولو بحضوري الصوتي، فألف رحمة الله علي روحك الطيبة يا حبيبي يا صديق العمر يا عزيز المقام، وعلي شهداء المسرح في بني سويف. فأين هذه النوعية من الأساتذة الذين ينجبون هؤلاء التلامذة.
ما الذي تذكره عن تجربتك في الدراسة لماچستير الآداب الدرامية بجامعة اتفش لوراند بالمجر عام 1970؟
بدأت في دراسة اللغة المجرية 1958، وفي عام 1962، انتهيت من بكالوريوس الإخراج المسرحي – قسم الإخراج المسرحي في جامعة الفنون بالمجر. في عام 1968 ذهبت إلي المجر لدراسة الماچستير والدكتوراه علي نفقتي الخاصة. في الماچستير كنت قد أجدت اللغة المجرية كما أفادتني إجادتي للغة الإنجليزية، في الرجوع للمراجع للبحث عن الأدبيّن المجري والعالمي، حيث إنها باللغتين المذكورتين، وتقويت أيضًا في اللغتين بفعل دراستي في الماچستير. ودرست في جامعة "اتفش لوراند" بالعاصمة "بودابست" في قسم الأدب العالمي برئاسة ناقد كبير، ودرست بمعهد السينما المجري لمدة سنة، درست السيناريو، واللقطات والقَطع، وكل ما هو مهم للسينما، لأني رجل مسرح بالدرجة الأولي ولم أدرس السينما من قبل. وكنت أدرس العلاقة بين المسرح والسينما، والتغيرات الدرامية والفنية فيهما، وقد أفادني ذلك كثيرًا في دراستي.
وما الذي تذكرونه عن تجربتكم في الدراسة للحصول علي دكتوراه الفلسفة في الآداب الدرامية بأكاديمية العلوم المجرية عام 1974؟
بحثت لمدة أربع سنوات للدكتوراه (1970-1974) بأكاديمية العلوم المجرية التي تقع في مبني منذ القرن السابع عشر وهي قلعة من القلاع العلمية الأوروبية، وكتبت الرسالة باللغة الإنجليزية كما ترجمتها إلي العربية وطبعتها ليبيا ككتاب قيّم في لبنان أتمني تقديمه، وتناولت كل مسرحيات الكتاّب المسرحيين المصريين الذين عملوا علي قيم الدراما الاشتراكية التي كانت منارة لي ولزملائي في عصر الراحل العظيم جمال عبد الناصر، كتّاب من أمثال نعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبة ولطفي الخولي، وعنوان موضوع الدكتوراه هو: المشاكل المتعلقة بانبثاق وتطور الدراما الاشتراكية المصرية.
ونظام التصويت علي الدكتوراه هناك هو أن يتم التراسل مع كافة الجامعات في كل مدن المجر بإرسال الرسالة إليهم وميعاد ومكان المناقشة قبلها، فتخيّل مثلًا أن كل جامعات مصر في كل المدن كالإسكندرية والإسماعيلية والمنيا وأسوان وغيرها يكون مسموحًا لها بإثراء مناقشة الدكتوراه بإبداء الملاحظات؛ فياليت ذلك يكون لدينا. ثم يتواجد علي المنصة سبعة محكمين، وجلست بين الجمهور بالقاعة من غير سند بالمنصة وهي تجربة رائعة. وجري التصويت بأن تم تسليم كل محكم ورقة في حجم كف اليد يسهل فصل نصفيّها بغير وفي كل ورقة يخرج نصف نعم ونصف لا، ومرت السكرتيرة لجمع الأوراق وتم إعلان النتيجة فورًا، ووافق ستة منهم ورفض واحد، وكان يكفي موافقة أربعة، ولكن التقدير يزداد بازدياد الموافقين.
لماذا اخترت المجر؟ هل لها خصوصية عن بقية دول أوروبا من جهة الأدب والفن المسرحيين؟
بالتأكيد، فقد ظهر في كل أوروبا مؤلفون دراميون ومؤلفون أوبراليون. ميزة المجر أن الأساتذة الثلاثة الذين درست عليهم كلهم تعلموا في خارج المجر. أستاذي نادشتي كالمان رحمة الله عليه، هو أستاذي في الإخراج - الجانب النظري، كان قد درس في إيطاليا ثم عاد إلي المجر وأخرج أوبرات إيطاليّة عديدة. أما مايور توماش رحمة الله عليه أستاذي في الإخراج – الجانب العملي، فقد درس في باريس. الثالث هو مارتون أندرا، فقد درس بمعهد ماكس راينهاردت بالنمسا، وهو أستاذي في الإخراج أيضًا. وبذلك تجمّع لي في المجر توليفة أدبية وفنية، إيطالية – فرنسية – نمساوية – مجرية. وهنا أشير إلي أن المسرح المجري استند علي جهد دراما شعرية أبدعها شعراء عديدون ذاع صيتهم أيضًا خارج المجر، وقد ترجمت أعمالهم إلي لغات عديدة، وللأسف ما ترجم من ذلك إلي العربية قليل جدًا، ونلمس تقديم زكي طليمات دراما شعرية لعزيز أباظة باشا وأحمد شوقي وعلي أحمد باكثير وصلاح عبد الصبور، وهم شعراء عظماء؛ فأين ذلك من ضعف المسرح الشِعري الآن، بما يستطيع منحه من ثراء أدبي لغوي وإنساني وتربوي.
كنت أول من قام بمنح دكتوراه في المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر بقسم التمثيل والإخراج..
أنت تعيدني إلي عام 1991 حينما أراد طالب لديّ اسمه عثمان عبد المعطي، عمل بفرقة طنطا المسرحية وبالمسرح المدرسي، أن يحصل علي درجة الدكتوراه بعد حصوله علي الماچستير، وكان أمرًا جديدًا أثار نقاشات حادة في قسم التمثيل والإخراج. واخترت الراحل العظيم سعد أردش والدكتور عبد الهادي الجوهري الذي كان مستشارًا ثقافيًا لمصر في العراق عام 1990 وقابلته في مؤتمر تطوير إعداد المناهج المسرحية بجامعات العراق في بغداد، ثم أتي إلي مصر كعميد معهد إعداد القادة. وكنت ذاهبًا للتدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت؛ فأردت مناقشة الطالب قبل الموعد بشهرين، فقال لي زميلي وصديقي وعزيزي أ.د. فوزي فهمي: سافر بسلامة الله، وإذا ما تمت السنتان تتم مناقشة الطالب؛ فأتيت في نوفمبر بعد شهرين من سفري لمناقشة الطالب. ويظل هذا تاريخًا مشرفًا لنا كتلامذة لزكي طليمات في معهد سيظل إلي ما شاء الله يثري ثقافتنا المسرحية بفناني التمثيل والإخراج والدراما والنقد المسرحيين وهندسة الديكور.
لك خبرة عريضة بتدريس الأدب والفن المسرحيين بعدة دول عربية منها ليبيا والكويت والعراق، ما الذي يمكن قوله عن تلك الفترة؟
عملت بليبيا ثلاثة عشر عامًا. أولاً منذ 1974 حتي 1977 كمستشار لوزارة الثقافة الليبية لشئون الهيئة العامة للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية. ثم انتقلت إلي جامعة الفاتح 1977 وأنشأت قسمًا جديدًا للفنون بعزم من العقيد معمر القذافي رحمة الله عليه مع زميلي الأستاذ الدكتور علي سعيد البلوشي؛ فأنشأنا كلية الفنون والإعلام، وكلية الفنون الجميلة والتطبيقية. ويسعدني القول بأن ثمانين بالمائة من الدكاترة الحاصلين علي الدكتوراه بالمعاهد المذكورة قد أرسلت كثيرين منهم إلي المجر للحصول علي الماچستير والدكتوراه، بعد عدم اعتياد علي الشهادات العلمية الكبيرة. وفي العراق 1990 قمت بالتدريس في الدراسات العليا في بابل وبغداد والمستنصرية والديوانية، والآن رؤساء الأقسام المسرحية والعمداء لكليات الفنون الجميلة نصفهم علي الأقل من تلامذتي. وعلي الأقل عشرون من الأساتذة الدكاترة هم من تلامذتي، وأتواصل بسعادة معهم علي الهاتف. وأسعد بأن اثنان من تلامذتي صار كل منهما عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية هما أ.د.عبد الله الغيث وأ.د. فهد السليم، وكانا عميدين بقوة العلم الحديث النافع لدولة الكويت الشقيق؛ فشكرًا علي إطلاق اسمي المتواضع علي قاعة بمعهدها المسرحيّ قمت بالتدريس فيها ثلاث سنوات، مع قاعة باسم الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحليم رحمة الله عليه، الذي قام بالتدريس فيها عشرين سنة؛ فشكرًا للمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت عمداء وأساتذة وطلّابًا.
ما هي رسالتك التي توجهها للشباب فيما يتعلق بالأدب والفن المسرحيين خاصة، ثم فيما يتعلق بالأدب عموما؟
أقول للشباب عامةَ، وشباب أكاديمية الفنون بمعاهدها: الفنون المسرحية، والسينما، والموسيقي العربية والكونسرفتوار، والنقد الفني، والفنون الشعبية: افعلوا كما كنا نفعل لنتقوّي في الحلقات الدراسية، اهتموا بالدوريات الأدبية كأخبار الأدب؛ لتضمنوا جرعة أدبية ثقافية منتظمة تليق بكم كأدباء وفنانين عرب يقوم التقدم العربي المنشود علي وعيهم كشباب هم ذخيرة المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.