رئيس مجلس النواب: قاضٍ على كل صندوق في انتخابات البرلمان    وزير الشئون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات لا يزال قائمًا    تعرف على سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 25 مايو 2025    بوتين في "يوم أفريقيا": عقد منتدى الشراكة الروسية الأفريقية المقبل في إحدى الدول الأفريقية    كرة سلة.. طاقم تحكيم أجنبي لنهائي دوري السوبر بين الأهلي والاتحاد السكندري    الزمالك يفاضل بين هذا الثنائي لضم أحدهما    بيسيرو يكشف عن لاعب لا ينصح إدارة الزمالك بتجديد عقده    ترتيب مجموعة الهبوط في الدوري المصري قبل مباريات اليوم    ننشر رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025    طلاب ثانية ثانوي بالدقهلية: الفيزياء صعبة والأحياء في مستوى الطالب الدحيح (فيديو وصور)    السجن 6 سنوات لربة منزل قتلت ابنها بعد وصلة تعذيب بالقليوبية    قرار جديد من القضاء بشأن تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    فريق فيلم "أسد" يحتفل بعيد ميلاد محمد رمضان.. (فيديو)    تفاصيل إطلاق المرحلة الجديدة من اختبار "الجين الرياضي" وتسليم عينات "جينوم الرياضيين"    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    مصطفى يونس: محمد صلاح لم يحصل على الكرة الذهبية بسبب «العنصرية»    إصابة فالفيردي بعرق النسا.. وتقارير توضح موقفه من كأس العالم للأندية    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    كارثة إنسانية.. ارتفاع معدلات سوء التغذية في غزة    رئيس البرلمان العربى يهنئ قادة مجلس التعاون الخليجى بذكرى التأسيس    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    بالدموع تحرك جثمان سلطان القراء إلى المسجد استعدادا لتشيع جثمانه بالدقهلية.. صور    وزير الشؤون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات مازال قائمًا ولم يلغى    توقيع عقد توريد جرارات بين الإنتاج الحربى والشركة المصرية للتنمية الزراعية    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    تمهيداً لانضمامه لمنظومة التأمين الصحي.. «جميعة» يتسلم شهادة الاعتماد الدولية لمركز «سعود» بالحسينية    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    منافس الأهلي - ميسي يسجل هدفا رائعا في تعثر جديد ل إنتر ميامي بالدوري الأمريكي    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 25-5-2025 فى البنوك الرئيسية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    مسيرات استفزازية للمستعمرين في القدس المحتلة    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. كمال الدين عيد: حصاد عمر الأديب كتبه لا مناصبه
بعد حصوله علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 07 - 2018

أب حريص علي أن يتعلم أولاده، وعالِم حريص لتلامذته أن يدركوا أبوته. هو من يعمل علي أن تكون كتبه التي زادت علي الثلاثين؛ في أبهي ثوب جماليّ، بعد سهر ليالي العمر؛ لتكون في أبهي ثوب، ليهبها مجانًا لتلامذته في زمن عزّت فيه المجانيّة واحتلت الماديّة كثيرًا من السُطُوح.
هو رشيق العبارةً والطلة. هو الرمز المسرحيّّ المصري والعربي؛ حتي أن المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت أطلق اسمه علي القاعة التي قام بالتدريس فيها ثلاث سنوات. هو عضو لجنة التقديرية في الفنون 2014 و2016.
هو أحد رواد النهضة المسرحية الحديثة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولد بالقاهرة عام 1931، وتخرج في المعهد العالي لفن التمثيل عام 1952، وبدأ حياته العملية بالعمل كمفتش للمسرح المدرسي بالإسكندرية عام 1955، ثم انتقل للعمل كمفتش للمسارح والملاهي بمصلحة الفنون.
وكانت فرصته الذهبية لصقل موهبته حينما سافر للمجر، حيث نال بكالوريوس أكاديمية الفنون المسرحية، وماجستير الآداب الدرامية، ودكتوراه في فلسفة الآداب الدرامية.
وبعد عودته من البعثة عين مخرجا بالمؤسسة المصرية للمسرح والموسيقي (البيت الفني للمسرح حاليا)، كما عين عام 1988 وكيلا للمعهد العالي للفنون المسرحية.
شارك في بطولة أعماله المسرحية نخبة كبيرة من ممثلي ونجوم المسرح من بينهم: أمينة رزق، زوزو حمدي الحكيم، توفيق الدقن، سعيد أبو بكر، محمد السبع، إبراهيم الشامي، عزت العلايلي، كمال يس، محسنة توفيق، محمود عزمي، نجيب سرور، محمد الدفراوي، رشدي المهدي، عبد الرحمن أبو زهرة، عبد السلام محمد، عايدة عبد العزيز، رجاء حسين، سلوي محمود، سميرة محسن، عبد المنعم مدبولي، وحيد سيف، محمود القلعاوي، سهير الباروني.
هو العالِم الجليل الأستاذ الدكتور كمال الدين عيد، الحاصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب هذا العام.
استقبلني مع قرينته الفنانة التشكيلية القديرة مديحة متولي - بكرمهما المعتاد، في بيتهما العامر، وقبل أن أبادره بالتساؤلات، قال لي: حصاد عمر الأديب هو كتبه، وليس مناصبه؛ والأمثلة علي ذلك: عميد الأدب العربي طه حسين الذي كان وزيرًا للمعارف، والأديب الوزير يوسف السباعي، والأديب يوسف إدريس الذي كان مدير عام هيئة المسرح.
كيف تلقيت نبأ فوزك بجائزة الدولة التقديرية هذا العام؟
لم أنتظرها. أقول ذلك بكل تواضع بحسي الذي لا يكذب أبدًا، كان يجب أن أتقدم لنيل الجائزة التقديرية منذ زمن، ولكني انشغلت في تأليف خمسة وثلاثين كتابًا بعضها يقع في جزءين الجزء منها قد يتجاوز الثمانمائة صفحة من القطع الكبير.
يوم إعلان الجائزة اتصل بي في ليلة القدر الأستاذ الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، الذي كنت أراه في غاية الاجتهاد منذ كان معيدًا يقضي الساعات مع الطلاّب ليعينهم والآن غيّر بالاجتهاد الحروف، فصار المعيد عميدًا.
الجهة المرشحة لكم للحصول علي الجائزة كانت اتحاد الكتاب، فهل لذلك مدلول ما؟
الأستاذ الدكتور علاء عبد الهادي رئيس اتحاد الكتاب، سبق أن قابلته في ليبيا لمدة ثلاث ساعات وطلب أن يدرس في أكاديمية المجر فقلت له: لكنك مهندس، وهو ما واجهني به رئيس أكاديمية العلوم المجري وهو ذو شأن كبير إذ يشرف علي ثمانين رسالة دكتوراه في مختلف التخصصات، فأجبته بما أجابني به د.علاء وهو: امتحنوه واحكموا؛ فوجدوه موسوعيًّا في العلم والأخلاق والموسيقي والفلسفة والدراما والدراماتورجيه، ووافقوا علي تسجيله رسالة الدكتوراه بل وشهدت أكاديمية العلوم المجرية أن رسالته التي كانت باللغة الإنجليزية أفضل رسالة قدمت للمجر عبر التاريخ من مصري، وهي بالفعل رائعة في نوعها الشعري الجميل. فأشكره كابني وصديقي وزميلي وكرمز لاتحاد الكتاب علي ترشيحي، وعلي أن الفائزين الثلاثة في تقديرية الآداب هم أعضاء في اتحاد الكتّاب.
لنعد بالذاكرة للوراء.. مابين اكتشاف الرائد زكي طليمات لمواهبكم الأدبية والمسرحية، واكتشافكم للنابه نور الشريف، ماهي القيم التي افتقدناها وأوقفت هذا السلسال الفني والأدبي والإنساني؟
زكي طليمات رحمة الله عليه، أستاذي الذي تعلمت منه سبع سنوات منذ 1945 تاريخ دخولي المعهد العالي لفن التمثيل العربي حتي 1952 تاريخ تخرّجي. والفنان نور الشريف هو أحد طلاّبي في مادة مناهج الإخراج المسرحي لمدة سنتين وتخرج عام 1967، وقد شاهدته لأول مرة في معسكر للفنون بالإسكندرية وهو طالب بالمعهد ولفت نظري بذكائه. زكي طليمات له تاريخ عظيم في المسرح المصري؛ سنة 1931 أنشأ المعهد العالي لفن التمثيل العربي، وكان من تلامذته روحية خالد ممثلة المسرح القومي، وصالح الكابلي. ولم يبق المعهد سوي سنة واحدة وأغلقه حلمي عيسي باشا وزير المعارف بادعاء أنه مجرد معهد للرقص. فبدأ زكي طليمات العائد من باريس ينحت في جسد المسرح المصري، فأنشأ 1942 قلعة غير مسبوقة هي المسرح المدرسي، وفي السنة التالية أنشأ قلعته الثانية لأول مرة هي المسرح الشعبي، وجاهد في إنشاء الفرقة المصرية القومية للتمثيل التي حولها أحمد حمروش عام 1956 إلي المسرح القومي. وأقول لأول مرة شيئين: الأول هو إن زكي طليمات أخذ نوعًا من الأداء المسرحي كنوع منتشر في المسارح الفرنسية والأوروبية، يسمي Over Acting أي زيادة الممثل في انفعاله وصوته وحركته المسرحية إن كثيرًا أو قليلًا، وهو أفضل بمراحل من قليل الإحساس بالكلمة والحركة المسرحية. الأمر الثاني أن زكي طليمات أدّي في فرنسا كل أدوار موليير، وكان يهتم بالشكل الفيزيقي Physique، فاختياره لسعيد أبو بكر في "البخيل" كان لأن جسمه قليل وكأنه بخيل في التواجد بجسمه نفسه، واختياره لبرلنتي عبد الحميد في أدوار التدلل لأنه وجد حركة خطواتها جميلة، وزميل دفعتي عدلي كاسب بقامته الفارعة وتركيزه في مِشيته ممسكًا بطنه الممتلئ فاكتشف الروح الكوميدية الكامنة فيه، وقدم سعد أردش بقامته الفارعة أيضًا في دور "الكاردينال ريشيليو" وعبد الرحيم الزرقاني المتوسط الطول في امتلاء اختاره أيضًا لدور مناسب في مسرحية مترجمة عن الفرنسية هي "في خدمة الملكة" في المسرح الحديث الذي أنشأه 1953، وهذا طبعًا بعد اقتناعه بفن الممثل الذي يراه مناسبًا.
وكثير من المخرجين الآن يفتقدون هذا، ويفتقدون تواصل الأجيال، بحيث عندما تتوسم في صاحب موهبة غير معروف تمنحه الفرصة لتتواصل الحياة المسرحية. فمثلاً اعتذر السيد بدير رئيس هيئة المسرح عن عدم إخراجه ل"روميو وچولييت"، وأبديت استعدادي لإخراجها فوافق زميلي حمدي غيث مدير المسرح العالمي؛ وصممت أن آتي باثنين من الفنانين غير المعروفين لتجديد شباب المسرح بموهوبين فاخترت نور الشريف، وسناء ماهر التي اكتشفتها حينما أشرفت علي الفنون المسرحية بجامعة القاهرة في ستينيات القرن الماضي، وكنت أدرّب الممثلين كلهم ثلاث ساعات ونور وسناء ثلاث ساعات إضافية، وأحطت البطليّن بكوكبة من كبار الممثلين كعبد الرحيم الزرقاني وعزيزة حلمي وأنور رستم وشوقي بركة، ولكن لم يسلّمني الديكور لا د.رمزي مصطفي ولا زميلي حسين جمعة. ومع ذلك سلّمت النقّاد العرض في مسرح الأزبكية ووصفت ما حدث بالتفصيل في كتابي "المعمل المسرحي"؛ فكأن العرض تم تقديمه لشريحة فقط من الجمهور هم النقّاد. وحينما كنت علي الهاتف في السنوات الأخيرة مع نور الشريف، اتصل بي مدير أعماله ذات مرة وأخبرني أن نور عندما علِم أن المكالمة مني وقف منفردًا بين مجالسيه احترامًا لي ولو بحضوري الصوتي، فألف رحمة الله علي روحك الطيبة يا حبيبي يا صديق العمر يا عزيز المقام، وعلي شهداء المسرح في بني سويف. فأين هذه النوعية من الأساتذة الذين ينجبون هؤلاء التلامذة.
ما الذي تذكره عن تجربتك في الدراسة لماچستير الآداب الدرامية بجامعة اتفش لوراند بالمجر عام 1970؟
بدأت في دراسة اللغة المجرية 1958، وفي عام 1962، انتهيت من بكالوريوس الإخراج المسرحي – قسم الإخراج المسرحي في جامعة الفنون بالمجر. في عام 1968 ذهبت إلي المجر لدراسة الماچستير والدكتوراه علي نفقتي الخاصة. في الماچستير كنت قد أجدت اللغة المجرية كما أفادتني إجادتي للغة الإنجليزية، في الرجوع للمراجع للبحث عن الأدبيّن المجري والعالمي، حيث إنها باللغتين المذكورتين، وتقويت أيضًا في اللغتين بفعل دراستي في الماچستير. ودرست في جامعة "اتفش لوراند" بالعاصمة "بودابست" في قسم الأدب العالمي برئاسة ناقد كبير، ودرست بمعهد السينما المجري لمدة سنة، درست السيناريو، واللقطات والقَطع، وكل ما هو مهم للسينما، لأني رجل مسرح بالدرجة الأولي ولم أدرس السينما من قبل. وكنت أدرس العلاقة بين المسرح والسينما، والتغيرات الدرامية والفنية فيهما، وقد أفادني ذلك كثيرًا في دراستي.
وما الذي تذكرونه عن تجربتكم في الدراسة للحصول علي دكتوراه الفلسفة في الآداب الدرامية بأكاديمية العلوم المجرية عام 1974؟
بحثت لمدة أربع سنوات للدكتوراه (1970-1974) بأكاديمية العلوم المجرية التي تقع في مبني منذ القرن السابع عشر وهي قلعة من القلاع العلمية الأوروبية، وكتبت الرسالة باللغة الإنجليزية كما ترجمتها إلي العربية وطبعتها ليبيا ككتاب قيّم في لبنان أتمني تقديمه، وتناولت كل مسرحيات الكتاّب المسرحيين المصريين الذين عملوا علي قيم الدراما الاشتراكية التي كانت منارة لي ولزملائي في عصر الراحل العظيم جمال عبد الناصر، كتّاب من أمثال نعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبة ولطفي الخولي، وعنوان موضوع الدكتوراه هو: المشاكل المتعلقة بانبثاق وتطور الدراما الاشتراكية المصرية.
ونظام التصويت علي الدكتوراه هناك هو أن يتم التراسل مع كافة الجامعات في كل مدن المجر بإرسال الرسالة إليهم وميعاد ومكان المناقشة قبلها، فتخيّل مثلًا أن كل جامعات مصر في كل المدن كالإسكندرية والإسماعيلية والمنيا وأسوان وغيرها يكون مسموحًا لها بإثراء مناقشة الدكتوراه بإبداء الملاحظات؛ فياليت ذلك يكون لدينا. ثم يتواجد علي المنصة سبعة محكمين، وجلست بين الجمهور بالقاعة من غير سند بالمنصة وهي تجربة رائعة. وجري التصويت بأن تم تسليم كل محكم ورقة في حجم كف اليد يسهل فصل نصفيّها بغير وفي كل ورقة يخرج نصف نعم ونصف لا، ومرت السكرتيرة لجمع الأوراق وتم إعلان النتيجة فورًا، ووافق ستة منهم ورفض واحد، وكان يكفي موافقة أربعة، ولكن التقدير يزداد بازدياد الموافقين.
لماذا اخترت المجر؟ هل لها خصوصية عن بقية دول أوروبا من جهة الأدب والفن المسرحيين؟
بالتأكيد، فقد ظهر في كل أوروبا مؤلفون دراميون ومؤلفون أوبراليون. ميزة المجر أن الأساتذة الثلاثة الذين درست عليهم كلهم تعلموا في خارج المجر. أستاذي نادشتي كالمان رحمة الله عليه، هو أستاذي في الإخراج - الجانب النظري، كان قد درس في إيطاليا ثم عاد إلي المجر وأخرج أوبرات إيطاليّة عديدة. أما مايور توماش رحمة الله عليه أستاذي في الإخراج – الجانب العملي، فقد درس في باريس. الثالث هو مارتون أندرا، فقد درس بمعهد ماكس راينهاردت بالنمسا، وهو أستاذي في الإخراج أيضًا. وبذلك تجمّع لي في المجر توليفة أدبية وفنية، إيطالية – فرنسية – نمساوية – مجرية. وهنا أشير إلي أن المسرح المجري استند علي جهد دراما شعرية أبدعها شعراء عديدون ذاع صيتهم أيضًا خارج المجر، وقد ترجمت أعمالهم إلي لغات عديدة، وللأسف ما ترجم من ذلك إلي العربية قليل جدًا، ونلمس تقديم زكي طليمات دراما شعرية لعزيز أباظة باشا وأحمد شوقي وعلي أحمد باكثير وصلاح عبد الصبور، وهم شعراء عظماء؛ فأين ذلك من ضعف المسرح الشِعري الآن، بما يستطيع منحه من ثراء أدبي لغوي وإنساني وتربوي.
كنت أول من قام بمنح دكتوراه في المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر بقسم التمثيل والإخراج..
أنت تعيدني إلي عام 1991 حينما أراد طالب لديّ اسمه عثمان عبد المعطي، عمل بفرقة طنطا المسرحية وبالمسرح المدرسي، أن يحصل علي درجة الدكتوراه بعد حصوله علي الماچستير، وكان أمرًا جديدًا أثار نقاشات حادة في قسم التمثيل والإخراج. واخترت الراحل العظيم سعد أردش والدكتور عبد الهادي الجوهري الذي كان مستشارًا ثقافيًا لمصر في العراق عام 1990 وقابلته في مؤتمر تطوير إعداد المناهج المسرحية بجامعات العراق في بغداد، ثم أتي إلي مصر كعميد معهد إعداد القادة. وكنت ذاهبًا للتدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت؛ فأردت مناقشة الطالب قبل الموعد بشهرين، فقال لي زميلي وصديقي وعزيزي أ.د. فوزي فهمي: سافر بسلامة الله، وإذا ما تمت السنتان تتم مناقشة الطالب؛ فأتيت في نوفمبر بعد شهرين من سفري لمناقشة الطالب. ويظل هذا تاريخًا مشرفًا لنا كتلامذة لزكي طليمات في معهد سيظل إلي ما شاء الله يثري ثقافتنا المسرحية بفناني التمثيل والإخراج والدراما والنقد المسرحيين وهندسة الديكور.
لك خبرة عريضة بتدريس الأدب والفن المسرحيين بعدة دول عربية منها ليبيا والكويت والعراق، ما الذي يمكن قوله عن تلك الفترة؟
عملت بليبيا ثلاثة عشر عامًا. أولاً منذ 1974 حتي 1977 كمستشار لوزارة الثقافة الليبية لشئون الهيئة العامة للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية. ثم انتقلت إلي جامعة الفاتح 1977 وأنشأت قسمًا جديدًا للفنون بعزم من العقيد معمر القذافي رحمة الله عليه مع زميلي الأستاذ الدكتور علي سعيد البلوشي؛ فأنشأنا كلية الفنون والإعلام، وكلية الفنون الجميلة والتطبيقية. ويسعدني القول بأن ثمانين بالمائة من الدكاترة الحاصلين علي الدكتوراه بالمعاهد المذكورة قد أرسلت كثيرين منهم إلي المجر للحصول علي الماچستير والدكتوراه، بعد عدم اعتياد علي الشهادات العلمية الكبيرة. وفي العراق 1990 قمت بالتدريس في الدراسات العليا في بابل وبغداد والمستنصرية والديوانية، والآن رؤساء الأقسام المسرحية والعمداء لكليات الفنون الجميلة نصفهم علي الأقل من تلامذتي. وعلي الأقل عشرون من الأساتذة الدكاترة هم من تلامذتي، وأتواصل بسعادة معهم علي الهاتف. وأسعد بأن اثنان من تلامذتي صار كل منهما عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية هما أ.د.عبد الله الغيث وأ.د. فهد السليم، وكانا عميدين بقوة العلم الحديث النافع لدولة الكويت الشقيق؛ فشكرًا علي إطلاق اسمي المتواضع علي قاعة بمعهدها المسرحيّ قمت بالتدريس فيها ثلاث سنوات، مع قاعة باسم الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحليم رحمة الله عليه، الذي قام بالتدريس فيها عشرين سنة؛ فشكرًا للمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت عمداء وأساتذة وطلّابًا.
ما هي رسالتك التي توجهها للشباب فيما يتعلق بالأدب والفن المسرحيين خاصة، ثم فيما يتعلق بالأدب عموما؟
أقول للشباب عامةَ، وشباب أكاديمية الفنون بمعاهدها: الفنون المسرحية، والسينما، والموسيقي العربية والكونسرفتوار، والنقد الفني، والفنون الشعبية: افعلوا كما كنا نفعل لنتقوّي في الحلقات الدراسية، اهتموا بالدوريات الأدبية كأخبار الأدب؛ لتضمنوا جرعة أدبية ثقافية منتظمة تليق بكم كأدباء وفنانين عرب يقوم التقدم العربي المنشود علي وعيهم كشباب هم ذخيرة المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.