كريم فهمي فنان من طراز فريد أثبت نفسه لسنوات طويلة في ساحة الدراما الاجتماعية منذ أن قدم أوراق اعتماده في اختبارات الوجوه الجديدة المرتبطة بمسلسل »عرض خاص»، وخلال فترة قصيرة استطاع أن يحظي بتقدير النقاد وإعجاب الجمهور خاصة أنه يمتلك موهبة جعلته قادرا علي تقمص الشخصيات التي قدمها في أعمال كثيرة ومنها »علي بابا» و»سكر مر» ومسلسلات »حالة عشق».. »رشيد عارف أسرار».. »حكايات بنات»، »الحساب يجمع».. »اختيار إجباري».. ووجد أن عدسة الإبداع تستطيع أن تدخل في النسيج الخاص في مشوار حياة الفنان.. وتاريخه وتسجل لحظة بلحظة موهبته الخاصة في مجال التأليف بأعمال أبدع في كتابتها وشارك أيضاً في بطولتها مثل »حسن وبقلظ» و»زنقة ستات».. »هاتولي راجل».. »مستر أند مسز عويس» و»سك علي أخواتك».. هذا بخلاف تألقه في تقديمه لبرنامج »قعدة رجالة» وها هو النجم كريم فهمي يرتدي لأول مرة الرداء والسترة الواقية »لحمزة» ضابط الشرطة اليقظ الذي يسعي لمحاربة الإرهاب في مسلسل »أمر واقع» ومؤكداً بحضوره اللافت وقدرته علي جذب أنظار المشاهدين أن الإبداع مثل بصمات الأصابع لا يتكرر.. • كيف جاء اختيارك لدور حمزة في »أمر واقع»؟ - طلب مني المخرج المتميز مجدي السميري أن أقرأ السيناريو الذي كتبه المؤلف الكبير محمد رفعت وكان يحمل في البداية اسم »آخر نفس» دون أن يحدد لي الدور الذي سأؤديه.. وبالفعل تفاعلت مع سيناريو المسلسل من القراءة الأولي بل إني أحببت كل شخصياته بما فيها الأدوار النسائية.. وبدون أن أشعر وجدت نفسي أميل لشخصية »حمزة» ضابط الشرطة.. خاصة أني لم أقدم هذه الشخصية من قبل.. وجذبني أكثر إليها ما وجدته في نسيج العمل المليء بالإثارة والتشويق ومتعة الأحداث ومفاجآتها التي تدور في فلك الإطار البوليسي الذي أخفي عشقي ومتابعتي له خصوصاً في نوعية الأفلام الأجنبية والمصرية. وكيف استعددت لأداء تلك الشخصية؟ - أي دور يؤديه الفنان يعتمد علي إحساسه وشكله وتكوين الشخصية وأبعادها النفسية والاجتماعية المحيطة بها.. بل ومواطن الإبداع فيها وقد شعرت بدور »حمزة».. وعندما لاحظ المخرج قال لي »عايزك تقدم شخصية حمزة لأنك طالع لي علي الورق من أول لحظة». وكنت أجلس لاستذكار الشخصية ولوازمها الأخري قبل التصوير لأتحول إلي ضابط الشرطة العنيد الذي لا يتوقف حماسه لحظة عند مكافحة مافيا عصابات الإرهاب.. وكنت أحظي بإعجاب كل كتيبة العمل وكان ردي عليهم »لا تتوقفوا عن إخراج إبداعكم حتي آخر نفس وجاء تعليقهم لي »هذا طبيعي وأمر واقع».. ويكمل كريم فهمي ويقول: حدث أثناء التصوير في أحد الأحياء الشعبية.. أني فوجئت بالمخرج والمؤلف.. يقولان لي: »إحنا شعرنا من أدائك المتميز أنك ضابط شرطة حقيقي.. وسرعان ما قلت لهما هذا أيضاً أمر واقع وطبيعي. ماذا عن بدايات الفنان كريم فهمي؟ - منذ الصغر أعشق الفن عموما وفن السينما بصفة خاصة وأتذكر حين كنت طالباً في المرحلة الثانوية أني كنت أذهب مع شقيقي السيناريست أحمد فهمي للسينما نهاية كل أسبوع وتأثرت كثيراً بنجوم كثيرة ومنهم الراحلون عمر الشريف.. رشدي أباظة.. أحمد مظهر.. شكري سرحان.. زكي رستم.. أحمد رمزي.. ووصلت درجة التأثر إلي أنني كنت أعشق أسلوب وأداء رشدي أباظة وكنت أرتدي ملابس مشابهة لملابس عمر الشريف وأحمد رمزي.. ورغم دراستي لطب الأسنان بجامعة القاهرة إلا أنني تقدمت لاختبارات الوجوه الجديدة لمسلسل عرض خاص.. ونجحت في تقديم شخصية دكتور أسنان ولم أجد صعوبة لكونها شخصيتي الحقيقية.. ومن بعدها بدأت انطلاقتي في الفن وأيضاً بدأ خروج موهبتي التأليف إلي النور أيضاً. أإلي هذا الحد كان تأثرك؟ - أكثر من ذلك.. لقد كنت أعيش الموضوع نفسه وأجسده في حياتي بعيدا عن شاشة السينما، بل أني أذكر مثلا حين رأيت فيلم »لا وقت للحب» بطولة القدير رشدي أباظة والقديرة الراحلة فاتن حمامة.. وجسد فيه رشدي أباظة دور فدائي داخل خلية وطنية ويتعرض للخيانة من صديق وشي به لإحساسه بالغيرة منه.. وبالنسبة لي خرجت بعد مشاهدتي للفيلم الذي أخرجه الراحل صلاح أبوسيف وسرعان ما قررت معايشتي لهذا الدور وارتديت ملابس مشابهة وطاقية مثل التي كان يرتديها أباظة ورددت الأغنية التي كان يغنيها الأطفال كنوع من التحذير حتي ينتبه أباظة لوجود كمين من عساكر الانجليزي جاءوا للقبض عليه وكانت كلمات الأغنية تقول »يا وابور يا مولع حط الفحم.. إوعي تخش العشة ياديك خدها نصيحة من الكتكوت». حققت الانتشار بأعمال متميزة.. فهل فرضت علي نفسك قيوداً لتحافظ علي المستوي الذي وصلت إليه؟ - هذا حقيقي فبعد الانتشار كان لابد أن أحقق معني وجودي كإنسان له رسالة لابد أن يؤديها ونتيجة لهذا أضع عدة شروط لأي موضوع جديد يعرض عليّ أهمها السيناريو باعتباره صلب العمل الفني وأساس نجاحه أو فشله ويليه بعد ذلك بقية عناصر الفيلم ثم الإخراج.. وحرصي الدائم أن أتعامل مع مخرج يخاف علي عمله ويحافظ عليه، ثم المنتج لابد أن يكون واعياً وفاهماً لأصول العملية الإنتاجية ولا يقبل إنتاج أي عمل من أجل ذاته، بل من أجل الفن الجيد أولاً وأخيراً. ولماذا تصر علي أدائك للمشاهد الصعبة وترفض وجود دوبلير؟ - أنا بطبعي عاشق للتحدي في حياتي، وبالنسبة لإصراري علي أدائي للمشاهد الصعبة فربما يكون تحدياً ذاتياً بغرض تحقيق المصداقية عند المشاهد والتأكيد علي موهبتي بشكل أكثر وضوحا.. والأهم أن تلك الرسالة وصلت بسرعة البرق إلي كل من كان يعمل في الحقل الفني ومفادها أني أدرس خطواتي جيداً في استيعاب مفردات العمل والشخصية من الجلدة إلي الجلدة وأبحث عن كل ما هو متميز ويترك بصمة لدي الناس. سقف أحلامك عال.. فماذا تعني لك كلمة التحدي؟ - لكوني طموحاً جداً فلذا يعيش بداخلي سقف عال للأحلام.. ورغم أني أشعر بالتعب والإرهاق في عملي إلا أنه لا يغيب عني عبارة للملاكم العالمي الراحل محمد علي كلاي قال فيها »عانيت الكثير في التدريب داخل بساط حلبة الملاكمة.. ولكنه أيضاً كان يقول لا تستسلم.. واتعب الآن ثم عش بطلا باقي حياتك. يتردد أن شخصية حمزة امتداد لنوعية الأدوار الجريئة.. ما تعليقك؟ - أنا لا أنظر للدور من منظور الجرأة أم لا ولكن ما يهمني أن يكون الدور مختلفاً وجديداً ولم يرني فيه المشاهد من قبل وشخصية حمزة مركبة ومليئة بالتفاصيل التي تجعل المشاهد في تناقض بين التعاطف معها أو النفور منها ولهذا أعجبني الدور. كونك بطلاً لأعمال كثيرة من تأليفك.. هل يفرض ذلك عليك طقوساً معينة؟ - من مجاملة القدر لي أن أصبح بطلاً لقصص كثيرة كتبتها ومنها أفلام »حسن وبقلظ» و»علي بابا» و»سكر مر» و»هاتولي راجل» وشاركت في كتابة سيناريو فيلم »أوضتين وصالة» بالإضافة لتأليفي لفيلمي »بيبو وبشير» و»مستر آند ومسز عويس» والمسلسل الرمضاني »سك علي أخواتك»، ولم يغب عني أني قمت بكتابتها بفكري وأعصابي وواقعية أشياء كثيرة في الحياة.. ودائماً ما أركز في كتاباتي أن تحتوي علي نماذج متفردة في المجتمع، حيث أطرح قضايا مختلفة بمرآة الصدق والحقيقة وأنقب في شخصيات أعمالي بحياء شديد لأن بداخلي رقيباً يهاتفني ويخبرني بضرورة الالتزام بالقواعد والمحاذير الأخلاقية عند بدء كتابتي لأي عمل.. وأنا أعشق الالتزام بكل هذه القواعد والمحاذير والسلوكيات الإيجابية التي ترتقي بالدراما وتنهض بالمجتمع. اختيارك للأدوار الرومانسية.. هل يبعدك عن الأدوار الأخري وخصوصا الشر؟ - أدوار الشر غير محسوبة ضد الفنان فهي تظهر مساحة إمكانياته الفنية خاصة إذا كان الدور مكتوباً بشكل جيد.. صحيح أن المشاهد يكره الشخصية الشريرة، لكن هذه الكراهية في حد ذاتها هي قمة النجاح الذي يكافئ به المشاهد نجمه علي أدائه لمثل هذه الأدوار التي غالبا ما تكون مركبة وصعبة ولهذا أري أن أدوار الشر أيضا تظل محسوبة لصالح الفنان. ما هي مواصفات النجومية من وجهة نظرك؟ - الاجتهاد والصبر والإخلاص في العمل ثم القبول الجماهيري وجميعها عناصر ضرورية جداً لصناعة النجم.. والوصول إلي مرتبة النجومية ليس سهلاً علي الإطلاق وقد تقضي عمرك الفني كله دون أن تبلغها ودون أن تعرف سبباً محدداً لذلك.. وبالنسبة لي أعتبر نفسي منتمياً إلي حزب التواضع والإبداع. تردد أن نجاحك تسبب في استفزاز بعض الفنانين الآخرين؟ - أنا أعمل من أجل التعبير عن عشقي للتمثيل رغم أني طبيب أسنان.. هذا بخلاف عشقي الآخر لكتابة الأعمال الدرامية.. فمن هنا ليس لديَّ الوقت للدخول في مشاكل مع أحد أو استفزاز أحد.. وقد تعلمت من تجارب الحياة ورؤيتي للآخرين أن من يهتم بنفسه سيحصد التقدم والنجاح، أما الالتفات للأزمات والجدال والأخذ والرد فهي ليست من صفاتي. هل تشعر أنك في حاجة لإجازة طويلة لإتمام أعمالك الجديدة؟ - أستعد لكتابة فيلم كوميدي لن أفصح عن أحداثه ولكني أؤكد أنه سيكون مفاجأة للجمهور.. هذا بالإضافة لوجود سيناريوهين لمسلسلين لم أنته من قراءتهما، ومعروف عني أني أحب الشغل لأني نفسي أظل متربعا في قلوب الناس واحداً من أفضل الممثلين المصريين والعرب.. وليس عيبا أنني في تلك النقطة بالذات أكون طماعاً وأنانياً، والأحسن والأفضل لن يأتي بالإجازة والراحة والكسل.. وقعدة البيت.. فلذا لابد من أن أشتغل..