هي امرأة تمتلك حياة مستقرة، لها وظيفة ناجحة ككاتبة، متزوجة تعيش في شقة فاخرة ، لا ينقصها في نظر المحيطين بها شيء، ربما ينظر إليها البعض بعين الحسد ، الذي تتوقف عنده أحيانا وتتمتم في سرها : هل أنا لاأستحق كل هذه النعم ؟ لماذا أشعر بأن هناك شيئا ناقصا في حياتي ؟ هذا الشيءالذي تحسه روحي ولا يصل إليه عقلي ، شيء يسلب مني راحة البال والسعادة الداخلية التي أراها ولا يراها غيري؟! لا ينقصها شيء في عرف المجتمع والبشر روحها دوما معلقة بين السماء والأرض ، كثيرا ما ترتفع بها إلي هناك في السماء ترتاح بعض الوقت، ولا يرتاح العقل طول الوقت ، يظل مشغولا ، بكينونته وكينوناتها التائه، لم تشفها القراءة بل زادتها حيرة ، إلي أن وجدت شبيهتها روائية مثلها، تمتلك شقة في مانهاتن ومنزلاً في ضواحي نيويورك، لديها حياة كاملة لا ينقصها شيء، لكن صوتا ما في داخلها يرفض كل ذلك ويرفض أن تكون حياتها علي هذا الشكل فقط، فهي تقضي الليالي الطوال علي أرض حمامها باكية دون أن تجد سبباً مقنعاً لبكائها أو كرهها لزوجها أو لدوامة الإحباط و الاكتئاب التي وجدت نفسها عالقة فيها. قررت إليزابيث جيلبيرت الكاتبة الأمريكية أنها يجب أن تضع حداً لزواجها وكان نتيجة قرارها أن دخلت في طلاق مؤلم ومريع وطويل خرجت منه محطمة بشكل أكبر وكعلاج لوضعها قررت ترك كل شيء في حياتها خلفها والانطلاق في رحلة حول العالم لمدة عام، بدأتها بإيطاليا حيث قضت أربعة أشهر من الأكل والاستمتاع بالحياة »طعام» ومن ثم سافرت إلي الهند حيث معتزل مرشدتها من أجل إيجاد السلام الموجود داخلها »صلاة» ومن ثم أنهت عامها في بالي »اندونيسيا» من أجل ايجاد التوازن بينهما، فوجدته في الوقوع في حب مطلق برازيلي يعيش في بالي »حب». قرأت رواية هذه الكاتبة »طعام ، صلاة، حب» أكثر من مرة أشد ما عذبها أنها لا تمتلك شجاعة جيلبيرت ولا جنونها ، و في الحقيقة هي لا تريد أن تهدم زواجها أو حياتها ، كل ما تريده أن تعثر علي روحها الهاربة التي سبقت جيلبيرت إلي رحلات أبعد مما فعلته في روايتها وحكايتها ، لا أخفي سرا أنني أحببت بعض كلمات جيلبيرت في سطور روايتها » في النهاية أنت لست سوي ما تفكر فيه و أحاسيسك هي عبد لأفكارك و أنت عبد لعواطفك»