تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    السعودية توجه تحذير شديد اللهجة لمن يحاول الحج دون ترخيص    أمريكا ترفع العقوبات عن سوريا وتشمل الشرع والخطاب    «ترامب» ردًا على هدايا حماس.. إرهاصات رؤية لمستقبل غزة ومزيد من العداء لنتنياهو وليس لإسرائيل    فلسطين.. 75 شهيدًا جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر الجمعة    ملف يلا كورة.. توابع أزمة القمة في المحكمة الرياضية.. وتتويج الأهلي    السيطرة على حريق هائل بورشة لتقطيع الرخام بسوهاج    حملات أمنية لردع الخارجين عن القانون في العبور| صور    رابط نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام    العناية الإلهية تُنقذ مستشار من حادث سير مروع بقنا    تامر حسني يقدم تجربة موسيقية تفاعلية غير مسبوقة في القاهرة    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    ضبط 2.5 طن أعلاف مخلوطة بالقمح المحلي في التل الكبير بالإسماعيلية    10 سنوات على انطلاق البرنامج.. أفكار الخبراء لتطوير «تكافل وكرامة»    اليوم.. نظر دعوى الفنانة انتصار لزيادة نفقة أبنائها    أسماء المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم.. تعليم الشرقية تعلن النتائج    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    الفيلم الفلسطينى كان ياما كان فى غزة يفوز بجائزة أفضل ممثل بمهرجان كان    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    اليونيسف: دخول 107 شاحنات لغزة أمر لا يكفي مطلقا إزاء الوضع الكارثي بالقطاع    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    ردا على من يشكك في دور مصر.. خبير عسكري ل"أهل مصر": امتلاك الاقتصاد والمال لا يعني النفوذ والتأثير بالمنطقة    اليوم.. منتدى القاهرة ل«التغير المناخى» يحتفل بمرور 100 عام على فعالياته بين مصر وألمانيا    بن شريفة: بنتايج من أفضل لاعب في مركزه.. ومصدق مستقبل الدفاع المغربي    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    الضرائب: أي موظف يستطيع معرفة مفردات المرتب بالرقم القومي عبر المنظومة الإلكترونية    النسخة الأفضل مِنكَ    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة "كريت" اليونانية    استشارية أسرية: الحب مجرد تفاعل هرموني لا يصمد أمام ضغوط الحياة    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم الدفعة الثالثة بالشرقية (مستند)    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 24 مايو 2025    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    يوريشتش يستقر على تشكيل بيراميدز أمام صن داونز.. يجهز القوة الضاربة    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    ننشر أسماء المقبولين في وظيفة «معلم مساعد» بالمنوفية| صور    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    ارتفاع حالات الحصبة في الولايات المتحدة وسط مخاوف من انتشار واسع    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مؤتمر بالإسكندرية:
لماذا يكره الديكتاتور الحواس؟!
نشر في أخبار الأدب يوم 13 - 05 - 2012

في أول أيام المؤتمر ومع دخولنا إلي مسرح الجراج بالجيزويت بالإسكندرية أبدي تيموثيوس فيرمولين أستاذ مساعد الدراسات الثقافية والنظرية اندهاشه من اتساع المسرح وسألني: "هل تعتقد أنه سيكون هناك جمهور كبير؟"
عنوان المؤتمر "الزمن مندفع في اتجاه التغيير فكيف سيقابله الفن؟" وقائمة الضيوف تضم أسماء متنوعة من الفلاسفة والنقاد الفنانين من مختلف أنحاء العالم. وموضوع الجلسات متخصص جدا، لذا وبخبرة الصحفي الذي اعتاد علي تغطية الأحداث الثقافية أجبته "لا أظن أن المسرح سيمتلئ بالجمهور".
لكن المفاجأة هي امتلاء القاعة علي مدار يومي 30 أبريل و 1 مايو بجمهور متنوع وإن كانت الغلبة لطلبة كليات فنون جميلة، وهو ما انعكس علي النقاشات التي دارت طوال المؤتمر، والتي بدأت بمحاضرة لروبن فان دن آكير أحد المنظرين لتيار "الميتا موديرن". يري روبن أن حركة ما بعد الحداثة التي ولدت كمنطق ثقافي ومزاج جمالي وقوة دفع نظرية- في سبيلها للأفول ليحل محلها "الميتا موديرن".
في محاضرته حاول روبن توضيح نقاط الخلاف بين ما بعد الحداثة والميتا موديرنيزم. فما بعد الحداثة في رأيه كان عصر دولة الرفاهية، وحلم الطاقة النووية، وكروت الائتمان حيث يمكن شراء أي شيء حتي لو لم تمتلك المال. أما الآن فالرأسمالية تحاول تجديد نفسها من خلال حركة "فوق الحداثة" أو "الميتا موديرن" حيث نهاية عصر القروض وكروت الائتمان، وتزايد الفجوة في الأجور، وحلم الطاقة المتجددة. وحلم الدول الناهضة كحالة البرازيل والصين.
أما المحاضرة التالية فقد تحدث فيها من ألمانيا آرون شوستر مستخدماً مناهج التحليل النفسي والتراث الفلسفي الكلاسيكي وعبر 18 نقطة حاول "شوستر" إيجاد حلول للمعضلة العصرية حيث "التغيير" أصبح جزءا من إيقاع الحياة وصفة من صفات الإنسان علي حد قول نيتشه لكن في الوقت ذاته تزداد الشكوي من أننا نعيد إنتاج نفس الأشياء بلا انقطاع والتغيير الذي يحدث يمس أشياء هامشية في الأشكال السياسية والاقتصادية المعاصرة ولا ينتج بدائل حقيقية، لذا يقترح آرون تغيير طريقة تفكيرنا في التغيير نفسه.
الضيف الأبرز في المؤتمر كان الناشط الماركسي والفيلسوف الإيطالي فرانكو بيراردي الشهير باسم (بفيو)، في محاضرته حاول بفيو إيجاد أرضية مشتركة بين ما يحدث في أوروبا وما يحدث في مصر قائلاً: "في العالم كله الآن هوس بالهوية. فبعد ديكتاتورية الطبقة الرأسمالية يأتي الرجوع إلي الماضي إلي العنف والتمحور حول الذات. أنه شكل جديد من الفاشية لكنها ليست الفاشية التي عرفناها قبل ذلك".
وأكد بفيو ضرورة التفكير في التغيير بمنطق مختلف قائلاً: "المشكلة ليس لها علاقة بطريقة حكم الناس في المجتمع، هذه خدعة الرأسمالية، يجب أن نفقد الأمل في التغيير من خلال استبدال مجموعة بمجموعة. فالمبني العالمي للاقتصاد ينهار الآن ويجب أن نخرج منه. يجب أن نتعلم كيف نخلق عالماً ليس موجوداً".
وعن دور الفن في هذا الصراع وعملية خلق ما هو ليس موجوداً أوضح بفيو أن الفن في رأيه هو انعكاس أو تمثيل للمعاناة، نري فيه ما يشبه خريطة للمعاناة الإنسانية. هو في الوقت ذاته يمثل جزءاً من "العمل المعرفي" والذي تعرض خلال العقد الأخير لعملية من الانتقاص من قدرته وإخضاعه إلي أشكال من فقدان الثقة والبطالة الواسعة والإحباط الثقافي والوحدة والمرض النفسي. وعملية الهدم تلك في رأي بفيو لا تزال مستمرة. فالتحجر الذهني من جانب الأقليات والديكتاتورية المالية هما قوتان متعارضتان ولكنهما تسهمان بنفس القدر في دعم الظلامية المعاصرة. لذا فمكان الفن في رأي بفيو هو تفعيل جسد "العمل المعرفي" وفتح الأفق للحواس، فالهدف الأهم دائما للديكتاتورية هو تدمير الحواس.
الفن ضد الديكتاتورية ونمطية الرأسمالية
اليوم الثاني من أيام المؤتمر حمل عنوان "لو كان الزمن تغير، ما الذي يعنيه هذا بالنسبة للفن؟" وعرضت فيه مجموعة متنوعة من التجارب التي ترصد حالة الفن في لحظة التغيير. فمن تركيا تحدث "إيردن كوسوفا" عن الفن في التسعينات. فالفن التركي الحديث كان من أكثر الفنون التي عملت علي تقويض بنيان الدولة والقيم المفروضة من قبل السلطة لكن في الوقت ذاته بدأت البنوك والشركات التجارية الكبري في تأسيس مساحات للفنون المعاصرة والموسيقي.
تحول الفن التركي في التسعينات إلي أداة مهمة في المعركة السياسية كما أوضح "كوسوفا" فمع تزايد محاولات الحكومة التركية للاندماج ودخول الاتحاد الأوروبي تم استخدام الفن كحلية غربية في ثوب السلطة. كما لعبت البرجوازية التركية وخصوصاً عائلة "كوتشو" دوراً مهماً في ساحة الفن التركي المعاصر ليس فقط من خلال الاقتناء وافتتاح الجاليريهات بل أيضاً إنشاء المساحات الفنية ومتحف الفن الحديث في اسطنبول.
لذا تحاول الآن المجموعات اليسارية الفنية الشابة التمرد علي هذا الوضع بأساليب وطرق فنية مبتكرة، فعلي سبيل المثال قامت مجموعة من الفنانين بإرسال دعوة افتتاح إحدي الفعاليات الفنية وعليها جزء يمكن خدشه لتظهر رسالة أخري مخفية توضح الأدوار التي لعبتها هذه العائلات في خدمة السلطة.
من لبنان تحدثت رشا السلطي عن وسائل التعبير المختلفة التي أنتجتها الحالة السورية وهي في رأيها تختلف عن بقية الثورات العربية حيث استمرت لأكثر من عام بالتالي فأثر ما هو سياسي مستمر وتأثيره عميق علي الحياة اليومية. وأضافت رشا قائلة: "الصور المنتجة الآن من سوريا ليست صوراً إعلامية فقط، فالكثير من هذه الصور بلا مذيع أو فريق إنتاج بل ناس عادية يتظاهرون ويحتفلون ويقتلون بالتالي تشعر كأنك جزء من الحدث وليس مجرد متفرج.
رشا في كلمتها لم تركز فقط علي الصور المنتجة من قبل المعارضة بل أوضحت كيف يحاول نظام بشار الأسد استخدام نفس السلاح، ويتجسد هذا فيما يعرف بالجيش السوري الإلكتروني الذي يقود الدعاية لصالح نظام بشار واستخدامهم لصورة حيوان الأسد في معظم تصميماتهم الدعائية.
كشفت السلطي أيضاً في محاضرتها كيف يستخدم الفنانون السوريون الفن كوسيلة للاحتجاج مع التحايل علي الرقابة والسلطة. فمنذ بضعة أشهر قام مجموعة من الفنانين السوريين بشراء أكثر من ثلاثة آلاف كرة "بينج بونج". وحيث أن قصر رئاسة بشار الأسد وحاشيته العسكرية يقع في منتصف جبل قاسيون، قام الفنانون بكتابة شعارات الثورة السوريا علي كرات "البينج بونج" ثم الصعود لأعلي الجبل وقذف الآلاف من تلك الكرات التي انتهي بها المطاف للسقوط في باحات قصر الأسد وشركائه من الجنرالات.
المحاضرة التالية كانت لكريستينا لي بوديسفا وحاولت فيها تفكيك نظام التقييم والمواصفات الفنية الذي علي أساسه يتم تقييم الفن في سياق السوق والبيناليهات والمجلات والمؤسسات الأكاديمية. أما تيموثيوس فيرمولين الشريك المؤسس لروبن فان دن آكير في مجموعة "ميتا مودرن" حيث توقف أمام عدد من المنتجات الفنية المتنوعة التي ظهرت في الفترة الأخيرة وتجسد في رأيه هذه الاتجاه الفني العالمي في عودة الروايات الكبري.
الجزء الثاني من اليوم حفل بالعروض الأدائية والبصرية والموسيقية التي حاول من خلالها الفنانون المشاركون تتبع أثر مرور الزمن وانعكاسه علي ممارساتهم الفنية وقدم خلالها بوريس أوندريشكا، أحمد ناجي، إيلي جا، هومبرتو فيليز، وحسن خان كل علي حدة عملاً منفرداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.