د. حسن الشافعي ود. عبد الحميد مدكور فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أكد الدكتور عبدالحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، أن لغتنا تواجه العديد من التحديات تأتي في مقدمتها المدارس الأجنبية، واللهجات العامية، والعولمة الثقافية، وغربة اللغة واستبعادها من كثير من المجالات الاجتماعية، وانقطاع صلتها- فيما ندر- بالدراسات والبحوث العلمية في الجامعات، ومراكز البحث العلمي، ووصفها بأنها لغة عتيقة بدوية لا تصلح أن تكون لغة علم وحضارة ومعاصرة.. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في افتتاح الدورة الرابعة والثمانين لمؤتمر مجمع اللغة العربية، والتي حملت عنوان »حماية اللغة العربية، التحديات، الوسائل، الأهداف» وتستمر أعماله لمدة أسبوعين (16 أبريل الحالي). وأشار د.مدكور- أيضاً- إلي تحديات التطور التكنولوجي التي لم يتمكن العاملون في حقله بعد من حل مشكلات تسخيرها لخدمة اللغة العربية وتيسير استعمالها، لافتاً إلي أن هذه التحديات وأمثالها سوف تكون موضع اهتمام أصحاب الأوراق العلمية المقدمة في المؤتمر. وأوضح د. مدكور أن العولمة لا تقتصر تأثيراتها علي الجوانب السياسية أو الاقتصادية، بل إنها تمتد إلي اللغة والثقافة، لأن العولمة تسعي إلي إحلال نمط ثقافي وعلاقات اجتماعية وقيم سلوكية أخلاقية محل نظائرها في المجتمعات المستهدفة، ويصاحب هذا كله إحلال لغات محل لغات، وعندئذ سيكون النظام رأسمالياً، واللغة إنجليزية أو فرنسية وهكذا، وليس ببعيد أن يؤدي هذا إلي إضعاف بعض اللغات، بل ربما أدي إلي انقراضها، مؤكداً أن المدارس الأجنبية التي تقام في المجتمعات العربية ليست بعيدة عن هذه التأثيرات، لأنها تربط دارسيها باللغات الأجنبية وبثقافتها وتاريخها علي نحو تغيب معه اللغة العربية والتاريخ العربي والثقافة العربية، ثم هي تربطهم بحياة المجتمعات صاحبة اللغة، ويؤثر النموذج الذي يقدم في عقليات الدارسين ومعارفهم وفي شعورهم واهتماماتهم مما يخلق إحساسا بالغربة النفسية، وبالطبقية الاجتماعية والاستعلاء الثقافي، الذي يخلق ضعف الاتصال باللغة العربية، وهذا ما يهدد اللغة العربية بين شعوبها، وهي الرابط القوي للشعوب العربية بعد أن انتشرت بينهم عوامل أخري تؤدي إلي تفرقهم مثل إحياء النعرات القومية علي مستوي الوطن الواحد، فهناك أكراد، تركمان، آشوريون، أمازيغ، وهناك دعوات إلي إحياء الفينيقية والنوبية والفرعونية. فضلاً عن وجود انتماءات ثقافية إلي لغات تختلف ما بين مشرق ومغرب، وتؤدي هذه العوامل كلها إلي انقسام الشخصية، وضياع التراث، وغياب الرؤية، وتشعب المسالك، وتعدد الولاءات، والدخول في نطاق التبعية وانفراط عقد الأمة (تشظي الهوية) وهذا أخطر ما تواجهه اللغة والأمة. بعد ذلك تحدث د. مدكور عما تم إنجازه في الدورة المجمعية الماضية في فقرة بعنوان (بين مؤتمرين) استعرض فيها ما قام به أعضاء المجمع من إنجازات وجهود علمية في لجانه ومجلسه طوال المدة إلي التي أعقبت انتهاء مؤتمر العام الماضي. ومن جانبه أكد د. حسن الشافعي في كلمته الافتتاحية للمؤتمر أنه لا نهضة ولا تنمية علي الأصعدة الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العلمية إلا بتنمية لغوية، وفية للأصول والقواعد المحكمة، متفتحة- في الوقت نفسه- علي منجزات العصر، وطفراته المعرفية، وآليات التقنية، ومتحسبة- مع هذا- لأهوائه وأخطاره من دعاوي العولمة الأحادية النظرة ونحوها، مما يموح به الواقع الثقافي والمعرفي والإعلامي الراهن. هذا وقد بدأت فعاليات المؤتمر، وسط اعتذار د. خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والذي من المعتاد أن يتم افتتاحه في ظل وجود وزير التعليم العالي أو من ينوب عنه، وتدور محاور هذه الدورة حول عدة قضايا مهمة هي التحدي بعينه وهي: زحف العاملين علي اللغة الفصحي، تأثير الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب علي العربية، غزو اللغات الأجنبية والتعليم الأجنبي للمجتمع العربي، اللغة العربية وتأثير الثورة الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، إعداد معلمي اللغة العربية وتدريبهم، أساليب الاختبار المستحدثة لتقويم اللغة العربية في المدارس والجامعات، التخطيط اللغوي ودوره في حماية اللغة العربية.