جامعة قناة السويس تبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار التعليمي للسفارة التركية بالقاهرة    توقعات بتجاوز صناعة الذكاء الاصطناعي بالصين 170 مليار دولار في 2025    هدوء نسبي في أسعار الذهب اليوم الأحد    بحث عكسي يظهر حقيقة ظهور بوتين داخل سيارة الأسد ولونا الشبل في الغوطة    الضفة.. جيش الاحتلال يقرر هدم 25 مبنى جديدا بمخيم نور شمس    ترتيب الدوري الإنجليزي.. آرسنال يتصدر ومانشستر سيتي يلاحق بشراسة    الأهلي يتوج ببطولة إفريقيا لسيدات السلة للمرة الأولى في تاريخه    محافظة الجيزة: غلق وتشميع منشآت طبية غير مرخصة بأطفيح    رأي صادم ل محمد صبحي عن فيلم «الست» ورسالة نارية ل منى زكي (فيديو)    مناقشة مستقبل المكتبات والمتاحف في العصر الرقمي بمعرض جدة للكتاب    أول تعليق من الزمالك على بيان النيابة العامة بشأن أرض النادي بالسادس من أكتوبر    رئيس مياه الفيوم يتفقد عددا من مواقع الشركة بمركز سنورس    نقيب التشكيليين وشاليمار شربتلي يفتتحان معرض الفنان عبدالحليم رضوي.. صور    محافظ مطروح يكرم المتميزين بقطاع الصحة (صور)    كنيسة القديس مار مرقس الرسول بدمنهور تعقد لقاء بعنوان "النجاح في حياة زوجة الأب الكاهن"    طارق بن شعبان: قرطاج السينمائي يدعم سينما المؤلف الملتزمة بالقضايا الإنسانية    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    محفظ قرآن بالأقصر يسجد شكرا لله بعد فوزه برحلة عمرة مجانية ويهديها لوالدته    فرحة لم تكتمل.. مصرع عريس بعد 45 يومًا من زفافه بالصف    بعد تسجيل عبلة كامل.. مفيدة شيحة تشيد بلميس الحديدي: رجّعتي لنا صوت بنحبه ونحترمه    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بقنا    مصر تدين الهجمات على مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    كرة القدم وكأس العرب «1»    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    منتخب مصر يحقق برونزية بطولة كأس العالم للفرق المختلطة للاسكواش    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    عملية أمنية ضد خلايا داعش في ريف حمص بعد هجوم على قوات أمريكية    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    محمد صلاح ولاعب الزمالك بالقائمة.. موعد حفل جوائز ذا بيست 2025    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في أوراق خاصة:
الحرية ..حلم العميد المجهض
نشر في أخبار الأدب يوم 26 - 02 - 2012

"أيه حماقة.. هل يمكن أن نجعل من الأعمي قائد سفينة؟"
لم يكن طه حسين يمل من تكرار العبارة السابقة. يعيدها كلما اشتدت به الأزمات.. قالها وهو يحتضر متذكرا " العقبات التي واجهها والرفض الذي جوبه به، بل والشتائم من أولئك الذين بحاجة لمرور زمن طويل حتي يتمكنوا من الإدراك ...." كما تكتب زوجته الراحلة سوزان في مذكراتها " معك".
ولكن هل تمكن من الإدراك مهاجمو العميد ..أم لا تزال شتائمهم مستمرة لا تنقطع؟وهل كان أعمي ذلك الذي قاد المبصرين ..ولايزال؟في عام 1934 عندما صدر قرار فصله من الجامعة كتب لزوجته:" إننا لا نحيا لكي نكون سعداء" .. أبدت دهشتها من العبارة ..وبعد سنوات من تأمل حياتهما معا أدركت كم كان هو من ذلك النوع النادر من الرجال يعيش " ليمنح الفرح للآخرين ويعلمهم الشجاعة ويعطيهم الآمان. كتب لها ذات مرة " إنك تعرفين هذا النوع من الرضا الذي يعقب القيام بالواجب وذلك الشعور بأن المرء علي مستوي الرسالة التي كلف بها رغم المصاعب".
لم تكن هناك رسالة واحدة للعميد، بل رسائل ..ولكن تاه الكثير منها في المنتصف..ولم تصل الكثير من الرسائل. فهل نحن في اللحظة الحرجة التي نحتاج فيها إلي البحث عن هذه الرسائل مرة أخري؟
-1-
الحرية ..هي كل شئ بالنسبة للعميد..
ولكن الحرية مخيفة لكثيرين.
أن تفهم وتطالب بحريتك يعني أن تسحب الوجود من سلطة تحب العمل في الظلام.. أن " الحرية شرط أساسي لنشأة التاريخ الأدبي في لغتنا العربية، وانا أريد أن أدرس تاريخ الآداب في حرية وشرف ..." كما قال أثناء مناقشة أزمة كتابه " في الشعر الجاهلي" .
العميد لم يعمل في الظلام لقد أراد أن يحرر العقل من الجمود والرتابة
في كثير من الأوراق الخاصة التي تركها وأصبحت في عهده حفيدته الطبيبة مها عون نعثر عن رسائل منه وإليه وأوراق ومخطوطات كتب غير مكتملة، وأخري مكتملة ومنشورة .. وحتي في كتاباته سنجد ذلك الدفاع عن العقل ...
في الأوراق المنشورة هنا يسخر من الرقابة والرقيب ..باعتبارهما " المحنة التي تهدد الأدب"..ف "الرقابة مكروهة مهما يكن الموضوع الذي تراقبه .ولن يكون الأدب حرا إلا إذا كان القلم حرا في كل ما يطرق من موضوعات". والتعليم وحده هو رهان طه حسين لتحرير العقل .. وخاصة أن المدارس من وجهة نظره: " قد أغلقت أبوابها ونوافذها إغلاقا محكما، فحيل بينها وبين الهواء الطلق. وحيل بينها وبين الضوء الذي يبعث القوة والحركة والحياة".. إذ يأخذ الطلبة من الكتب المقررة عليهم .." استظهارا يستعينون به علي أداء الامتحان. حتي إذا فرغوا من هذا الامتحان انصرفوا عما حفظوا أو انصرف عنهم ما حفظوا: لم ينتفعوا منه بقليل ولا كثير. ولم يتعلموا منه نقدا ولا بحثا، ولم يفيدوا منه ذوقا ولا شيئا يشبه الذوق".
الحلول التي يقدمها العميد واضحة ، ويمكن اعتبارها حلا لكل زمان: »أن تلجأ وزارة المعارف إلي طائفة من الفنيين الذين يدرسون الأدب العربي في ذوق .. ويقرءون اللغة في فهم وفقه ..ويتخذون منهما ومن العناية بهما لذة ومتعة. ولا وسيلة إلي العيش وقبض الراتب آخر الشهر". ليست المناهج وحدها هي الحل ..وإنما طريقة التدريس:" البحث العلمي الصحيح قد يستلزم النقد والتكذيب والإنكار والشك علي اقل تقدير.." وهذا هو الأسلوب الذي استخدمه في بحثه سواء في كتابه" في الشعر الجاهلي" أو " " مستقبل الثقافة في مصر" ..، حتي في روايته الشهيرة " دعاء الكروان" التي يراها فيصل دراج مدينة العميد الفاضلة التي تمجّد قدرة الإنسان الشغوف بالمعرفة علي التحرّر.
-2-
ربما كان عبارته الشهيرة " التعليم كالماء والهواء" هي الباقية، هي الأشهر، ولكنها ليست كل ما ترك لنا. لم يكن فقط التركيز علي التعليم ما قبل الجامعي، وإنما كان همه أيضا " جامعة دينها العلم".. لأن " العلم حر بطبيعته ". يقول في محاضرة له ألقاها عام 1941 ..:" كنا أحرارا مع اساتذتنا فنحضر إلي دروسهم ، ونسمع منهم، وأؤكد لكم أننا كنا نعذبهم كما كانوا يعذبوننا، كنا نناقشهم ونطيل عليهم، واذكر أن بعض أساتذتنا عندما كنت أناقشه يرفع يديه إلي السماء ويقول " الله حكم بيني وبينك يوم القيامة". ويضيف: لم نكن أحرارا في مناقشاتنا فحسب، وإنما كنا احرارا فيما نتحدث فيه إلي أساتذتنا فنقول كل ما يخطر ببالنا وكثيرا مما نقول سخفا كثيرا، وكان اساتذتنا يقولون سخفا كثيرا أيضا ...". حتي أثناء دراسته في الأزهر لم يخلو الأمر من حرية:" كان الأزهر في وقت ما بيئة حرة ، فيحضر من يشاء ويتغيب من يشاء ولم يكن أحد يسألنا لماذا تأخرنا وفيم تأخرنا ولم يكن أحد يحاسبنا علي ال 75٪ ( نسبة الحضور) ... وفي النهاية إذا تقدمنا الي الامتحان فإما أن ننجح ونصبح علماء وإما أن نرسب كما رسبت أنا".
وعن معني الجامعة يضيف:" إن امتازت الجامعة لدي بشئ فإنما تمتاز بأنها لا تحب السكون والركود وإنما
هي في حركة دائمة، وتجديد مستمر فالذين يلتمسون المحافظة، والإبقاء علي القديم يمكنهم أن يطلبوه في غير الجامعة، والذين يلتمسون التطور والانتقال بالحياة العقلية فيجب أن يتخذوا هذا في الجامعة". الاساتذة أحرار من وجهة نظر العميد فيما يختارون من مواد ، واحرار في اختيار طريقة الدرس، والطلبة أحرار أمام الجامعة ، بشرط أن يتحملوا تبعاتهم فالأهم أن يكون :"الاقبال علي العلم والدرس ناشئا عن الحب والرغبة لا الخضوع والطاعة فليس في ذلك خير، وإنما نطالب بالخضوع والطاعة والنظام في الأشياء العسكرية"..
وبعد هذه الحرية ..توجد حرية النظام : " ولو كنت اشرع للجامعة نظمها لغيرت كثيرا، ومعني هذا القوانين يجب أن تقوم علي فكرة تيسير العلم وتمكين الاستاذ من أن يعيش ويعلم كما ينبغي ، وتمكين الطالب من أن يعيش ويتعلم كما ينبغي أيضا". ربما كان كتابه " مستقبل الثقافة في مصر" دستورا ثقافيا اقترب فيه من بعقلانية وشجاعة من كثير الأسئلة الممنوعة التي تعيد اكتشاف التاريخ العربي الإسلامي بعيدا عن الأسطرة والبلاغة والتمجيد الذاتي الفارغ، مطالبا بالتحرر من الغيبيات والتربية العقلية العقيمة... وكان الكتاب يرفض التوظيف الثقافة لخدمة الإيدولوجيا ، وتأسيس الدولة علي مفهوم ديني للهوية. وهذا ما أربك الجميع وقتها
وكان من المرتبكين حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الذي كتب مناقشا العميد في رسالة طويلة تبين منهج " الجماعة" إزاء قضية التعليم. البنا لا يريد تعليم اللغات قبل المرحلة الثانوية ، لأن تدريس اللغات من وجهه نظره في التعليم ما قبل الثانوي:" يقول به حضرات رجال المعارف المختصين ودراسة النفس ..حتي يمكن أن يجيد الشخص لغته الأم". ويطالب البنا بالفصل في التعليم بين الطلبة والطالبات في كافة المراحل ، يؤكد علي ضرورة ألا يتخرج الطالب من الجامعة إلا حافظا للقرآن كله ...." ..مشروع البنا المقترح هو مشروع جماعة الإخوان الآن، ربما كان أكثر تضيقا الآن عما مضي. أي أننا أما رؤيتين رؤية تنادي بالحرية وأخري تسلبها ..!
-3 -
إذا كان طه حسين قد أطلق علي " الحركة المباركة" في 52 كلمة ثورة ..وعبر عن سعادته بها إلا أنه ابتعد عنها كثيرا. صحيح انها حققت حلمه بأن يصبح التعليم كالماء والهواء كما تمني ولكن باعد غياب الديمقراطية بينهما ..وكانت الديمقراطية جوهر مشروعه الفكري، كما ظل بينه وبين العسكر ثمة نفور. ربما كان اطمئنان إحسان عبد القدوس إليه ما دفعه إلي أن يكتب له رسالة مطولة يكشف فيها: كيف ينظر العسكر إلي الأدب والفنون؟
يفضفض فيها إحسان إلي العميد. إحسان كتب في بداية الثورة عن " الجمعية السرية التي تحكم مصر" وعوقب بسبب هذا المقال شهور في المعتقل، بلا ذنب سوي مناداته بالحرية. كان إحسان هو الكاتب السياسي الأكثر وعيا بخطورة تأميم الحياة السياسية ، وخطورة الإجراءات التي تقوم بها " الحركة المباركة" ...كان واعيا إلي حد كبير بل رائيا.
ودفع ثمن مواقفه غاليا. الحكاية التي يسردها علي العميد تتعلق بروايته " أنف وثلاث عيون" التي كتبها في عام 1966، وحاول نشرها ورفض الجميع ذلك، بل تم تحويله إلي " بوليس الآداب" ورفض الجميع بما فيهم توفيق الحكيم الوقوف معه في الأزمة .. وقال له توفيق الحكيم: إنني قرأت القصة وليس فيها شيء يمس أو يخدش الحياء بل هي قمة من قمم الإبداع الأدبي، وامتدح القصة مدحا غير طبيعي . سأله إحسان : هل يمكن أن تعطيني ورقة بهذا المعني فإذا بتوفيق الحكيم يقول: لا..لا أستطيع أن أفعل ذلك فقلت له: لماذا؟ قال إحنا ليست لدينا أوامر قلت له: أوامر إيه... هذه آراء شخصية فقال لي: لا نستطيع أن نعطي لك هذه الورقة لأنني لا أعرف رأيهم فيها وكان يعني بذلك الحكومة ولم يكتب توفيق الحكيم الورقة.
ويضيف إحسان عبدالقدوس مستكملا فصول الأزمة علي الطرف الآخر وهو الحكومة فيقول: أنور السادات كان وقتها رئيس مجلس الأمة، وقبل أن يقدم السؤال اتصل بي وقال لي يا إحسان أنا مقدم إليّ استجواب عن قصة »أنف وثلاث عيون« وأنا سوف أقدمه قلت له: لماذا؟ هذا موضوع أدبي وأن هناك دوافع شخصية من بعض معارضي حاولوا إيذائي قد استغلوا عبدالصمد محمد عبدالصمد والحكومة ليست لها مصلحة كل مصلحتها كانت أن تثير موضوعا لتسلية الشعب، ولكن أنور السادات أصر علي عرض الموضوع.وقال لي عبدالقادر حاتم: أنا سوف أرد علي هذا السؤال وقرأ لي الرد: وأضفت له جملة أو جملتين تمت إضافتهما بالفعل وقد فوجئت بعد ذلك بأن عبدالصمد جاء لزيارتي في مكتبي حين رأي أن الأمور لم تكن في مصلحته، وقال لي: الواقع إنني لم أقرأ القصة مطلقا أنا سمعت الناس بتتكلم.ولعل ذلك ما يشير إليه إحسان عبدالقدوس في رسالة لتوفيق الحكيم حين يقول: وربما كتبت قصة هذا الرجل الذي وقف في مجلس الأمة يحاول تحطيمي وإذا كتبتها فسيبدو وجه مصر بشعا غاية البشاعة في مرآة الأدب. الغريب أن تحويل إحسان الي بوليس الآداب لم يتم بعد أن تدخل عبد الناصر في الأمر. ولكنه كان مرحلة تضيق علي الأدب لانزال نعاني منها حتي الآن.
- 4 -
احتلت الديمقراطية مكانا كبيرا في فكر طه حسين ، وهي القضية الجوهرية في لحظتنا الراهنة ايضا. يقول العميد: "الذي يشهد تاريخ البشرية وينظر للمجتمعات وتطورها يري أنه كان هناك دائما إقتران بين الدين والإستبداد والفلسفة والديمقراطية فالحاكم المستبد يلجأ للدين أما الحكم الديمقراطي الذي يؤمن بالتغير والتعدد فانه يلجأ للفلسفة".
و في كتاب مستقبل الثقافة يقول كثرة المصريين جاهلة فلابد أن تقوم الديمقراطية بتعليمهم علي النحو الملائم من الديمقراطية.. والديمقراطية هي التي ستعلم الفقراء والجاهلين او تضمن لهم حقهم في التعليم . المجتمع الذي كان طه حسين يحلم به ملامحه الاساسية هي: "علمانية الدولة وعقلانية الحكم و ديمقراطية الإدراة الإجتماعية". حسب تعبير الدكتور أنور مغيث.
كثير من الرسائل ذات دلالة، تكشف كيف كانت علاقات النخبة بعضها البعض، يكتب محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ، وأمين الخولي ويحي حقي ...وعشرات آخرين ..كل رسالة تثير سؤالا هاما. وكل سؤال يصلح في اللحظة الحالية. أسئلة العميد هي أسئلتنا للأسف حتي الآن. هل يمكن أن يكون ثورة " الميدان" ميدان لطرح هذه الرؤي، تطويرها ..الوقوف أمامها ..حتي يمكن ان نخلق حداثتنا ، ومشروعنا الحداثي الجديد أم سيجهض مرة أخري سواء باسم الوطنية أو باسم الدين. الثورة وضعتنا أمام الأسئلة الهامة ... مرة اخري. هل ستستمر أم هناك من ينتظر سقوطها ويؤممها ...ونعود 60 عاما أخري إلي الوراء باسم الاستقرار أو نعود إلي إلي قرونا إلي الوراء؟
لا أحد يملك الإجابة. الإجابة الوحيدة الممكنة أن الثورة كانت من أجل الحرية ... ولن يتنازل اصحابها عن هذا المطلب علي الإطلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.