جدول امتحانات «رابعة ابتدائي» الترم الثاني 2025 في القليوبية    «النواب» يبدأ مناقشة «تنظيم إصدار الفتوى الشرعية»    بعد انخفاض عيار 21 الأخير.. سعر الذهب اليوم الأحد 11 مايو 2025 في الصاغة    قانون الإيجار القديم.. رئيس مجلس النواب يوضح الموقف الرسمي للبرلمان    اتصال في اللحظة الحرجة.. تقرير «CNN» يكشف دور المخابرات الأمريكية في تحذير الهند من خطورة الحرب    4 أرقام قياسية تنتظر صلاح أمام أرسنال    «مينفعش اللي عملته».. شوبير يوجه رسالة نارية إلى حارس الزمالك    الحذاء الذهبي وكسر رقم دروجبا.. التاريخ ينتظر محمد صلاح في مباراة ليفربول وأرسنال    شكوك حول مشاركة حارس اتحاد جدة أمام الفيحاء    مارسيليا وموناكو يلحقان بباريس في دوري الأبطال    «الداخلية»: مصرع عنصر شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة في دمياط    تبدأ 22 مايو.. جدول امتحانات الصف الثالث الإبتدائي الترم الثاني 2025 محافظة أسيوط    لمحاولته سرقة «خردة» من أمام منزله.. طالب يصيب لص بطلق ناري في سوهاج    نشرة مرور "الفجر".. تكدس بحركة المرور في شوارع القاهرة والجيزة    مدرس يعترف بميوله للأطفال بعد تعديه على تلميذة.. والمحكمة تحبسه سنتين مع الشغل    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    «الصحة» تنشر قائمة عيادات فحص المقبلين على الزواج في المحافظات.. وتدعو المواطنين لحجز المواعيد عبر الخط الساخن    الآن .. أجواء شديد الحرارة جافة والقاهرة سجلت 37 درجة الساعة 11 صباحا    مجلس مدينة العريش يبدأ الموجه إلى 26 لإزالة كافة مخالفات وانشغالات البناء على3 مراحل (صور)    إحالة قانون العلاوة الدورية للعاملين إلى اللجنة المختصة بمجلس النواب    بينهم أربع فتيات ..بالأسماء .."نيابة الانقلاب " تحبس 38 مواطناً إثر ظهورهم للمرة الأولى    بملابس هندية.. مصطفى حجاج يحيي حفل زفاف رامي عاشور    «هيبتا 2.. المناظرة الأخيرة» في دور العرض قريبًا بعد تصوير جميع مشاهده    صحيفة إسرائيلية: عملية استعادة رفات الجندي فيلدمان نفذها الموساد والجيش    انطلاق ملتقي الفارما الثامن والمؤتمر الدولي التاسع للصيادلة العرب    «البترول» تقرر صرف تعويضات لأصحاب السيارات المتضررة من البنزين    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عبدالصبور شاهين مثقف تحول إلى تكفيرى من أجل المال "الحلقة 4"    أسعار الدواجن اليوم الأحد 11 مايو 2025    انتشال جثة طالب من نهر النيل بسوهاج    ضبط 103 مخالفات تموينية في حملات مكثفة لضبط الأسواق بالفيوم    رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    اللواء عبدالعظيم عبدالحق: وهبت نفسى للوطن.. واستشهاد ابنتى سارة كان عنوانًا لمقتل الطفولة الفلسطينية "الحلقة 12"    إذاعة جيش الاحتلال: تجنيد لواءى احتياط بهدف توسيع العملية العسكرية فى غزة    مواقع أجنبية : المتحف المصرى الكبير صرح حضارى وثقافى عالمى ويمتاز بتقديم قطع أثرية نادرة    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    هام من المركز الليبي بشأن زلزال المتوسط| تفاصيل    البورصة تصعد بمستهل تعاملات جلسة اليوم    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    نصائح لحماية طفلك للسلامة من موجات الحر    التشكيل المتوقع لمباراة ليفربول ضد أرسنال اليوم الأحد    استشهاد 10 فلسطينيين إثر قصف الاحتلال الإسرائيلى خيم النازحين بخان يونس    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    باكستان: إلغاء 150 رحلة جوية وسط حالة عدم اليقين بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع الهند    شوبير: الأهلي يرفض طلبات رامي ربيعة المادية لتجديد عقده    محطة كهرباء جديدة ب64 مليون جنيه في أبو الريش لضمان استمرار الرعاية الطبية للأطفال    دعاية السجون المصرية بين التجميل والتزييف.. ودور النخب بكشف الحقيقة    هل تصح طهارة وصلاة العامل في محطة البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    حظك اليوم الأحد 11 مايو وتوقعات الأبراج    ترامب: أحرزنا تقدمًا في المحادثات مع الصين ونتجه نحو "إعادة ضبط شاملة" للعلاقات    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في أوراق خاصة:
الحرية ..حلم العميد المجهض
نشر في أخبار الأدب يوم 26 - 02 - 2012

"أيه حماقة.. هل يمكن أن نجعل من الأعمي قائد سفينة؟"
لم يكن طه حسين يمل من تكرار العبارة السابقة. يعيدها كلما اشتدت به الأزمات.. قالها وهو يحتضر متذكرا " العقبات التي واجهها والرفض الذي جوبه به، بل والشتائم من أولئك الذين بحاجة لمرور زمن طويل حتي يتمكنوا من الإدراك ...." كما تكتب زوجته الراحلة سوزان في مذكراتها " معك".
ولكن هل تمكن من الإدراك مهاجمو العميد ..أم لا تزال شتائمهم مستمرة لا تنقطع؟وهل كان أعمي ذلك الذي قاد المبصرين ..ولايزال؟في عام 1934 عندما صدر قرار فصله من الجامعة كتب لزوجته:" إننا لا نحيا لكي نكون سعداء" .. أبدت دهشتها من العبارة ..وبعد سنوات من تأمل حياتهما معا أدركت كم كان هو من ذلك النوع النادر من الرجال يعيش " ليمنح الفرح للآخرين ويعلمهم الشجاعة ويعطيهم الآمان. كتب لها ذات مرة " إنك تعرفين هذا النوع من الرضا الذي يعقب القيام بالواجب وذلك الشعور بأن المرء علي مستوي الرسالة التي كلف بها رغم المصاعب".
لم تكن هناك رسالة واحدة للعميد، بل رسائل ..ولكن تاه الكثير منها في المنتصف..ولم تصل الكثير من الرسائل. فهل نحن في اللحظة الحرجة التي نحتاج فيها إلي البحث عن هذه الرسائل مرة أخري؟
-1-
الحرية ..هي كل شئ بالنسبة للعميد..
ولكن الحرية مخيفة لكثيرين.
أن تفهم وتطالب بحريتك يعني أن تسحب الوجود من سلطة تحب العمل في الظلام.. أن " الحرية شرط أساسي لنشأة التاريخ الأدبي في لغتنا العربية، وانا أريد أن أدرس تاريخ الآداب في حرية وشرف ..." كما قال أثناء مناقشة أزمة كتابه " في الشعر الجاهلي" .
العميد لم يعمل في الظلام لقد أراد أن يحرر العقل من الجمود والرتابة
في كثير من الأوراق الخاصة التي تركها وأصبحت في عهده حفيدته الطبيبة مها عون نعثر عن رسائل منه وإليه وأوراق ومخطوطات كتب غير مكتملة، وأخري مكتملة ومنشورة .. وحتي في كتاباته سنجد ذلك الدفاع عن العقل ...
في الأوراق المنشورة هنا يسخر من الرقابة والرقيب ..باعتبارهما " المحنة التي تهدد الأدب"..ف "الرقابة مكروهة مهما يكن الموضوع الذي تراقبه .ولن يكون الأدب حرا إلا إذا كان القلم حرا في كل ما يطرق من موضوعات". والتعليم وحده هو رهان طه حسين لتحرير العقل .. وخاصة أن المدارس من وجهة نظره: " قد أغلقت أبوابها ونوافذها إغلاقا محكما، فحيل بينها وبين الهواء الطلق. وحيل بينها وبين الضوء الذي يبعث القوة والحركة والحياة".. إذ يأخذ الطلبة من الكتب المقررة عليهم .." استظهارا يستعينون به علي أداء الامتحان. حتي إذا فرغوا من هذا الامتحان انصرفوا عما حفظوا أو انصرف عنهم ما حفظوا: لم ينتفعوا منه بقليل ولا كثير. ولم يتعلموا منه نقدا ولا بحثا، ولم يفيدوا منه ذوقا ولا شيئا يشبه الذوق".
الحلول التي يقدمها العميد واضحة ، ويمكن اعتبارها حلا لكل زمان: »أن تلجأ وزارة المعارف إلي طائفة من الفنيين الذين يدرسون الأدب العربي في ذوق .. ويقرءون اللغة في فهم وفقه ..ويتخذون منهما ومن العناية بهما لذة ومتعة. ولا وسيلة إلي العيش وقبض الراتب آخر الشهر". ليست المناهج وحدها هي الحل ..وإنما طريقة التدريس:" البحث العلمي الصحيح قد يستلزم النقد والتكذيب والإنكار والشك علي اقل تقدير.." وهذا هو الأسلوب الذي استخدمه في بحثه سواء في كتابه" في الشعر الجاهلي" أو " " مستقبل الثقافة في مصر" ..، حتي في روايته الشهيرة " دعاء الكروان" التي يراها فيصل دراج مدينة العميد الفاضلة التي تمجّد قدرة الإنسان الشغوف بالمعرفة علي التحرّر.
-2-
ربما كان عبارته الشهيرة " التعليم كالماء والهواء" هي الباقية، هي الأشهر، ولكنها ليست كل ما ترك لنا. لم يكن فقط التركيز علي التعليم ما قبل الجامعي، وإنما كان همه أيضا " جامعة دينها العلم".. لأن " العلم حر بطبيعته ". يقول في محاضرة له ألقاها عام 1941 ..:" كنا أحرارا مع اساتذتنا فنحضر إلي دروسهم ، ونسمع منهم، وأؤكد لكم أننا كنا نعذبهم كما كانوا يعذبوننا، كنا نناقشهم ونطيل عليهم، واذكر أن بعض أساتذتنا عندما كنت أناقشه يرفع يديه إلي السماء ويقول " الله حكم بيني وبينك يوم القيامة". ويضيف: لم نكن أحرارا في مناقشاتنا فحسب، وإنما كنا احرارا فيما نتحدث فيه إلي أساتذتنا فنقول كل ما يخطر ببالنا وكثيرا مما نقول سخفا كثيرا، وكان اساتذتنا يقولون سخفا كثيرا أيضا ...". حتي أثناء دراسته في الأزهر لم يخلو الأمر من حرية:" كان الأزهر في وقت ما بيئة حرة ، فيحضر من يشاء ويتغيب من يشاء ولم يكن أحد يسألنا لماذا تأخرنا وفيم تأخرنا ولم يكن أحد يحاسبنا علي ال 75٪ ( نسبة الحضور) ... وفي النهاية إذا تقدمنا الي الامتحان فإما أن ننجح ونصبح علماء وإما أن نرسب كما رسبت أنا".
وعن معني الجامعة يضيف:" إن امتازت الجامعة لدي بشئ فإنما تمتاز بأنها لا تحب السكون والركود وإنما
هي في حركة دائمة، وتجديد مستمر فالذين يلتمسون المحافظة، والإبقاء علي القديم يمكنهم أن يطلبوه في غير الجامعة، والذين يلتمسون التطور والانتقال بالحياة العقلية فيجب أن يتخذوا هذا في الجامعة". الاساتذة أحرار من وجهة نظر العميد فيما يختارون من مواد ، واحرار في اختيار طريقة الدرس، والطلبة أحرار أمام الجامعة ، بشرط أن يتحملوا تبعاتهم فالأهم أن يكون :"الاقبال علي العلم والدرس ناشئا عن الحب والرغبة لا الخضوع والطاعة فليس في ذلك خير، وإنما نطالب بالخضوع والطاعة والنظام في الأشياء العسكرية"..
وبعد هذه الحرية ..توجد حرية النظام : " ولو كنت اشرع للجامعة نظمها لغيرت كثيرا، ومعني هذا القوانين يجب أن تقوم علي فكرة تيسير العلم وتمكين الاستاذ من أن يعيش ويعلم كما ينبغي ، وتمكين الطالب من أن يعيش ويتعلم كما ينبغي أيضا". ربما كان كتابه " مستقبل الثقافة في مصر" دستورا ثقافيا اقترب فيه من بعقلانية وشجاعة من كثير الأسئلة الممنوعة التي تعيد اكتشاف التاريخ العربي الإسلامي بعيدا عن الأسطرة والبلاغة والتمجيد الذاتي الفارغ، مطالبا بالتحرر من الغيبيات والتربية العقلية العقيمة... وكان الكتاب يرفض التوظيف الثقافة لخدمة الإيدولوجيا ، وتأسيس الدولة علي مفهوم ديني للهوية. وهذا ما أربك الجميع وقتها
وكان من المرتبكين حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الذي كتب مناقشا العميد في رسالة طويلة تبين منهج " الجماعة" إزاء قضية التعليم. البنا لا يريد تعليم اللغات قبل المرحلة الثانوية ، لأن تدريس اللغات من وجهه نظره في التعليم ما قبل الثانوي:" يقول به حضرات رجال المعارف المختصين ودراسة النفس ..حتي يمكن أن يجيد الشخص لغته الأم". ويطالب البنا بالفصل في التعليم بين الطلبة والطالبات في كافة المراحل ، يؤكد علي ضرورة ألا يتخرج الطالب من الجامعة إلا حافظا للقرآن كله ...." ..مشروع البنا المقترح هو مشروع جماعة الإخوان الآن، ربما كان أكثر تضيقا الآن عما مضي. أي أننا أما رؤيتين رؤية تنادي بالحرية وأخري تسلبها ..!
-3 -
إذا كان طه حسين قد أطلق علي " الحركة المباركة" في 52 كلمة ثورة ..وعبر عن سعادته بها إلا أنه ابتعد عنها كثيرا. صحيح انها حققت حلمه بأن يصبح التعليم كالماء والهواء كما تمني ولكن باعد غياب الديمقراطية بينهما ..وكانت الديمقراطية جوهر مشروعه الفكري، كما ظل بينه وبين العسكر ثمة نفور. ربما كان اطمئنان إحسان عبد القدوس إليه ما دفعه إلي أن يكتب له رسالة مطولة يكشف فيها: كيف ينظر العسكر إلي الأدب والفنون؟
يفضفض فيها إحسان إلي العميد. إحسان كتب في بداية الثورة عن " الجمعية السرية التي تحكم مصر" وعوقب بسبب هذا المقال شهور في المعتقل، بلا ذنب سوي مناداته بالحرية. كان إحسان هو الكاتب السياسي الأكثر وعيا بخطورة تأميم الحياة السياسية ، وخطورة الإجراءات التي تقوم بها " الحركة المباركة" ...كان واعيا إلي حد كبير بل رائيا.
ودفع ثمن مواقفه غاليا. الحكاية التي يسردها علي العميد تتعلق بروايته " أنف وثلاث عيون" التي كتبها في عام 1966، وحاول نشرها ورفض الجميع ذلك، بل تم تحويله إلي " بوليس الآداب" ورفض الجميع بما فيهم توفيق الحكيم الوقوف معه في الأزمة .. وقال له توفيق الحكيم: إنني قرأت القصة وليس فيها شيء يمس أو يخدش الحياء بل هي قمة من قمم الإبداع الأدبي، وامتدح القصة مدحا غير طبيعي . سأله إحسان : هل يمكن أن تعطيني ورقة بهذا المعني فإذا بتوفيق الحكيم يقول: لا..لا أستطيع أن أفعل ذلك فقلت له: لماذا؟ قال إحنا ليست لدينا أوامر قلت له: أوامر إيه... هذه آراء شخصية فقال لي: لا نستطيع أن نعطي لك هذه الورقة لأنني لا أعرف رأيهم فيها وكان يعني بذلك الحكومة ولم يكتب توفيق الحكيم الورقة.
ويضيف إحسان عبدالقدوس مستكملا فصول الأزمة علي الطرف الآخر وهو الحكومة فيقول: أنور السادات كان وقتها رئيس مجلس الأمة، وقبل أن يقدم السؤال اتصل بي وقال لي يا إحسان أنا مقدم إليّ استجواب عن قصة »أنف وثلاث عيون« وأنا سوف أقدمه قلت له: لماذا؟ هذا موضوع أدبي وأن هناك دوافع شخصية من بعض معارضي حاولوا إيذائي قد استغلوا عبدالصمد محمد عبدالصمد والحكومة ليست لها مصلحة كل مصلحتها كانت أن تثير موضوعا لتسلية الشعب، ولكن أنور السادات أصر علي عرض الموضوع.وقال لي عبدالقادر حاتم: أنا سوف أرد علي هذا السؤال وقرأ لي الرد: وأضفت له جملة أو جملتين تمت إضافتهما بالفعل وقد فوجئت بعد ذلك بأن عبدالصمد جاء لزيارتي في مكتبي حين رأي أن الأمور لم تكن في مصلحته، وقال لي: الواقع إنني لم أقرأ القصة مطلقا أنا سمعت الناس بتتكلم.ولعل ذلك ما يشير إليه إحسان عبدالقدوس في رسالة لتوفيق الحكيم حين يقول: وربما كتبت قصة هذا الرجل الذي وقف في مجلس الأمة يحاول تحطيمي وإذا كتبتها فسيبدو وجه مصر بشعا غاية البشاعة في مرآة الأدب. الغريب أن تحويل إحسان الي بوليس الآداب لم يتم بعد أن تدخل عبد الناصر في الأمر. ولكنه كان مرحلة تضيق علي الأدب لانزال نعاني منها حتي الآن.
- 4 -
احتلت الديمقراطية مكانا كبيرا في فكر طه حسين ، وهي القضية الجوهرية في لحظتنا الراهنة ايضا. يقول العميد: "الذي يشهد تاريخ البشرية وينظر للمجتمعات وتطورها يري أنه كان هناك دائما إقتران بين الدين والإستبداد والفلسفة والديمقراطية فالحاكم المستبد يلجأ للدين أما الحكم الديمقراطي الذي يؤمن بالتغير والتعدد فانه يلجأ للفلسفة".
و في كتاب مستقبل الثقافة يقول كثرة المصريين جاهلة فلابد أن تقوم الديمقراطية بتعليمهم علي النحو الملائم من الديمقراطية.. والديمقراطية هي التي ستعلم الفقراء والجاهلين او تضمن لهم حقهم في التعليم . المجتمع الذي كان طه حسين يحلم به ملامحه الاساسية هي: "علمانية الدولة وعقلانية الحكم و ديمقراطية الإدراة الإجتماعية". حسب تعبير الدكتور أنور مغيث.
كثير من الرسائل ذات دلالة، تكشف كيف كانت علاقات النخبة بعضها البعض، يكتب محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ، وأمين الخولي ويحي حقي ...وعشرات آخرين ..كل رسالة تثير سؤالا هاما. وكل سؤال يصلح في اللحظة الحالية. أسئلة العميد هي أسئلتنا للأسف حتي الآن. هل يمكن أن يكون ثورة " الميدان" ميدان لطرح هذه الرؤي، تطويرها ..الوقوف أمامها ..حتي يمكن ان نخلق حداثتنا ، ومشروعنا الحداثي الجديد أم سيجهض مرة أخري سواء باسم الوطنية أو باسم الدين. الثورة وضعتنا أمام الأسئلة الهامة ... مرة اخري. هل ستستمر أم هناك من ينتظر سقوطها ويؤممها ...ونعود 60 عاما أخري إلي الوراء باسم الاستقرار أو نعود إلي إلي قرونا إلي الوراء؟
لا أحد يملك الإجابة. الإجابة الوحيدة الممكنة أن الثورة كانت من أجل الحرية ... ولن يتنازل اصحابها عن هذا المطلب علي الإطلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.