يا ليت لي صوتا أجش أصرخ به ليسمع كل العابرين. ليس في قلبي سوي بكاء مرير بالكاد تسمعه آذان بعض الأصدقاء علي المقهي الهادئ. ولست أعلم لماذا يحضرني دائما وجه ضابط المخابرات في غرفة التحقيق عندما سالني عن نشاطي السياسي فقلت له شاعر فابتسم في سخرية وأدب وصرفني بعد حوار قصير وخرجت وأنا أفكر جديا في ألا أمارس شيئا يدعو الي السخرية مرة اخري قلت (أدخل الي العمق والقي الشبك) ..أبحرت يسارا... وعلقت علي جداري صور جيفارا وجرامشي بجوار درويش وعبد الصبور وحداد ولست ادري بالضبط عبر أي جلسة تمت بداخلي أتفقنا انا والشعر علي صيغة ما لكي نكمل معا .. لابد أن نلتقي سرا كلما أخذنا الشوق علي أن نحرص دائما ان نكون بعيدين عن الأنظار. هذا كل شيء أما بعد... 27/1/2011 الواحدة ظهرا أنا و الأصدقاء في ميدان الممر بالإسماعيلية نهتف طول اليوم لإسقاط النظام وسط كردون أمني محكم وكان الهدف الرئيسي هو تخفيف قبضة الأمن علي ثوار السويس بسحب جزء منها الي الإسماعيلية فجاة قررت الغناء (يا بيوت السويس يابيوت مدينتي) فخذلني صوتي النشاذ فكرت في تأليف شعارات فوجدت بعض الرفاق سبقوني بشعارات أكثر حبكة ..قال لي أحدهم سوف نعتصم غدا في الميدان لابد أن تأتي بشعرك ... فحضرت وغاب الشعر.. يا إلهي ماالذي جعلني أفعل في نفسي كل هذا..لماذا أنسحبت أمواج الشاعر بعيدا عن صخرة الجماهير..؟ ربما أحاول أن أطمئن الي فكرة ان قاع الثورة ليس هو تماما سطحها فربما كان القاع يعبر عن تفاعلات عميقة بين البنية النفسية والوجدانية والاخلاقية مع المعطيات المادية الراهنة وربما كانت النتيجة هي أني والكثيرين من أبناء جيلي ينتصرون للقيم الكتابية في محاولات متعددة لتجاوز قيم الشفاهة الضاربة بجذورها في عمق تراثنا الثقافي والأدبي وربما كانت تلك المحاولات هي إحدي العناوين الهامةحالة من الخصام بين ثورة الشعر وشعر الثورة إلا أن هناك فارق جوهري بينهما. حيث أن الأنواع دائما تثور من داخلها وأن كانت دائمة الجدل مع خارجها وليست بالضرورة أن تحظي بإجماع في اللحظة حيث أنها استشرافية في أغلب أحوالها.أما عن شعر الثورة فهو لايسعفه كل هذا لأنه مسألة ضرورية وفورية ان جاز التعبير- بالشكل الذي يحرضه علي استدعاء الموروث الشفاهي لكي يعيد صياغة الخطاب السياسي الذي بدوره يضمن له الشحن العاطفي للجموع العطشي إلي الحفظ والترديد... نعم هو شكل من أشكال الخطاب الشعري النبيل بالقدر الذي يجعلني أعتز به وأردده مع رفاقي عند اللزوم كما يجعلني ايضا اشفق علي نفسي وعلي اصدقائي الذين أنحازوا إلي المغامرة البديلة. نعم..هو رهان صعب وغير مضمون النتائج، ولكن ألم تكن هذه هي طبيعة الثورات. لثورة شعرية موازية لثورة المجتمع فبالرغم أنه في رأيي لا توجد