أنا حزين علي السلفيين ، حزين علي البراءة الدعوية بعد أن دخلت في طور جديد وعيناها علي الدنيا !! من السلف ما هو صالح ، ومن السلف ما هو طالح ، ومصطلح ( السلفيين ) قبل ثورة 25 يناير كان يشير بداهة في الوعي العام إلي التأسي بالسلف الصالح دون ذكر ذلك في المسمي ، علي غير غرار (الإخوان ) الذين أضافوا لمسماهم صفة (المسلمين ). وإذا كان أكثر المسلمين مسلمين بغير انتماء لجماعة الإخوان ، فثمة كثير ممن يتأسون بالسلف الصالح دونما انتساب لجماعات السلفيين .سوي أن ما جري تحت مسمي ( السلفيين) بعد ثورة 25 يناير قد أثار العديد من علامات الاستفهام وعلامات التعجب وعلامات الريبة!! ، ذلك أن الكثير من مناقب السلف الصالح تكاد تغيب اليوم عمن يلقبون أنفسهم بالسلفيين ، بل إن أكثر ما شابهم في الآونة الأخيرة هو من شيم السلف الطالح دون السلف الصالح ( أذكر فقط بواقعة الاتهامات المتبادلة بسرقة التوكيلات بين حزبي الفضيلة والأصالة ) . وعلي عكس ما هو باد للعيان ، فإن أكثر الخاسرين من ثورة 25 يناير هم السلفيون الحقيقيون ،وقليل ما هم ، إذ أصابهم ما أصابهم من فتنة ، وأي فتنة ، وتكالبت عليهم الفلول بلحية ومسبحة وجلباب !! وبدلا من الامتحان الواجب في العقيدة والسلوك السلفي الرفيع للأعضاء الجدد ، راحوا يحرصون علي ( حياة ) حزبية ،!! وهم فرحون بعدد التوكيلات !! لذلك فأنا حزين علي السلفيين ، حزين علي البراءة الدعوية بعد أن دخلت في طور جديد وعيناها علي الدنيا !! ولأنني حزين لجأت لابن الجوزي في كتابه ( صفوة الصفوة ) فوجدته يقول : ( فتشنا عن الورع ، فلم نجده في شيء أقل منه في اللسان ). فازددت حزنا علي السلفيين ، لاسيما المتحدث الرسمي للدعوة السلفية !! ثم لذت بابن الجوزي فسمعته يقول : ( نري الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال ،فإذا نوزع في الرياسة حامي عليها وعادي ) فقلت في نفسي : ليت السلفي ينتبه !! ليت السلفي يتذكر !! ثم أصغيت لابن الجوزي وهو يقول : (كان أحدهم إذا عظمت حلقته قام وانصرف كراهة الشهرة والعجب ) ووجدتني أكثر شفقة علي مشاهير السلفيين !! ثم خلوت إلي نفسي فسمعتها تقول : إن من مناقب السلف الصالح تعففهم عن المناصب ، فما بال إخواننا يتهافتون !! دلفت إلي صفحتي علي الفيس بوك وكتبت : دلني علي الزاهدين أيها الليل ولم أجد بي رغبة في قراءة تعليقات ، كنت في أشد الحاجة للبكاء ، وقبل أن تسح دمعتاي ربتت يد علي كتفي ، خلتها يد ابن الجوزي ، وخفت أن ألتفت فيفر طير السكينة ، سكنت للربتة الطيبة ، وسمعت قلبي يهمهم : أيها السلفيون الجدد ، أيها السلفيون الطيبون ، اعْلَمُواْ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَماً وَفِي لآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ للَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ .