في مقابلة شخصية له جرت عام 1975 لتوضيح مفهومه عن اللذة في عمله ، صرح بارت برغبته في "تحمل تبعة نوع معين من أنواع مبدأ اللذة hedonism ، وهو شكل من أشكال العودة إلي فلسفةٍ شوهت سمعتها وتم قمعها لقرون" . ويعد كتاب "لذة النص" Le Plaisir du texte الوثيقة الأولية لهذا الإحياء. ولكن اللذة تلعب دوراً أساسياً في كتابات بارت الأخري. إنه يسأل في "بارت بقلم بارت" Barthes "ما الذي تعنيه فكرة ما بالنسبة إليه إن لم تكن توهجاً للذة un empourprement de plaisir . ويصرح في "صاد / فورييه/ لويولا" النص موضوع للذة". ولكن اللذة يتوجب الاستيلاء عليها "إن التحدي الذي يواجهنا به الأدب هو كيف يقلقنا هذا العمل، يثير دهشتنا ، يحققنا؟ إن كتاب "لذة النص" نظريةٌ في اللذة النصية، ولكنه أيضاً مرشد، بل واعتراف. "إن ما يمتعني في قصةً ما، يكتب بارت "ليس محتواها مباشرة، ولا حتي بنيتها، وإنما الخدوش التي أركِّبها علي السطح الرقيق: إنني أنطلق إلي الأمام ، أثب مرحاً، أتطلع، أنغمس مرة أخري" إن اللذة تأتي من الانحراف الذي يحدث عندما لا أحترم الكل"، وأُحْمَل عبر اللغة التي تبدو معتمة، "مسرحية"، أو حتي دقيقةً إلي حد الاسراف. إنه يحصل علي المتعة مثلاً من الدقة "لقد قرأت في بوفار و بوشيه هذه العبارة التي تمنحني اللذة "كانت الملابس، والملاءات، والمناشف كلها معلقة عمودياً، مشدودة إلي حبال متوترة بمشابك خشبية." هنا، أستمتع بدقة مسرفة، نوع من الدقة المهووسة للغة، جنون الوصف الذي نقابله في نصوص روب جرييه)" إن بارت الذي يروي عن استمتاعه بتفاصيل الحياة اليومية في الروايات ، والسِّير الذاتية أو التواريخ ، يواصل تخيل استاطيقا ترتكز علي لذة المستهلك و "طوبولوجيا لذَّات القراءة أو قُرَّاء اللذة"، التي يجد فيها كل عصاب قرائي لذة نصية خاصة: إن يكون الفيتيشي عاشقاً للشذرات والاقتباسات وانعطافات العبارة والهاجس ، أن يكون مستخدماً متحمساً للغات الواصفة، الومضات ، والتحليلات النصية، وأن يكون المصابُ بالذهان مؤولاً عميقاً باحثاً عن الأسرار والتعقيدات؛ والهستيريُ ، متحمساً، يتخلي عن كل الانسلاخات النقدية ليقذف بنفسه في قلب النص. ويمكن أن تبدو مناقشات القراءة واللذة وكأنما تعزز صوفية النص، ولكن بارت يصر علي أن "الجهد الكلي يكمن في تمدية لذة النص ، في جعل النص موضوعاً للذة، شأنه شأن أي موضوع آخر ... إن الشيء المهم هو تسوية حقل اللذة، إزالة التعارض الزائف بين الحياة العملية والحياة التأملية. إن لذة النص هي كالتالي: مطلب موجَّه ضد عزل النص" وإصرار علي توسيع الاستثمار الإيروتيكي لكي يطال موضوعات شتي، بما في ذلك اللغات والنصوص. ولكي يُدْرج النص في حقل اللذة، يستدعي بارت الجسد: إن لذة النص هي اللحظة التي يتتبع فيها جسدي أفكاره الخاصة" أو ، مرة أخري: كلما حاولت أن "أحلل" نصاً منحني اللذة، فإن ما أواجهه ليس ذاتيتي، وإنما الفرد المعطي الذي يجعل جسدي منفصلاً عن أجسادٍ أخري والذي يمنحه المعاناة أو اللذة. إنه جسدي المستمتع corps de jouissance هو الذي أواجهه، وجسد المتعة هذا هو أيضاً ذاتي التاريخية؛ لأنني أقيم توازناً في نهاية كل سيرورة معقدة تجمع العناصر السيرية، والتاريخية، والسوسيولوجية والعصابية التعليم ، الطبقة الاجتماعية ، تشكل الطفولة، إلخ بين التفاعل المتناقض للذة (الثقافية) ، والمتعة (اللاثقافية) إن الإحالة إلي الجسد جزءٌ من المحاولة العامة لبارت لإنتاج بيان مادي للقراءة والكتابة يضم أربع وظائف محددة. أولاً، تنتج مقدمة هذا المصطلح غير المتوقع غرابةً صحية، ولاسيما في التقليد الفرنسي حيث تم التطابق لأمد طويل بين الذات والوعي كما في الكوجيتو الديكارتي "أنا أفكر ، إذن أنا موجود" إن هذه الذات، وهي وعيٌ واعٍ بنفسه، ليست هي ما تَخبْر اللذة النصية، ويعمل الجسد بوصفه الإسم الذي يطلقه بارت علي الكينونة المتورطة، كينونة أكثر إبهاماً تماماً وتغايراً ، وأقل تحكماً وانفتاحاً علي نفسها من "العقل" الديكارتي. ثانياً، لقد كرست البنيوية طاقة عظمي لإظهار أن الذات الواعية لا ينبغي التعامل معها كمعطيً ومصدر للمعني وإنما ينبغي النظر إليها كناتجٍ لقوي ثقافية وشفرات إجتماعية تعمل من خلالها. إن الذات الواعية، علي سبيل المثال، ليست سيد اللغة التي تتكلمها. إنني أعرف الانجليزية بالمعني الذي يمكن لجسدي أن يتكلم ، ويكتب ويفهم الانجليزية، ولكني لا أستطيع أن أجلب إلي وعيي النظام الواسع والمعقد للمعايير التي تشكل معرفتي. إن نعوم تشومسكي يجادل بأن من غير المتعين علينا أن نتحدث عن أطفال "يتعلمون لغة"، كما لو كان ذلك فعلاً من أفعال الوعي وليس لغةً "تتنامي" بداخلهم. إنه يطلق علي اللغة وصف "عضو ذهني" ، ينسبه إلي الجسد لكي يؤكد علي أن ما هو متورط شيء أكبر بكثير من الوعي. إن مهارات ثقافية أخري تستلزم أيضاً ما هو أكثر بكثير من المعرفة الواعية : إن خبيراً في الخمر لا يستطيع أن يفسر كيف يميز عاماً عن عام آخر، ولكن جسده يعرف كيف يفعل ذلك. إن استعمال بارت ل "الجسد" يوحي باعتبارات من هذا النوع. ثالثاً، نظراً لأن البنيوية تميل لتناول الذات بوصفها محصلةً لمجموعة من الشفرات والقوي البنيوية - إن ذاتيتي ، يقول بارت في فقرة من S/Z استشهدنا بها في الفصل السابع ، هي مجرد وفرةً زائفة، ناتج كل الشفرات التي تشكلني فإن بارت لم يتمكن من الحديث عن لذة الذات دون الاحتكام إلي العديد من الأسئلة التي قام بطرحها بإصرار، ومع ذلك، فإنه يحتاج إلي طريقة للكلام تأخذ في الاعتبار الحقيقة التوسعية التي تري أن بإمكان الفرد أن يقرأ ويستمتع بنصٍ من النصوص ، وبأنه مهما يكن من أمر تنميط أو تعميم ذاتيته، فإن خبرات بعينها تُعامل بشكل أفضل بوصفها خبرات تخصه هو. إن فكرة الجسد تتيح لبارت تجنب مشكلة الذات: باحتكامه إلي "المعطي الذي يفصل جسدي عن أجساد أخري، ويخصه بالمعاناة أو اللذة" ، يؤكد بارت أنه لا يتحدث عن الذاتية. إن قائداً روسياً للجوقة عندما ينشد "لا يكون الصوت شخصياً: إنه لا يعبر عن شيء يخصه، يخص روحه؛ إنه لا يكون صوتاً أصلياً ، ومع ذلك يكون فردياً: إنه يحملنا علي سماع جسد ليس له هوية، ولا "شخصية" personality ، ولكنه برغم ذلك جسدٌ معزول. . إن Le Roland-Barthes san peine ، وهو "النحو" البارودي لبارت، يقبض علي هذه الثيمة علي نحو رقيق عندما يوضح بأن بامكانك أن تدرك في رولان بارت بأنك لا تستطيع أن تصل إلي اتفاق مع شخص ما بالقول، "نظراً لأنك دون شك، لا تمتلك نفس جسدي"2 رابعاً، إن إحلال الجسد محل العقل يتفق مع تشديد بارت علي مادية الدال كمصدر للذة. إنه عندما يستمع إلي غناء يفضل المظهر الجسدي "للصوت" علي التعبير، المعني أو النطق. ويستمتع في اليابان بالإبهام الذي يميز ثقافتها بالنسبة للأجنبي (الذي لا يستطيع رؤية المعني الذي يكون واضحاً بالنسبة لمواطن ياباني). إن كل شيء يشاهده ، يصبح عَرْضاً ممتعاً لحركة الجسد: "هناك يوجد الجسد" ولكن علي الرغم من هذه الأهداف المحددة، فإن التوسل بالجسد يبدو وكأنه يحمل إمكانية دائمة للتعمية mystification. إن صياغة بارت الخاصة توحي أحياناً بأن ما يأتي من الجسد يكون أعمق، أحق، وفوق هذا كله، أكثر طبيعية من أي شيء آخر. "أستطيع أن أفعل كل شيء بلغتي ولكن ليس بجسدي إن ما تخفيه لغتي، ينطق به جسدي" (مقاطع من خطاب عاشق". استمع إلي قائد جوقة الترتيل "هناك شيء ظاهر وعنيد، خلف (أو قبل) معاني الكلمات.. شيء هو مباشرةً جسد المنشد الذي يأتي إلي أذنيك من الفجوات العميقة، العضلات، الأغشية، الغضاريف... (Image Music Text p 181). إن التأكيد علي أن تحليلاً للنص يرتكز علي الجسد المستمتع هو افتراض وجود وثوقية للجسد جديرة بالاعتبار أكثر مما لو ارتكز علي العقل المتشكك. إن Le Roland Barthes san pein يلاحظ ، عندما سُئِل عن السلطة التي تكمن خلف العبارة، "إنني أتكلم من جسدي." ويؤكد بارت لاحقاً علي براعة هذا التحليل عندما يستهل "الحجرة المضيئة" La Chambre claire بالسؤال "ما الذي يعرفه جسدي عن الفوتوغرافيا؟" - وهو سؤال يستدعي افتراضُه بتفوق المعرفة الجسدية، الإجابة "أقل مما يعرفه عقلك". فإذا كان الجسد، كما يقترح بارت في Le Grain la voix ، هو "الذات وقد أضيئت برغبتها ولاوعيها"، إذن فالمصطلح يقدم طريقة لتفادي مناقشة اللاوعي والارتباط بالتحليل النفسي، بدون التضحية بالاحتكام إلي طبيعةٍ أكثر أصولية من التفكير الواعي. إن بارت عندما يقترح بأنه مع كل كاتب من العصور الماضية "توجد فرصة للطليعة حيثما كان الجسد وليست الأيديولوجيا هي التي تكتب" فإن استدعاء الجسد يوحي بأساس طبيعي خلف المظاهر الثقافية المؤقتة لأفكار أحد الكُتَّاب ، ويعزز ، تحديداً ، نوع التعمية الذي كان بارت قد حلله في "الأسرة الإنسانية" ، عرض الصور الفوتوغرافية التي حاولت أن تعين موضع طبيعةٍ في الأجساد الإنسانية خلف الاختلافات السطحية للشروط والمؤسسات الثقافية. إن علي وعي تام بالتعميات التي يمكن أن ترافق التوسل بالجسد (أو بالرغبة التي تعمل أيضاً كإسم جديد للطبيعة في الفكر الفرنسي الحديث). إن كتاب Image Music Text ينتبه إلي أن فكرة الكلية العضوية، "التي يتعين تمزيقها" ، تكتسب الكثير من طاقتها التضليلية من إحالتها الضمنية للجسد بوصفه صورة لكلية مُوَحَّدة. إن كتاب "بارت بقلم بارت" يحدد الجسد ك "كلمة مجسدة لقوي الطبيعة" : "كلمة تمنح دلالتها المتوهجة المعقدة التي تفوق الوصف، والمقدسة علي نحوٍ ما، وهم امتلاكها الإجابة عن كل شيء". ولكن بارت، في نزوعه الجديد نحو اللذة، كان غير راغب في التخلي عن أي من المصطلح أو الإحالة الضمنية للطبيعة التي كان المصطلح يستدعيها دائماً إلي كتاباته. إن بارت الذي قام ذات مرة ، بلا رحمة، بفضح محاولة البورجوازية استبدال الطبيعة بالثقافة، واستبعاد العقل والاعتماد علي ما "نحس به" مباشرة أو علي الرأي الشائع، يكتب الآن علي سبيل المثال: "إنني أستطيع أن أسمع بيقين كامل - يقين الجسد، يقين الإثارة - أن عزف واندا لاندوسكا علي القيثارة ، يأتي من جسدها الداخلي وليس من التدافع الإصبعي الصغير للعديد من عازفي القيثارة (إلي الحد الذي تكون فيه: آلة مختلفة)" هل هذا بارت مختلف؟ وفي الحقيقة، وبغض النظر عن الوظائف الاستراتيجية التي قمت بذكرها، فإن الاحتكام إلي الجسد، يمتلك طاقة تفسيرية متهافتة. إن بارت بكشف في "الغرفة المضيئة" أثناء طرحه لسؤال "ما الذي يعرفه جسدي عن الفوتوغرافيا؟" أن بعض الصور الفوتوغرافية "وُجِدتْ من أجلي". لقد كان عليه إذن أن "يضع قاعدةًً بنيويةً" ، هي قاعدة للتباين: إن stadium الصورة ، كما يطلق عليها، هي ما يدركه المرء بفضل ثقافته العامة وفهمه للعالم فهم لما يُمثَّل بينما تكون punctum الصورة شيئياً يقاطع أو يزعزع هذا المشهد "تلك الحادثة التي تخترقني" . ويستخلص بارت "عليَّ أن أسلم بأن رغبتي كانت وسيطاً ناقصاً وبأن ذاتية ً أختزلت في مشروع لذَّتها لا يمكن لها إدراك الكلي" (في الجزء الثاني من الكتاب يستمر في نسبة الفوتوغرافيا إلي القوي العامة للحب والموت). إن كتاب "لذة النص" ، علي الرغم من إحالته المتكررة إلي اللذة الجسدية، هو أيضاً عملٌ نظري. إنه يحول التمييز الذي أقامه في S/Z بين القرائي والكتابي إلي تعارض لا متناظر بين نوعين من اللذة: plaisir (اللذة) و jouissance (المتعة) . إن اللذة تكون أحياناً المصطلح العام للذائذ القراءة بجميع أنواعها "ومن ناحية أخري، أحتاج إلي "لذةٍ" عامة كلما تعيَّن عليَّ أن أشير إلي إسرافٍ للنص... وأحتاج من جهة أخري "لذة خاصة، جزء بسيط من اللذة ككل، كلما كنت محتاجاً للتمييز بين الشعور بالخفة والنشاط، التحقق والطمأنينة (الشعور بالامتلاء عندما تخترق الثقافة بحرية)، من ناحية، والصدمة، والتمزق، وحتي الضياع، وهي أشياء لصيقة بالمتعة، من ناحية أخري. ويصر بارت أحياناً علي التمييز: إن نص اللذة هو النص القرائي، النص الذي تعرف كيف تقرؤه؛ ونص المتعة وهو النص الذي يفرض حالة من الضياع ، النص الذي يسبب القلق، ربما إلي حد الملل، النص الذي يزعزع الأسس التاريخية والثقافية والسيكلوجية للقارئ، تماسك أذواقه، قيمه، ذكرياته، ويؤزم علاقته باللغة" إن الكتاب يستكشف العلاقات (التاريخية، السيكلوجية، الطوبولوجية) بين هذين النوعين من النصوص، أو مظاهر النصوص، و، في الوقت الذي يحتفظ فيه بأهمية التمييز، يبدو وكأنه يوحي باستمرار بأن اللذة النصية والآثار النصية يعتمدان علي إمكانية العثور علي لحظات متعة في النصوص المريحة للذة، أو في إمكانية جعل الكتابة ما بعد الحداثية قرائية بما يكفي بحيث يمكن توليد آثارها المزعزعة العنيفة التي تشبه هزة الجماع. إن بارت يكتب "لا الثقافة ولا تدميرها إيروتيكي. إن الفجوة بينهما هي التي تصبح كذلك. ليس العنف هو الذي يطبع اللذة؛ التدمير لا يعنيها؛ إن ما ترغب فيه هو موقع الضياع ، فتق، قطع، إنكماش، التلاشي الذي يقبض علي القارئ لحظة المتعة" إن الجسد العاري أقل إيروتيكية من الموضع الذي يتفتق عنده الثوب إن تقنيات الطليعة، أو خلخلة التوقعات التقليدية هي الأكثر ترويعاً من ناحية اللذة، كفجوات في خطاب قرائي: فلوبير، علي سبيل المثال، له طريقة في قطع، ثقب الخطاب دون أن يجعل منه شيئاً بلا معني.". "النص يحتاج لظله، شيئاً من الأيديولوجياً شيئاً من التمثيل، شيئاً من الذات: أشباح ، جيوب ، آثار ، سحب ضرورية: لابد للانحراف أن ينتج تعارضه الخاص" وحتي في هذه الحالة، فإن الانقطاعات، أشكال التلاشي، عدم الحسم، واللحظات اللاقرائية تتضمن، يقول بارت، نوعاً من السأم. "السأم ليس بعيداً عن المتعة، إنه المتعة منظوراً إليها من شواطئ اللذة" . "ليس هناك سام حقيقي" إنه مجرد متعة تقاربها متطلبات أخري. إن هذه القاعدة الأساسية للسأم توضح ما يفعله بارت في "نص اللذة". إننا نفكر عادة في السأم بوصفه تجربة وجدانية مباشرة، ولكنه مقولة نظرية أساسية لها دور في أي نظرية للقراءة. إذا قرأ المرء باهتمام أي كلمة في روايةٍ لزولا، فإنه سوف يشعر بالسأم ، كما يمكن أن يفعل إذا مر مروراً سريعاً علي رواية فينيجانس ويك Finnegans Wake وصولاً إلي الحبكة. أن تتأمل السأم هو أن تفكر في النصوص وفي استراتيجيات القراءة التي تتطلبها هذه النصوص، مشروع نظري أكثر منه مشروعاً اعترافياً. فإذا بدا كتاب "لذة النص" وكأنه لا يتعامل مع نفسه بجدية كنظرية، بتجنبه للاستمرارية بوعي ذاتي، فليس معني ذلك ضررة ألا يتعامل معه القراء بجدية، كشذرات من مشروع نظري متصل. إن إحياء بارت لمبدأ اللذة يمكن أن يكون أكثر مشروعاته صعوبة علي التقييم، لأنه يبدو منغمساً في بعض الأضاليل التي قام بفضحها بشكلٍ مؤثر في وقت سابق، ومع ذلك فقد واصل تحديه للأرثوذكسية الفكرية. إن حديث اللذة كان قد نحي جانباً عبر أقوي المشروعات الفكرية لذلك الوقت، وخاصة تلك التي كان يشجعها ، بحيث كان تشجيعه لمذهب اللذة خطوة جذرية. ولكن تطويراته للذة النص بدت وكأنما توجه النقد الأدبي باتجاه قيم لم يتخل عنها التقليديون أبدا، وخلقت إحالاته للذة الجسدية عند الكثيرين بارت جديد أقل علميةً أو عقلانيةً. إن ثورته الغريزية ضد مناخ فكري ساعد هو في خلقه، جعله علي نحو ما مستساغاً لدي قطاع عريض من الجمهور، الذي كان يري فيه الآن شخصية مألوفة: الأديب الحساس المنغمس ذاتياً، الذي يكتب عن اهتماماته ولذاته الخاصة دون أن يتحدي بأي شكل الطرق الأساسية للتفكير. إن مبدأ اللذة عند بارت ، وهو مبدأ استراتيجي وجذري، يعرضه مراراً لاتهامات الرضا الذاتي. إن Sollers écrivain يتحدث عن اللذة المركزية التي ينتجها "تحول الموضوعات الحسية إلي خطاب "يمكن أن يحمي أكثر ألوان الكتابة حدة من السأم." إن عمل سولرز هو غابة من الكلمات أبحث في داخلها عما سوف يلمسني" (لقد كنا كأطفال نمارس الصيد في الريف مقابل كرات الشيكولاتة التي كانت مخبأة هناك)... إنني أنتظر الشذرة التي سوف تقلقني وتؤسس المعني من أجلي" إن هذه الجملة الاعتراضية، برغم كل عاطفيتها السنتامنتالية يمكن أن تكون إحدي أكثر لحظات بارت جسارة ككاتب.