الأنبا ميخائيل يترأس اجتماع مجمع كهنة حلوان    ورش عمل حول المسارات البحثية في أوروبا واليابان بجامعة قناة السويس    وزير الكهرباء من داخل شبكات العاشر من رمضان: التصدي للممارسات الغير قانونية.. وخطة عمل لخفض استهلاك الوقود    بدء تسليم عدد من الأبراج الشاطئية بالعلمين الجديدة.. أغسطس المقبل    وزير الاتصالات: نستهدف وصول مساهمة القطاع إلى 8% من الناتج المحلى الإجمالي    إزالة 27 حالة تعدٍّ على الأراضي الزراعية في البحيرة    ترامب: سأستمر فى عقد التجمعات الانتخابية بالأماكن المفتوحة    وزيرة الداخلية الألمانية تؤكد عزمها طلب تنظيم أولمبياد 2040    موعد مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري المصري والقنوات الناقلة    الأرصاد: طقس الأحد حار نهاراً مائل للحرارة رطب ليلاً    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ببنها    الدقهلية: سائق توك توك يعتدي على ابنه حتى الموت بسبب خلافات عائلية    نجوم الفن يشيدون بمهرجان العلمين الجيدة: فعاليات مشرفة وتدعو للفخر.    الموسيقى العربية تختتم احتفالات ثقافة الغربية بذكرى ثورة يوليو وسط حضور جماهيري    محافظ كفرالشيخ يطمئن على مستوى الخدمات الطبية بمستشفى قلين    توقيع الكشف الطبي على 2967 حالة بالمجان في قافلة طبية بمركز ملوي    أولمبياد باريس – كرة طائرة.. إيطاليا تفوز على البرازيل في مجموعة مصر    26 ألفًا سجلوا في اختبارات القدرات بكليات جامعة الأزهر    إيرادات الجمعة.. "ولاد رزق 3" الثاني و"جوازة توكسيك" في المركز قبل الأخير    السيسي يجتمع مع وزير التعليم ومدير الأكاديمية العسكرية لدعم قدرات ومهارات المعلمين    أولمبياد باريس - رغم الأداء الجيد.. هالة الجوهري لم تتأهل لنهائي الرماية    محمود الهباش: مجزرة دير البلح نتيجة دعم نتنياهو في الكونجرس    لم يلمسني أو يتحرش بي.. أقوال الفنانة هلا السعيد حول سائق أوبر في تحقيقات النيابة    عمر خيرت لجمهور "ليلة الأحلام": نعمل ما في وسعنا لإسعادكم    خالد النبوي وروبي من بينهما .. 5 فنانون قدمهم يوسف شاهين للجمهور    مدير شبكة المنظمات الأهلية بفلسطين: انتشار سريع للأمراض والأوبئة    بدء اختبارات القدرات ب "تربية موسيقية حلوان"    بتمويل ذاتي.. افتتاح تطوير وتوسعات مركز الأمان الحيوي ب«صيدلة القاهرة»    أوكرانيا: إصابة 8 أشخاص في قصف روسي لمنطقة خيرسون    الصين: 67 مليون دولار إضافية لدعم الإغاثة من الكوارث في الأقاليم التي ضربتها الفيضانات    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى للقبول بفصول الثانوى العام    القاهرة الإخبارية: عشرات الشهداء جراء قصف مدرسة غرب دير البلح ب3 صواريخ    السيسي يتابع جهود رفع مستوى وانتقاء وإعداد الكوادر العاملة بالمدارس المصرية    أرتيتا: 114 نقطة تفصل آرسنال عن لقب البريميرليج    المؤتمر: الحوار الوطني أصبح لاعبا رئيسيا في المعادلة السياسية    اليوم العالمى لالتهاب الكبد.. 220 مليون مصاب بفيروس B بالعالم و 36 مليونا ب C    أولى جلسات سائق أوبر المتهم بالتحرش بالفنانة هلا السعيد    مصرع 3 عمال وإصابة 7 في حادث انقلاب سيارة بكفر الشيخ    عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع: نتوقع زيادة الرقم التصديري للصناعة ب 30 %    سيلين ديون: فخورة بتقديمي حفل الأولمبياد وسعيدة بقصص التضحية والعزيمة للرياضيين    الموت يغيب محمود صالح نجم الأهلي السابق    تحرير 170 مخالفة للمحال غير الملتزمة بمواعيد الغلق خلال يوم    الحكومة تكشف حقيقة تغيير التصميم الفني لجواز السفر المصري    زيادة رأس مال شركة النصر لصناعة المطروقات إلى 111.7 مليون جنيه    انكسار الموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تعلن توقعات طقس اليوم السبت    وزير الإسكان يُصدر 26 قراراً لإزالة التعديات بالقاهرة الجديدة والساحل الشمالي الغربي    «التعليم العالي» تُغلق كيانًا وهميًا في أسيوط    رسالة غاضبة من محمد عبد المنعم: «بجد تعبت»    مشادة بين أحمد كريمة وياسمين الخطيب: «مش هسمحلك تعبثي في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 27-7-2024    ما هو وقت صلاة الضحى ؟ سبب تسميتها بهذا الاسم؟    «محتاج ظهير جماهيري».. رأي إكرامي الشحات في رحيل رمضان صبحي عن بيراميدز (فيديو)    9 معلومات عن لقاء وزير المالية بنظيره التركى في اجتماعات «مجموعة العشرين»    دار الإفتاء تكشف حكم إخفاء المرأة مالها عن زوجها    تكريم 450 من حفظة القرآن الكريم بالرحمانية قبلي في نجع حمادي.. صور    باريس 2024| الزي المصري في الأولمبياد يحقق المركز 15 على العالم    واشنطن تطالب الاتحاد الأوروبي بضمان استمرار تجميد الأصول الروسية    الجيش العراقى يلقى القبض على 9 إرهابيين فى 4 محافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روبابيكيا
مشكلة الفكر السلفي
نشر في أخبار الأدب يوم 14 - 08 - 2011


1- إسقاط التاريخ
"لم تكن الشريعة قواعد قليلة ثم كثرت، ولا مبادئ متفرقة ثم تجمعت، ولا نظريات أولية ثم تهذبت. ولم تولد الشريعة طفلة مع الجماعة الإسلامية ثم سايرت تطورها ونمت بنموها، وانما ولدت شابة مكتملة ونزلت من عند الله شريعة كاملة شاملة جامعة مانعة لا تري فيها عوجا ولا تشهد فيها نقصا."
قائل هذه الكلمات هو عبد القادر عودة القاضي والفقيه الدستوري الإسلامي الذي أعدمه عبد الناصر بعد حادث المنشية عام 1954. صحيح أن عودة لم ينتم لإحدي الجماعات السلفية بل كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، ويعد الآن واحدا من أوائل شهداء الجماعة وأهمهم. ولكن موقفه من الشريعة، كما تعبر عنه هذه الكلمات، يعكس الخلل في الفكر السلفي عندما يتعلق الأمر بتطبيق شرع الله، وهو ما يعتبره السلفيون أهم أهدافهم وأسمي مبادئهم.
إذ أن السلفيين برجوعهم للسلف الصالح واتخاذهم للسلف وحدهم مرجعا وهدي فيه إسقاط للتاريخ الإسلامي الطويل وفيه أيضا إهمال للإبداعات الفقهية والعلمية التي ساهم فيها عظماء الأمة علي مدار أكثر من ثلاثة عشر قرنا. فتقديس السلفيين للسلف واعتبارهم دون غيرهم سلفا صالحا واعتبار من تبعهم وما تلاهم انحدارا وتدهورا مستمرا يجب تجاوزه بالرجوع دوما لنقطة بداية تمثل نقاء الإسلام وجوهره ذلك الموقف يمحي الدور الكبير الذي لعبه الكثير من الفقهاء والعلماء والقضاة والمفتين والمحتسبين والمشايخ الذين حفل بهم التاريخ الإسلامي الطويل.
مشكلة السلفيين، إذن، مثلها مثل مشكلة الإسلام السياسي، برمته تكمن أساسا في سطحية قراءتهم للتاريخ، وللتاريخ الإسلامي بشكل خاص، واختزالهم تجربة شعوب وأمم ودول ومدن إسلامية امتد تاريخها لقرون طويلة في عشرين أو خمسين عاما لا أكثر. وحتي لو افترضنا أن السلف الصالح فقط هم من ينبغي علينا الاقتداء بهم فما يهمله السلفيون هو أن هذا السلف كان أيضا قدوة لأجيال عديدة قبلنا، وأن تجربة هذه الأجيال في الاقتداء بالسلف الصالح قد تكون، هي نفسها، قدوة يمكن الاقتداء بها.
وترتبط بمشكلة إلغاء التاريخ هذه مشكلة أخري وهي اختزال التاريخ الإسلامي في تاريخ الفكر والتفسير والفقه، وإهمال تاريخ الممارسة الفعلية، وبالتالي يغيب التاريخ الاجتماعي للشعوب والأمم الإسلامية ويحل محله تاريخ رجال الفكر والعلماء والفقهاء. فالشريعة في الفكر السلفي لا تاريخ لها، إذ كيف يكون لها تاريخ وقد ولدت كاملة؟ فالكمال ينفي التطور والتغير، أي ينفي التاريخ. أما في الحالات القليلة التي ينظر فيها للشريعة علي أنها ذات تاريخ وتطور وتغير، فتاريخها يصبح، في حقيقة الأمر، تاريخ فكر وليس تاريخ ممارسة.
وحتي تتضح الفكرة نضرب مثلا بواحدة من أهم المسائل التي يتطرق لها الفقه، أي قضايا القتل. فمن المعروف أن باب الحدود من أهم الأبواب في كتب الفقه. ولكن قراءة تلك الكتب لا تفصح لنا إلا عن آراء الفقهاء في كيفية تعريف جريمة القتل وأساليب إثباتها وطرق عقابها. أما إذ كنا نود الوقوف علي تاريخ القتل في المجتمعات الإسلامية فسنكتشف أن المجتمعات الإسلامية كلها، ومنذ الأمويين، قد رأت في أساليب الإثبات الفقهية (أي الإقرار أو الشهادة) حائلا يحول دون تنفيذ العقوبة الرادعة (الحد)، ففي مصر العثمانية مثلا نكتشف أن حد القصاص حُكم به في 2٪ فقط من قضايا القتل التي نظرت فيها المحاكم الشرعية، الأمر الذي استوجب إحداث نظام جنائي مواز للقضاء الشرعي.
كل هذا وغيره يهمله الفكر السلفي الذي يتشبث بلحظة تاريخية قصيرة جدا في التاريخ الإسلامي ويتخذها دون سواها نموذجا يجب أن يتبع، مهملا بذلك فترات وتجارب وإبداعات عديدة شهدها التاريخ الإسلامي علي ثرائه وغناه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.