خالد أبو بكر: «الدولار في النازل» والعجلة بدأت تدور    جهود «التضامن» في سيناء.. أكثر من 3 مليارات جنيه مساعدات للأسر الأولى بالرعاية    ارتفاع أسعار النفط 1% بعد قراءة بيانات نمو الاقتصاد الأمريكي    البنتاجون: الولايات المتحدة بدأت بناء رصيف بحري في غزة    عودة الشحات وإمام عاشور.. قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: «الزمالك قادر على تحقيق نتيجة إيجابية أمام دريمز»    تعرف على موعد سقوط الأمطار والسيول هذا الأسبوع.. هل يعود الشتاء؟    وصول سيد رجب ورانيا يوسف لحفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    «السبكي»: جاهزون للمرحلة الثانية من التأمين الصحي.. وقدمنا 40 مليون خدمة بجودة عالمية    التنمية المحلية تزف بشرى سارة لأصحاب طلبات التصالح على مخالفات البناء    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    «ترشيدًا للكهرباء».. خطاب من وزارة الشباب ل اتحاد الكرة بشأن مباريات الدوري الممتاز    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    جمال شقرة: سيناء مستهدفة منذ 7 آلاف سنة وبوابة كل الغزوات عبر التاريخ    أحمد عبد الوهاب يستعرض كواليس دوره في مسلسل الحشاشين مع منى الشاذلى غداً    محمد الباز: لا أقبل بتوجيه الشتائم للصحفيين أثناء جنازات المشاهير    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    دعاء قبل صلاة الفجر يوم الجمعة.. اغتنم ساعاته من بداية الليل    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    هل الشمام يهيج القولون؟    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    العثور على جثة مسن طافية على مياه النيل في المنصورة    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    مدرب يد الزمالك يوجه رسائل تحفيزية للاعبين قبل مواجهة أمل سكيكدة الجزائري    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    وزير الرياضة يشهد انطلاق مهرجان أنسومينا للألعاب الإلكترونية    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين أجنبي يبحث عن المثير وعربي يبحث عن المادة:
مأزق النشر المشترك
نشر في أخبار الأدب يوم 04 - 12 - 2010

علي كثرة التعاقدات التي تبرمها دور النشر في العالم بغرض الشراكة في عملية النشر، لا تزال دور النشر المصرية بعيدة عن هذه الفكرة..بعضها أقدم وبعضها يتمني وبعضها لا يزال يدرس، وآخرون قرروا عدم خوض التجربة، ولكلٍ أسبابه.
من خاضوا التجربة يرونها - في حالة الشراكة مع الأجنبي- فرصة لتبادل حقوق النشر وعرض الفكر العربي، وفي حالة الشراكة العربية فهي تتيح لهم التواجد في أكثر من مكان في الوقت نفسه، والاستفادة من علاقات الطرف الآخر وقدرته التسويقية، وهي أيضا فرصة للتقليل من تكلفة الكتاب بإشراك طرف آخر يتحمل نصف التكلفة.
ومن يرفض يري أن العملية بالكامل لا جدوي لها في ظل بحث الأجنبي عن المثير والغرائبي حتي الآن، وإصرار العربي الدائم علي الربح بغض النظر عن القيمة الثقافية والمعنوية وراء عملية النشر.
باختصار انقسمت دور النشر الكبري بين مدرك لقيمة الشراكة لكنه غير متعمق فيها، وبين من اكتشفها مؤخراً ويريد أن يخرج بها من دائرة التجاهل والنسيان.. محمد رشاد رئيس مجلس إدارة "الدار المصرية اللبنانية" يقول إن فكرة الشراكة ليست جديدة، والدار تقوم بها منذ مدة طويلة "نمارس كل أشكال الشراكة مع دور نشر أوروبية وعربية من الجزائر ولبنان، وآخرها كان مشاركتنا في مشاريع الترجمة كمشروع كلمة"، تتشارك المصرية اللبنانية سواء في تبادل الحقوق أو عن طريق المشاركة في الطباعة، كما أنها وقعت اتفاقية شراكة مع المركز القومي للترجمة، يشارك فيها اتحاد الناشرين بالكامل.
ورغم ذلك يري رشاد أن العالم العربي لازال غير مدرك لأهمية هذه المسألة يقول:"الناشر الأجنبي أكثر حرصا علي مسألة الشراكة، لأنهم أكثر إدراكا لأهمية زيادة حصيلة الكتب التي يملكون حقوق نشرها، ونحن في النهاية يهمنا نشر كتبنا في الخارج لأن هذه أصبحت المعادلة الأصعب في حقيقة الأمر".
في المقابل تنبهت "مكتبة مصر" مؤخراً إلي مسألة الشراكة، وفي ظل التراجع المستمر لعملية التوزيع وللقراءة بشكل عام يبدو أنها ستكون المخرج الوحيد، يقول أمير السحار مدير الدار:"في وقت ما كنا أكبر مكتبة لنشر الكتب الأدبية، لكن الآن تراجعت القراءة وقل التوزيع بشكل عام!!" يعترف السحار "حقيقة لم نكن نفكر في مشاريع الشراكة من قبل، لكن يبدو أنها الآن ستكون المخرج الوحيد للبحث عن قارئ خاصة خارج مصر".
شكل السحار لجنة متخصصة لدراسة الأمر واختيار أفضل الناشرين والموزعين الذين يمكن أن توقع الدار عقود شراكة معهم خاصة وأن العناوين التي تملك الدار حقوق نشرها والتي يمكن المشاركة بها ستغري أي دار نشر لقبول الشراكة.

"نهضة مصر" لا تمارس الشراكة بشكل كامل، ربما لنوعية الكتب التي تنتجها، فضلت أن تتعاون مع دور النشر العالمية لتكون وحدها المسئولة عن طباعة وتوزيع انتاجهم في مصر، ثم تتولي بعد
ذلك عقد شراكات حولها مع الناشرين العرب، تعاقدت "نهضة مصر" مع كمبريدج، وناشيونال جيوجرافيك، وديزني، وغيرها لتتولي حقوق نشر وتسويق إنتاجهم، تقول داليا إبراهيم نائب رئيس مجلس الإدارة ومدير النشر "نتشارك مع 140 دار نشر حول العالم، نتبادل حقوق الطبع، ونطبع إنتاجهم ونوزع منتجاتهم التي تتجاوز الكتب إلي الأدوات المدرسية والملصقات وغيرها في مصر والعالم العربي". تري داليا أن هذا النوع من التعامل أفضل كثيراً، خاصة مع نوعية الكتب التي تعمل فيها الدار وأغلبها كتب تعليمية لذلك ترفض شراكة الكتاب الواحد، فهي لا تنظر لمسألة الشراكة علي أنها مجرد تواجد أو مشاركة في التكلفة "فما تقدمة هذه الشركات يصعب وجوده في أي مكان آخر، فهي شركات عالمية تسخر كل طاقتها في إخراج منتجات متفردة، وأن نقدم هذا الإنتاج للقارئ العربي فهذه مهمة تعليمية وثقافية في الأساس، قبل أن تكون عملية تجارية وإن كان ذلك لا يعيبها، ويكفي أن تثق فينا دور بهذا الحجم فهي وحدها شهادة دولية ودليل نجاح".

منذ 2004 انتبه العاملون في "مدبولي" إلي أهمية عروض الشراكة، وفي السنة نفسها نفذوا مشروع مع "الدار العربية للعلوم" ونشروا حتي الآن ما يقرب من 50 عنوان في مجالات مختلفة، منها مثلا: ثلاثية "خل الصبار" للروائي الكردي مصطفي سعيد، ومجموعة أعمال ستيفن كينج "الهارب، وبؤس، وكرسي الموت، وكريستين، وفصول متنوعة" وأيضا مجموعة من أعمال
دوريس ليسنج الحائزة علي نوبل 2007، ومجموعة من الكتب السياسية والفكرية، ومؤخرا بدأت الدار مشروعا جديدا مع "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" وباكورة هذه الشراكة ستكون رواية "السيدة من تل أبيب" للكاتب الفلسطيني ربعي المدهون. يقول رءوف عشم مدير المكتبة:"اكتشفنا أن الشراكة تفتح الفرصة أمام عرض الفكر الجديد، وتتيح للكُّتاب التنقل بفكرهم بين البلدان بشكل مستمر بدلاً من انتظار معارض الكتب، كما أنها تفتح أسواقاً لانتشار الكتاب بشكل أوسع، وبدلاً من أن يُطبع الكتاب ويوزع في مكان واحد، يطبع ويوزع في مكانين في الوقت نفسه ويحمل علي غلافه علامتنا وعلامة الشريك".
يؤكد عشم أن مشاريع الشراكة لن تتوقف ولن ترفض "مدبولي" أي عرض شريطة أن تكون هذه الشراكة ستضيف جديداً للمثقف المصري، أو ستفتح سوقاً جديدة للدار.
"هذا مشروع مؤجل جدا" يقول الروائي إبراهيم عبد المجيد مدير دار "بيت الياسمين" ويضيف:أتمني طبعا أن أشارك في هذا الأمر لكن لا زلنا في بداية الطريق وأفكار من هذا النوع - رغم أنها ليست جديدة - تحتاج إلي ميزانيات ضخمة وعناوين كثيرة وهو ما لم نحققه بعد.
لدار "آفاق" محاولات جادة في هذا الإطار حيث قدمت 4 كتب مع "دار الجمل" كان منها "سأم باريس" لشارل بودلير، حيث طبعت الكتب وتقاسمت"آفاق" و"الجمل" النسخ، وظهر اسميهما متجاوراً علي الغلاف. كما بدأت سلسلة مع المركز القومي للترجمة بعنوان "عقول عظيمة". مصطفي الشيخ مدير الدار يري أن فكرة الشراكة من أفضل الأفكار التي يمكن أن تساهم في "توسيع سوق الكتاب العربي" لأنها تتجاوز الحدود "الوهمية" التي توضع لإعاقة الكتاب عن الوصول للجميع.
يتمني الشيخ أن تأتيه فرصة لعقد شراكة مع دار نشر أجنبية "الأجنبي أفضل كثيراً لأنه يشتري حقوق النشر ويتولي العملية بالكامل، أما الشراكة العربية فهي اتفاق حول طبع الكتاب وتوزيعه في أكثر من مكان فقط".
يفسر الشيخ عدم إقبال الناشرين العرب علي مسألة الشراكة فيقول أنهم مشتركون في "تورته" واحدة، وصراع المادة هو الذي يحكم في النهاية "فطالما أننا نتنافس علي السوق نفسه، فمن الطبيعي أن أرفض التعاون معك لأنك لو أقوي مني في مسألة التوزيع سأخرج من العملية خاسراً في النهاية". لذلك يري الشيخ أن
"الإخلال بالاتفاقيات" هي أبرز عيوب النشر المشترك، يضرب مثلا فيقول:"لو أننا اتفقنا علي نشر كتاب ما واقتسمنا الكمية وحددنا نسبه خصم 10٪ لو أخل أحد الطرفين بالعقد وخفض نسبة الخصم فسيبيع كميته بالكامل وتبور بضاعة الطرف الثاني، لأن كلاهما يتعامل مع المكتبات نفسها هنا يكون قد الحق ضررا بالغا بالشريك".
يؤكد الشيخ أن الشراكة تفيد دور النشر الصغيرة لأنها تحتاج إلي طرف آخر للمساهمة في تكاليف الطباعة والتوزيع، فبدلا من أن يتحمل ناشر واحد كل تكاليف الطباعة والشحن والتوزيع، يتحملها معه طرف آخر ويوسع سوق الكتاب، ويساهم في انتشار اسم الدار.

"أوافق علي الشراكة لكن بشرط أن يكون لي حرية اختيار العناوين" تقول د.فاطمة البودي مديرة دار "العين" وتضيف: تعاونت في الفترة الماضية مع دور نشر عالمية وبالفعل ترجمنا مجموعة من الكتب، لكن العكس لا يحدث فهناك صعوبة بالغة في أن تقنع ناشراً أجنبياً بأن ينشر كتاب "العلمانية هي الحل" علي سبيل المثال سيرفض أي ناشر ويقول أنهم تركوا الحديث في هذه المواضيع منذ مدة، وهذا المثال حدث بالفعل مع ناشر هولندي تحدثت معه في برنامج تبادل الخبرات الذي شاركت فيه مؤخراً.
من هنا تري البودي أن الناشرين يحتاجون لدعم الدولة أولا لإغراء الناشرين الأجانب لترجمة الأدب والفكر العربي، وبعدها يمكن الحديث عن الشراكة معهم "فالغرب لا يهمه إلا مصلحته أولا، وإذا خصصت الدولة ميزانية لدعم الترجمة للغات الأجنبية سيكون لدينا مشروع حقيقي لترجمة الفكر العربي، ووقتها يمكن أن تكون هناك شراكة مبنية علي التبادل وليس المنفعة وحسابات المكسب والخسارة".
أما علي صعيد الشراكة العربية، فتقول البودي أنها بصدد بحث تعاون مع دار "شهاب" الجزائرية، نحاول من خلاله التغلب علي صعوبات نقل الكتاب للمغرب العربي، وأيضا تسهيل ترجمة الأعمال المنقولة عن الفرنسية، وتشجيع كتاب شمال إفريقيا علي النشر خاصة بعد أن يتأكدوا أن كتبهم ستكون متوفرة في مصر طوال العام "وهذا أهم ما توفره عملية الشراكة أن يكون الكتاب متوفر طوال الوقت، ولا ينتظر معارض الكتب".
مكاوي سعيد مدير دار "الدار" يشارك البودي الطموح نفسه حيث يبحث الآن عدة مشاريع مع دار الآداب وتوبقال والجمل لكنه لم يبدأ في أي منها حتي الآن. يري مكاوي في الشراكة حلا سحريا لمشكلات انتقال الكتاب في العالم العربي، والقيود
التي تتزايد يوميا حول هذه المسألة ويضيف:"طباعة الكتاب وتوزيعه في أكثر من مكان حلم يحلم به كل مثقف عربي، وعلي صعيد العمل فبالتأكيد سيستفيد كل ناشر من تبادل حقوق النشر وأيضا من مشاركات الآخر في المعارض وقدرته علي التوزيع، كما أن الاتفاق علي كتاب يكون من خلال لجان لدي كل ناشر وهذا في حد ذاته تأكيد علي جودة العمل، تعطيه مصداقية وتزكية لدي القارئ".
رضا عوض مدير دار "رؤية" يقول إن هناك منظور ثقافي وآخر تجاري لمسألة الشراكة، الأول يحقق التواجد الدائم للكتب، مع الأخذ في الاعتبار صعوبة التواصل بين البلدان العربية "لكن وعن طريق مشاريع النشر المشترك أصبح لدار رؤية تواجد كبير في بلدان المغرب العربي، لأنني اختار الكتب التي تصلح فيها الشراكة، ومن خلال خبرة في هذه المسألة أقول إن الكتب الفكرية هي الأفضل من غيرها في هذه المسألة بالتحديد".
أما فيما يخص العملية التجارية فيقول عوض أن فكرة النشر التي تتيح لكلا الجانبين طبع الكتاب أثبتت أنها غير ذات جدوي، لأن الجانب الأقوي والأكثر انتشارا يصبح هو المتحكم في هذه المسألة "لذلك ألجأ الآن إلي أن أكون وحدي المتحكم في مسألة الطبع، فأنا الذي اتفق مع المؤلف وأنا الذي أطبع وأنا من يملك حقوق النشر" وينفذ الشراكة من خلال شراء الشريك لمجموعة محددة من النسخ مقابل وضع اسمه كشريك علي الكتاب، ويتولي عملية التوزيع في بلده، كما حدث في رواية "كرسي النسر" لكارلوس فوينتس التي أصدرها بالتعاون مع دار "كنعان" للدراسات والنشر بدمشق "هذه الطريقة تضمن لي حقوقي، وتضمن تواجد الكتاب، واعتقد أنها تساهم إلي حد كبير في تقليل قضايا التزوير وتصوير الكتب لأنها في هذه الحالة ستكون متوافرة طوال العام وبأسعار جيدة".
ورغم ذلك لا يطمئن رضا لمشاريع الشراكة "هناك العاب كثيرة في هذه المسألة..خاصة عندما تقترب انتخابات اتحاد الناشرين" لذلك يفضل أن يتعاون مع أسماء بعينها "كما أن كثره المشاركين علي الكتاب لن تكون في مصلحة أحد". يخطط رضا الآن لمشروع شراكة جديد مع دار "الآمان" بالمغرب، لكن لم يتوصل لاتفاق بعد.
أما دار "كلمات عربية" فركزت فيما يخص النشر المشترك علي مشاريع الترجمة، حيث تعاقدت للمشاركة في مشروعي "كلمة" و"ترجم" وكان العقد ينص علي تولي الدار مسألة الطبع بالكامل، ووضع اسم المشروع علي الكتاب مقابل شراء عدد محدد من النسخ، لكن المشروعين تعثرا بعد الأزمة العالمية فقررت الدار تعديل وجهتها.
الوجهة الجديدة كانت معهد "جوته" حيث يخصص المعهد
مشاريع لدعم الترجمة، يقول إسلام حسني مسئول التعاقدات بالدار:" يطرح المعهد الكتب التي سيقدم الدعم فيها وتختار دور النشر الكتب التي تناسبها، ثم يتم الاتفاق علي التفاصيل: الترجمة والنشر والنسخ" ولأن الترجمة من الألمانية عالية التكلفة فإن المعهد يشارك فيها بجزء كبير خاصة وأن المشروع يقوم بالأساس علي دعم الترجمة.
وضمن مشاريع جوته أيضا تشارك "كلمات عربية" مع مؤسسة روبرت بوش التي تدعم الكتاب بالكامل علي أن تتولي الدار مسألة الطباعة في مصر، كما تشارك كلمات عربية في مشروع مع المركز القومي للترجمة.
يعتبر إسلام أن الميزة الأساسية في النشر المشترك أنه يتيح التحكم في سعر الكتاب "فإذا كان القارئ يري أن كتبنا غالية إلي حد ما فهذا لأننا نقوم وحدنا بالعملية بالكامل، لكن في حالة الشراكة فنصف التكلفة يقوم بها طرف آخر، ووقتها أستطيع تقليل ثمن الكتاب".

وعلي عكس كل ما قيل يري محمد هاشم مدير دار "ميريت" أن النشر المشترك يطمس هوية الدار يقول هاشم:"نفذنا فكرة الشراكة مرة واحدة، ولن أكررها مرة أخري" يفسر:النشر بالنسبة لي ليس مجرد طبع كتب، هناك قضايا نتبناها وأهداف نحارب من أجلها، أقلها أحقية جيل كامل في صدارة المشهد، والنشر المشترك يحرمنا من هذا كله، يجردنا من كل شئ من أجل المادة في النهاية. تجاربنا العربية أكدت ذلك لأنهم لم يطلبوا منا سوي »عمارة يعقوبيان« وقت أن كنا نملك حقوق نشرها، الشريك يريد شئ مضمون في الوقت الذي نراهن فيه علي جيل جديد يستحق أن يأخذ فرصته، ولا ننظر في سبيل تحقيق ذلك إلي حسابات المكسب والخسارة".
يضيف هاشم أن النشر المشترك علي عكس الفكرة السائدة عنه يحرم الناشر المصري من التواجد العربي "وكأن هناك من يقول لك خليك أنت في بيتك وسأتولي عنك كل شئ، في حين أن تواجدي في المعارض يتيح لي عرض أكثر من كتاب وأكثر من وجهة نظر، وفرص للتعارف ومشاريع يمكن الاتفاق عليها في المستقبل".
"شخصية الدار مهمة جدا والنشر الخاص يطمس هوية الدار وشخصيتها" يضيف هاشم، فكتب ميريت كما يقول لها شخصيتها المميزة وهو لا يستطيع أن يجبر الشريك علي الالتزام بهذا الشكل "كما أن هناك ندواتنا وحفلات توقيعنا فمن يعوضنا عن هذا كله..ولست أقل من أي دار عربية حتي أترك لهم حرية اختيار ما يحلو لهم من عناوين، أنا لا أقبل هذه المعاملة، ولا أقبل أن يشارك ميريت أي اسم علي الغلاف".
الشراكة الوحيدة التي قبلها هاشم هي الاشتراك مع المركز القومي للترجمة، حيث يتولي المركز الشق المتعلق بحقوق النشر ويتولي هو مسؤولية الطباعة ثم يتقاسما النسخ "هذه فكرة محترمة وتضمن حقوقنا معا".
تجربة وحيدة كذلك قام بها حسني سليمان مدير دار "شرقيات" كانت مع دار المستقبل العربي، حيث تشاركا في نشر كتاب "ناجي العلي في القاهرة" عام 93 ، لكن لسليمان وجهة نظر مختلفة في مسألة الشراكة، حيث يري أن عدد النسخ التي تطبع في العالم العربي لا تسمح بعقد شراكة حقيقة "ماذا يعني أن أعقد شراكة ثم أطبع في النهاية ألف كتاب، المسألة غير مجدية في هذه الحالة" لذلك يري أن الشراكة أكثر نجاحا في الغرب "لأنهم يشترون حقوق النشر ثم يطبعون عدة طبعات تتيح لهم تحقيق المكسب في النهاية".
سليمان ينتظر "كتابا عظيما من عدة أجزاء" يعجز عن نشره وحده ويتأكد من أنه سيحقق مبيعات كبيرة ووقتها فقط سيطلب الشراكة.
ورغم ما قيل عن فوائد النشر المشترك للدور الصغيرة، إلا أن محاولاتها لم تحقق لها ما كانت تطمح إليه، كرم يوسف مديرة "كتب خان" حاولت أن تخوض التجربة وقدمت بالفعل للمشاركة في مشروع "كلمة" لكنها لم تتلق رداً "ربما لأنهم يشترطون عددا معينا من العناوين، ونحن لا نزال في البداية"، المميزات التي يحققها النشر المشترك تختلف من حالة لحالة "في حالتي ربما تكون مسألة التكلفة هي أهم شئ، فالناشر الجديد يحتاج إلي خبرة وإمكانيات للتوزيع وهذا يحدث في النشر المشترك".
تري كرم أن أي دار تتمكن من الدخول في مسألة النشر المشترك يجب أن تكون قوية بحيث لا تفرض عليها عناوين بعينها "التفاهم أفضل من الفرض" لذلك فمن الوارد أن تجرب مرة أخري لكن بشرط أن يحقق المشروع "فرص متكافئة للطرفين". تشير كرم إلي مشروع "دار الشروق" وتصفه بالمشروع الضخم تقول "هذه ليست مجرد شراكة عادية، هذا مشروع ضخم، وما طرح في هذا المشروع أعتقد انه أفضل أشكال الشراكة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.