يستأثر حقل الدراسات القرآنية، بمباحثه المتعددة، مني باهتمام عميق، وفي الذروة من تلك المباحث، ذلك البحث العلمي الدقيق العميق الذي ينصب اهتمامه علي الجانب البلاغي الفني للنص القرآني المجيد. ومنذ فترة، ولدي تصفحي لمعروضات أحد بائعي الجرائد، لفت انتباهي، عرضا، عنوان بالأحمر القاني: »نظرات في الأسلوب القرآني« لفضيلة الأستاذ الدكتور/ السيد تقي الدين السيد، الأستاذ بجامعة الأزهر. والكتاب متوسط القطع والحجم، وهو - لحسن الحظ! - ليس إلا الهدية المجانية لمجلة الأزهر، عدد شهر ربيع الآخر لسنة 8241ه، فالتقطته علي الفور واشتريت المجلة من أجله. وصرفتني عن قراءته، لفترة، شواغل، وإن لم يغب عن بالي. وعندما شرعت في قراءة الكتاب (الهدية) تولد لدي شعور بالألفة الشديدة لما أقرأ، فعزوت الألفة إلي ذلك النسغ الأخوي الحميم الذي يشابه بين دراسات الميدان الواحد. ولكن أبي ذلك الشعور إلا تناميا كلما تقدمت في قراءة الكتاب صفحة بعد صفحة، بل فقرة بعد فقرة، إلي أن انفجر في وعيي - كصاروخ - ذلك المبحث البشع الذي نال من نقدنا العربي القديم، ونقادنا، اهتماما بالغا، وهو المبحث الذي يتعلق بالأمانة العلمية، أندر ألوان الأمانات، كما قال الشيخ أمين الخولي. ولم يطل عنائي، إذ اكتشفت أن أكثر من تسعين بالمائة من مادة كتاب: »نظرات في الأسلوب القرآني« ليست سوي سطو غير رحيم علي كتابين لعلم باذخ من أعلام المدرسة القرآنية في العصر الحديث، هو الدكتور محمد عبدالله دراز (ت 8591م). والكتابان هما: »مدخل إلي القرآن الكريم« ترجمة أ/ محمد عبدالعظيم عليّ، ومراجعة وتقديم أ. د السيد محمد بدوي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب - جامعة الاسكندرية. وهو الكتاب الذي يمثل إحدي رسالتين كتبتا باللغة الفرنسية ونوقشتا في ديسمبر 7491 بجامعة باريس (السوربون) وبفضلهما نال الدكتور دراز درجة الدكتوراه في الآداب بمرتبة الشرف الأولي، أما الرسالة الأخري فقد كانت من »الفلسفة الأخلاقية في القرآن« وهي الرسالة الرئيسية، وأما الكتاب الثاني فهو: »النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن الكريم« بتحقيق الشيخ/ أحمد مصطفي فضيلة، شيخ معهد محلة دياي الأزهري، وتقديم