"بعد أن أصبحت الكنيسة المصرية مصدر إرعاب وإرهاب للدولة والأمة، وبعد أن تأكد للقاصي والداني غطرسة تلك الكنيسة وتعاليها واحتقارها لجميع الأعراف والقوانين والضوابط العرفية والأخلاقية فضلا عن الشرعية والدينية، تلك الضوابط التي لا تزال تلك الكنيسة في العهد " الشنودي" تعلن بوقاحة استخفافها بها واحتقارها لها، (..) حتي استباحت لذلك الاستقواء بخصوم مصر وأعدائها مما جعل من الكنيسة اليوم معلما من معالم التخريب للوحدة الوطنية وتهديد الأمن الاجتماعي بها بعد ما ثبت من شواهد الغدر وأدلة الخيانة التي استهدفت المصالح الوطنية، والأمن الاجتماعي المصري،حتي باتت أجهزة الدولة عاجزة عن مواجهته والسيطرة عليه رغم علمها" الفقرة السابقة ليست مقتطعة من موقع متطرف علي الإنترنت أو كتبها شاب متعصب في واحدة من غرف "الشات"، بل هي جزء من بيان ما يعرف بجبهة علماء الأزهر الذي حمل عنوان "قاطعوهم". البيان مقطوعة طويلة من الذم والتطاول علي الكنيسة المصرية وكافة رموزها، إلي جانب إلصاق تهم تقترب من الخيانة العظمي دون سند أو دليل حيث يدعي البيان أن الكنيسة تقوم باستيراد السلاح من إسرائيل وتخزينه في مطرانياتها، وذلك تحت علم الدولة والحكومة التي يدعي البيان أنها خائفة من الكنيسة وليس لديها سلطان عليها، لذلك يدعو البيان المسلمين إلي الوقوف صفاً واحداً أمام ما اعتبره تجاوزات الكنيسة في حق الإسلام والمسلمين، وذلك ببساطة من خلال مقاطعة منتجات من وصفهم بنصاري مصر! البيان صدر يوم 12 سبتمبر وحتي الآن لم يتصد له أي من علماء الأزهر أو قياداته التي تحمل الجبهة أسماءهم، وأمام هذا التجاهل انتقل البيان إلي عشرات مواقع الإنترنت ليتحول إلي محور للجدل، فاتحاً الباب علي مصراعيه لنوع جديد من الفتنة الطائفية باستخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية. ففي المواقع والمنتديات الإسلامية وعلي رأسها موقع "مدونون ضد التنصير" ظهرت عشرات القوائم بالمنتجات والشركات المملوكة لمسيحيين مصريين، حيث دعا القائمون علي تلك المواقع كل مسلم غيور مهما كانت جنسيته لمقاطعة كل هذا الشركات. أما علي موقع الفيسبوك فقد انتشرت الحرب بين مجموعات تحمل أسماء مثل "قاطعوا منتجات النصاري الأرثوذكس" أو "الحملة الإسلامية لمقاطعة منتجات النصاري"، حيث يري القائمون والمشتركون في هذه المجموعات وهم بالآلاف أن الكنيسة تقوم باختطاف الفتيات المسلمات واحتجازهن والحكومة تمتنع عن التدخل وتترك بنات المسلمين "سبايا لدي الكنيسة"، ولهذا بناء علي ما سبق فيجب أن نقاطع بضائع النصاري كخطوة أولي نحو كسر شوكة وتجبر المسيحيين! علي الجانب الآخر ظهرت بعض المجموعات التي تحاول الوقوف ضد هذا التيار المتعصب مثل مجموعة "أنا مسلم من أهل البلد، وحاشتري من مسيحي" أو مجموعة "مسلمون ضد حملة مقاطعة الاقباط" الغريب أن المجموعات التي ظهرت للرد علي حملات المقاطعة لا تنطلق من خلفية علمانية أو ليبرالية، ولا يقدم أصحابها أنفسهم بصفتهم منحازين لأفكار المواطنة والمساواة بل يرون أن مقاطعة الأقباط حرام شرعاً حيث يقول مؤسس المجموعة علي صفحته "من الواضح أن هذا لن يفيد شيئا وسيزيد الطين بلة، وسيدمر البلد وسيفاقم من الشعور بالاضطهاد لدي المسيحيين في مصر وسيقتل كل انجاز للمواطنة أو المساواة أو خلافه. ما علاقة شركات الأدوية والاتصالات والنت بكل هذا وإن تملكها أقباط، إذا صح أن الكنيسة تضطهد المسلمات الجدد، فليكن للموضوع حلاً عن طريق الحوار أو التدخل الأمني أو غيره ولكن ما دخل المقاطعة وهل سيعيدون المحتجزات بهذه الطريقة" وهكذا فإن مؤسس الجروب ضد مقاطعة الأقباط لأنه منحاز لرأي المستشار طارق البشري الذي عبر عن رفضه للمقاطعة وإن قال في نفس التصريح "ليس معني رفضنا لممارسات أقباط الخارج، أو قيادات الداخل، عداوتنا للأقباط ومقاطعتهم وكأنهم أعداء". أما أفكار مثل وحدة الجماعة الوطنية وعنصري الأمة والعيش المشترك وحقوق المواطنة، فكلها كلمات ومصطلحات ليس لها مكان علي الانترنت. بل فقط أصوات المتشددين من كلا الجانبين وعلي رأسهم جبهة علماء الأزهر التي تخصصت في إشعال الحرائق والفتن وسب وقذف المثقفين. هذا الجدل الدائر علي الإنترنت يفتح مرة ثانية ملف موقع جبهة علماء الأزهر والتي سبق وأن تبرأ منها أكثر من عالم أزهري، كما صدرت أحكام قضائية ببطلانها، ومع ذلك فالموقع لا يزال يحمل اسم الجبهة وكل بيان من بياناتها يتم نشره بمصاحبة ختم الإشهار الذي حصلت عليه الجمعية من وزارة الشئون الاجتماعية، الأمر الذي يكسب بياناتها المثيرة للفتن قدراً كبيراً من المصداقية.