شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    رئيس الوزراء يهنئ شعب مصر والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى    التضامن تنظم إفطار يوم عرفة ل 70 ألف صائم في 25 محافظة    أستاذ تمويل: منصة التراخيص الإلكترونية نقلة نوعية لتسريع الاستثمار في مصر    «الشهر العقاري» تعلن تقديم خدماتها للجمهور خلال إجازة عيد الأضحى    إيلون ماسك مهاجما ترامب: بدون دعمي كنت ستخسر الانتخابات الرئاسية    ترامب: استثناء مصر من قرار حظر السفر لعلاقتها الوثيقة مع أمريكا    أول زيارة للمستشار الألماني للولايات المتحدة    الأردن يقترب من حجز بطاقة التأهل إلى مونديال 2026 بثلاثية في شباك عُمان    زلزال بجنوب إيطاليا يتسبب في انهيار جزئي بموقع بومبي الأثري    مبعوث ترامب: ممتنون لإسرائيل على استعادة رفات الرهينتين.. وعلى حماس قبول مقترح الهدنة    مدحت بركات: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس التزام مصر بالتعاون العربي    بيراميدز يتقدم على الزمالك في الشوط الأول لنهائي الكأس    مباشر مباراة إسبانيا ضد فرنسا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    مصطفى محمد يدعم الزمالك من مدرجات ستاد القاهرة في نهائي الكأس    «كل إناء ينضح بما فيه».. تعليق ناري من زوجة الخطيب على «سب» هاني شكري جماهير الأهلي    غرفة ملابس الزمالك قبل مواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر (صور)    حجاج الجمعيات الأهلية يتوجهون إلى مزدلفة مع غروب شمس عرفة    قرار هام بشأن أسئلة امتحانات الثانوية الأزهرية في مطروح (تفاصيل)    بروتوكول تعاون بين «التضامن» و«التعليم العالي» ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات    جميلة عوض تحتفل بالسنوية الأولى على زواجها.. "لا أصدق أنها اقتربت"    نانسي عجرم تشارك في مهرجان قرطاج 2025    ورش وعروض فنية في احتفال ثقافة المنيا بعيد الأضحى    صلاة العيد يوم الجمعة الساعة كام في مصر؟ رسميًا بالتوقيت المحلي    صلاة عيد الأضحى 2025.. موعدها وطريقة أدائها وفضلها العظيم    العيد بعد الطاعة.. «بهجة مشروعة»    نصائح لإعداد المعدة، كيف نستقبل أكلات العيد دون مشكلات صحية؟    استشاري تغذية يحذّر من الإفراط في تناول اللحمة خلال عيد الأضحى- فيديو    في العيد.. طريقة عمل لحمة الرأس بخطوات سهلة وطعم مميز    "التنظيم والإدارة" يتيح استعادة كود التقديم في مسابقاته عبر بوابة الوظائف الحكومية    ترامب يكشف تفاصيل محادثته الهاتفية مع رئيس الصين    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    نادي قطر يُعلن نهاية إعارة أحمد عبد القادر وعودته للأهلي    الرجل الثاني في الكنيسة الأرثوذكسية.. من هو الأنبا يوأنس سكرتير المجمع المقدس؟    "لو لينا عمر" أغنية لآمال ماهر بتوقيع الملحن محمدي في أول عمل يجمعهما    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    بعد إطلاق ال 5G.. رئيس اتصالات النواب يطالب بإلزام شركات المحمول بعدم زيادة الأسعار    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلغاء أنشطة وزارة الثقافة في 2016 !
نشر في أخبار الأدب يوم 26 - 12 - 2015


قال صاحبي: هل تصدق ما حدث، هل كنت تتخيل؟
نظرت إليه حاولت أن أتأمل ملامحه التي تنضح بالفرح الممزوج بالدهشة، وقلت: لم أصدق ولم أكن حتي أحلم بما حدث، مازلت أتساءل وكأنني أحلم.
فقال صاحبي: لقد حدث بالفعل، وكان لابد أن يحدث، وذلك بعد أن أصبحت وزارة الثقافة في السنوات الأخيرة قاعة للاحتفالات وداراً للمناسبات، تقيم الأفراح في الأعياد الوطنية والدينية وتنعي الموتي وتعود المرضي، تعمل دون رؤية أو استراتيجية، تحولت إلي مجموعة من الاقطاعيات يديرها مسئولون لا يعنيهم سوي الحفاظ علي مقاعدهم ومكاسبهم المادية، فلم يجد وزيرالثقافة (.. ..) أمام هذه الفوضي والحالة المتردية سوي هذا القرار التاريخي بإلغاء كافة أنشطة الوزارة لمدة عام، وإعادة هيكلة كل القطاعات، وقد بدأ بإلغاء لجان المجلس الأعلي للثقافة مبرراً هذا القرار بأنها لجان تملك ولا تحكم لمجموعة من المنتفعين، فقرارات هذه اللجان غير ملزمة والأعضاء يعرفون هذا وسخر الوزير من فكرة بعض اللجان وقال ماذا تفعل لجنة الشعر علي سبيل المثال، هل يحتاج الشعر إلي لجنة! فهل ستحدد اللجنة الموضوعات التي سيكتب فيها الشعراء هذا العام وإن كان نثراً أم تفعيلة، وربما تحدد الموضوعات التي يكتب فيها الشعراء، فهذا العام للسياسية، والتالي للحب وهكذا؟ وقال الشعر نكتبه ونقرؤه فقط والأمر أيضاً بالنسبة للقصة، فماذا تفعل سوي أنها تقيم ندوات لمجموعة من الموتي يحضرها بعض أعضاء اللجنة مع مجموعة من الموظفين والمقاعد الفارغة! وسألت صاحبي العليم ببواطن الأمور عن اللجان الأخري فقال: جميع اللجان تم التخلص منها وتسريح أعضائها، ثم فجأة صرخ صاحبي ضاحكاً أما لجنة المسرح فكان لها النصيب الأكبر من السخرية وأنت تعرفها جيداً ففي آخر دورتين وخلال أربعة أعوام حاربت اللجنة لعمل مهرجان معاصر بدلاً من التجريبي رئيسه ومديره والمسئولون عنه من لجنة المسرح، وهذا ما أثار الضحك.
وأضاف صاحبي وأنا لا أصدق مايقول ومازالت الدهشة تسيطر علي كل حواسي، لقد قرر وزير الثقافة استغلال ميزانيات هذه اللجان لإرسال الشباب في بعثات للدراسة في جميع التخصصات: في المسرح والسينما والأدب، بعد أن أصبح الجهل سمة وملمحاً رئيسياً للثقافة المصرية.
وقلت سأهاجم صاحبي بسؤال حتي أفيق من هذا الحلم فسألته وماذا فعل في مئات المهرجانات التي تقام كل عام، فجاءت إجابته قاطعة وأخبرني بأن جميع المهرجانات ألغيت في لحظة تاريخية قرر فيها وزير الثقافة تحقيق أحلام جماهير المثقفين وقرر إلغاء جميع المهرجانات وتحويل ميزانيتها لإنتاج عروضً مسرحية للشباب وأفلام لصغار المخرجين وإصلاح قصور الثقافة المغلقة، وتم استثناء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لارتباطه بالأجندة الدولية للمهرجانات، وقال ما حاجتنا للمهرجانات، فنحن نقيم مهرجانات للمسرح وليس لدينا عروض تصلح للمشاركة، لدينا عروض تشبه المسرح، فالأجدي لنا أن نصلح من حال المسرح قبل أن نحتفل به ونقيم المهرجانات.
وكان معالي الوزير الهمام قرر أيضاً إيقاف أنشطة الهيئة العامة لقصور الثقافة لمدة عام، والبدء في بناء مسرح السامر علي أرض السامر بالعجوزة بعد أن خصص الميزانية الخاصة بالمهرجانات والاحتفالات والأنشطة اليومية الروتينية التي تقيمها الهيئة لهذا الغرض وتساءل كيف تكون العاصمة بلا مسرح لقصور الثقافة وذلك بعد أن زار المبني البائس الذي يسمونه مقر إدارة المسرح وشاهد أرض السامر الذي نصبوا فيها مخيماً من الفراشة حيث يتم تأجير هذه الخيام في كل مهرجان! بل وقرر استغلال قصور وبيوت الثقافة في هذه الفترة التي ستتوقف فيها الأنشطة في محو أمية الملايين من المصريين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، وكانت هذه الفكرة لشاعر كبير أهملها وزير سابق، وقرر الوزير عمل ورش مسرحية للتمثيل والكتابة والرسم، وشمل القرار التوقف لمدة عام عن طباعة مئات الكتب الردئية التي تنشرها قصور الثقافة والهيئات الأخري وإعادة النظر في مشروع النشر بكامله بما في ذلك المجلات التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقال من سيتضرر من توقف هذا المشروع، ليس سوي بعض الكتاب والمسئولين عن السلاسل أما الشعب فلن يلاحظ شيئاً، أما العروض المسرحية، فسوف يغضب من توقفها بعض المسرحيين، لأن الجمهور لديه ما يشغله، وخاصة بعد أن أصبحت مجرد روتين لفرق الأقاليم، وابتعد تماماً عن الهدف الذي أنشيء من أجله هذا المسرح وهو تقديمه للجمهور، وأصبح الغرض منه العرض أمام لجنة التحكيم ليتم تصعيده للمهرجان الختامي، وربما القرية أو المدينة التي جاء منها العرض تجهل وجوده أصلاً والجمهور لا يعرف عنه شيئاً، فيجب أن يتوقف هذا المسرح فهو بلا جدوي ويستفيد منه فقط مجموعة من الموظفين.
كنت أستمع إلي صاحبي الذي ظل واقفاً وكأنه يخطب أمام الجماهير المحتشدة من فرط حماسته، وغمرتني أنا أيضاً النشوة وقلت له: لقد تحقق الحلم يا رجل فهل هذا معقول؟ ولكن هذه القرارات جاءت بمثابة العاصفة الني ضربت مئات بل وآلاف الموظفين في شتي قطاعات الوزارة، فماذا سيفعل هؤلاء بعد إلغاء الأنشطة والاحتفالات اليومية والمهرجانات الأسبوعية فهذه الأنشطة الدجاجة التي تبيض كل يوم حوافز ومكافآت، فكيف يذبح هذا الوزير الدجاجة؟ والله ياصاحبي ربما يذبحونه قبل أن يمس هذه الدجاجة بسوء! فغضب صاحبي وصرخا سيمضي الوزير الشجاع في طريقه وسيعصف بكل من يعطّل مسيرته، وصمت قليلاً وقال : لقد ألغي الوزير كل إدارات الإعلام في الوزارة، حيث عشرات الأخبار التي تبثها كل يوم عن السيد رئيس هذا القطاع أو ذاك، أين ذهب وكيف عاد، ومدي حبه للبلاد والعباد، وأنه يحترق بنار الثورة وبركان الوطنية بداخله علي وشك الانفجار! وتلقب هذا بالشاعر الكبير، وذاك بالمسرحي العتيد، لقد افتتح الشاعر وزار الشاعر ونعي الشاعر، وهذا الشاعر بدون شعر فلا نعرف له شعراً ولا نثراً، وقال الوزير يجب أن نعمل في صمت بعيداً عن قائمة الصحفيين التي تأكل وتشرب وتنام في فنادق كبري دون أن تفعل شيئاً سوي تلميع المسئولين ومنحهم ألقاباً وصفات لا يعرفون عنها شيئاً.
فقلت لصاحبي لديه كل الحق لقد أصبحت وزارة الثقافة مجموعة من الصور والأخبار في المواقع الإليكترونية والصحف للمسئولين والوزير، فهذا يبتسم وهو يقص شريط مكتبة لن يذهب إليها أحد، وهذا المسئول يشاهد عرضاً مسرحياً ويصفق، ويؤكد أن تصفيقه هذا يدل علي نهضة المسرح، وذاك يسلم علي طفل رسم نخلة شاهدها في التليفزيون! وهكذا عشرات الصور . فصرخ صاحبي: نعم لابد من القضاء علي هذا الفساد، لقد أرسل الوزير هذه القرارات إلي الشئون القانونية وأكدت حقه في هذا الإجراء فأوصي في البدء بالتنفيذ علي الفور.
وفي اليوم التالي خرجت جماعات من الموظفين علي رأس كل جماعة مسئول أنيق غالباً هو المدير حيث تحرك البعض من دار الأوبرا نحو كوبري قصر النيل وجماعة خرجت من شارع القصر العيني وأخري جاءت من كورنيش النيل ناحية بولاق أبو العلاء والتقت الجموع في ميدان التحرير، ولكنها كانت أعداداً ضئيلة، السواد الأعظم منها من أصحاب الياقات البيضاء من وكلاء الوزارة وخلفهم السكرتارية وبعض الموظفين الصغار، فالغالبية العظمي لم تهتم، ووقفوا في الميدان، والناس تنظر إليهم بعين الشك والريبة، وتسأل من هؤلاء؟ فقال أحد المارة إن هؤلاء رؤساء القطاعات في وزارة الثقافة، فسأل الرجل وماذا يفعلون، صمت الرجل قليلاً ثم قال: يقيمون المهرجانات والاحتفالات مقابل الحوافز والمكافآت، فغادر الرجل ومن معه من المتفرجين، وظل هؤلاء المسئولون في الميدان ومعهم السكرتارية وبعض المخلصين، ينظر إليهم المارة كمن يشاهد تمثالاً أو شيئاً غريباً، ولأن أعدادهم قليلة فقد احتلوا مساحة صغيرة لم تؤثر علي حركة المرور، ينظر إليهم المارة ويعبرون، ولم يغادروا حتي الآن وأصبحوا جزءاً من عمارة الميدان واعتاد عليهم المارة، وتخلصت منهم الثقافة والمثقفون، ومضي الوزير في قراراته التاريخية بعد أن تخلص من هؤلاء المنتفعين.
واستيقظت أنا من نومي لأجد عشرات الأخبار في بريدي الإليكتروني عن عشرات المهرجانات والندوات والحفلات التي سوف تقيمها وزارة الثقافة اليوم، مشفوعة بصور هؤلاء المسئولين وعلي وجوههم ابتسامة ساخرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.