بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    «المصري اليوم» تُحلل خارطة المقبولين في كلية الشرطة خلال خمس سنوات    الري تحذر من نشر بيانات غير دقيقة أو استخدام شعار الوزارة دون تصريح    البامية وصلت 50جنيها: أسعار الخضار بمطروح    أمل جديد في غزة.. اتفاق مبدئي بين إسرائيل وحماس برعاية أمريكية ومصرية    حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة تتجاوز 67 ألف شهيد منذ أكتوبر 2023    وزير الرياضة يكشف مستجدات أزمة الزمالك وأرض 6 أكتوبر    حملات تموينية مكثفة تضبط فراخ فاسدة وعصائر مجهولة المصدر بأبوقرقاص    "مكناش قاصدين نخلص عليه".. ننشر نص اعترافات المتهمين بقتل البلوجر يوسف شلش    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديها على تلميذ داخل الفصل    بحضور عبدالصادق الشوربجي.. "المسلماني" يفتتح استديو ماسبيرو النهري بالمنيل    قصور الثقافة تواصل مشاركتها في معرض دمنهور الثامن للكتاب    بسبب ضعف الإيرادات فيلم "المشروع أكس" مهدد بالسحب من دور العرض    وزير الصحة يجري جولة تفقدية مفاجئة لمستشفى جراحات اليوم الواحد بالمرج    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    بعد 24 ساعة من حكم الإعدام.. "القودة" تنهي خصومة ثأرية في أبو حزام بقنا    سوروب: الأهلي في إفريقيا مثل برشلونة وبايرن ميونخ.. والتواجد هناك فرصة فريدة للنجاح    جامعة بني سويف الأهلية تحقق في قبول 4 طلاب مخالفة لقواعد التنسيق    استقالة جماعية لقيادات أمانة حزب العدل بكفر الشيخ    الاتصالات : تخريج أكثر من 5 آلاف متدرب من مختلف المراحل العمرية من 14 محافظة    وكيل الصحة بالدقهلية: متابعتنا مستمرة لرصد أي نواقص بالأدوية وتوفيرها فورا    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    رأي توفيق الحكيم في المرأة والحب.. السر في البطاطس    استمرار تلقي طلبات الترشيح لمجلس النواب بسوهاج    جائزة نوبل فى الأدب.. توقعات وإحباطات سنوية    الداخلية تضبط 134 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    زيلينسكى يتهم روسيا بمحاولة زرع الفوضى فى أوكرانيا بقصف منشآت الطاقة    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل محافظ القليوبية لبحث تعزيز التعاون    بسبب تراجع الطلب وعزوف المواطنين عن الشراء… فوضى وارتباك فى السوق العقارى    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    أشرف زكي لليوم السابع: وقف الحرب انتصار للإرادة المصرية وحفظ حقوق فلسطين    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    67 ألف شهيد و170 ألف جريح.. حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة    6 ميداليات لمصر في صباح اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء    الرئيس السيسي يوجه رسالة لمنتخب مصر بعد تأهله لكأس العالم    الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    صبحي: لسنا راضين عما حدث بمونديال الشباب وسيتم تغيير الجهاز الفني    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    آخر موعد للتقدم بأوراق الترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    تعدي على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة.. إزالة 22 حالة تعدي فى أسيوط    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    أسعار الدواجن والبيض بأسواق القليوبية اليوم الخميس 9-10-2025    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    أ ف ب: واشنطن تحضر نص خطاب يفترض أن يدلي به ترامب لإعلان التوصل لاتفاق بشأن غزة    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دورة ما بعد الحداثة: مأزق النقد المُبدِع في محيط أكاديمي

يقع ما لا نتخيل في مكانٍ ما، بين مملكة الرضا وبحار الهستيريا، فهو يعوِّق الجغرافيات كلها، ويخادع روح المسافر المارّ، دون قصد في عالم أمكنتها، وقتَ الترددات. ولو عاد امرؤ ليحكي قصته، فقد يعرف كيف يتهجي مصير الإنسان. هذا ما يقوله الراحل إيهاب حسن في كتابه دورة ما بعد الحداثة ز الصادر مطلع هذا العام عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، وتُرجم إلي العربية للمرة الأولي، علي يد المترجم محمد عيد إبراهيم. حسن يقول عن كتابه هذا إن مقالاته تدور حول سؤال ما بعد الحداثة في الغرب، ثم تدور أخيرًا بعيدًا عنها، ويتجاوز مداها أكثر من عقدين. لقد اختار حسن مقالاته بعناية لتعزز كلامه، عن ما بعد الحداثة، أكثر من مراجعة أسئلتها، وتناقشها من جديد. هذا ويذكر حسن أن الأكاديميين تفادوا كلمة ما بعد الحداثة، لأنها تحدد منطوقًا ملتبسًا. غير أنه يري أن المصطلح أصبح الآن مميزًا لنزعات في السينما، المسرح، الرقص، الموسيقي، الفن والعمارة، الأدب والنقد، الفلسفة واللاهوت، التحليل النفسي، التاريخانية، في علوم جديدة، تقنيات نُظُم، وأنماط الحياة الثقافية المتنوعة. ويكمل قائلًا إنه في الواقع، تتلقّي ما بعد الحداثة الآن اعتناقًا روتينيًّا من المنح القومية للعلوم الإنسانية في صورة منتديات صيفية لأساتذة الكليات، والأكثر أنها تخللت خطاب نقّاد الماركسية المتأخرين، منذ عقد مضي، فقد نبذوا المصطلح كلحظة أخري من النافل والبِدَع، وكضجة فارغة بمجتمع استهلاكي. الدال والمدلول
كذلك يؤكد حسن أن مقالاته المختارة هنا والمكتوبة بصرامة علي مدي عشرين عامًا تركز علي ما بعد الحداثة، لكنها تستعرض أساليبَ وأنماطًا مختلفة، بمرح ينقلب إلي كآبة. المقالات تريد، مثلما يري حسن، أن تحدد هذه الحركة، الحادثة، بدقة، حتي لو بقيت نفسها جزءًا من لحظتها، ومع ذلك تقاوم ما بعد الحداثة، كالحداثة نفسها، فئة متنافسة إلي حد ملتهب، الدال والمدلول معًا، تكيّف ذاتها في عملية الدلالة، وقد يصبح جهد الحديث بها غير مجدٍ تمامًا. وهو جهد جهيد بلا نهاية، تعصبٌ ما يزال يستحق اهتمامنا اليقظ ولو لترميز اختياراتنا الثقافية، رواياتنا عن حقيقة تاريخية، تصوراتنا عن أنفسنا، كما نحن، كما نريد، وقد لا نجد بديلًا في كوننا الحواريّ التعدديّ عن هذه الإجراءات.
اللاحتمي والتلازم
يعترف كذلك حسن بتواطئه فيما بعد الحداثة، ما يدعوه كُرْهًا ما بعد الحداثة، دون التخلي عن مقتضيات الوضوح والنقد. تنشأ في القسم الأول من الكتاب تصورات لما بعد الحداثة في النزعات السلوكية والرومانتيكية والحداثة، في تقليد الصمت الممتد إلي وقتنا الحالي، والصمت هنا مجرد استعارة. فيما يقارن في القسم الثاني، الذي يضم ثلاثة فصول، ما بين الحداثة في مراحل تطورها المتنوعة وما بعد الحداثة، دون تحديد لأي منهما، مؤكدًا في العموم علي شكلانية / تراتبية الحداثة، لا شكلانية / فوضوية ما بعد الحداثة. هذه المقالة، كما يري حسن، تدمج الحداثة بسهولة تامة مع بدايات الطليعيين، وتزدهي بالعنصر الرؤيوي في أدب ما بعد الحداثة. ثم يستعرض بعد ذلك فهْم ما بعد الحداثة مدركًا أن اللاحتمي والتلازم / اللاحتمية هما متجهاتها الحاكمة، لاعبًا علي تجانسات فن وعلم ومجتمع ما بعد الحداثة. فيما تملأ النظرية النقدية بتدقيق القسم الثالث، حيث يمتزج الأدب والنقد باطراد، فيما بعد الحداثة، مناقشًا صعوبات ما بعد الحداثة، معترفًا بها كي يصل إلي مفهوم عملي للتمييز ما بين الطليعيين والحداثيين وما بعد الحداثيين، راسمًا جدولًا تجريبيًّا تمهيديًّا لملامحها المختلفة. هذا ويقول حسن عن ما بعد الحداثة إنها استجابة مباشرة أو منحرفة لما لا نتخيل، وإن ما بعد الحداثة تلمّح بأقصي لحظاتها التنبؤية، وهي ليست بالتأكيد نزعة لا إنسانية للفنون التي تعنينا الآن، بل لِلا إنسانية الكوكب ونهاية الإنسان. كذلك يُراجع حسن مأزق النقد المُبدِع في تيار من محيط أكاديمي. يحجب هذا التقلب شبه النقدي اهتمامًا طال النقاش فيه عن الوضع الأدبي ما بعد الحداثي، حيث يتوقف سريعًا إبدال ما بعد البنيوية إلي مطابقة تفكيكية من المراوغات. هذا ولا يُخفي حسن تساؤله ماذا وراء ما بعد الحداثة؟. ويجيب قائلًا: قد نسأل، قد نرد، لكن لا أحد يعرف حقًّا. ثم يأمل أن يكون هناك اهتمام ب إيديولوجية جديدة، بعلم أقل من البراجماتية، أو مولدات الإيمان. إنه يأمل أن نُشفي من هذا الجدب. حسن يري أن ما بعد الحداثة قد صارت مأسورة بين ضراوةٍ إيديولوجية ورعونةٍ كاشفة، مأسورة في ابتذالها، نوعًا من المزاج الانتقائي، المجون الصقيل للذائذنا المقتبسة، وجحودنا المتواضع. ثم يكمل حسن فيقول إنه في خطاب الغرب التنافسي وضع تنقيحُ ما بعد الحداثة نفسه علي المحك، لم يعد مأخوذًا بكلامها، بمصطلحاتها، المصطلحات ذات الجانب الإيجابي، وإنه ليس لنا في وقتنا الحالي ألا نختار بين الواحد والمتعدد، الإنسانية والتفكيكية، الجماعة ونشر المعلومات. وينهي حسن قوله في هذا الصدد قائلًا إننا نعيش في كون إنساني واحد، ويدهش بعضنا بعضًا بالتوافق. هذا هو العالم المشروط، الأمل الخالد، لدورة ما بعد الحداثة.
أدب الصمت
في القسم الذي سمَّاه فاتحة ما بعد الحداثة، وفي مقال عَنْونَه بأدب الصمت، يقول حسن إن الأدب يتحول ضد ذاته، ويتوق إلي الصمت، يمضي في تلميحات مقلقة من الانتهاك والرؤيوية. وإن وُجِد طليعي في عصرنا فقد ينوء بالكشف عن انتحار. ويكمل في هذا الاتجاه مضيفًا أن مصطلح الأدب ز يأتي بإزاء لا مادة ز للترميز فقط، وليس انحرافًا لأشكال، بل لنوايا وطاقة تنقلب للخارج. فهل يكون المستقبل عندئذ وبكامله شريدًا، وكارثة لكل من يزاول الأدب؟. . حسن يذكر كذلك أن ما يزعمه الصوفيون من أن الكتابة دائمًا هي سبيل للخروج، وأن نهايات الأشياء تؤذن ببدايات الجديد. لكن هذا ما هو إلا صيغة للمفارقة رغم ذلك، فالصمت في الأدب ليس نذيرًا بموت الروح، بالضرورة. ثم يعود ليقول إن أدب الصمت يتوصل إلي إنكار الزمن الذي كرمته وظائف الأدب وإنْ بوسيلة أخري. وفي موضع آخر، وبتأمل بعيد يري حسن أن سلطة الحداثة الفنية، الثقافية، الشخصية، ترتاح إلي نظم انفعالية نخبوية طاقتها ذاتية في أوقات الأزمة، وربما شفرة هيمنجواي هي النموذج الصارخ، وتقاليد إليوت، أو مراسم ييتس هي الأكثر انحرافًا. ثم يعود حسن لتساؤلاته قائلًا ألنا أن نفهم ما بعد الحداثة في الأدب دون مسعي لاستيعاب سمات مجتمع ما بعد حداثي؟ ثم يصل إلي أن يقول إن ما بعد الحداثة محيرة، إلا أنها مصطلح مشرق يُستعمل بدهاء لتقييم الكُتاب، مهما كانوا متفاوتين. هذا ويقول حسن إننا يمكن أن نسمي التغيير في الحداثة هو ما بعد حداثة. وبرؤية السابق بعيون اللاحق، نبدأ تمييز أشكال ثانوية قريبة لنا الآن من الحداثات العظمي التي سوف تُقلق الطفل ذات يوم. حسن يري أيضًا أن ثقافة نقد الأدب ما زالت محكومة بادعاءت الحداثي. ويصح هذا خاصة لدي مهنة الأكاديمي، باستثناء لغوي معين، بنيوي، أو مع مدارس التأويلية، لكنه يصح أيضًا لدي الثقافة المزعجة بإعلامنا. ويحذر حسن من الأحكام العفوية للإعلام الذي يلعب دورًا قوميًّا وقحًا وحاسمًا. حسن يتساءل أيضًا متي تنتهي مرحلة الحداثة؟ متي تنقطع الحداثة وما بعدها؟ إلامَ سيدعونا القرن الواحد والعشرون؟ هل سيأتي صوته من جانب قبورنا؟ أم هل ستمتد الحداثة لتشمل حياتنا؟ وإن كان قولنا ليّنًا، فهل ستعطي إحساسًا مستجدًا بالزمن؟ نهايةً لدورة الأحداث النظامية؟ وصولًا بطيئًا للتزامن؟ لو تغيّرَ التغيير بسرعة أكثر وصدمنا المستقبلُ الآن، فهل سيقاوم الإنسان، أكثر مما قبل، كلًّا من النهايات والبدايات؟
صراع أجيال أدبية
حسن يري في مقال آخر أن القاريء يود أن يحكم بنفسه كم تخترق الحداثةُ الحاضرَ، وكم يحتوي الحاضر علي عناصر حقيقة جديدة. ويؤكد أن الحكم لا يصاغ دائما بالعقل، فقد يتدخل حب الذات وخشية الفناء في ذلك كثيرًا كصراع أجيال أدبية، ومع ذلك قد نلحظ بينما تخلق الحداثة، باستثناء الدادائية والسوريالية، أشكالها الخاصة من سُلطتها الفنية بدقة، حيث لم يعد المركز قائمًا، كذلك نلحظ أن ما بعد الحداثة تميل باتجاه فوضوية فنية في تعقيد أعمق مع أشياء تتساقط، أو تميل إلي الشعبوية. وفي الأخير يؤكد أنه لا يستطيع أن يقترح تعريفًا دقيقًا لماهية ما بعد الحداثة، إذ ما تزال مراجعاتها الذاتية تستحث مفكرين متنافرين لنقاش توابعها.
وفي مقاله التعددية من منظور ما بعد حداثي، يتساءل حسن لماذا التعددية الآن؟ ويستعيد هذا السؤال في ذهن حسن سؤالًا آخر لكانط طرحه منذ قرنين: من نحن الآن؟ ويجيب حسن فيقول إن الرد كان تأمليًّا لافتًا بحضور تاريخي، كما رأي ميشيل فوكو. لكنّ حسن يتأمل الموضوع اليوم ليستفسر حقًّا عن ماهية ما بعد الحداثة الآن؟ حسن لا يستطيع أن يقترح تعريفًا دقيقًا لما بعد الحداثة أكثر من تعريف الحداثة نفسها، غير أنه حاول في كتابه هذا أن يضع تعريفًا لما بعد الحداثة، فاقترح أحد عشر تعريفًا لها منها: اللاحتمية، التشظي، اللاتقديس، الغيريّة / السطحية، اللاحاضر / اللامتمثل، التهكم، تخليط الأجناس، التلازم.. وعن هذه التعريفات يقول إنها تتجمع بمعقولية وربما بعبثية، ويندهش من تعادلها ضمن تعريف ما بعد الحداثة، إذ يظل بذروته مفهومًا ملتبسًا. حسن لا يعتقد أن تعريفاته الأحد عشر قد تخدم في تمييز ما بعد الحداثة، إذ تبقي الأخيرة بذاتها حيلة ضاربة بتواريخنا الأدبية. ومع هذا يري حسن أن ما بعد الحداثة تبطل الذات التقليدية وتحاكي محو الذات أو نقيضها، تضاعيف الذات وانعكاسها. أيضًا يذكر حسن أن فن ما بعد الحداثة كسلَفه غير واقعي، غير منخرط، حتي واقعيته السحرية تذوب في حالات مادية، وتقاوم ملامحه السطحية المحكمة المحاكاة. إلي جانب هذا يقر حسن أنه لا يعرف كيف يمنع التعددية النقدية من أن تنزلق إلي الأحادية أو النسبية. كذلك لا يعرف حسن أن يمنح للأدب أو النظرية أو النقد هيمنة جديدة علي العالم. نهايةً يذكر حسن أن بعض كتّاب ما بعد الحداثة يزعمون أنهم ينسون آمرنا المعرفي الأساس، بينما يزودنا آخرون، النقاد الاجتماعيون أساسًا، بمعانينا كافة من نظام طوطمي أو آخر، ولا ملجأ قد نخرج إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.