عشرون عاما وأنت توقظني من نومي فجر يوم 6 أكتوبر وجهك مشرق وابتسامتك عريضة تطبع قبلة حارة علي خدي تغني لي بصوتك الأجش مقلدا صوت فريد الاطرش وهو يشدو بصوته العذب : "يامالكة القلب في ايدك دا العيد الدنيا يوم عيدك ". في سنوات الخطوبة كنت تأتيني في يوم ميلادي بوردة واحدة حمراء طويلة الغصن ، ناعمة الملمس تطبع قبلة ملتهبة فوق جبيني نظرات والدتي ترقبك في حذر وأنت تخرج من جيبك لفافة صغيرة بها هدية عيد ميلادي أفرح بالوردة الحمراء أكثر من فرحتي بالهدية أضع وردة الحب الصافي في كوب ماء فلم أكن أملك بعد فازة كريستال أحتفظ بالوردة في غرفتي بجوار فراشي كل ليلة قبل أن أستسلم للنعاس أمسك بالوردة بوله شديد ألمس أوراقها و ألصقها علي خدي تداعب أوراقها بشرتي أتخيل أنها أصابعك الملساء تحملني الأحلام معك بعيدا في جنة وارفة الظلال! في سنوات الزواج الاولي كنت تأتيني في يوم ميلادي بباقة من الورود ولفافة كبيرة هدية عيد ميلادي ارتفعت قيمتها سنة بعد سنة فرحتي بالورود تفوق فرحتي بلفافة الهدية أري في باقة الورد رقة مشاعرك ورهافة أحاسيسك أضع الورود في زهرية كريستال تزين صالوننا الكبير وضحكات وصرخات أولادنا تملأ عشنا السعيد ازدادت مسئولياتك وسفراتك المفاجئة لكنها لم تمنعك أبدا من أن تكون في البيت "ليلة العيد الكبير" أضحك وأقول لك : " العيد الكبير ليلة العاشر من ذي الحجة" وتقول لي ضاحكا : " العيد الكبير ليلة العاشر من رمضان يوم 6 اكتوبر" مصركلها بتحتفل بيوم عيدك ! وأنا طول عمري وأنا بأغني لك يامالكة القلب في ايدك دا عيد الدنيا يوم عيدك !" عودتني كل سنة أن تقيم لي حفلة عيد ميلاد كبيرة تعد بنفسك كل شيء تضع الورود في الزهرية الكريستال تخرج طقم الشاي البورسلين التشيكي الفاخر تضع التورتة في طبق فضي ثمين تطفئ أنوار البيت تضيء شمعة واحدة تضعها وسط التورتة تقف دائما بجواري ذراعك حول خصري أولادنا وأصحابنا من حولنا تضع يدك بحنان علي كتفي نطفئ الشمعة معا في نفس واحد تطبع قبلة العيد علي خدي وتقول : "سنة حلوة فاتت علينا والسنة الجاية أحلي ان شاء الله" تخرج من جيبك لفافة صغيرة تفتح علبة مخملية تتلألأ بداخلها هدية من الماس أو اللؤلؤ أو المرجان. هداياك الثمينة ملأت صندوق مجوهراتي تنساب منه أنغام موسيقية عذبة كلما فتحته كل قطعة منها تذكرني بعيد من أعياد ميلادي عقد اللؤلؤ الحر هدية عيدي الثالث والثلاثين يومها قلت لي: " عقد اللؤلؤ حا يفكرك بعقد الفل واحنا طلبة بنتمشي علي كورنيش إسكندرية !" الخاتم السوليتير هدية عيدي الاربعين بعد عشرين سنة من زواجنا يومها قلت لي : "كنت أتمني أقدمه لك أول يوم اتقابلنا فيه !" هذا العام، أقبل 6 أكتوبر فتحت صندوق مجوهراتي لم أر ذهبا ولا ماسا ولا لؤلؤا ولا مرجان وجدت الصندوق مليئا بقطع من المعادن والأحجار خبا بريقها لم تعد تتلألأ في بريق عينيك بعدما أطبقتهما لآخر مرة منذ عدة أعوام (وداعا)