وِسامٌ لأحفادِ البَلْطَة

إلي بَلطٍة رأيتُها تَلمَعُ في حزامِ طالعِ النخل

أَصلُنَا شريف
ولَنَا أقاربُ يَعمَلونَ مع الملائكةِ.
بيوتُنَا كثيرةٌ وجَدَّتُنَا واحدة
توائِمُ لكِنَّنَا مختلِفون
هكذا أنتم
تُطلِقونَ اسمَ الجَدَّةِ
علي آلافِ الأحفاد
تَجمعونَ النُّجومَ في سَلَّةٍ واحدةٍ
فتَمْسَخونَ السَّمَاء.
قَبيلَتُنَا سيئةُ السُّمْعَةِ
رؤوسُنَا حَجَرية
وسَنَبقَي رَمزا للوحوش
هَكَذا أَنتم
تُعلِّقونَ أوساخَكم في ملابسِ الآخَرين
وتَختالونَ عليْنَا بوسامٍ مَسروق.
لَنَا عارُنَا
لا بُدَّ وأنْ نَعترِف
لكُلِّ قبيلةٍ عارُهَا
لكُلِّ إنسانٍ عارٌ لا بُدَّ مِن دَفنِه
كي لا تَهرُبَ العصافيرُ مِن أصابعِه
لماذا تدفنونَ أرواحَكم
وتُطلِقونَ عارَكم في الشوارع
يَنقُرُ النوافِذَ المغلقَةَ
ويَرقصُ عاريا في الفنارات؟
وَجْهُنَا واحِدٌ
لا لأنَّنَا توائِمُ
بلْ لأنَّنَا نَكْرَهُ الَّلفَّ والدوران
قلوبُنَا خَشَبيةٌ
ونُقدِّسُ الشَّرَف.
كُلَّمَا ضَلَّتْ إحدَي بناتِنَا
ألْقَيْنَاهَا في بِئرٍ.
بالأمسِ فَقَط
وَقَفْنَا علي حافةِ الهوةٍ السَّحيقة
وانتَظَرْنَا آخِرَ فقاعةٍ
تَطلُعُ مِن شقيقتِنا.
بالأمسِ فَقَط
سَحَبْنَا دَمَنَا مِن فاجرةٍ
مَشتْ مع رَجُلٍ
شَقَّ أُخْدودا في رأسِ عَمّتِه
حين نازَعَتْهُ علي الميراثِ
ودَفَنَهَا فِيه.
رؤوسُنَا حَجَريةٌ
وقلوبُنَا شَجَرٌ
ماذا نَفعَلُ حتَّي نَطيرُ في سمائِكم
بأثوابِنَا النَّظيفةِ؟
لماذا تَشمَئِزّونَ
كُلَّمَا ظهرتْ بَلْطَةٌ في كلامِكم ؟
لماذا تَزُجُّونَ باسمِ جَدَّتِنا الطيبةِ
كُلَّمَا بَحَثْتُم عن علامةٍ
لأسوأِ ما فِيكم ؟
القلوبُ التي تَقفِزُ فجأةً
لِتَشُقَّ جماجِمَ الأشقاء
لم تَكُنْ مِنَّا.
فَتَنَتْنَا رؤوسُكم
منذُ الوهلةِ الأولَي
رأيْنَا ثَمَرا يَطلُعُ مِنْهَا
فَقُلْنَا جَنَّةٌ وزَوَّجْنَاكم بناتِنَا
رَقَصْنَا كثيرا في أفراحِكم
ولم نَكُنْ المعازيمَ
ولأنَّنَا لا نَفهمُ الضَّغَائِنَ
مَكَثْنَا في الزَّوَايا المُظلِمةِ ورَقَصْنَا.
بالأمسِ فَقَط
رَقَصتْ كُلُّ بَلْطَةٍ في العالَمِ
ما إنْ تَنَاثَرتِ البراويزُ
وطارتْ في الوحْلِ صورةُ الطاغية
رَقَصْنَا وانْصَرَفْنَا بخاطرٍ مكسور
وأنتم تَلصِقونَ اسْمَ جَدَّتِنا
برجالٍ ليسوا مِنَّا
خَرَجوا في المُظَاهراتِ
وأَلْقُوا الشهداءَ في مَقَالِبِ القِمَامة؟
نَحْنُ أحفادُ البَلْطَة
وقَفْنَا كثيرا مع الفَلاحينَ والعُمَّالِ
أشْفَقَتْ جَدَّتُنَا عليهم مِن قَسوةِ العالَمِ
فَأَنْجَبَتْنَا لِنَجْدَتِهم.
قلَّمْنَا جذوعَ النَّهرِ
وطَرَدْنَا مِن أغصانِه الوحوش.
دَخَلْنَا في أصابعِ النَّاسِ وصِرْنَا مِنْهم
كُلَّمَا نَادَاهُم خوفٌ جَاوَبْنَا
كُلَّمَا طَرَقَ أضلاعَهم عِفريتٌ
رَفَعْنَا جَمَاجِمَنا وضَحِكْنَا علي فِرَارِه.
نَحْنُ أحفادُ البَلْطَة
نَاسَبْنَا بَشَرا
لكِنَّ العِرْقَ دَسَّاس
جَمَعْنَا القَبيلةَ كُلَّهَا
حِينَ فَجَرتْ أُولَي شَقيقاتِنَا
كِدْنَا نَنْتَحِرُ جَمِيَعا في شلالٍ
لَكِنَّهَا انتحرتْ قَبْلَنَا فَوَقَفْنَا
بَكَيْنَا يوْمَهَا.
بَكَيْنَا كَثِيرَا
منذُ سَرَي في سُلالَتِنَا
دَمُ البَشَر.