اليوم .. وزارة الداخلية تُعلن شروط قبول الدفعة العاشرة من معاوني الأمن (تفاصيل)    بطريرك الأقباط الكاثوليك يلتقي كهنة الإيبارشية البطريركية    اليوم.. «محلية النواب» تناقش إجراءات الحكومة بشأن تطوير وتحديث مواقف سيارات نقل الركاب    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    «المالية» تعلن تبكير مواعيد صرف مرتبات شهر يونيو    الطرق الصوفية تعلق على قرار السيسي بتطوير أضرحة آل البيت    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "سكن لكل المصريين" بالمدن الجديدة    جولة لأوقاف الإسكندرية على مساجد العامرية    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض "الإبداع في التصميم التنفيذي للمنشآت الخشبية الخفيفة"    انطلاق فعاليات الملتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية.. اليوم    أسعار اللحوم اليوم الأحد 12 مايو 2024.. البتلو ب 450 جنيهًا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 12 مايو    الأونروا: نزوح قرابة 300 ألف شخص من رفح خلال أسبوع    شولتس: الهجوم الإسرائيلي البري على رفح سيكون عملا غير مسؤول    زوارق جيش الاحتلال الإسرائيلي تقصف رفح الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: القيادة المركزية الأمريكية تسقط 3 مسيرات جنوب البحر الأحمر    موعد مباراة الزمالك ونهضة بركان في ذهاب نهائي الكونفدرالية والقنوات الناقلة    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    مصرع شاب في حادث تصادم بطريق شبرا بنها – الحر في القليوبية    «الأرصاد»: انخفاض درجات الحرارة في القاهرة اليوم بسبب كتل هوائية أوروبية    موعد عيد الأضحى المبارك 1445ه: تفاصيل الإجازة وموعد وقفة عرفات 2024    تحسين مظهر تطبيق واتسآب للأجهزة المحمولة    الرئيس السيسي: مصر لديها خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة والصالحين    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح أعمال تطوير مسجد السيدة زينب (فيديو)    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    طريقة عمل مولتن كيك، في البيت باحترافية    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    عاجل.. حدث ليلا.. قمع واعتقالات بمظاهرات تل أبيب وغضب في لبنان بسبب عصابة التيكتوكرز    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    رئيس اليمن الأسبق: نحيي مصر حكومة وشعبًا لدعم القضايا العربية | حوار    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12- 5- 2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية قد تبدأ خلال ساعات بشرط وحيد    ارتفاع مبيعات الجملة للسيارات في إبريل بواقع 9.3% سنويا    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    الحكومة: تعميق توطين الصناعة ورفع نسبة المكون المحلى    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    تحذير مهم من "تعليم الجيزة" للطلاب وأولياء الأمور لهذا السبب    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    يسرا: عادل إمام أسطورة فنية.. وأشعر وأنا معه كأنني احتضن العالم    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 12 مايو 2024 (للبيع والشراء)    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة نهضة بركان    "الأوقاف" تكشف أسباب قرار منع تصوير الجنازات    على خطى مبابي.. نافاس يعلن رحيله عن باريس سان جيرمان    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    أخبار × 24 ساعة.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    بعيداً عن شربها.. تعرف على استخدامات القهوة المختلفة    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حارة أم الحسيني:عالم القاع بعيون شهدي عطية
نشر في أخبار الأدب يوم 07 - 08 - 2010

الكتاب أو العمل الأدبي الذي نحن بصدد تناوله عنوانه »حارة أم الحسيني وقصص أخري«. القصص الأخري هما قصتان قصيرتان: »من الجامعة إلي الوظيفة«، و»جمال رخيص« نشرتا عام 6391، »وحارة أم الحسيني«، رواية، نشرت عام 6591، أي بينهما عشرون عاما، ولذا سأبدأ بالقصتين حيث هما أول عمل أدبي معروف له حتي الآن. وأرجو أن تناقش تلك الأعمال بمعايير زمانها، إذ لايمكن أن تكون لنا معايير حاليا لكنها ذات أثر رجعي نحن في عام 6391، وقد وقعت بعض الأحزاب المصرية معاهدة 6391، ويري من وقعوها أنها معاهدة الشرف والكرامة، ويري من رفضوها انها معاهدة الخيانة والتخاذل. وتحتل قضية القيم والمباديء مكانة رفيعة ويتنقل البعض من مواقع تقديسها إلي مواقع تقديس المصلحة أولا، مهما كان الثمن. وهكذا يجيء بطل قصة من الجامعة إ لي الوظيفة، حيث تختل كل المعايير وتصبح الانتهازية منهاجا، وحيث لايجد أمامه سبيلا للترقي غير الخضوع لمناخ الوظيفة، وما فيه من عفن فيضحك لما يكره، ويقبل ما يخالف ضميره، ويصبح منافقا عربيدا، خادما لمزاج رئيسه، يحسب في كل خطوة يخطوها عائدا من الكسب أو الخسارة، وهو دائم البحث عن المكسب مهما كان الثمن. ويستيقظ في النهاية ليجد نفسه رئيسا، لكنه رئيس عفن، ويبكي.
وقصة جمال رخيص هي أيضا قصة التخلي عن المبدأ. كيف يتحول الداعية للصلاح والتقوي إلي سكير متهتك. والسبب امرأة جميلة لكنها أكذوبة. أظهرت له المودة فأحبها وملأ الدواوين شعرا بحبها ورقتها. استسلم لصورة رسمها حولها وعاش أحلاما معسولة بجميل الأماني وفجأة يكتشف أنها عاهرة، مومس مخادعة ولصة سلبته نقوده واحلامه. فينهال عليها عضا وتقبيلا. فتستسلم له وتهمس أنها ما أحبت أحدا كما أحبته الآن، لكنه يبدي اشمئزازه منها ويقذف لها بقطعة فضية من النقود، ثمن ما أخذه الآن منها، ويبتعد عنها وقد ضاع معه الطريق، يملؤه السخط المرير وكره الحياة.
هاتان القصتان تنشران الآن بعد نشرهما الأول بحوالي خمسة وسبعين عاما ألا يعني هذا شيئا؟
أن هذا النشر ليس للذكري فقط، لكنه للصلاحية أيضا - لقد وقعتا في الزمن الماضي، وهما واقعتان في الزمن الحالي أيضا. فالفساد الوظيفي تعاظم وتفاقم والخديعة والدعارة تواصلت وابتعدت وتنوعت - ان المعاني المطروحة، رغم مرور ثلاثة أرباع قرن علي تناولها، معان انسانية مما اكسبها التجدد والخلود. ونحن نلاحظ أن الأسلوب الذي كتبت به القصتان اسلوب يتسم بالبلاغة والتمكن من اللغة والقدرة علي التعبير والرصانة والبساطة مما كان يطلق عليه السهل الممتنع. كما سنلاحظ أيضا الحوار باللغة الفصحي، وهذا طبيعي للغاية، فذلك زمن المنفلوطي وطه حسين ومحمود تيمور.
الابداع الثاني هو رواية حارة أم الحسيني. وهنا أود أن اسجل نقطتين، النقطة الأولي هي الفرق بين حارة شهدي عطية وحارات أخري لمبدعين أخرين، كان سكانها في الأساس من الطبقات الوسطي من التجار والصناع، حارة أم الحسيني هي حارة فقراء مطحونين.
والنقطة الثانية هي الفرق بين هذه الرواية والقصتين القصيرتين إبداعيا. اعتقد أن الفرق يكمن في الفرق بين شهدي عطية عام 6391، وشهدي عطية عام 6591، بين الشاب الذي كان في مقتبل العمر تحكمه القيم السامية والمبادي العليا وبين المناضل الذي صار واحدا من مؤسسي الحركة الشيوعية المصرية، وواحدا من أبرز قادتها. غدا مبدع القصة القصيرة روائيا يقاوم احتلال الامبراطورية البريطانية لنا والساعي إلي تخليص مصر من القوي الرجعية والنظام الملكي. غدا المقاتل الذي تحمل في سبيل معتقداته سبع سنوات من الأشغال الشاقة ليخرج عام 5591 مرتفع الهامة والقامة. وبدلا من وقوفه عند حد فضح الفساد والانهيار والاحباط، يدعو إلي المقاومة والانحياز إلي الفقراء وخاصة الطبقة العاملة. ومن هنا جاءت الرواية ناضجة في الواقع والوقائع، في المعالجة والأسلوب.
ان حارة أم الحسيني حارة مصرية - سكندرية، تقع في قاع المجتمع، تستمد اسمها من اسم امرأة تسكنها هي أم الحسيني، وذلك علي ما يبدو لانها مالكة لبيت هزيل ضئيل عليل ورثته عن زوجها الأول. ولذا فهي قياسا علي الآخرين أثري أثرياء الحارة.
والحارة ليست مجرد جدران وانسان، الحارة عالم كامل، عالم انحاز إليه المثقف الثوري شهدي عطية، وهو، منذ اللحظة الأولي، يدفع بك للغوص في قلبها كواحد منها، وقد أمسك سكانها بتلابيبك - السرد بسيط غاية البساطة والسلاسة، والحوار بلغة اصحابه ومفرداتهم ان أول ما يلفت النظر في هذا العمل الابداعي هو اسمه، حارة أم الحسيني، أي تحمل الحارة اسم امرأة، كأم، منسوبة إلي انها - انها ليست منسوبة إلي رجلها كزوجة، ولا إلي ذاتها كأن يقال حارة زينب أو خديجة مثلا. انها حارة امرأة أم. ثم نكتشف أن كل نساء الحارة المتزوجات يحملن لقب أم، كأم الحسيني وأم سيد وأم حسن، حتي التي لا ولد لها كأم حبشي. وليس هنالك من تنادي باسمها غير فاطمة، أطة، العذراء حبيبة الحارة الشقية وهنا تمس قدرا كبيرا من تقدير المبدع للمرأة الأم.
وتطرح الرواية أمامنا عالم القاع، عالم الحارة، التي لم يكن يزيد دخل أكبر عائلة فيها عن ثلاثة جنيهات. غير أن الرواية تطرح عوالم أخري وان كانت في صورة محدودة، وهنالك أم فؤاد وابنها. انهما يعيشان في بيت ضخم يطل علي الشارع وظهره إلي الحارة.. انه يدر عليها عشرين جنيها، غير عشرين أخري من قطعة أرض موروثة. انها هنا رمز لطبقة مالكة وسطي، واسمها منسوب إلي ابنها كأم أيضا، لكن هنالك إضافة هامة تسبق الاسم ليصبح الست أم فؤاد. وهناك أيضا خليل بك المحامي الواسع الأرباح والذي تمتلك زوجته خمسين فدانا، وهو يطمح في ترشيح نفسه للانتخابات. انه من النخبة الثرية الارستقراطية، ولذا فإن اسم زوجته هو نبيلة هانم، ويعكس هذا التقسيم حال المجتمع المصري حينذاك، طبقة دنيا وطبقة وسطي وطبقة عليا.
إننا لسنا أمام طبقات ثلاث وفقط، إننا أمام عوالم ثلاث - وهنا يطرح شهدي عطية الغربة التي تعيشها كل طبقة في عالمها، نحن في وطن واحد، لكنه مكون من أقوام متفاوتة، متباينة تتجاوز، وربما تتماس، غير انها في غربة حقيقية عن بعضها البعض.
تعيش الحارة في مشاجرات ومشاحنات ومنافسات وادعاءات، لكن ما يربط سكانها أكثر بكثير مما يفرقهم - نسوة الحارة جميعا يرتدين الملاءة اللف والبرقع الأسود والقصبة المذهبة فوق انوفهن ان خرجن، بينما الست أم فؤاد تلبس الحبرة وتغطي وجهها بيشمك أبيض ليس فوقه قصبة. ونبيلة هانم تكتفي بفستان قصير الأكمام يكشف عن ذراع بضة ناعمة بيضاء، يدها معطرة، تلمع أصابعها بخواتم من الماس.
نسوة الحارة يمشين في بيوتهن حافيات أو يتخزن قبقابا علي أحس تقدير. لكني الست أم فؤاد وابنتها عليه هانم لايفارق الحذاء والجورب أقدامهن ليل نهار، صيف شتاء. أولاد الحارة يمزقون ملابس بعضهم البعض، أما فؤاد ابن الست فهو انيق لميع لايمشي حافيا قط، لم يكن لدي عائلة واحدة في الحارة خادم واحد. أما الست أم فؤاد فلديها خادمان. ولابد لدي نبيلة هانم خدم وحشم وسيارة وسائق.
لكن شهدي عطية لايقف عند حد هذا التمايز الطبقي والاجتماعي. إنه يغوص في أعماق طبقته أكثر فأكثر. انها طبقة تتمتع بأعلي درجات الانسانية.
لقد استشهد شقيق أم الحسيني برصاصة بريطانية، فانقلبت الحارة كلها إلي مناحة ارتفع فيها الصوات واللطم والعويل، وعلا صوت الندابات لايندبن الميت فحسب، لكنهن يندبن الأموات والأحياء جميعا، ويوم أن قرر خليل بك زيارة أم سيد، وبلغ الخبر الحارة، لم تفاخر واحدة من أن تعير أم سيد أنفس ما لديها، حتي الست أم فؤاد أعارتها طاقم شاي بأسره ودستة كراسي جلدية للمائدة. كان ذلك موقفا منها للمشاركة في تكريم الطبقة التي تعلوها وساعدت كل نساء الحارة أم سيد في اعداد الطعام ثلاثة أيام بليالها. ويحيي فرح الحسيني ابن أم الحسيني، فيقدم لها حسيني أفندي أبوسيد شقته كي تستقبل فيها المدعوين من الرجال.
ولاتوجد بين صبية الحارة مشكلة ملكية خاصة، فسيد يستطيع أن يلعب بطيارة الحسيني المصنوعة من ورق وبوص، كما يستطيع أن يجري في الشارع بطوق دقدق الحديدي وأمه لاتحبس عنه شيئا تشتريه، تخرج الكرملة من فمها لتدسها في فمه، وسيد يغدق عليهم مما في جيوبه من بلي أو حلوي كلما استطاع أن يشتريها ولو بمليم واحد.
لكن فؤاد ابن الست أم فؤادلا يفرط في شيء أبدا مهما الح عليه سيد. كان يدير له ظهره ويقول »ماما إدتني الحاجات دي عشاني أنا مش عشانك أنت«.
الحارة هنا مجتمع للتعاطف والتآخي والتكافل. ناسها معا في الحلوة والمرة، في السراء والضراء، أما مجتمع فؤاد والست أم فؤاد فهو مجتمع الملكية الخاصة، مجتمع الفردية والأنانية. نحن أمام إبداع روائي يغوص في أعماق الطبقات الفقيرة، الأبطال كثيرون، غير أن البطل الحقيقي الذي تعلن عنه الأحداث هو سيد ابن أم سيد وحسنين أفندي.
بداية نحن أمام حالة غريبة. ان سيد ليس ابنهما الأكبر، انه الإبن الثاني، ويجيء شقيقه أحمد رقم واحد. غير أنه لايلعب في الحارة، ولايذهب عند الجيران، لايكاد يعرفه أحد أو يعرف هو أحدا من البيت إلي المدرسة ومن المدرسة إلي البيت، ولهذا لم يسم الجيران أباه أو أمه بأبي أحمد أو أم أحمد. إنما كانا أبا سيد وأم سيد. لقد انتزع سيد صدارة المنزل لنفسه، وحظي بالبكورية في الأسرة، وسيد في المدرسة مشاغب يقود الفصل معاكسا مدرس اللغة العربية.
تقول عنه أمه أنه قرد مسلسل، جن مصور. ويسجنه ابوه ويضربه حتي تتورم قدماه كي يحفظ دروسه، لكنه لايحفظ شيئا ويزداد تحديا. ويبلغ الرفض والتمرد والعصيان مداه.
ان سيد هو قيادة طبيعية، زعيم فطري يفرزه هذا الواقع. هو قائد هذا الجيل العادي في حارة أم الحسيني، حتي فتوة الحارة سلمت له بالقيادة المستقبلية.
وهكذا يقدم لنا شهدي عطية أمل المستقبل لهذه الحارة، سيد الشجاع المحبوب المقاوم حتي الثورة. انه من طينة خاصة، هي طينة القادة. ماذا بقي ليقود النضال لتحرير الحارة مما هي فيه؟ الوعي. الوعي بدور الطبقة التي ستقود هذا المجتمع ضد الظلم الواقع عليها يجيئه الوعي من فم عامل هو حمودة النجار.
لقد يئس حسنين أفندي من أن يكون ابنه سيد أفنديا في المستقبل، خاصة بعد أن نهش يد مدرس الانجليزية. فأخذه إلي حموده ليعلمه النجارة. ويبدأ حموده بتعليمه له بقوله: إيه يعني المدارس، بيعلموكم شوية كلام فارغ. الصنايعية همه كل حاجة. مين اللي بني البيوت، مين اللي نسج وغزل الهدوم؟ إحنا الصنايعية. لاتقولي بتوع مدارس ولا أفندية ولا باشوات.. احنا الصنايعية كل حاجة. احنا وبس.
وهنا يصل شهدي عطية إلي مبتغاه الايديولوجي. الطبقة العاملة هي القوة الوحيدة القادمة، والقادرة علي قيادة التغيير. وقد غدا سيد الآن رمزا لهما.
إننا أمام عمل رائع بحق، عمل له الحق في الحياة، في البعث من جديد.
شكرا للاستاذ شعبان يوسف الذي استخرجها إلي الحياة مرة أخري، شكرا للمجلس الأعلي للثقافة والدكتور عماد أبوغازي لنشر هذه الاعمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.