من أسوأ الأشياء أو الأمور، التى قد تصادفها أن ترى أو تتحدث مع شخص يرى الحياة بنظرة سوداوية، تجده دائم التوتر والقلق والحيرة وكأن كتب عليه عدم الراحة فى هذه الحياة، وهذا ما يعتقده بداخله وإن صادف وتحقق ظنه فى شىء معين قد توقع حدوثه، فتجده يتمسك بنظرته السوداوية، مما يؤدى ذلك إلى تعاسة ذاته، والغريب أن أصحاب تلك النظرة قد تجدهم أكثر دقة فى رصد الأحداث واستنتاج ما قد يحدث.. وكثيرًا ما يصدق توقعهم. يقول ونستون تشرشل: "يرى المتفائل منحة فى كل محنة، أما المتشائم فيرى محنة فى كل منحة". فالشعور القاسى الذى يلازمهم أنه لا فائدة من تحسن الأوضاع لأنها تسوء من حال إلى حال، مع كثرة صعوبات الحياة وزخمها وضرباتها القاسية وعدم قدرة الإنسان على مواجهتها وتلافى لكماتها المتلاحقة، فعندما يصادفهم الفشل فى محاولاتهم وتجاربهم فإنهم بدون أن يشعروا يتولد بداخلهم الشعور بفقد الأمل والعجز والاستسلام لمخاوف وصعوبات الحياة، فيفقدون السيطرة على المواقف التى يتعرضون لها، بل لا يهتمون بين الفعل ورد الفعل، فيرفعون راية الاستسلام معلنين عن نفاد طاقة الأمل بداخلهم فلا يحاولون أن يفعلوا شيئًا على الإطلاق ويستسلمون لليأس ويصابون بالاكتئاب، ويكون العجز الذى بداخلهم مكتسبًا وهم من سمحوا له أن يتسلل ويمكث بداخلهم، بل قد يدمر حياتهم بالكامل مع أنهم كانوا على بعد خطوات بسيطة من النجاح، وتجدد الأمل بداخلهم، ولكن نفاد صبرهم وقلة الزاد والعزيمة والإرادة بداخلهم كان الاستسلام أسهل لهم وارتضاؤهم بالأمر الواقع، مع أنهم لو نظروا وتمعنوا فيمن حولهم لوجدوا الكثير مثل حالاتهم، بل وأسوأ ولكنهم لم يتوقفوا عن المحاولة لأنهم يريدون أن يكونوا شيئًا ذا قيمة. ترسيخ الشعور بالعجز والاستسلام، والذى يتحول مع مرور الوقت أن يكون جزءا منا وفى ردة فعلنا، وأن يكون هذا سمة بعضنا، كالشعور بالفوضى والعشوائية وفقدان العدالة.. كحالة عامة، وبأنه لن ينصلح الحال، لفقدان الأمل وعدم الطموح ومحاولات الهروب المستمرة وفقدان اليقين، فلابد من وقفة جادة لمقاومة ورفض هذا الشعور المخيف والمميت ومحاولة استعادة الذات لثوابتها مهما كانت الصورة سيئة. ماذا بعد أن نفقد شرف المحاولة ونستسلم للهزيمة ونقتل طموحنا بأيدينا ونرسخ بداخلنا اليأس والعجز التام وأن يصبح جزءًا من شخصياتنا وانعدام ثقتنا بأنفسنا، بل نفقد الرؤية السليمة فى المشاكل البسيطة القابلة للحل، قم الآن فما زال فى تركيبة خلاياك الخير الكثير، فمهما كان ما نمر به من أزمات وصدمات فلا تحزن فالله معنا، أدرك ذلك بقين تام، سوف تتغير أحوالك إلى الأفضل مهما كانت إخفاقاتك، ومهما كانت أحزانك، فمن صبر على الابتلاءات وحاول وتماسك وتغير فثق أنه على الطريق الصحيح للبقاء والموت بشرف.