كتب - محمد عمدة قبل دقائق من آذان المغرب في رمضان، يُتمم إمام مسجد عماد الدين بمنطقة عابدين كل دقيقة على ساعته، وحين يأتي الميعاد، يصعد على منبره، ويصدح صوته بالآذان فيُسمع في أنحاء المكان، بينما تلتف عائلة شعبان حول مائدة الإفطار المزدحمة بكل ما لذ وطاب من الطعام، يتلون الدعاء، يتابعون التلفاز، ويناول أحدهم الآخر أرغفة الخبز، بينما ينشغل الأب في التأكيد على طفله سيد للذهاب معًا لأداء صلاة التراويح، لم يعِ وقتها ذو ال8 أعوام أهمية الأمر، لكنه مع الوقت شعر بأن قلبه صار معلقا بالمساجد، يرتاح إليها وفيها، يجد أن علاقة خاصة ولدت بينها وروحه، حتى إنه قرر منذ عامين أن يصلى كل يوم فى مسجد جديد، حُبا فى زيارة أكبر عدد من بيوت الله. وفى كل ليلة من ليالى رمضان، لا يُفرط سيد الشاب العشرينى، في تناول الطعام، يحافظ على معدة غير مثقلة حتى لا تؤثر على رحلته اليومية لبيوت الله «باخد الفطار على الواقف لأن الوقت ضيق بين المغرب والعشاء» يختار مسجدًا جديدًا لم يصل فيه من قبل وينطلق إليه سيرًا على الأقدام، يساعده على سهولة التنقل كونه يعيش فى منطقة عابدين القريبة من الحسين والقلعة والغورية والجمالية وباب الخلق التى تحوى عددا كبيرا من المساجد «بانزل بدرى ومش باركب أى مواصلات». نحو 20 مسجدًا صلى فيها سيد خلال شهر رمضان الماضي، من بينها «السلطان حسن، الرفاعى، السيدة زينب، الحسين، سيدى محمد أبو طبل، السيدة نفيسة، قيسون»، «بانفذ فكرتى بأنى أصلى فى كل المساجد وكمان بادور على أفضل مكان أرتاح فيه وأستمتع بصوت الإمام عشان صلاة التهجد»، وجد راحته فى النهاية داخل مسجدى السلطان حسن والأزهر «السلطان حسن هو أكثر مكان باحبه، لأن طرازه المعمارى فريد ومريح للنفس، وكمان القراء والشيوخ فيه مميزين جدا». علاقة الشاب العشرينى بالمساجد لا تتوقف عند الصلاة فقط «باقرأ عن تاريخ المسجد اللى هأصلى فيه وسبب تسميته وتاريخ بنائه»، لذا يملك سيد قدرا كبيرا من المعلومات عن بيوت الله التى صلى فيها خلال أيام شهر رمضان، «كان أول مرة أعرف إن السلطان حسن اللى أمر ببناء المسجد العظيم ده مادخلوش، وإن اللى مدفون فى المسجد ابنه». بعد أن عُرف عن سيد جولاته اليومية فى رمضان بمساجد القاهرة، فوجئ باهتمام أفراد العائلة والأصدقاء، وأصبح السؤال اليومى: «هتعزمنا على التراويح فين النهارده»، صار اليوم ذا طابع جديد، الصحبة تختلف، ينظم اليوم بينهم، يقترح اختيارات لعدد من المساجد، بعد الاتفاق على مسجد بعينه. يلتقون بعد الإفطار بساعة وينطلقون إلى الصلاة «فى ناس اتحمست جدا للفكرة، ومنهم بناس بس اكتفوا بالتشجيع عشان صعوبة المشاركة، أو إنهم بيحبوا يصلوا فى مسجد معين».