تجددت المخاوف من انتشار المبيدات غير الآمنة فى السوق المصرية بعد أن أطلقت لجنة الزراعة بمجلس الشورى تحذيرات من ضعف الرقابة على سوق المبيدات واتاحة الاستيراد المباشر لها من قبل المزارعين وهو ما خلق حالة من فوضى التداول لسلعة لها علاقة مباشرة بغذاء وصحة المستهلك وكانت تقارير وزارة الزراعة قد كشفت عن أن إجمالى كميات المبيدات التى تم استيرادها العام الماضى بلغت 7مليار و800 طن بقيمة اجمالية مليار جنيه سنويا وباستهلاك يفوق استهلاك منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وبينما حمل بعض الخبراء المسئولية لوزارة الصحة باعتبارها الجهة المسئولة عن أى ضرر يلحق بصحة المصريين فإن البعض الآخر اتهم الحكومة بعجزها عن رصد متبقيات المبيدات فى الغذاء نتيجة عدم وجود جهة مسئولة عن ذلك. سوق المبيدات تشهد حالة من الفوضى وغياب الرقابة رغم وجود قائمة محرمة دوليا من المبيدات الضارة المحظور استخدامها بحسب الدكتور إبراهيم أبوعامر أستاذ التسميد بجامعة القاهرة مشيرا إلى أحد تلك الأنواع وهو مبيد سايديال الخاص باءبادة حشرات الفاكهة ويضيف أن المبيدات تدخل الى الأسواق تحت أسماء تجارية عديدة ليست ذات صفة علمية لافتا الى أن بعض الأنواع لا نجد لها تأثيرا مباشرا على صحة الانسان ولكن بعض السموم التى تحتويها تتراكم فى الكبد وتنشط بحسب خطورة المادة الكيماوية ويحذر أبوعامر من لجوء بعض المزارعين الى الاسراع فى جنى بعض الخضراوات والفاكهة فى موعد مبكر مثل الخيار والطماطم والبرتقال والمانجو التى تحتوى على تركيز عالٍ من المبيدات عقب رشها مشددا على ضرورة غسل هذه الأصناف جيدا واستخدامها خلال الفترة الآمنة بعد جنيها بأسبوع أو أكثر وقال ان البعض يتصور أن المحاصيل القشرية آمنة إلا أن الكثير من المزارعين يقومون برش المبيد قبل عقد الثمار أى قبل أن تتحول الزهرة إلى ثمرة.
من المزرعة للمائدة
من يدرك تأثير المبيد على جسم الإنسان؟ يتساءل الدكتور حسين منصور رئيس مشروع وحدة سلامة الغذاء محملا المسئولية لوزارة الصحة التى تعرف تأثير السموم ومادة الرصاص ومتبقياتها على الكبد والكلى مشيرا إلى أن المسئول الزراعى تقف معرفته عند اثر المبيد على النبات وعلى الحشرة التى تصيبه وقال إن هذه المسئولية لا يتضمنها التشريع المصرى حيث يجب أن توجه الصحة وزارة الزراعة فى عدم احتواء الغذاء على متبقيات هذه المواد الخطيرة ويتساءل منصور من جديد عن الجهة الرقابية المسئولة عن رصد كمية المبيدات داخل أنسجة النبات التى قد تؤثر على صحة الإنسان فى حالة عدم تأثيره على الحشرات وهو ما ينتج عنه زيادة تركيز المادة بتكرار رشها عن الحد المسموح به إلى جانب الوصول الى كيفية غش هذه المبيدات مؤكدا أن وزارة الزراعة لا يوجد بها من يراقب على ذلك ويضيف منصور أن من حق أى شخص الآن أن يبيع المبيد «السام» مشيرا إلى انتشار أكشاك بيع المبيدات دون رقابة ودون مراعاة لمدى توافق المبيد مع المواصفة القياسية سواء كان محليا أم مستوردا وبيعه عن طريق شخص مؤهل خريج كلية الزراعة «قسم مبيدات» لافتا الى غياب دور هيئة المسطحات المائية فى هذا المجال ويطالب منصور بضرورة وضع برنامج وطنى لرصد متبقيات المبيدات فى الأغذية يقوم بعمل مسح شامل على سبيل المثال على الطماطم فى جميع أماكن تداولها بين حين وآخر وبرامج أخرى خاصة بالفاكهة وتؤخذ عينات منها للتأكد من نسب التركيز مشيرا إلى وجود هذه الآلية فى العديد من دول العالم ويشير اليه مشروع قانون الغذاء الموحد المصرى الذى لم يظهر للنور بعد ويشير منصور إلى أن تلوث الأغذية لا يحدث فى المزرعة فقط ولكن يحدث مع سوء التخزين ضاربا مثلا بالتمور الجافة التى ترش بالمبيد حتى لا تصاب بالتسوس مشددا على، الرقابة تبدأ بالمزرعة وحتى وصول المنتج للمائدة.
الأثر لا ينتهى بالبرودة
ويكشف منصور عن واقعة قيام وزير الزراعة السابق أحمد الليثى عام 2005 بجمع المبيدات المسرطنة من الأسواق بعد أن اكتشف أنها محرمة ومحظور دخولها الأسواق وفقا لتحذيرات منظمة البيئة فى أمريكا والاتحاد الأوروبى قائلا إن المفاجأة كانت أن وزارة الليثى والوزارات التالية لها بعد أن وضعت هذه المحظورات فى المخازن لم تعرف كيفية التصرف فيها حتى الآن نظرا لعدم توافر محارق خاصة للتخلص منها بسبب ارتفاع تكلفتها وأضاف لا يوجد نظام صحى للتعامل مع المبيدات فى مصر والتخلص من المبيد اسوأ من التخلص من متبقيات الذرة وينصح المسئول عن سلامة الأغذية بترك بعض انواع الفاكهة التى لاتفسد سريعا مثل البطيخ لمدة 5 أيام على الأقل ضمانا للخلاص من المتبقيات بها مؤكدا أن أثر المبيد لا ينتهى بالبرودة ومحذرا من خطورة متبقيات الأدوية والمضادات الحيوية التى يتناولها الحيوان التى تترسب فى الألبان واللحوم مشيرا إلى أن بعض الملوثات تؤثر على المخ وعلى جهاز المناعة للإنسان.
سعودى عبداللطيف مزارع وعضو الجمعية المركزية التعاونية ببنى سويف يؤكد أن المبيدات التى تصرفها الجمعيات الزراعية آمنة بشرط استخدامها بطريقة صحيحة وبناء على نصيحة المرشد الزراعى بينما يتهم الشركات الخاصة ببيع مبيدات منتهية الصلاحية وتقوم الشركات بتغيير تواريخ الصلاحية على العبوات مشيرا إلى انتشار منافذ بيعها بكثرة فى الأرياف وأن منتجاتها تؤدى الى ىضعف نمو الزرع وسقوط الثمار وجفافها بمجرد استخدامها وأشار إلى أن ملوحة المياه مع المبيد قد تصيب النبات بالضرر الكبير.