في سعينا لإعداد موسوعة متكاملة عن الإنتاج العالمي من الغذاء بمختلف صنوفه التقليدي والمحور وراثيا والأغذية العضوية ومستقبل هذا الإنتاج وإنعكاساته علينا كدولة مستوردة للغذاء وكمنطقة عربية محدودة الموارد المائية والأرضية, كانت النتائج مفزعة لكل ما نتناوله من. الأغذية. ففي عام 2004 صدر عن المكتب الإعلامي للصحة في إنجلترا نشرة توضح أن الحفاظ علي الصحة العامة للبشر يتطلب تقليل كمية الكيماويات السامة في الغذاء وتجنب تناول الأغذية المحورة وراثيا كليا وتقليل تناول الإضافات والألوان الصناعية مع الطعام, وزيادة فاعلية الفيتامينات المفيدة والمعادن والأحماض الأمينية والدهنية الأساسية والمواد المضادة للأكسدة المنتجة طبيعيا وأخيرا تقليل الإصابة بالأمراض المصاحبة للغذاء الملوث مثل الأورام السرطانية وأمراض الشرايين والحساسية والنشاط الزائد عند الأطفال. والنتائج الحديثة للغذاء الصحي أشارت إلي استخدام الدول النامية والفقيرة لأكثر من 400 نوع من المبيدات الخاصة بمقاومة الحشائش والحشرات وأمراض النبات لم تثبت سلامة أكثر من 30 نوعا منها فقط عن طريق هيئة الدواء الأمريكي FDA بينما تقلصها الهيئات الإنجليزية إلي أربعة أنواع فقط لا تسبب أضرارا مباشرة علي صحة الإنسان. فلقد ثبت علميا بأن سرطان الثدي لدي النساء هو نتيجة مباشرة لوجود متبقيات المبيدات في الأغذية التي يتناولها البشر حيث وجد أن تركيز متبقيات المبيدات في دماء السيدات المصابات بالسرطان يزيد بمقدار من أربعة إلي تسعة أضعاف هذا التركيز لدي السيدات غير المصابات!!. هذا التأثير ثبت أيضا في الإصابة بسرطان البروستاتا في الرجال حيث وجد خلللا كبيرا في تركيز الهرمون المسبب لسرطان البروستاتا في دماء المرضي بهذا المرض بالإضافة إلي التقلص المستمر للعضلات حتي الإصابة بالشلل الرعاش ونقص الخصوية والعقم في الرجال. هذا الموضوع بالخطورة بمكان إذا علمنا أن بعض أنواع التفاح والموز ترش بمعدل خمسين مرة في السنة لمقاومة الإصابات المرضية كما أن عمليات رش المبيدات في ريف الدول النامية غير مراقبة ولا مقننة علميا وتترك كاملة لفكر المزارعين وعدم وجود لأجهزة الإرشاد الزراعي. وبالمثل فقد رصدت الأجهزة العلمية البحثية في بريطانيا أن أكثر من ثلث الأطعمة التي يتناولها البشر ومنها أغذية الأطفال والتفاح والخبز وسلسلة الحبوب والليمون والخس وأسماك السالمون والخوخ والبطاطس والفراولة تحتوي علي متبقيات للمبيدات والعديد منها يحتوي علي نوعين أو أكثر من هذه المبيدات. وجود أكثر من نوع من المبيدات داخل المنتج الغذائي يضاعف من المخاطر الصحية نتيجة للتأثير المزدوج للخليط حتي لو كان كل منهما يوجد بالتركيزات المصرح به علميا وبتركيزات قليلة ويتسبب ذلك في تقديرات خاطئة عادة ما تقع فيها المعامل القائمة بالتحاليل الغذائية عند قياسها لتركيز كل مبيد علي حدة دون الأخذ في الأعتبار لتأثير الخليط. الأطفال عادة ما تتأثر بشكل أكبر من البالغين بأضرار المبيدات التي تدخل أجسادهم الصغيرة مع ما يتناولوه من الغذاء بسبب قلة أوزانهم وعدم وصول أعضائهم إلي تمام نضجها وهشاشة عظامهم وضعف جهازهم المناعي وعدم قدرة أجسادهم الصغيرة علي تكسير السموم التي تدخل إليها. ففي دراسة تمت في مدينة سياتل الأمريكية عام 2008 علي أطفال تتراوح أعمارهم بين عامين وأربعة أعوام من الذين يتناولون الأغذية والخضراوات والفاكهة المنتجة من الزراعة التقليدية وجد أن تركيز بقايا المبيدات الكيميائية في دمائهم تبلغ أربعة أضعاف أمثالهم من الأطفال الذين لا يتناولون هذه الخضراوات والفاكهة!!. كل السابق وما زال القائمين في وزارة الزراعة المصرية حاليين وسابقين ينكرون وجود ما يسمي بالمبيدات المسرطنة بعد أن أقر بهذه التسمية العالم بأجمعه إلي الدرجة التي أصبح معها السرطان موجودا في كل بيت بمصر وزادت نسبة الإصابة بسرطان الثدي في مصر إلي 50% من النساء حتي من غير المتزوجات بما ينبئ بوجود جيل جديد يشب فاقدا لأمه في سن مبكرة ويتغير معه نمط التربية في الأسر المصرية والذي تميز بطول عمر الأم والحفاظ علي البيت بعد رحيل الأب, فالوضع الآن أن البيوت المصرية سيصيبها الخراب الأكيد لأن الأباء غير مؤهلين لقيادة الأسرة والحفاظ عليها. فهل آن الأوان لفتح ملف المبيدات ومحاكمة المسئولون عنه بتهمة تعمد تلوث البيئة والموارد المائية والترب الزراعية والأغذية والسماح للمصانع بالقاء مخلفاتها الخطيرة في النيل والترع والمصارف والإهمال في إدخال الصرف الصحي في الريف بما أدي إلي تدهور صحة المصريين!. كلية الزراعة جامعة القاهرة المزيد من مقالات د.نادر نور الدين محمد