هذه العبارة أصبحت واجبة التكرار علي لسان كل صاحب ضمير حي لكن بصيغة أخري: " لا تأكل هذا الطعام الخضراوات والفواكه بها تعديل وراثي ومن الممكن أن تؤدي إلي هلاك من يأكلها ". في هذا التحقيق كشفنا الحقائق ورصدنا آراء خبراء التغذية حول الأغذية المعدلة وراثياً فكانت مفاجآت كثيرة سجلناها في السطور التالية.. د. حسن أبو بكر الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة قال: إن من يروجون لنشر هذه المحاصيل يدعون أنها سوف تحل مشكلة الأمن الغذائي، مع أن العالم لا يزال ممتلئاً بمصادر الثروة الغذائية التي لم يتم استغلالها بعد، مثلاً هناك 2500 نوع من أنواع الطحالب الغنية بالمكونات الغذائية والتي تجعلنا لسنا في حاجة للتعديل الجيني. و أكد أن مشكلة الأمن الغذائي إنما تُحلّ بتغيير أنماط الاستهلاك الغذائي وإعادة توزيع الغذاء المُنتج علي وجه الأرض، وبين أبو بكر الفارق بين التهجين الوراثي والتعديل الجيني، حيث إن التهجين الوراثي هو تقنية استخدمها الفلاحون عبر مئات السنين، ولكن التعديل الجيني هو الأمر المستحدث وغير معروف المخاطر بعد. وأوضح د. تيمور نصر الدين الأستاذ بمعهد البحوث الوراثية أن العالم اليوم في حاجة للهندسة الوراثية الزراعية لأن تعداد سكان العالم يتزايد في حين أن الموارد الغذائية في الأرض قليلة، وأن مصر عليها منافسة الولاياتالمتحدة والدول الأخري في هذا المجال لأخذ نصيبها من الكعكة. وأكد أنه حتي اليوم لم تدخل السوق المصرية أية أغذية من هذه النوع نظراً لوجود "لجنة الأمان الحيوي" بوزارة الزراعة والتي تقوم بالرقابة علي ما يأتي من الخارج وتشترط أن يكون مستهلكاً في بلد المنشأ، بالإضافة إلي أن بعض المحاصيل التي يجري عليها علماء معهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية التجارب لم يتم نشرها أو نشر بذورها في السوق المصرية وبقيت قيد المزارع التجريبية. وأضاف نصر أن مصر أمامها أحد سبل ثلاثة، إما أن تُغلق باباها أمام التكنولوجيا الحديثة وتتركها تماماً للاحتكارات الغربية، أو أن تفتح بابها دون رقابة علي كل ما يأتيها من الخارج، أو أن تكون لديها قاعدة علمية متقدمة مع وجود جهاز رقابي قوي، والسبيل الثالث هو ما تتبعه مصر اليوم. وفي المقابل أكدت د. نوال أبادير أستاذة الكيمياء الحيوية بجامعة حلوان أن السوق المصرية مليئة بالفعل بالمحاصيل المعدلة جينياً، مثل الذرة والفول والبطاطس والترمس بالإضافة للهامبورجر نفسه وهو مصنوع من حبوب الصويا المعدلة جينياً ويسبب السرطان. وأكدت أيضاً أن تجارب معهد الهندسة الوراثية الزراعية تترك أثرها في الحقول المجاورة وتضر بالبيئة والصحة. وأضافت أن هناك فرضية خاطئة سائدة حول الأمن الغذائي أو حجم إنتاجية الأرض وحول استخدام الأسمدة والتعديل الجيني، فمزارع سيكم تطبق الزراعة الحيوية الآمنة وتحقق أفضل النتائج في الإنتاج. كما أن الزراعة الحيوية تحقق التنوع الطبيعي ولا تؤثر في الصحة، ويجب استرجاع هذا التنوع الطبيعي المفقود في الأراضي المصرية اليوم. من جانبه قال كرم صابر مدير مركز الأرض إن السوق المصرية بالفعل مليئة بالمنتجات المعدلة وراثياً، فمثلاً نحن لا نأكل فول الصويا لكننا نستورد زيت من هذا الفول، وكذلك نأكل البسكويت الذي يحتوي علي القمح والذرة المهندسة وراثياً. وأوضح أن الهندسة الوراثية ربما تظهر آثارها في صحة الإنسان في الجيل الرابع والخامس، وفي حين تقوم أوروبا بمقاومة ومنع هذه المنتجات لا تستطيع الدول النامية مقاومتها. وأضاف أن مصر ليست في حاجة للتعديل الجيني لأن 72 مليون مصري يعيشون علي رقعة بسيطة من الأرض ولا يستزرعون الباقي منها بالإضافة لاندثار الرقعة الزراعية بالمباني وإهدار الوادي الأخضر، والنتيجة أننا نستورد 80% من طعامنا، لذلك فنحن في حاجة أولاً لتحسين استخدام مواردنا قبل أن نلجأ لتقنيات مضرة بصحة الإنسان ومواردنا الطبيعية. وقال د. مصطفي عبد الرزاق نوفل أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية بكلية الزراعة جامعة الأزهر لا يزال هنالك تخوف من زراعة وتناول الأغذية المحورة جينياً حيث إنها حتي الآن لم تثبت سلامتها من المخاطر الصحية وأنها يمكن أن تسبب بعض الأمراض الخطيرة (كالسرطان). والتعديل الجيني هو تغيير أساسي في إنتاج الغذاء حيث يتم نقل الجينات بين أنواع مختلفة من الكائنات مثل نقلها من الحيوانات إلي النباتات. ونجد أن معظم الأغذية المحورة جينياً يتم إنتاجها في خمس دول في العالم وفي عام 2004م قام بزراعتها 052.8 ألف مزارع في العالم في 17 دولة من دول العالم وتشير بعض التقارير إلي أن المساحات المزروعة بالأغذية ا لمحورة حتي عام 2004 وصلت إلي 81 مليون هكتار وهذا الرقم يزيد بنسبة 20% عن مساحات 2003 وبقيت هذه المساحات محصورة في الغالب في خمس دول هي امريكا وكندا والأرجنتين والبرازيل والصين اذا تنتج ما يقارب 5.69% من مجمل إنتاج العالم وايضاً تزرعها الارجواي والهند وجنوب افريقيا واستراليا ورومانيا ويمثل فول الصويا 60% من مجمل الاغذية وتمثل الذرة نسبة 23%. وهنالك العديد من الابحاث لانتاج أنواع مختلفة من الارز والقمح لتلبية الاحتياجات المتزايدة رغم مقاومة المستهلكين لشرائها او انتاجها. ورغم وجود الجدل القائم حولها فإن شركات التقنية الدقيقة تطالب بها وتؤكد فوائدها ومكتسباتها للمزارعين والبيئة في وقت لم يوجد حتي الآن معايير دولية تؤكد سلامتها ولا توجد ضمانات وحماية كافية ويبقي السؤال: ما الهدف من وراء انتاجها؟ مخاطر صحية وعن المخاطر الصحية التي تنتج عن تناول هذه الأغذية قال د. عاصم الشريف أستاذ الأمراض الباطنة والكبد بطب الأزهر: بالنسبة لصحة الإنسان الخطر الرئيس هو أن الأغذية المعدلة وراثيا تصبح ناقلة لجينات متعدية حملتها من أنواع غريبة عنها، تتوفر لها فرصة الانتقال والاندماج مع الخلايا البشرية.. هذا الاحتمال علي قدر كبير من الحدوث، حيث إنهم في إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا يستخدمون جينات محصنة، أي مقاومة للمضادات الحيوية. وحديثا قررت اللجنة العلمية للاتحاد الأوروبي أن الألبان واللحوم المنتجة بواسطة هرمون النمو الخاص بالأبقار لديها تأثيرات سرطانية، وبشكل خاص سرطانات البروستاتا والثدي. وقد وجد أن استهلاك فول الصويا من إنتاج شركة "مونسانتو" من النوع "دائم الجاهزية المتعدي الجينات، المعالج بمبيدات العشب الملازمة - ذو اثر بسبب أن مادة الجلايفوسفات تتسبب في إفراز هرمون الفايتو- استروجن الذي يسبب اضطرابات جسيمة في الوظائف التناسلية؛ ويتسبب فول الصويا المتعدي الجينات في مشاكل الحساسية. وأكدت د. أمل البسطويسي أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية بمركز البحوث الزراعية من خلال عدة دراسات وأبحاث أجرتها عن السرطان أن هناك العديد من الممارسات والعادات الغذائية اليومية الخاطئة التي نقوم بها دون معرفة الأضرار التي تسببها هذه العادات. وأشارت البسطويسي إلي أن هناك أكثر من 150 عادة غذائية خاطئة لها علاقة بشكل مباشر للإصابة بالسرطان، فمن خلال الدراسات التي أجرتها لاحظت أن هناك علاقة وثيقة بين نمط الاستهلاك الغذائي للمصريين وبين الإصابة بالأورام السرطانية خاصة سرطان القولون والمعدة والكلي والبروستاتا والثدي والرحم حيث أشارت الإحصائيات إلي أن 20% من حالات الإصابة بالسرطان في مصر ترجع إلي عادات غذائية خاطئة تتمثل في كثرة الدهون الحيوانية ونقص كمية الفواكه والخضراوات. وأوضحت أن هناك علاقة وثيقة بين الممارسات الغذائية والحالة المرضية للسرطان حيث تقول: بتناول نوعية معينة من الأغذية والمغالاة والإفراط في تناولها قد يقود الشخص إلي أضرار غذائية ناتجة عن عدم التوازن أو الخلل في الأطعمة المتناولة بشكل عام، وهناك نوعية أخري من الأغذية بتناولها يكون لها تأثير وقائي من الإصابة بهذا المرض لاحتوائها علي نسبة عالية من مضادات الأكسدة الطبيعية والمركبات الوقائية التي تزيد من كفاءة جهاز المناعة بالجسم وتزيد من مقاومته للعديد من الأمراض.