عاجل: سعر كيلو الأرز الشعير اليوم.. الحكومة تُحدد الأسعار الجديدة للسلع التموينية    توترات الشرق الأوسط تدفع أسعار النفط للصعود    تمويل المتعثرين 20 ألف ريال عاجلة من اليسر بطريقة جديدة    الدعم السريع: مقتل 7 مدنيين في قصف مكثف للجيش السوداني على مدينة بشمال دارفور    تأثير الانسحاب الأمريكى من النيجر على القارة السمراء    ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا للاستعداد لحزمة مساعدات أمريكية لكييف ستكون "الأخيرة"    الكيانات الشبابية بالمنيا تحضر فعاليات البطولة العربية للفروسية بمدينة مصر الأولمبية بالعاصمة الإدارية    والد طفل شبرا: حذرت ابني من اختطافه وسرقة أعضائه.. والقاتل عذّبه قبل الجريمة    تشييع جنازة سيدة التهمتها ماكينة حصاد القمح في الفيوم    نادر نسيم: استرداد سيناء سيظل ملحمة وطنية تتناقلها الأجيال    تامر و أنغام.. أمسية غنائية فى حب سيناء على «الحياة»    غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد البورصة بخسائر فادحة    نواب سوهاج يشكرون وزير التربية والتعليم لمواجهته لجان «ولاد الذوات»    أوس أوس يسخر من أحمد فهمي بسبب نومه في الطائرة    حضور جماهيري كامل العدد بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الأونروا: قطاع غزة يشهد موجة حر غير عادية فاقمت الأزمة المعيشية    سميرة أحمد تكشف أسباب خلافها مع وفاء صادق: «بتيجي متأخرة»    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى فاقوس المركزي ويحيل مشرف التغذية للتحقيق    غدا.. ضعف المياه بالأدوار العليا بأطراف قرى غرب طهطا بسوهاج لإجراء الصيانة الدورية بمحطة مياه شطورة    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    حياتى أنت    إزالة 15 إنشاء مخالفا للقانون في مركز العريش    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    صحة دمياط تطلق قافلة طبية مجانية بقرية الكاشف الجديد    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    تكثيف أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحي بمحافظات القناة    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    محافظ المنوفية: 25 فاعلية ثقافية وفنية خلال أبريل لتنمية المواهب الإبداعية    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    "لدي آلام من 6 أشهر ولا أستطيع التحمل".. رسالة إنزو عقب إجراء عملية جراحية    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    مصدر رفيع المستوى: مصر حذرت مرارا من تداعيات عزم إسرائيل اقتحام رفح    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ازدياد الحاجة إلى دور الدولة
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 07 - 2016

نشر موقع «أفق» مقالا ل «ناصر زيدان» أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية فى الجامعة اللبنانية»، يتحدث فيه عن دور الدولة وكيف يجب أن يتطور وفقا لمقتضيات العصر. فيوضح كيف يفرض نمط الحياة العصرية، الذى انتشر على شاكلة واسعة بين شعوب الأرض، دورا مركزيا متناميا للدولة، ويقول إن الترابط الاجتماعى والاقتصادى مع مستوجبات الأمن والسياسة، لا يمكن ضبطه، أو تحقيق التوازن بين خطوطه إلا من خلال وسيط قادر على أخذ القرار، وتنظيم المندرجات المتعددة لجوانب السيرورة البشرية. والوسيط القادر أو صاحب القرار هو الدولة، لأن الابتكارات السوسيولوجية والتكنولوجية والبيوجينية، لم تقدم حتى الآن بديلا عن دور الدولة كناظم إلزامى لحياة الناس.
أثبتت التجارب المعاصرة للشعوب أى فى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية أنه حيث يوجد دولة قوية، تسير عجلة الحياة برشاقة وانسياب، وعندما تكون الدولة ضعيفة أو غير موجودة ترتبك العجلات، وتنتشر الإخفاقات لدى الشعوب فى الجوانب المتعددة، بصرف النظر عن نوعية هذه الدولة، أو طبيعة الحكم فيها، بشرط أن تتوافر المقومات الموضوعية فى الدولة والتى تعنى كل الشعب، بمعنى أن لا تكون مطية شكلية يستخدمها شخص أو حزب أو جماعة من أجل تحقيق أهدافهم الخاصة.
ويضيف زيدان أن القوانين الدولية التى أنتجها الانتظام الدولى منذ تأسيس الأمم المتحدة فى العام 1945 تحتاج إلى أدوات تنفيذية لتجسيدها على أرض الواقع، ولتطبيق مضامينها المختلفة. وهذه القوانين عالجت عناوين الحياة العصرية وشروطها من جوانبها المختلفة، ولعل أهم هذه الجوانب، مبدأ المساواة بين البشر، والحقوق البديهية للإنسان فى العيش بكرامة وبسلام، ناهيك بالجوانب الأخرى التى تطال تأطير الحياة الدولية فى تنوعاتها المتعددة، الأمنية والصحية والغذائية والسياحية والقضائية والمدنية والاجتماعية، وفى سياقات الانتقال والتواصل وتبادل السلع والأموال. وكل هذا التنظيم لا يعنى شيئا، ولا يتجسد واقعا ملموسا، إلا من خلال أجهزة حكومية فاعلة، لا تنضوى تحت سلطان التأثيرات الفئوية أو العصبية أو الشخصانية.
أما عن المشكلات العصرية التى تواجه البشرية ولاسيما حالات الفقر والمجاعة والعوز وعدم الاستقرار والشعور بالدونية وقمع الحريات فيؤكد الكاتب أنها تحتاج إلى دور فاعل للدولة. ونكاد نقول إن تفاقم هذه المشكلات ناتج عن غياب دور الدولة، وخصوصا فى مجال الرعاية الشاملة، وإن مصدر بعض هذه الإخفاقات هو خلل فى بنية بعض الدول، أو عجز بعضها الآخر، أو تخلف عدد منها عن القيام بواجباتها، أو عدم قدرة هذه الدول على معالجة تلك المعضلات.
ثم إن ترابط الحياة الدولية العصرية فى مختلف جوانب الأنشطة، وخصوصا فى الاقتصاد والصحة والأمن والأحوال الشخصية، وفى تحديد مندرجات الجودة النوعية المتخصصة فى تقديم الخدمات والسلع، كل ذلك يعزز الحاجة إلى دور الدولة.
***
ويوضح زيدان كيف أن المنظومة المالية الرقمية المتطورة التى يتعامل بموجبها عالم اليوم عنيت البنوك تفرض أكثر من غيرها الحاجة إلى دور الدولة، وذلك من خلال وجهيْن مختلفيْن:
الوجه الأول هو فى حماية المواطنين من شراهة هذه المنظومة المالية التى لا تتوانى عن السعى لامتلاك كل شىء، وبالتالى سيكون البشر بالنسبة إلى هذه المؤسسات المالية الكبرى نوعا من السلع المقيمة البدل. فى المقابل فإن تحرر هذه البنوك من الضوابط القانونية المؤسساتية، سيترك لها فرصة استباحة كل شىء، وبالتالى الاستحواذ على الثروات الطائلة، والاستخفاف بالحياة البشرية برمتها، على طريقة «معك ليرة بتسوى ليرة».
الوجه الثانى هو فى عجز هذه المنظومة المالية عن حماية نفسها بنفسها، لأنها معرضة على الدوام لخطر إنفلات الجماعة من القيود، عندما يصل الأمر بهذه الجماعة إلى الحاجة الماسة. وبالتالى فإن الاعتراضات الشعبية ضد مؤسسات الاحتكار ومنها البنوك تشكل خطرا محدقا على هذه المنظومة، ولدينا نماذج متعددة عن هذه المقاربة. ناهيك بحاجة المنظومة المالية إلى تشريعات لا يمكن القفز فوقها، ولا يمكن الوصول إلى ثقة المواطنين بهذه المؤسسات المالية إلا من خلال الأرضية التشريعية، والثقة هى المصدر الأساسى الذى ترتكز عليه استمرارية عمل البنوك المالية.
الشخصية المجتمعية أو ما يمكن تسميته الموروثات السوسيولوجية للشعوب لها تأثيرات كبرى على الدولة. ويتراوح مدى الفهم المجتمعى للدولة وفقا للمزاج العام للشخصية المجتمعية، بين شعوب تعتبرها رمزا للكرامة الوطنية أو للشوفينية العرقية أو للاعتداد القومى، وبين شعوب تعتبرها سلطانا جائرا، وسيفا مسلطا على حياة المواطنين، قدم مع الاحتلالات الإمبراطورية ومع الاستعمار، أو أنها أداة للتسلط ولسلب الحرية ولسرقة الثروات.
كيف ينظر المزاج الشعبى العربى لدور الدولة، وما هى أهمية هذا الدور فى الزمن الراهن؟
وهنا ينتقل زيدان للتطبيق على الحالة العربية معتبرا أن المزاج العربى العام لا ينفر من دور الدولة، وفى ذهنية الأغلبية المطلقة من الشعوب العربية صور ناصعة عن تجربة دولة الخلافة الأولى، أو عن التجارب الأموية والعباسية وغيرها. ومع خضوع الواقع العربى للهيمنة العثمانية، ومن ثم للاستعمار الغربى، وفيما بعد للتدخلات الخارجية الإمبريالية، حصل تشويش هائل فى ثقافة المواطن العربى، وصل إلى حد اعتبار الدولة أداة لتغيير واقع الانتماء القومى العربى (تجربة الجزائر وبعض المغرب العربى إبان الاستعمار الفرنسي) ، أو أنها فى أحيان كثيرة وسيلة لفرض الأنماط الخارجية على الحياة العربية، أو الإسلامية. لكن هذه الرؤية وتلك لا تنفى كون الشعور العربى العام يتفهم ضرورة وجود الدولة، بصرف النظر عن الواقع القبلى الذى يتحكم بالسوسيوبوليتيك فى عدد من المناطق العربية.
لا يمكن التماشى مع مندرجات التطور العام للحياة العصرية فى جوانبها المختلفة بمعزل عن السياق العام لتطور مفاهيم الدولة، وتنوع أدوارها وتعدد مهامها. وأنواع الدول لا يخفف من مكانة دورها. فالدولة إذا كانت برلمانية أو رئاسية، ملكية أو جمهورية، ديمقراطية أو ديكتاتورية، يبقى لها دور أساسى فى تنظيم الحياة العامة فى الإقليم المحدد لها، من خلال احتكارها الطبيعى للتشريع والتنظيم وحصرية امتلاك السلاح (أو حصرية بناء القوى العسكرية النظامية) .
تلك المهام التوحيدية الجامعة للدولة، تبقى ضرورة إلزامية للحياة العصرية، لا يمكن القفز فوقها، والانفلاشات الفوضوية المخيفة التى يتطلع إليها البعض من الأفراد أو الجماعات توصل إلى هاوية حتمية لا يمكن أن تنتظم حياة الناس فيها إطلاقا. إن الرغبة بتغيير أنماط أدوات الحكم، أو التطلع إلى تطوير أداء السلطة شىء، وتدمير فكرة الدولة شىء آخر. فالنزعة الإنسانية الفطرية نحو الرؤية الأولى مشروعة، أما التطلع إلى الرؤية الثانية على خلفية الانتقام أو أحيانا على خلفية الهلوسة السياسية والعقائدية فهو تدمير للذات، وتشويه للإسلام الراقى، ودخول فى مجهول معتم، والحياة العصرية تحتاج إلى ضوء منفتح الأفق.
ويختتم الكاتب مقاله قائلا إن تقنيات التواصل الجديدة، وتطور علم الأداء الإدارى، والتغيير الهائل فى نمطية الإنتاج على اختلافه، الصناعى والخدماتى والزراعى والسياحى والمالى، كلها بحاجة إلى ناظم قادر، أى إلى دولة قادرة؛ ومن دونها لا يمكن بلوغ العصرنة، ويغدو العيش خارج العصر موتا محتما.
التعاضد الشعبى العربى من أجل بناء دول وطنية قادرة من دون استعادة تجربة الديكتاتورية المدمرة لبعض القيادات العسكرية واجب قومى، علينا العمل فى سبيله قبل فوات الأوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.