الأنبا يواقيم يترأس صلوات قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة العذراء مريم بإسنا    جديد أسعار السلع التموينية مايو 2024    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 5 مايو    حدائق القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين للاحتفال بشم النسيم وعيد القيامة    إعلام إسرائيلي يفضح نتنياهو، تخفى ب"شخصية وهمية" لإعلان موقفه من الهدنة مع حماس    سي إن إن: اتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يستغرق عدة أيام    عاجل.. شوارع تل أبيب تشتعل.. وكارثة مناخية تقتل المئات| حدث ليلا    الاحتلال يستهدف منازل في رفح الفلسطينية.. وتحليق للطيران فوق غزة    مواجهة نارية بين ليفربول و توتنهام بالدورى الانجليزى مساء اليوم الأحد 5 مايو 2024    نيرة الأحمر: كنت أثق في قدرات وإمكانيات لاعبات الزمالك للتتويج ببطولة إفريقيا    عاجل.. حقيقة خلاف ثنائي الأهلي مع كولر بعد مواجهة الجونة    درجات الحرارة اليوم الأحد 5 - 5 - 2024 في المحافظات    خطاب مهم من "التعليم" للمديريات التعليمية بشأن الزي المدرسي (تفاصيل)    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    أخبار الفن.. كريم فهمي يتحدث لأول مرة عن حياته الخاصة وحفل محمد رمضان في لبنان    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة خلال ساعات.. تعرف عليها    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    قصواء الخلالي: العرجاني رجل يخدم بلده.. وقرار العفو عنه صدر في عهد مبارك    حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تجمعان تبرعات تزيد عن 76 مليون دولار في أبريل    نجم الأهلي السابق يوجه طلبًا إلى كولر قبل مواجهة الترجي    حديد عز ينخفض الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 5 مايو 2024    هل ينخفض الدولار إلى 40 جنيها الفترة المقبلة؟    تشييع جثمان شاب سقط من أعلي سقالة أثناء عمله (صور)    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    بعد معركة قضائية، والد جيجي وبيلا حديد يعلن إفلاسه    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    تامر عاشور يغني "قلبك يا حول الله" لبهاء سلطان وتفاعل كبير من الجمهور الكويتي (صور)    العمايرة: لا توجد حالات مماثلة لحالة الشيبي والشحات.. والقضية هطول    ضياء رشوان: بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها لا يتبقى أمام نتنياهو إلا العودة بالأسرى    عمرو أديب ل التجار: يا تبيع النهاردة وتنزل السعر يا تقعد وتستنى لما ينزل لوحده    حسام عاشور: رفضت عرض الزمالك خوفا من جمهور الأهلي    مصرع شاب غرقا أثناء الاستحمام بترعة في الغربية    إصابة 8 مواطنين في حريق منزل بسوهاج    رئيس قضايا الدولة من الكاتدرائية: مصر تظل رمزا للنسيج الواحد بمسلميها ومسيحييها    كاتب صحفي: نتوقع هجرة إجبارية للفلسطينيين بعد انتهاء حرب غزة    اليوم.. قطع المياه عن 5 مناطق في أسوان    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    مكياج هادئ.. زوجة ميسي تخطف الأنظار بإطلالة كلاسيكية أنيقة    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واسينى الأعرج
الإسلام السياسى ...مشروع ل «تمزيق الأوطان» المواطنة طريق الوحدة والاندماج الاجتماعى

وسط عالم تتخاطفه الأحداث من كل جانب جاءت الحوارات , محاولة لترتيب أفكارنا والدوران فى فلك وعى جديد ,لعلنا نصل الى القدرة على اعادة التفكير فى الاسئلة المطروحة على الساحة العالمية .
فالحوارات التى نقدمها حول المستقبل بمثابة حفر معرفى فى أذهان النخبة العالمية الذين قبلوا بشجاعة تحدى الاجابة عن أسئلة محورية وشاملة حول الموضوعات الاكثر أهمية وحيوية على الساحة العالمية المعاصرة وارتداداتها على المحيط المصرى والعربى , ونتوقف عمدا عند محطات فكرية ذات دلالة فى السياق التاريخى والحضارى منها التجربة الديمقراطية... ونتاجات الحداثة... وحوار الحضارات والتعددية الثقافية فى مواجهة العولمة.... ولا يمكننا أن نغفل هذه الثلاثية التى تثير جدلا صعودا وهبوطا ,كرا وفرا ,وهى الدين بالمعنى العام ,والعلمانية ,والاسلام السياسى بوجه خاص . فجاءت حوارات المستقبل محاولة لقراءة هذا الوضع المتفجر بالاسئلة المتشابكة.باختصار هى قراءات متأنية فى زمن متعجل .
تألق فى “الليلة السابعة بعد الألف “.. تلك الرواية التى صنعت أفاقا واسعة من الشهرة لكاتبها الجزائرى المرموق “واسينى الأعرج “ الذى ينبعث تميزه من ارتياده لآفاق جديدة من الكتابة .. وبحث دائم ومستمر عن سبل تعبيرية جديدة وحية ..”واسينى الأعرج” الأستاذ بجامعتى الجزائر والسوربون يصاحبنا لاقتحام قضية ملحة وضاغطة على المستوى العالمى - يخصنا منها فى العالم العربى نصيب وافر- انها قضية “التعددية الثقافية “ التى تثير لدى “واسينى “ سلسلة من التساؤلات والاستنارات فى عقل لامع, فيدير حوارا مع ذاته محاولا الفهم والاستكشاف .. وعندما يتنامى هذا الفهم ويزداد بريقه يضىء لنا دربا من الخيارات المفتوحة ,التى رغم صعوبتها الا أنها تعيدنا الى انسانيتنا الحضارية , فندرك ذواتنا لنعيد صياغة علاقة جديدة مع الآخر الذى يمثل جوهر” التعددية الثقافية “ .. “واسينى “ يرسم لنا عبر حوار خصيب خريطة توضيحية للخروج من النفق المظلم .. نفق الطائفية والتعصب والعنصرية والجهالة الى استنارة الوعى وتجلياته . ويأتى هذا التجلى بعد ان لاقت كل أعماله تقريبا صدى واسعا فى الأوساط الثقافيه العربية والغربية منها الليلة السابعة بعد الألف بجزأيها (رمل المايا , المخطوطة الشرقية), البوابة الزرقاء , كتاب الامير,شرفات بحر الشمال ,سيدة المقام ,ما تبقى من سيرة لخضر حمروش ,طوق الياسمين, أصابع لوليتا ,حارسة الظلال ومملكة الفراشة ,وغيرها ) . ترجمت أعماله الى العديد من لغات العالم .ويعد من الروائيين القلائل الذين تطبع اعمالهم اكثر من مرة والأكثر مبيعا . وبطبيعة الحال حصل على العديد من الجوائز العربية والعالمية.

فى روايتك” كتاب الأمير “ تقدم نموذجا لحوار بين مناضل (عبدالقادر الجزائرى) يحارب من أجل تحرير بلاده من الاستعمار.. مع قس الجزائر “مونيسنيور انطوان ديبوش لتقيم حوارا مع الاخر لكنك- فى الآن نفسه - تتجاوز العداء السياسى ,الى الرحاب الانسانى “بمعناه الدينى والثقافى والحضارى”.... هكذا انت تدعونا الى التفاؤل. ..هنا نسألك..ماذا تعنى التعددية الثقافية ..هذا المصطلح الذى ظهر فى نهاية الثمانينات من القرن العشرين ؟
التعددية هى القبول بسلسلة من القضايا المسبقات من بينها تقبل الاخر اى ان هذا الاخر يملك قدرا من الخصوصية والتصورات علينا أن نقبل بها ونتعامل معها هذا اولا , اما ثانيا فهذه الخصوصيات بامكانها المساهمة فى المعطى الثقافى الوطنى ,لانها لاتحمل عداوة اى ان هذه الخصوصيه اضافة معرفية للجسد الثقافى الوطنى .ثالثا هذه الخصوصيه يمكنها ان تسهم فى تكوين لحمه وطنيه على الرغم من الاختلافات الموجودة والتى لها تاريخ نفسى متراكم او معطى متعدد ,هذه العناصر تعطى للخصوصيه معناها الحقيقى اما اذا دخلت نحو الاختلاف وركزت عليه يمكن ان يحدث تمزق فى الجسد الواحد الحي ,هكذا يمكن ان نعتبر التعددية من أهم ملامح المجتمعات الحديثة , وبوابة للتقدم العلمى والاقتصادى وبناء حياه سياسيه وديمقراطية سليمه .
فى ظل دعاوى العولمة كيف أمكن للتعددية الثقافية أن تخرج الى حيز الوجود .. هل هو فعل ورد فعل .. أم هو ذلك الشىء الكامن فى الطبيعة الاثنية وتعددية القوميات ؟
بغض النظر عن الاستعمالات المختلفة التى يمكن ان تكون قد فرضتها العولمة من حيث هى معطى شمولى لا ياخذ بالاعتبار الخصوصيات الصغيرة إلا أن المسالة الثقافية في غاية الأهمية وتخرج عن الحسابات التجارية لان الثقافة ليست سلعة كما بقية السلع الاخرى .الدليل ان فرنسا مثلا فيما يتعلق بالتعددية اشترطت احترام الخصوصية الثقافية ومنحها فرصة المساعدة واهتمام الدولة , لكن داخل العولمه المكتسحة طرحت هذه الفكرة من موقع ان لهذه التعددية الحق فى التعبير.المشكلة فى العولمة هى كيفية تجلى التعددية , هل تستطيع التعددية التى حوربت فى العالم العربى ان تتجلى بشكل طبيعى ام عدوانى وهنا يكون التجلى خطيرا إذا لم يضبط على أسس ديمقراطية والدولة كمسير للمنظومة بكاملها , لذلك اقول لكى تسيرالتعددية الثقافية فى افق حضارى وانسانى لابد ان تكون الدولة الوطنية الحاميه للتعددية والتى تعطيها التجلى والاحترام والتعمق .
فى روايتك “مملكة الفراشة” تعاود العزف على أوتار الجرح المنفتح للطائفية والاختلالات الثقافية فى كل بلد عربى يعانى نزفا مستمرا للجرح ..فى محاولة منك لعلاج اشكاليات التعددية المتجهة الى تفتيت الكيان الوطنى....ما الذى يدفع الأقليات الثقافية الآن الى الانبعاث ..؟؟ وما الفارق بين الانبعاث فى بلاد محددة (غربية) على وجه الخصوص ..وبلاد أخرى فى العالم العربى؟
مملكة الفراشة هي لحظة تأمل في التوجه نحو الحائط الذي تذهب إليه كافة الدول العربية إذ ولا دولة استطاعت أن تفرز نموذجا مميزا، ما زالت بين النموذجين التقليديين الهرمين العسكر أو الإسلاميين.. السؤال هو كيف تجد الأقليات تعبيراتها وسط وضع كهذا؟, الاقلية مهما كانت مكاسبها تظل تنظر لنفسها كمظلومة ,. ومادامت مشروطة بهذه العقلية تظل عاجرة عن إنتاج البدائل الإنسانية الحية وتذهب نحو الحلول السهلة وبدل أن تنتقم من النظام تنتقم من الدولة والأرض أحيانا ,إذ ترى الحلول في الانفصالات. لكن لا بديل عن الخيارات الديمقراطية وإلا فالاختلال سيكون سيد كل شيء..
عطفا على السؤال السابق فى ظل تحولات الربيع العربى كيف يمكن لهذا العالم أن يضع حدودا للاندماج والتسامح ؟ فى اطار ما يسمى تجربة الاسلام السياسى؟ وهل يتم التسامح مع جماعات ارهابيه ؟
أنا أتحدث عن التيارات العرقية واللغوية ..فى ظل العولمة انفجرت وطالبت بحقوقها..أما الاسلاموية او الاسلام السياسى فهذه تيارات لها مشروع انقلابى في تكوينها وبنيانها الداخلي, ولا ادخلها ضمن السياق لانها حملت السلاح وهى جماعات تريد تمزيق الاوطان , ولا تؤمن بالمجتمع المدنى ولا الحريات ولا تمتلك شرعية الاختلاف , تريد نظاما دينيا يلغى كل المكاسب العصرية , ويفصل المجتمع عن مسارات التطورات الحديثة والدخول لمجتمع دينى منغلق على ذاته , فهى بالمعنى الثقافى والسياسى غير مرتبطة بالسياقات العالمية , هى جماعات وظيفية ,تريد جيوشا متوازيه لتدمير الدولة وخلق دولة بديلة, ولا ارى امكانية للتحاور إلا إذا تخلت على رؤيتها الكلياتية واعترفت بالوطن والمواطنة وخرجت عن تعميماتها الأممية.
فى مواجهة “الدولة الأمة” واحدية الثقافة .... كيف استطاع أن يخرج مفهوم “ التعددية” من هذة المواجهة , “الجزائر نموذجا “ ؟
بالنسبة للدولة ابان الثورات الوطنية كان الهدف من التعدد هو تحرير البلد وبالتالى لم يكن هناك صراع , ففى الجزائر مثلا فى الاربعينييات كانت هناك تيارات سياسيه متنوعه قومية وبربرية وعماليه ودينيه انصاعت فى الخمسينيات لنوع من الوحده الوطنيه لان الخطاب كان تحرير الوطن , وعلى مدى 7 سنوات من الثورة الوطنية كانت تتمزق وتتصارع ولكنها واصلت لتحرير البلد فى 1962 و استطاعت ان تهيئ لمجتمع التعددية , وللاسف وبعد الاستقلال بدأ الصراع الذى أجلته الثورة يتجلى , فأحيانا أخذ طابعا سياسيا بحتا واخرى يتبدى بشكل جغرافى وعرقى واثنى .اذن الدولة الوطنية على الرغم من استيعاب الخصوصية الا انها لم تدرك جدوى ذلك الا فى الثمانينات عندما طرحت ضرورة الاستماع الى الخصوصيات الثقافية التي ليست بالضرورة عدائية للدولة وإن أبدت ردة فعل رافضة للنظام وهذا حقها الطبيعي. فبعد ربيع دموى فى منطقة القبائل اهتمت الدولة بفكرة إيجاد حل لهذه المعضلات التى كانت تنمو بصمت داخل القبائل وهى ليست أقلية .هى جزء من مكونات الدولة الوطنية لأن جزءا كبيرا من المجتمع الجزائري هو ذو أصول بربرية. لا حل إلا بأخذ ذلك كله بعين الاهتمام والتبصر وعبر وسيط حقيقى هو المجتمع المدنى ..
أى دور يلعبه الدين فى تشكيل أبعاد التعددية الثقافية .. الدين كعامل مساعد فى التعددية لكنه هو نفسه كان عاملا مساعدا فى تشكيل الأمة الواحدة ؟
الدين معطى ثقافى وحياتى واجتماعى من الصعب أن أقول أنه لا قيمة له , هو معطى اساسى , ومشكل للبنية الشعبية ثقافيا وحسيا وحضاريا ، المشكلة الكبرى تتمركز ليس في الدين ولكن في تسييسه. هنا يفقد الدين وضعه الاعتبارى الانسانى , لأنه يصبح سلاحا سياسيا فتاكا يحارب ويضع الدولة أمام مخاطر كثيرة وكبيرة .الدولة عليها احترام الدين والدفع به فى مكانه الأخلاقى الفردي والشخصي، والابتعاد به عن أن يكون له دور سياسى وهذا للحفاظ على الدين نفسه قبل الدولة.للأسف حتى الحكومات العربية الجديدة لم تتعلم الدرس حيث تلعب على الخطاب الدينى وهو من الخطر على الدين نفسه ,حيث تحصل تمزقات فيتحول الدين من مطلبى ,الى سياسى , ولا يساعد على تطور الدين ذاته ولكن يدخلنا فى مشكلات, , ان المعارك القادمة فى عالمنا العربى هى معركة دساتير , نحن نحتاج فقط لدساتير تركز على القانون والنظام واحترام التعددية الدينيه والعرقيه والاثنية وفقا لآليه ديمقراطية وتحديد مهام أجهزة الدولة بدقة وليس شيئا آخر. نخرج بها الدين من الصراع السياسى. لا تطور بدون مجتمع يضع الدين في مكانه ويقدره و يخرجه عن أهواء الأفراد وأمزجتهم وفتاواهم المدمرة.
ما بين التعددية الثقافية (الصلبة ) أى حقوق مواطنة مميزة للأقليات –وتعددية ثقافية (رخوة) تعمل على توسيع المجال للتعريف باسهام الاقليات واندماجها .. هل التعددية هنا سفر الى المستقبل أم عودة الى ماضى التجزئة ؟
هناك مكاسب بشرية تحققت فيما يتعلق بالتنظيم السياسى مما حدث فى اوروبا , نحن نعيش اوضاعا قاسيه حيث أفرغنا مشكلة الأقليات من محتوياتها الثقافية ,وراكمنا عبر عشرات السنين الكثير من الاخطاء بحقهم ,واحتقرنا مطالبهم , وذهبنا بشكل طولى بخطابات باليه مستهلكة, واستهنا بالطرف الثالث “أياد خفية أجنبية “ تلعب على التمزق .وأكرر هنا أنه لا بديل أبدا عن الدولة المركزية الناظمة التي لا حياة للأوطان بدونها. دولة تحافظ على الوحدة وتفهم التنوع , وأقول على التيارات السياسية وحركات المجتمع المدنى والمثقفين ورجال الدين أن يعملوا على تأكيد وفاقي على مركزية الدولة , ليس بمقياس ما قبل الربيع العربى حيث تتماهى الدولة في النظام ولكن أعني الدولة المؤسساتية مثلما هو موجود في كل بلدان العالم . وأرى أن هناك دولا، رغم ما مر بها الا أنها استطاعت أن تنجو من فخ التجزئة والتمزق مثل مصر والجزائر وتونس إلى حد ما، حيث ميراث الدولة المركزية القوية لكن مع ذلك إذا لم تنتبه هذه الدول للمسالة الديمقراطية وحق الشعوب في الحياة الكريمة، ستلحق بالركب إن آجلا أو عاجلا، وبشكل أكثر عنفا .
هل احتضان الامم المتحدة فكرة التعددية الثقافية ضمن التخلى عن الفكرة الكلية العامة لعصر التنوير لمصلحة النسبية الثقافية ؟
لا أعتقد , وأرى أولا أن هذا الاحتضان يدل على أن المجتمعات الإنسانية تتطور, وفى تطورها تنتج المعرفة والتصورات الجديدة , ثانيا لاحظت فى السنوات الاخيرة، خصوصا فى افريقيا، أن الصراعات الكبرى نتجت عن النظم التقليدية التى كانت تحمى الفرد فى وقت ما وفى المقابل لم تنشْأ نظم حديثة تحمى الاقليات بل دكتاتورية قاتلة ومدمرة. , فعصر “التنوير” ليس مقدسا , لكنه مهم. ونحن فى عصر عليه أن ينتج قيما جديدة , وهذه القيم ثمرة للتطور الفلسفى والفكرى , اما تبنى الامم المتحدة لتلك القضايا فهو طبيعى جدا , ولكن المشكلة فى التعامل مع هذه المعطيات , ففى الامم المتحدة يظنون انهم يوجهون دعما للاقليات أو الخصوصيات الثقافية، , ولا ينظرون لطبيعه البلد والبعد الجغرافى والموروث التاريخى , هم فى حاجه الى تأمل جدى لكيفية التحول دون تكبد خسائر فادحة فى اللحمة الوطنية .ثانيا الذى لا تدركه الامم المتحدة هو ان أى تسرع في مثل هذه الأمور المحكومة بتراكمات من الرفض والأحقاد، ينتج حروبا اهلية طاحنه تؤدى فى النهاية إلى هدر سنوات وربما قرون في التشييد كيفما كان، وتمهد أيضا للتدخل الاجنبى تحت يافطات حماية الاقليات ونعرف جيدا نتائج ذلك الوخيمة.
ما هو تاثير التعددية الثقافية على المهاجرين وفكرة الاندماج ؟
هذه مشكلة كبيرة يتحملها الطرفان , الاوروبى والمهاجر, حيث غرست هذه البلدان سلسلة من القيم التاريخية التى فرضت نفسها عبر التاريخ مثل , الدولة العلمانية , وحرية المرأة .. الخ .ثم جاءت بعد ذلك الهجرات , الأولى كانت علاقاتها الطبيعية هى علاقة الاجنبى العامل الذى يأتى بمفرده دون السماح بتواجد أسرته , ثم الهجرات الكبيرة فيما بعد السبعينيات وهى هجرات بقيت فى البلد لأن القانون الفرنسى سمح آنذاك بالاقامة العائلية ونشأ جيل جديد , وهذه الاجيال كبرت بين تمزقين , بين ثقافة الأهل والوطن الأم، وثقافة وتقاليد البلد الذى يعيشون فيه. ولم تجد نفسها. ثقافة البلد غير الأصلي ليست دائما ثقافة متوافقة مع الموروث العائلي والسياق الحضاري والديني. قبلهم المجتمع الفرنسى أجدادهم وآباؤهم فى اطار التعددية الثقافية خاصة أن الاجيال الجديدة غالبيتما كبرت وعاشت في فرنسا وهم فرنسيون بشكل كامل على الاقل من الناحية القانوينة. لكن المشكلة الأكبر للهجرة العربية أنها أنانية في الكثير من نماذجها، ولا ترى العالم وفق اتساعه، ولم تكن “دياسبورا “حقيقيا ولم تعرف كيف تدافع عن مصالحها العربية أولا والانسانية ثانيا . فهي في الأغلب الأعم ممزقة على نفسها ولا دور فاعلا لها في المجتمعات الغربية أو الأنجلوساكسونية. على عكس الدياسبورا اليهودية التي استطاعت منذ بداية القرن الماضي أن تجعل من هجرتها وسيلة ثقافية للتجمع والفعل الإيجابي والتأثير على القرار السياسي العام للبلد الذي تعيش فيه. بل غيرت بفعلها الثقافي الصورة التي ظلت قرونا تجرها وراءها.
فى روايتك “أصابع لوليتا “ ترى أن فرنسا لم تعد “فولتير وروسو “وصداها عند الطهطاوى والتونسى , بل أصبحت “فرنسا ساركوزى” التى تعاملت مع الاسلام بوصفه تنظيم القاعدة ... كيف حدث هذا التحول فى التنوير الفرنسى ليصبح - ذلك البلد الرائد فى احترام التعددية - تحت وطأة العنصرية.. ؟؟؟
فى السنوات الاخيرة ظهرت نبرة عنصرية تزعمها اليمين المتطرف الذى تجلى فى فترة حكم “ساركوزى” الذي تراخى عن تطبيق قوانين الجمهورية التي هي صارمة وواضحة. وطالب هذا اليمين المتطرف من الهجرة باسم الهوية بالانصياع للخصوصية الفرنسية بدون تحديدها حتى الهوية ضيقة وأصبحت هوية مغلقة نافية للتعددية, وفى المقابل هناك تيارات يسارية متفتحه لم تعد ترى المهاجر مهاجرا ما دام حصل على الجنسية الفرنسية. وبالتالى بدأت هذه التيارات تطرح حق احترام كل الحريات بما فيها المهاجر ,وأضيف هنا ان موقف اليمين لم يكن فقط ضد العرب والمسلمين بل تضمن ايضا اليهودى لان التاريخ القريب يفضح تواطؤات هذا اليمين المتطرف في قضية اللاسامية ..,والأن هناك تغيرات ايجابية والمجتمع الفرنسى بنيته عميقة ,يستطيع أن يعيد الامور الى مساراتها الطبيعية.
هل الدول الرافضة للتعددية الثقافية تمارس نوعا من الاستبعاد الثقافى أم حفاظا على الهوية والاندماج ؟
المجتمعات العربية ظلت رافضة للتعددية باسم القومية , كنا نقول نحن عرب ومسلمون فقط بعد ان أخرجنا كل المكونات الأخرى التي تدخل أو أدخلها التاريخ في الصلب العرب العربي والاسلامي, النتيجة كما ترى هى ما يحدث فى سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها. حروب قاتلة وطاحنة. كل ما تم من منع للتعددية لكى تعبر عن نفسها كان تأجيلا لصراع محتمل يمكن أن ينشأ فى أى وقت , ولا أرى مطلقا داعيا للخطاب الاقصائى الذى تحول الى ممارسة. نحن فى نظام دولى معقد, لست سيد نفسك فيه, يمكن أن يتدخل فى أى لحظة , فبدلا من التدخل وفرض نظام معين , علينا خلق نظام يحترم التعددية , تكون فيه الدولة المركزية الوطنية هى المرجع لكل التناقضات,حيث لا يمكننا الحفاظ على الوحدة الا بالتعددية الايجابية , وبادخال الأقليات الى الشبكة الاجتماعية لتكون رافدا للتطور وليس العزلة والتمزق . ولهذا طريق وحيد وأوحد: المواطنة. المواطنة وحدها في المسلك المنقذ والطريق الأسلم, حيث يتساوي الجميع في الحقوق والواجبات وأي قمع هو تأجيل لصراع محتمل.
هل التعددية الثقافية تعد أيديولوجيا ليبرالية.. فى اطار فكرة تعامل البشر كنظراء متساوين ؟
يجب أن نخرج من الاختزال والطرق السهلة. الليبرالية ليست أمرا سيئا , فقد حررت اوروبا من الذهنيات الرجعية والدينية المنغلقة ومن محاكم التفتيش المقدس، وحررت الانسان من داخله ,الليبرالية حقبة مهمة فى تحولات المجتمعات , لكن التعددية أكبر من مجرد الليبرالية . والتعددية ليست فعلا طارئا ولا يأتى من الخارج ولكن تراكمات من التاريخ , وقناعات متأصلة تدخل فيها الكثير من المؤسسات غير المرئية. الليبرالية تستطيع من خلال أيديولوجيتها أن تساهم فى دعم التعددية ,فالتعددية هى حالة ليبرالية , ولكن الليبرالية وحدها لا تكفى , حيث لابد من منظور شمولى يتجاوز المعطى الليبرالى , يجب أن تتحول الى حالة انتماء الى أرض ووطن وثقافة في تعدديتها وبدون ذلك فلا دولة ولا ليبرالية ولكن جماعات تخرج سكاكينها وتهدد بالانفصال أو الجريمة أو التمزق ودولة لا تعرف سوى القتل والسجن والإبادة.
هل بوسع الحروب أن تخبر الجميع ..- مؤيدى التعددية ومنتقديها - أنه لابد من الاندماج والتسامح والا فالدمار ؟
نعم , كل التيارات لها ساسه, ومنظرون ,ومتطرفون ,المشكلة أن هذه التيارات أو التعدديات المختلفة خلال الخمسين سنه الأخيرة كانت ردود فعلها عنيفه في الوطن العربي, وتتلخص رؤيتها فى الانفصال والتدخل الخارجى , لكن المشكلة أنها بعد مدة زمنية ستجد نفسها تدخل فى سياق الحروب الاهلية .اذن هنا تصبح الحروب هى الحل , ما دام الانفصال والتمزق هو الغاية وما يحدث فى سوريا أكبر درس , ومن قبلها يوغسلافيا حيث أدى التمزق الى خسائر باهظه . يوغسلافيا كانت درسا للعرب لم تستفد منه اية دولة عربية في مسالة التعددية والتسييس. لم تنفعنا تلك التمزقات في اي شيء وكأن ذلك لا يحدث إلا للآخرين. الحلول التي فرضت على يوغسلافيا سابقا ستفرض على العالم العربي إن هو لم يستفد مما حدث ولا أعتقد أنه يستفيد لأنه في كل مرة يعيد إنتاج نفس السبل القديمة وكان مخه متجمدا في حلين إما الحل الديني أو الحل العسكري ..الا يوجد طريق ثالث ؟؟ طريق مدني مع مؤسسة دولة قوية تهمها المصلحة العليا للوطن والمواطن
هل تمثل التعددية الثقافية طورا حداثيا لعصر القبلية والعصبية فى العالم العربى ؟
يمكن أن تكون طورا حداثيا اذا كانت مشفوعه بطابع ثقافى متأصل ,وأرى أنها فى النظام الحداثى هى مجبرة على الاصغاء والتعدد وقبول المتضمن لها من موقع ثقافى لا قبلى , لكن الحداثه ليست معطى متوارثا كالعقلية القبلية , الحداثة هى تطور مستمر , وعندما نورث تقاليد وأنماطا حداثيه هنا يمكن للمجتمع ان يتطور بسرعه , فعلى المدرسة والمؤسسات الثقافية ان تلعب هذا الدور الاساسى , الحداثه ليست خطابا دينيا يلقن فى المساجد وانما تفكير ينشأ ويترعرع منذ البداية حيث يتعايش الفرد على قيم العقل حيث العدل والمساواه والحرية . . ولذا اجد ان طه حسين سبق زمانه لانه رأى أن كل شىء يمر عبر المدرسة ولا تزال إذ عبرها تخلق الأجيال وتتثقف وتكبر وتتنور .. ورهاننا كمجتمعات عربية الان على جيل تربى على المعرفة الانسانيه وقيم الحداثه والحضارة. ليس الامر بسيطا لكن أقول دائما لابد لهذه اقيم أن تتجلى يوما في شخص أو مجموعة اشخاص. أعرف أني في صلب الحلم أو اليتوبيا ولكن من قال إن السياسة والتطور يقعان خارج اليتوبيا الممكنة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.