مدرسة إسنا الثانوية الصناعية تحصد المركز الأول على الأقصر في التأسيس العسكري (صور)    رئيس «هيئة ضمان جودة التعليم»: ثقافة الجودة ليست موجودة ونحتاج آلية لتحديث المناهج    محافظ كفرالشيخ يشهد الاحتفالات بعيد القيامة المجيد بكنيسة مارمينا والبابا كيرلس    8 معلومات عن مركز البيانات الحوسبة السحابية الحكومية P1    خبراء عن ارتفاع البورصة اليوم: صعود قصير الأجل    صرف مرتبات شهر مايو 2024.. اعرف مرتبك بعد الزيادات الجديدة و جدول الحد الأدنى للأجور الجديد    تفخيخ المخلفات في المنازل، جريمة جديدة لجيش الاحتلال داخل غزة    أحمد ياسر ريان يقود هجوم سيراميكا كليوباترا أمام فاركو بالدوري المصري    رقم سلبي يثير مخاوف برشلونة قبل مواجهة فالنسيا في الدوري الإسباني    أنشيلوتي يفوز بجائزة مدرب شهر أبريل في الليجا    حملات مكبرة على أفران الخبز البلدي والسياحي بالجيزة (صور)    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير امتحانات المستوى الرفيع بمدرسة اللغات الرسمية    السكة الحديد تعلن جدول تشغيل قطارات مطروح الصيفية بدءا من أول يونيو    «خنقتها لحد ما ماتت في إيدي».. المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع تفجر مفاجأة    رئيس قضايا الدولة ينظم حفلا لتوزيع جوائز وقف الفنجري    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    خالد جلال يشهد عرض «السمسمية» على المسرح العائم    جدول عروض اليوم الخامس من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    تحت شعار «غذاء صحي وآمن لكل مواطن».. «الصحة» تفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمعهد التغذية    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    بدون بيض أو زبدة.. طريقة عمل بسكويت العجوة في الخلاط    الكشف على 1270 حالة في قافلة طبية لجامعة الزقازيق بمركز مشتول السوق    تحذير قبل قبض المرتب.. عمليات احتيال شائعة في أجهزة الصراف الآلي    مشجع محلاوي يدعم الفريق بالجيتار قبل مباراة لافيينا    كرة اليد، جدول مباريات منتخب مصر في أولمبياد باريس    بث مباشر مباراة غزل المحلة ولافيينا (1-1) بدوري المحرتفين "مرحلة الصعود" (لحظة بلحظة) | استراحة    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة غدا يعزز التعاون بين البلدين و يدعم أمن واستقرار المنطقة    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    هنا الزاهد بصحبة هشام ماجد داخل الجيم.. وتعلق: "فاصل من التمارين العنيفة"    هل حبوب القمح يجب فيها الزكاة ومتى بلغ النصاب؟ الأزهر للفتوى يجيب    بيت الزكاة والصدقات يطلق 115 شاحنة ضمن القافلة السابعة لحملة أغيثوا غزة    مصرع 42 شخصا إثر انهيار سد في كينيا    برلماني: افتتاح السيسي مركز البيانات والحوسبة السحابية انطلاقة في التحول الرقمي    ب600 مليون جنيه، هيرميس تعلن إتمام الإصدار الخامس لطرح سندات قصيرة الأجل    رئيس جامعة أسيوط: استراتيجية 2024-2029 تركز على الابتكار وريادة الأعمال    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة.. سهلة وبسيطة    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    علوم حلوان تناقش دور البحث العلمي في تلبية احتياجات المجتمع الصناعي    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرائط الآثار الوهمية التي يبيعها الدجالون في المحافظات

عندما اكتشف «جيمس مارشال» الذهب في مجاري الأنهار في كاليفورنيا عام 1848 انفجرت «حمي الذهب».. حيث استقل الآلاف القطارات والعربات والسفن وحتي سيرا علي الأقدام من قارتي أمريكا والعالم القديم طمعا في الحصول علي ثروة سريعة، ولم يلبث الأمر حتي سادت الصراعات وأعمال السطو والقتل إلي أن انتهت حمي الذهب عام 1870م ومات «جيمس مارشال» المتسبب فيها فقيرا معدما. ومؤخرا تسبب طاعون التنقيب عن الآثار المصرية في إسالة أنهار من دماء الأبرياء وحتي المجرمين المنقبين راح منهم الكثيرون ضحايا طمعهم داخل أنفاق وسراديب حفرتها أيديهم بحثا عن كنز، فكانت النتيجة أن هبطت بهم الأرض إلي مثواهم الأخير وانهدمت منازلهم فوق رءوسهم «موت وخراب ديار».
ثلاثية الجهل والفقر والطمع هي دائما الدافع وراء تكرار السيناريو، فالأماكن تتغير والأحداث والنتائج واحدة لكن أهم عناصر تلك الثلاثية هو الجهل بأن الآثار لا تتواجد في كل شبر في مصر وأسفل كل منزل وفي كل محافظة.. صحيح أن مصر تعوم علي بحر من الآثار، ولكن شتان بين الأثر الحقيقي وشواهد وجوده وطريقة التنقيب عنه وبين الخرائط الأسطورية التي يتبعونها وطرق الدجل والشعوذة التي يحاولون بها استخراج كنوزهم المزعومة.. مما يعزز أهميه مشروع «أطلس المواقع الأثرية» الذي أطلقة مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المجلس الأعلي للآثار لعدد من المحافظات منذ بداية المشروع في 2001 وذلك ضمن خطة الإعداد لمشروع خريطة مصر الأثرية وهو ما يعد خطوة هامة في إطار استراتيجية إدارة التراث الجغرافي في مصر، فالخريطة تتضمن توثيق المواقع التراثية التي تتيح المعلومات الأثرية والتاريخية بصورة مختلفة تتناسب مع اهتمامات مختلف خبراء الآثار والمهتمين بأعمال التنقيب.
وحتي الآن صدر 27 أطلسا بواقع أطلس لكل محافظة في مصر ويتبقي أطلسان لاكتمال المجموعة، الأول عن سيناء، وسوف يصدر في نهاية هذا الشهر، والثاني جار العمل للانتهاء من تجهيزه وهو عن الصحراء الغربية - كما قال لنا د.فتحي صالح رئيس المركز والذي أوضح أن الهدف من المشروع هو إحكام السيطرة علي المواقع الأثرية بتوفير قاعدة بيانات دقيقة ومفصلة يمكن علي أساسها التعامل مع الموقع ووضع خطط التنقيب والترميم والصيانة، فالأطلس يحتوي علي خريطة عامة للمواقع الأثرية بكل محافظة، بالإضافة إلي الخرائط الأثرية لكل حي مع خرائط المواقع طبقا لما هو خاضع لقانون حماية الآثار، وبالنسبة للخريطة العامة لمواقع آثار مصر فقد أوضح أن مادتها العلمية جاهزة، ولكن في انتظار الانتهاء من إصدار آخر أطلسين لكي يتم إصدارها، وسوف يكون ذلك قريبا جدا.
- عجل أبيس
ولأن أول أطلس تم إصداره كان عن محافظة الشرقية فقد بدأنا منها لمعرفة سبب أهميتها تاريخيا، ومن جهة أخري لانتشار هوس التنقيب ببعض قراها مؤخرا.
في بداية جولتنا بالمحافظة قمنا بجولة في قرية غيته وزرنا «تل يهودية»، وهي عبارة عن تبة رملية مرتفعة تحيط بها المساكن من 3 جهات والأرض الزراعية من الجهة الرابعة.. يحرسها 3 من الخفر .. المكان بلا أسوار تحيط به وتعزله عن المساكن وقطع الفخار مبعثرة في كل شبر وسط رمال التل.. سألنا الحراس عن أهمية ما يحرسونه، فاتضح أنهم لا يعرفون سوي أنها قطعة أرض يقومون علي حراستها علي الرغم من أنهم تابعون للآثار.
اتجهنا إلي الحسينية بمركز فاقوس فوجدنا الأرض التابعة لإشراف الآثار والموجودة خلف المركز القديم أيضا في حضن المساكن بنفس الشكل وبلا سور ولا حراسة، والتقينا بعض أهالي المنطقة الذين اشتكوا من خوفهم من تصدع منازلهم لقيام جيرانهم بالحفر المستمر لمحاولة الوصول لأي آثار أو كنوز، بينما قال آخر إن الموضوع لا يحتاج إلي حفر فكل ما يجدونه أحجار لا قيمة لها- من وجهة نظرهم- يستخدمونها في المنزل أو الأرض، وهذا الشخص نفسه قال أنه جمع بعض هذه الأحجار ليحيط بها (طرمبة المية) في الغيط.
في متحف تل بسطة.. الأمر مختلف، فالمكان يجري فيه العمل علي قدم وساق للانتهاء من تجهيزه استعدادا لافتتاحه، لكن بإلقاء نظرة علي شكل المتحف من الداخل وموقعه وترتيب الآثار به ستلاحظ أن الآثار نفسها لا تمثل أي عامل جذب، هذا بخلاف أن المعروض من قطع الحجارة لا يوازي 1% من أكوام الحجارة المكدسة في قلب ساحة العرض وكأنها أكوام قمامة كما تبدو في الصورة.
خرجنا من المتحف لنقوم بجولة في تل أبو ياسين ومجموعة أخري من المواقع كلها كانت كالخرائب بشكل لا يبرر الاهتمام بهذه المحافظة لتتصدر المواقع الأثرية.. لذلك تحدثنا إلي كبير مفتشي آثار الشرقية محمد عبد النبي ووجهنا له تساؤلاتنا فأجاب: «الشرقية مدخل مصر من جهة الشرق وهي البوابة التي تلقت الموجات الأولي للغزوات المتتالية، كما أنها شهدت 3 عواصم مهمة في تاريخ مصر هي تل بسطة عاصمة مصر في عهد الأسرتين 22 و 23 وقرية قنتير عاصمة الرعامسة «بر - رعمسيس»، وأخيرا تانيس أو صان الحجر حاليا عاصمة الأسرة 21 وكانت تعتبر بمثابة «طيبة» الشمال»، فهي كانت تشبه طيبة من حيث إنها تضم معابد جميع الآلهة.
أما متحف تل بسطة فهو عبارة عن بقايا المعبد الكبير الذي أقامه معظم ملوك مصر، فكانت كل أسرة تضيف له وتقوم بتوسعته ولكنه تعرض للانهيار بفعل الزلازل والعوامل الطبيعية والحروب والثورات الدينية، ثم بعد ذلك ما تبقي منه تفتت بهذا الشكل.. بسبب جهل الناس حيث كانوا في عصور سابقة يقومون بتفكيك الأحجار وتكسيرها واستخدامها كرحايا أو في البناء، ولا يزال هناك أجزاء منه تحت الأرض.
والشرقية بها 120 موقعا أثريا تقريبا منها حوالي من 80 إلي 90 ملك الآثار والباقي خاضع للآثار ومنها 3 أو 4 فقط بها آثار علي وجه الأرض وتصلح للسياحة، أما الباقي هي كلها مواقع أثرية للدراسة والبحث فما بها من آثار لا يصلح سياحيا، وإنما يفيد الباحثين علي فهم وتحليل التاريخ واستكمال الناقص منه، ويعمل بالشرقية الآن عدة بعثات أجنبية، ففي تل الضبعة توجد بعثة نمساوية تعمل منذ 40 سنة وهي من أهم العواصم المصرية القديمة كانت آخر عاصمة للهكسوس وكان اسمها «أواريس أباريس» وقد اكتشفنا من خلال الحفائر العام قبل الماضي قصرا للملك «خيال» آخر ملوك الهكسوس مبنيا من الطوب اللبن، وفي 2004 اكتشفنا قصرا للملك تحتمس الثالث في عزبة رشدي وهي قصور من الطوب اللبن، وبالتالي ما تبقي منها عبارة عن الجدران الخارجية فقط والأساسات.
سألناه إذا كانت القصور من الطوب اللبن إذن فلا يوجد عليها نقوش كيف اكتشفتم أنها تنتمي إلي هؤلاء الملوك تحديدا؟ فأجاب: «هناك العديد من الأشياء التي تكون موجودة في الموقع من أدوات كانت تستخدم في القصر وأختام أو أي برديات يمكن أن نتعرف منها علي صاحب القصر».
كان يجب أن نعرف أهمية التلال التي مررنا بها، وإذا كانت ذات أهمية ما سبب إهمالها دون تنقيب أو حماية حقيقية، فأجاب قائلا: «بالنسبة لتل يهودية هو أحد الحصون الهامة التي ترجع للعصر اليوناني الروماني، وقد قامت بعثات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بالتنقيب بتل يهودية. ولم تجد سوي آثار سور حصن وبعض القطع الفخارية وكلها تم نقلها إلي المخازن، ثم تم تسليم الأرض التي تم تنقيبها للمحافظة لتقوم باستغلالها في بناء مساكن للأهالي لأنه لم يعد هناك في الشرقية أرض فضاء سوي التي تملكها أو تخضع لإشراف الآثار، وباقي الأرض المتبقية من التل موجودة بين مساكن وأراضي الأهالي وخاضعة للحراسة».
وفي مركز أبو كبير هناك أكثر من تل له أهمية أثرية أيضا مثل تل «طوخ القراموص» علي طريق فاقوس أبو كبير وهو أحد المراكز التجارية في العصر الروماني وعملت به البعثة الإيطالية لمدة موسمين 2004 - 2005 وكشفت عن أسوار ومناطق سكنية ومخازن تعود للعصر الروماني وجعارين وأوشابتي «تماثيل صغيرة للآلهة والحيوانات».
أما تل «أبو ياسين» فهو المنطقة التي كان فيها عبادة العجل أبيس، واكتشفت بها توابيت لم تنقل لأنها كبيرة الحجم وصعب نقلها وموجودة في مكانها وتحت الحراسة وتعود للعصر البطلمي والروماني.
وأخيرا تل «المشاعنة» وعملت به البعثة الأمريكية من 2006 إلي 2009 والآثار التي اكتشفت به نادرة للغاية فهي تعود لما قبل الأسرات وعثر فيه علي أختام للأسرة الأولي ومينا موحد القطرين. وكذلك التل الأسود وعملت به البعثة الفرنسية وعثر فيه علي أوان تعود لما قبل الأسرات وأختام من الطين عبارة عن خطوط غير واضحة قبل الهيروغليفية.
وليست كل الاكتشافات في المواقع الأثرية بالشرقية عبارة عن فخار وطين ففي الأربعينيات من القرن الماضي اكتشفت البعثة الفرنسية في صان الحجر آثارا ذهبية تعود للأسرة 21 وتحديدا لعهد الملك «تبسوسينس» ومقابر «أسرتون الأول».
عدنا لنسأل المهندس محمد عبد النبي كبير المفتشين عن سبب ترك تلك المواقع بلا أسوار بالرغم من قرار وزير الثقافة خصوصا أنها ملاصقة للمساكن، ومع كل ما سمعناه من كلام الأهالي عن الاعتداء علي الأحجار الأثرية وقيام بعضهم بالتنقيب فأجاب: «قرار البناء علي أراض بجوار المواقع الأثرية هو قرار محافظ فبدلا من أن يتوسع في الظهير الصحراوي يقوم بالتوسع داخليا في الرقعة الصغيرة المتبقية من الأرض.. أما موضوع عدم وجود سور فهناك حراسة علي الموقع بالفعل بدلا من السور خصوصا أنها أرض فارغة والحراسة لمنع التنقيب، ولن تصدق إذا قلت لكم أن شرطة السياحة تطالبنا بإقامة سور حول متحف تل بسطة بما فيه من تعديات موجودة داخله بالفعل، أي أننا كما يقول المثل «نغلق علي القط داخل الكرار»، وبالنسبة لباقي المواقع والتلال عموما، فهناك مشروع كبير يتبناه د.زاهي حواس لإعادة إحياء العواصم القديمة في الشرقية لتطويرها وجعل بعضها مزارات سياحية»، وفي النهاية أكد أن القيمة الحقيقية لآثار الشرقية هي قيمة علمية بحثية في المقام الأول أكثر منها سياحية.
- خالية من الآثار
القاهرة كان بها 3 مواقع أثرية فقط هي منطقة كركور ومنطقة سد الكفارة ويقع في وادي مراري جنوب حلوان، ومدينة أون التي تعرف الآن بعين شمس وهي من أهم المناطق الأثرية الفرعونية أو هليوبوليس، وتعتبر من أقدم العواصم في العالم القديم ومن أهم معالمها الأثرية مسلة الملك سنوسرت الأول مسلة المطرية وهي الأثر الوحيد الباقي من معالم هذه المدينة.
وعلي الرغم من أن فاروق حسني وزير الثقافة كان قد أصدر قرارا في 2008 بإحاطة جميع مناطق الحفائر الأثرية المتاخمة للمباني السكنية والتوسعات العمرانية بمختلف المحافظات بالأسوار لحمايتها من التعديات والتسلل إليها، وبالفعل بدأ تنفيذ القرار بمنطقة آثار «كركور» بحلوان ومنطقة حفائر كلية الآثار جامعة القاهرة بالمطرية وحفائر تل أتريب بالقليوبية. إلا أن زيارة لأي منها بعد عامين علي صدور القرار جعلتنا نكتشف أن كل شيء عاد لأصله «ورجعت ريما لعادتها القديمة»، واختفت الأسوار مرة أخري.
ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن يقوم بعض لصوص الآثار باختراق المنطقة الأثرية بالبدرشين والتنقيب عن الآثار علي مساحات كبيرة واستمروا في عمليات الحفر قرابة الشهرين دون أن يشعر بهم أحد حتي عثروا علي بئر أثرية قبل أن تتمكن مباحث أكتوبر من القبض عليهم قبل أن يستكملوا عمليات الحفر، وذلك بعد خلافهم مع السائق الذي كان يقوم بنقل المعدات لهم فأطلقوا عليه الرصاص الأمر الذي لفت انتباه الخفر بالمنطقة فطاردوهم حتي ألقي القبض عليهم ولكن الدجال الذي كان معهم استطاع أن يلوذ بالفرار، والمضحك أنهم عندما عرفوا أن المشعوذ الذي معهم فر من الشرطة ظلوا يكبرون ظنا منهم أنه استطاع أن يستخدم قدراته في الاختفاء ورفضوا أن يفهموا أنه نصاب.
- آخر موضة
علي الجانب الآخر هناك خريطة لمواقع وهمية يتم التنقيب فيها عن كنوز مزيفة، بعضها ليس لحضارتها وجود علي أرض مصر من الأساس أولها كان منطقة ناهيا بكرداسة حيث ظهر شكل جديد من النصب - التطور الطبيعي للجهل - عندما وجد أهالي ناهيا المنطقة البحرية بعض الغرباء يترددون علي المنطقة ويعاينون المنازل وكأنهم يبحثون عن شيء ما مما أثار فضول الأهالي ودفعهم للاقتراب منهم حيث ظنوا في البداية أنهم سائحون ويتصرفون بغرابة، لكن بعد التعارف وتبادل الحوارات ألقي الصياد بطعمه، وأخرج خرائط قديمة وكروكي لخرائط تشير لمكان كنوز من الذهب والدفائن وأخذ يوهم ضحاياه بأن هذه الكنوز كانت مدفونة في بلاد الشام، وبعد أن حاول أحد المشايخ الضعفاء فتح سراديبها بتعازيم ضعيفة خطفها حراس المكان وعماره وغاصوا بها في باطن الأرض وأنه أنفق وقتا وجهدا ومالا حتي استطاع تحضير الخرائط التي معه بالأماكن التي نقل فيها الجن هذه الكنوز.
وزيادة في الحكبة ودفعا لإثارة مطامعهم فقد أخبرهم بأن تلك الكنوز صناديق من العملات الذهبية والدفائن العثمانية وأن الجنود الأتراك قاموا بإخفاء الذهب أثناء هروبهم بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية بعد أن صدرت لهم الأوامر بذلك من قيادتهم بطول شريط قطار الشرق السريع بعد أن وضعوا عليها عزائم وحراس تحمي صناديق الذهب هذه حتي يعودوا لاستردادها، ولكن عندما عثر هذا النصاب علي الخريطة وحاول الحفر للحصول علي الصندوق قام حراس الكنز بتهريبه إلي مكان آخر في باطن الأرض، ثم ظهروا به في مصر في المكان المرسوم في الخريطة التي أظهرها له قرينه الجني ويحتاج لمساعدتهم ثم يقوم ببيع الخريطة لهم بعد أن يطمعوا في الكنز دون شريك ويكون متوسط السعر مابين 50 ألف و60 ألف جنيه للخريطة الجلد و 80 ألف للخريطة الحجرية، بينما صور الخرائط مابين 10 إلي 25 ألف جنيه.
وتأتي المرحلة التي تليها وهي الحفر ومطاردة دلائل وإشارات وهمية ويستمر الحفر طالما الدفع مستمر وأثناء الحفر تظهر بعض قطع الفخار أو الخزف الملون أو تماثيل صغيرة فيظن الشخص الذي ينقب أنه وجد الإشارات والدلائل التي تؤكد وجود الكنز فيستمر في الحفر، وهنا قام الشخص الذي كشف لنا القصة باصطحابنا لنري بعض العلامات التي ظهرت له أثناء الحفر وهي عبارة عن ثعبان من صخر يشبه الرخام في حجم السيجارة وعكنبوت صخري بنفس الحجم أيضا.
طاعون التنقيب استوطن مجموعة معينة من الشوارع في ناهيا هي شارع الحسنية بمنطقة مسجد سيدي عمر، وشارع أحمد جميلة بمنطقة شرق البلد شارع المستشفي بمنطقة شرق البلد، وشارع البشيهي، وشارع الفرن الغربي بمنطقة قنطرة الدبيحة، وشارع البشلاوي بمنطقة غرب البلد، وشارع المفتي بمنطقة شارع السهراية، وشارع محمد زينهم وشارع عبادة أحمد أنور بمنطقة طريق أبو رواش، وشارع القبلي بمنطقة قبلي البلد وغيرها من منازل متفرقة، ولكن هذه الشوارع تقريبا كل المنازل المتجاورة بها يتم التنقيب تحتها بالكامل حتي ظهرت آثار التصدع علي معظمها.
الكارثة أن معظم أصحاب هذه المنازل دفعوا ما كانوا يملكون من أموال للنصابين ثمنا للخرائط والبخور والتعزيم حيث تصل تكلفة يوم الحفر والتعزيم إلي 10 آلاف جنيه وبدون التعزيم قد تنخفض إلي 6 آلاف جنيه وعندما تحدثوا معنا عرفنا من بعضهم أن أقل فترة حفر استمرت 15 يوما وبعدها توقفوا ليس خوفا من انهيار المنازل التي تصدعت لكن لأن الأموال التي معهم نفدت، وبالتالي هرب النصابون بما جنوا من أموال والنتيجة أسر مشردة بلا منزل ولا مستقبل. فقط قطعة من الجلد أو الحجر عليها نقوش لا تساوي ملاليم.
- كفر العلو
رغم تأكيد الحقائق العلمية أن حلوان خالية من الآثار.. إلا أن حمي التنقيب عن الآثار أصابت أهلها خصوصا كفر العلو مبكرا جدا وتحديدا منذ عام 1998 وحتي اليوم.. علي الرغم من أنهم لم يستخرجوا شيئا حتي الآن وتتزعم هذه العملية عائلة معروفة ببطشها يقوم كبيرها وأخوه بجمع الإتاوات من الأهالي ويعدهم بتقاسم الكنوز معهم عندما يجدها .
وعندما طالت السنوات ولم يجدوا شيئا خافوا من ثورة أهالي المنطقة عليهم بعد أن خافوا من انهيار منازلهم فأحضروا قطعا أثرية مسروقة من أحد مخازن الآثار وأوهموا الأهالي أنهم عثروا عليها أثناء الحفر لكي يثيروا طمعهم في البحث والتنقيب معهم وطافوا بها الكفر كله حتي يستعيدوا السيطرة علي الأهالي مرة أخري.. هذا ما يتردد علي لسان أهالي المنطقة هناك وإن كان أحد لا يجرؤ علي القيام بالتنقيب بنفسه خوفا من بطشهم.
- النصب العلمي
آخر خبر وصلنا عن قصص التنقيب أن هناك من قرروا أن يبتعدوا عن شبهة الدجل والشعوذة، وأن ينتهجوا أسلوبا علميا في النصب وذلك باستخدام أجهزة البحث عن المعادن التي يقومون بشرائها ثم عرض خدماتهم في تأجير الجهاز وهم معه مقابل 1000 جنيه يوميا مع اشتراط نسبة من الكنز إذا وجد، وفي هذه الحالة لا يحتاج إلي خرائط فهم يتجهون إلي أي مكان معروف أن به آثارا مثل نزلة السمان أو في صحراء الصعيد ويبدأ التنقيب.. الغريب أن هناك معلومة تقول إن هذه الأجهزة لا تأتي مهربة فقط بل إن هناك مكتب استيراد وتصدير مقره عمارات العبور يقوم ببيعها وتوزيعها «عيني عينك»!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.