خواتم وتيجان وصلبان .. فرحة واحتفالات الأقباط ب «أحد السعف»| فيديو    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    الإعلان عن وظائف المعلمين الجديدة.. ننشر التخصصات المطلوبة بجميع المحافظات    برعاية طبية كاملة...مستشفيات جامعة الأزهر تستقبل مصابي غَزَّة ومرافقيهم    بعد قليل.. الإعلان عن مسابقة معلم مساعد مادة بجميع المحافظات    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    برلماني: افتتاح الرئيس السيسي مركز الحوسبة السحابية يعكس رؤيته لبناء المستقبل    وزير المالية: مناخ الاستثمار في مصر أصبح أكثر جذبًا لشركاء التنمية الدوليين    توريد 3 آلاف طن قمح لصوامع الإسكندرية    مؤسسة التمويل الدولية ترفع تصنيف مصر إلى «التطبيق المتقدم»    روسيا تعلن تدمير أكثر من 17 طائرة بدون طيار أوكرانية    واشنطن بوست: «زيلينسكي» يخفي العدد الحقيقي لقتلى جيشه    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 15 فلسطينيًا من الضفة الغربية    مصادر فلسطينية : مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك بنهائي كأس مصر للطائرة    طارق السيد: أثق في تأهل الزمالك لنهائي الكونفدرالية    "بتكسبوا بالحكام".. حسام غالي يثير الجدل بما فعله مدرب المنتخب السابق ويوجه رسالة لشيكابالا    "العريس والعروسة ماتوا".. ماذا جرى في موكب الزفاف بقنا؟- صور    احباط محاولة بيع كمية من الدقيق البلدي المدعم في السوق السوداء بقنا    مصرع شخص وإصابة 23 أخرين في حادث تصادم بالطريق الصحراوي الغربي بأسوان    ضبط المتهمين بتقطيع أعمدة الإنارة بقليوب    "خليها جنبك".. الأب لم يرحم استغاثة أطفاله ونحر أمهم أمامهم بالغربية    ننشر أسماء 11 من ضحايا حادث الدقهلية المروع- صور    "بعمل اللي ما حدش يفكر فيه".. السيسي للمصريين: "هلومكم لهذا السبب"    «الغردقة لسينما الشباب» يفتح باب الإشتراك في دورته الثانية    مصطفى قمر مفاجأة حفل علي الحجار ضمن مشروع «100 سنة غنا» الليلة    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن فوق ال 65 سنة    «الوثائقية» تُعلن عرض ندوة نادرة ل نور الشريف في ذكرى ميلاده    جدول عروض اليوم الرابع من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    «هيوافق».. شوبير يكشف كواليس صادمة بشأن انتقال محمد صلاح للدوري السعودي    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    معيط: آخر فرصة للاستفادة من مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج "غدا"    بدء التشغيل التجريبي لوحدة كلى الأطفال الجديدة بمستشفى أبوكبير المركزي    نقيب الأطباء: مصر الدولة الوحيدة في المنطقة لا تتعامل بقانون المسؤولية الطبية    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    جولة تفقدية لمسؤولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير    إصابة جندي إسرائيلي في هجوم صاروخي على منطقة ميرون    مطروح تستعد لامتحانات الترم الثاني.. غرف عمليات ومراعاة مواصفات الأسئلة    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الرئيس محمد» و«الرئيسة سلمي»


مقارنة بين المرشحين لتغيير أوضاع مصر
لرجل الذي جعل من جنود مصر «مرتزقة».. والمذيعة التي تحلم أن تكون رئيسة ووزيرة إعلام
في مساء يوم الخميس - ليلة الجمعة - وبينما كنا نتناقش أنا وزميلي محمد هاني مدير التحرير في عناوين غلاف المجلة لهذا الأسبوع .. كان أن قال : لو استجبنا لأصول الصحافة فسوف يكون محمد البرادعي بطلا لثلاثة عناوين دفعة واحدة: (افتتاحية رئيس التحرير - وحوار العالم الكبير د . محمد ناجي - وموضوع فرقة البرادعي للكوميديا السياسية).. تخففنا بالطبع من عنوان .. وأبقينا اثنين .. لكي نعرض للقارئ مواد أخري مهمة .. ولكني تصفحت الصحف الخاصة ليوم الجمعة .. ومجموعات من العناوين في الأسبوع الماضي .. وكلها تتعلق بالبرادعي .. وطرحت علي نفسي السؤال المتكرر: هل نعطي هذا الرجل أكثر مما يستحق؟.. هل نعطيه أضواءً لا«يستاهلها» ؟ .. هل علينا أن نتجاهله ؟
وفي الأسبوع الماضي يبدو أن هذا الاهتمام الصحفي قد أدهش البرادعي نفسه .. فقال عن نفسه إنه أشهر مصري في العالم .. وهي عبارة لابد أن نعود إليها .. وفيما يبدو أنه كان قد تأثر بما يكتب عنه وبالمواد الصحفية التي تنشر عنه علي مواقع الإنترنت. لو حللنا التناولات الصحفية المصرية .. سوف نجدها نوعين .. الأولي: آتية من المنابر الخاصة التي يملكها رجال أعمال.. وهؤلاء إما أنهم يروجون لحلمهم المرتبط بجماعات معارضة تقول إنها قد تحكم الدولة في العصور المصرية التالية.. أو أنهم يفعلون ذلك إلي جانب رغبتهم في أن يسوقوا بضاعة مختلفة للقارئ.. تتمايز عما لدي الصحافة القومية.. حتي لو كانوا غير مقتنعين بلعبة البرادعي التي يبدو أنه بالفعل في الطريق إلي تصديقها.. ولا تختلف مواقف وتناولات المحطات التليفزيونية الخاصة في أغلبها عن ذلك .
صحف المعارضة الحزبية، تتصارع مابين موقفين، الأول هو أن تتوافق مع مواقف أحزابها الحقيقية.. الرافضة لحكاية البرادعي وتجد فيها ما يناقض مصالح الأحزاب نفسها.. والثاني هو رغبتها في أن تظهر أمام الرأي العام المعارض كما لو أنها لا تتخذ موقفا يصب في حسابات الحزب الوطني.. فهي - الصحف والأحزاب التي تنتمي إليها - تخشي الاتهام بعقد صفقات مع الأغلبية لو قالت كلاما يصب في نفس الاتجاه.. حتي لو كان فيه صالحها.
الصحف القومية متعددة الاتجاهات.. فريق تمثله روزاليوسف (اليومية والأسبوعية) وجريدة الجمهورية، يعالج الظاهرة بطرق مختلفة في الحالتين.. ولكنه لايتجاهلها.. وفريق يري أنه لم يحن الوقت لكي يمضي قدما في اتجاه مزيد من أساليب التعامل مع (كرة الثلج) التي تتضخم صحفيا يوما تلو آخر.
- ذوبان كرة الثلج
أستطيع أن أبرر انشغال روزاليوسف ب(كرة الثلج) التي لن تصمد بالتأكيد مهما تضخمت أمام أي قدر من ارتفاع درجة حرارة الطقس.. ولدينا في ذلك عديد من الأسباب التي ليس من بينها علي الإطلاق أن الدكتور محمد البرادعي يمثل تحديا أكيدا للحكم الحالي.
أولاً: لايجوز تجاهل متغير علي الساحة السياسية في مصر.. كبر أو صغر.. خاصة أننا في حالة حراك حقيقي.. تفور فيه وقائع ثم تخمد.. وتتفاعل فيه أمور ثم تهدأ.
ثانياً: أننا بصدد خديعة كبري للرأي العام، ولابد أن نمارس دورنا في التقييم بشكل مستمر، وقبل أن يصبح الأمر - كما نتوقع - سببا لإحباط بعض التوجهات المتعلقة بفكرة التغيير.. وهذه اتجاهات نحترمها في المجتمع.. ولكن علينا أن نرشد طاقتها أو نساهم في ذلك. ثالثاً: إن لدي شخصيا موقفا صريحا من الترويجات التي يسوقها الدكتور محمد البرادعي عن نفسه.. والتي لايمكن السكوت عنها.. بل إن الصمت هنا فعل شيطاني.. يساوي سكوتا عن الحق.
رابعا: إن الممارسات التي يقوم بها محمد البرادعي إنما تضر الحياة السياسية المصرية، لاسيما وأنها في المحصلة الأخيرة نوع من اللهو، والعبث العشوائي، وإهدار الوقت.. فيما لا نتيجة منه.. ولو أن البرادعي كان قد قدم نفسه من اللحظة الأولي باعتباره مرشحا رسميا.. لانتهي الأمر.. لكنه يصر علي أن يبقي في مساحة مشاغلة الرأي العام.. لا هو أعلن موقفا ولا هو قبل بقواعد اللعبة.. وبطريقة تضع تصرفاته تحت طائلة رهيبة من علامات الاستفهام.
وبالتأكيد هناك معترضون كثيرون علي نهج روزاليوسف.. معارضون وغيرهم.. والبعض يقول إننا نصنع للبرادعي أضواء ليست له.. وقد لاحقنا هذا المعني من قبل حين كنا نعلن موقفا محددا من الإخوان في عام 2005.. وروج الإخوان الذين تعبوا من الانتقاد أن هذا الانتقاد يفيدهم ويحقق لهم الشعبية.. وهو ترويج لم يخدعنا لكي نواصل كشف زيفهم وعدائهم للدولة المدنية.
- خديعة البرادعي
إن ما يهمنا هنا هو الرأي العام.. ليس إلا.. فالخديعة الكبيرة التي يمارسها البرادعي لابد أن تنكشف.. خاصة أن يقول كلاما لايمكن أن يقبل من سياسي له ثقل.. ويخطئ من يظن أننا نمارس عملية النقد الموضوعية لكي يخرج محمد البرادعي من الساحة.. وتخلو أمام الحكم.. علي العكس من ذلك.. فمن وجهة نظري أن ترشحه للرئاسة رسميا عن طريق دستوري ما سوف يكون مفيدا جدا لأي معركة انتخابية.. لأي مرشح يقدمه الحزب الوطني.. فهو سوف يخسر بالتأكيد ولن يكون مقنعا للناخبين بغض النظر عما يحاول أن يقنعه به عدد من المتحذلقين.. أو الصحف التي تمارس به عبثا وتلهو به لعبا وتنفخ في بالونة لعلها تجد مايقيم أودها خلال حملة الانتخابات الرئاسية.
لقد طرحت من قبل تساؤلا مازلت أصر عليه: هل البرادعي هو الرجل الثاني ؟ بمعني أنه يمهد الطريق - عن دراية أو بدون - لرجل آخر غيره ؟.. وأضيف اليوم أن ما يقوم به الآن.. متجولا بين المساجد.. ومرددا لتصريحات مضحكة في الصحف الأجنبية.. والمحلية الخاصة.. إنما يبعد أنظار الناس عن المعركة الانتخابية ذات الأولوية وهي التي ستدور علي مقاعد مجلس الشعب.. فيما بين أكتوبر ونوفمبر القادمين.
يوما تلو آخر تتبلور ملامح (النرجسية) التي تملأ البرادعي في لعبة (تسلية تقاعده) التي قرر أن يمارسها في مصر بعد غياب ثلاثين عاما.. ومن ذلك أنه قال في الأسبوع الماضي إنه (أشهر مصري في العالم).. هذه عبارة لا تفوت.. لشخص يقدم نفسه علي أنه رسول التغيير والتطوير في البلد.. وأنه المنقذ الذي جاء للشعب من ليالي النووي في فيينا.. وقبلها قال واصفا نفسه (أنا عود ثقاب إلي جانب برميل بارود).. وبين هذه وتلك نثر بعضا من العبارات المثيرة للسخرية والتي تعجب كيف يمكن أن يرددها شخص تصورنا أن له حجما غير هذا الذي نراه عليه الآن.
لقد هددنا البرادعي - نحن الصحف القومية - بأنه قد يقاضينا في المحاكم.. تعليقا علي انتقادات الصحف القومية له.. ما يمثل تهديدا معلنا منه.. وما يعني أنه لا يريد أن يسمع صوتا مخالفا.. مجسدا عشق الذات وغرورها.. ومعبرا عن أنه لا يقبل إلا أن يكون الآخرون مصفقين له.. وهي حالة بائسة.. تتناقض مع إيمان يعلنه بحرية التعبير.. إذ ما الذي يضيره لو أنه كان يطرح رؤية لها من يرفضها.. وأي دستور هذا الذي يريده لمصر.. إن كان الدستور الحالي يحمي حرية التعبير.. وهو يلوح برفع القضايا ضد من ينتقدونه.
أتحداه أن يفعل . اذهب إلي المحكمة ضد مقالاتنا.. قل في ساحة القضاء أنك ترفض الرأي الآخر.. أظهر حقيقة ذاتك.. واخرج من فقاعة القبول بالرأي الآخر.. أو علي الأقل: قل لنا أولا أين هو رأيك المتكامل بشأن مستقبل البلد.. ثم أعلن رغبتك في أن تسجن معارضيك حتي قبل أن تصل إلي الحكم.. هذا إن بلغته.
إذن سيكون رفعت السعيد ومحمود أباظة وأحمد حسن وأسامة الغزالي حرب.. قيادات أحزاب المعارضة قد تحملوا ما لا يطيقون.. إذا كانوا قد سمعوا كل الانتقادات.. وبما في ذلك ما يصدر من صحف خاصة ضدهم.. ولم يذهبوا إلي المحاكم رفضا لرأي سياسي.. إلا مرة واحدة.. حين اتهم محمود أباظة وحزب الوفد في نزاهة ضميره وليس انتقادا لمواقفه السياسية.. حين قالت «المصري اليوم» إنه عقد صفقة مع الحزب الوطني علي أساس اقتسام الأنصبة - كيفما ادعت - في الانتخابات المقبلة.
وسوف تكون كل قيادة في الحزب الوطني محتملة لما لايحتمله البرادعي.. بينما هي تتعرض لحملات يومية ومستمرة منذ سنوات.. بدون أن تذهب إلي المحاكم.. أو تلجأ إلي تهديد صحفي.. أو تخويف أي صاحب رأي.
في المقابل نجد البرادعي لايطيق النقاش.. بل إنه لايقبل حتي من الصحف التي تؤيده أن تسجل أي ملاحظات تناقشه ويتصل بها معترضا.. ويقول كلاما مذهلا في كونه يعبر عن أنه ضد أي ديمقراطية أو أي مبادئ لحرية التعبير.. ربما لأنه يفكر مليا في اتباع جميع خطوات أيمن نور.. المفرج عنه صحيا في جريمة تزوير معروفة.. بعد أن قضي بعضا من عقوبته في السجن.. فأيمن كان قد استمرأ خلال سجنه أن يكتب يوميا البلاغات للنائب العام ضد الصحف القومية.. وليست تلك هي الأساليب الوحيدة التي يفكر البرادعي في أن يقتدي فيها بأيمن نور.. بل إنه ذهب مثله إلي المساجد.. ويحاول أن يتجول في المحافظات كما فعل أيمن نور.. ويقدم نفسه علي أنه البديل الثالث كما قال أيمن نور عن نفسه.. وهكذا هناك مواقف عديدة يمضي فيها البرادعي علي نهج أيمن نور من الناحية الإعلامية والسياسية.
- سخرية سلمي
قبل نحو أسبوعين، وفي تناولاتي المختلفة لظاهرة محمد البرادعي، كان أن وصفته بأنه (رئيس جمهورية الفيس بوك)، علي أساس أنه يعرب عن اندهاش طفولي بكون صفحة تأييده علي موقع هذه الشبكة الاجتماعية الشهيرة ضمت ما يزيد علي مائتي ألف شخص.. وقلت وقتها إن هذا يعني أن لديه مؤيدا من بين كل 68 مصريا يستخدم الإنترنت.. أو أن لديه مؤيدا من بين كل 320 مصريا.. قياسا علي تعداد السكان.. وأضفت أنه لا يجوز قياس الظواهر السياسية في المجتمع علي أساس أن هناك شخصا يجلس في بيته ضغط علي (الماوس) وسجل ب (الكليك) أنه يؤيد صفحة علي الإنترنت.. وأن هناك فرقا بين استخدام الإنترنت في التفاعل السياسي وبين استعمالها كوسيلة للتقييم.. وأيضا ذكرت أن علي الفيس بوك توجد صفحات تطالب بأن يكون عمرو موسي وعمرو خالد ومحمد أبوتريكة رؤساء للجمهورية.
ووجدت بالطبع بعض النقد من أنصار البرادعي لهذا المقال.. غير أن أحد المؤيدين أرسل لي في الأسبوع الماضي معلقا بسخرية: فليقل لنا محمد البرادعي إذن رأيه في المذيعة سلمي الدالي التي أعلنت نفسها علي موقع (يوتيوب) مرشحة لرئاسة الجمهورية.. فعدد مشاهدي تسجيلاتها علي الموقع بلغ قرابة 30 ألف شخص في حين لم يشاهد رسالة البرادعي حول التغيير سوي ثمانية آلاف شخص.
وبالتأكيد ليست جاذبية مضمون الرسائل السياسية الساخرة لسلمي الدالي دليلا علي شعبيتها.. كما أن انخفاض عدد من يشاهدون ما يقول البرادعي ليس دليلا علي أنه ليس له تأثير مقارن.. فإذا أردنا تطبيق تلك القاعدة التي يلجأ إليها البرادعي خطأ وبدون انتباه سياسي.. فإن عمرو خالد سوف يكون رئيسا لبضع جمهوريات لأن عدد مشاهدي بعض تسجيلاته علي موقع اليوتيوب يفوق ال600 ألف مشاهد.
وسلمي هذه دليل آخر علي أن الإنترنت وسيلة تواصل لا تقييم.. وهي توصف بأنها أول (فلوجر) مصرية.. أي تدون علي الشبكة بالفيديو (فيديو بلوجر).. وهي تعبير عن ظواهر التمرد علي الواقع بمختلف أنماطه في الحياة المصرية والعربية.. إعلاميا واجتماعيا وسياسيا.. وهي تحظي بانتباه المتابعين.. وتعليقاتهم.. غير أنها لم تتحول إلي تصديق هذا علي أنه قبول من الناس بترشيحها رئيسة للجمهورية.
تمارس سلمي السخرية علي أوسع نطاق، وتستغل كونها درست وتدرس الإعلام، هي تحضر الماجستير في الولايات المتحدة، ويبدو أنها خاضت تجربة العمل التليفزيوني في مصر ولم تحقق نجاحا قبل أن تعرف علي نطاق واسع علي اليوتيوب.. وهي تصنع أفلاما فيها قدر مهول من الإضحاك باعتبارها تقول إنها مرشحة لرئاسة مصر في عام 2011.. وتمضي حتي تصور نفسها بالفيديو علي أنها الرئيس الخامس بعد أن تضع قبلها صور الرؤساء الأربعة من محمد نجيب إلي مبارك.. مرورا بالرئيسين عبدالناصر والسادات.
وتقول سلمي في أشهر تسجيلاتها إنها استقرت أخيرا علي أسماء ثلاثة وزراء في حكومتها: محمد أبوتريكة وزيرا للخارجية وعمرو خالد وزيرا للمالية.. وهي نفسها سوف تكون وزيرة للإعلام.. وتعلن هذا مع نحيب مفتعل وساخر.. متوسلة للمشاهد أن يقبل بها في هذا المنصب لاعتبارات لها علاقة بأنها تريد أن تكون مذيعة (!!!)
- المذيعة والريس
ومن المؤكد أن سلمي الدالي لم تتعمد أن تفعل ما تفعل نكاية في الدكتور محمد البرادعي، أو لأنها مكلفة بهذا الأمر من الحزب الوطني، بل إنها تنتقد الحزب وتسخر مما تراه توريثا.. ولكنها في كل الأحوال امتلكت نفسية صلة وثقافة حقيقية لم تدفعها إلي أن تعتقد أن الإقبال علي مشاهدة تسجيلاتها والتعليق عليها يعني أنها شخصية سياسية جديرة بأن تقود التغيير في مصر.
وبالتالي فإنها دون أن تقصد تعطي درسا نوعيا للظواهر المماثلة في الواقع المصري.. وبدون أن تتعمد فإنها ترد علي المرشح محمد البرادعي.. علي الرغم من أنها لم تحط نفسها بمجموعة من المحبطين أو الرومانسيين الذين يقولون إنهم من خلف اسم البرادعي سوف يقودون تغييرا كبيرا في مصر .
عمليا لا تجوز المقارنة بين سلمي والبرادعي، فهو شخصية دولية مرموقة، وهي مجرد شابة مصرية واعدة تدون علي الإنترنت بالفيديو، وهو يقول إنه سوف يقود تغييرا في البلد.. وهي تقول إنها مرشحة ساخرة لرئاسة الجمهورية في عام 2011، ولكني أجدها أكثر وضوحا مع نفسها وفهما لما تفعل.. في حين أن البرادعي ليس كذلك.. وقد يكون من حقها أن تسعي إلي الشهرة وهي في هذا العمر.. بينما تثير تصرفات محمد البرادعي في نفسي تساؤلات جوهرية حول سعيه لمزيد من الشهرة.. أو تقديم نفسه علي أنه (أشهر مصري في العالم ) كما يردد الآن.. وهي صفة لست أستوعب علي وجه اليقين ماذا تعني بالنسبة له.
لن أضرب أمثلة من السياسيين.. ولكني أعتقد أن حسن شحاتة المدرب الوطني الشهير كان قد بلغ موقعا مميزا في الآفاق العالمية في بعض الأوقات حين انتبه إليه الجميع وهو يحقق نصرا كرويا فريدا في غانا.. وأظن أيضا أن عمر الشريف من أشهر المصريين في جميع أنحاء الكرة الأرضية.. وكذلك أحمد زويل.. ونجيب محفوظ بالتأكيد.. ولكن هذا الوضع العالمي لم يعطهم المبرر لكي يقولوا إنهم بشر مختلفون وعلينا أن ننقاد خلفهم.
إن شهرة أوباما لاتقارن بالطبع مع كل من مارلين مونرو وألفيس بريسلي ومايكل جوردون وتايجر وود وباريس هيلتون، وعشرات غيرهم من نجوم الحياة الأمريكية الأحياء والأموات، ولكن هذا الأمر لم يتم إقحامه علي الإطلاق في أي من تفاعلات السياسة.. لأنه لو حدث لقهرت باريس هيلتون هيلاري كلينتون.. ولانتصر تايجر وود أو مايكل جوردون علي أوباما.. والثلاثة من السود.
وقياسا علي ذلك فإن علينا أن نخضع نرجسية البرادعي التي تجعله يقول إنه (أشهر مصري في العالم) لمزيد من التحليل.. وهو أمر لم نكن لنفعله لو أنه لم يفرض نفسه علينا ولم يطرح ذاته راغبا في أن يحقق مزيدا من الشهرة في الساحة المصرية.. وهو يتسلي في تقاعده.
- النرجسي المرتبك
هذه الحالة النرجسية المرتبكة عبرت عن نفسها بشكل تفصيلي في حوار نشرته جريدة «المصري اليوم» قبل أيام لمحمد البرادعي.. حاولت هي من خلاله أن تسوقه باعتباره رجلا له تاريخ شخصي وثقافي وإنساني.. في سبيل استكمال الصورة الدعائية له بين الناس.. وكان من اللافت أن إجاباته قدمته بطريقة مغايرة.. وحولته إلي صورة تطرح تساؤلات جوهرية حول مايدور في ذهنه.. ليس من أجل البلد.. وإنما من أجل نفسه.. فهو لا تعنيه إلا ذاته.
لقد بدا البرادعي في هذا الحوار مرتبكا، ارتباك المراهقين، يقرأ كافكا الكاتب الألماني اليهودي الكابوسي، ولم يقرأ بعد جمال الغيطاني وبهاء طاهر.. ولايعرف الكثيرين من أدباء مصر مثل: إبراهيم عبدالمجيد ويوسف القعيد ورضوي عاشور وأهداف سويف ومحمد البساطي، ولكنه يعلن ولهه بعلاء الأسواني.. ويتحدث عنه أكثر من كلامه عن نجيب محفوظ .
يقول للناس إنه يعشق موسيقي الجاز، وأروع أوقاته في منزله الريفي في جنوب فرنسا حيث يستمتع برؤية أقراص عبّاد الشمس، وهي كلمات لابد أنها لايمكن أن سياسيا مستقرا ذاتيا، يريد أن يؤكد التحامه بالجماهير المصرية التي يتوسل إليها ويستجدي مشاعرها من خلال الذهاب إلي المساجد كل يوم جمعة.. ولا أدري لماذا لايصور صلواته الخمس يوميا.. لمزيد من مداعبة تلك المشاعر الدينية لدي الناس.
مغترب حقيقي، حتي وهو يريد أن يكون بين الناس، يحن إلي زمن فات، ويجد في الواقع ما يخالف نشأته، منعزل عن الزمن المصري.. كما انعزل عن الجغرافيا المصرية لسنوات وعقود؟.. يتكلم عن عروض الأوبرا والموسيقات وفنون الباليه التي كانت كما لو أنه لا يدري أن هذا موجود اليوم لولا أنه لا يتابع مجريات مصر وتفاعلاتها الثقافية.. ويترك كل هذا لكي يقول إنه لا يدري عن ماذا كان يمكن أن يدافع العسكري المصري في حرب 1967.. ويضيف (الجندي يعلم أنه سوف يعود إلي حياة شاقة.. الدفاع عن الوطن يكون دفاعا عن مكاسبي الشخصية).
وهذه مقولة مدهشة في غرائبيتها، من حيث كونها تختصر مهام الجندية ودوافعها في كونها تتعلق بالمكسب الذاتي الذي سوف يحققه الجندي من الاجتهاد في الحرب.. بمعني آخر إن الجندي غير الراضي عن واقعه الاجتماعي لابد أنه سوف يجد في ذلك مبررا للخذلان.. وأن الموطن مجموعة من المنافع.. وهو أمر يتناقض مع المبادئ ومع القناعات الوطنية ومع حرص الجنود في الدفاع عن الأرض.. ويحول الجندي إلي مرتزق ساع لمكسب وليس مؤديا لمهمة.
هذا الكلام الذي عبر علي الجميع يكشف إلي أي حد يعاني هذا المصري المرموق من تخبط في المفاهيم.. ولايضع مبررا للأسباب التي دفعت نفس الجندي المصري المهزوم في 1967 إلي أن يجتهد لكي ينتصر في 1973 في حين أن أوضاع البلد لم تكن قد تغيرت كثيرا.. والجنود لم يدفع لهم ولم يوعدوا بمكاسب.. وإنما خاضوا نضالا من أجل بلدهم وتحريره وتحرره.. والتخلص من الاحتلال.. وبالتاكيد فإن من خاضوا النضال من أجل التحرر من الاحتلال الإنجليزي لم يكونوا يبحثون عن منفعة ما علي المستوي الشخصي وإنما عن تحرر الكرامة الوطنية والتخلص من العبودية. هذه النظرية في تفسير العلاقة بين الجنود والأوطان تعني كذلك أن أي غير متحقق لن يدافع عن بلده.. وأي فقير لن يفعل.. ما يعني أن الجيوش يجب أن تضم الأغنياء أصحاب المصالح؟!
بالتأكيد لايقصد البرادعي ماقال، ولكننا أمام عقل غير قادر علي التعبير الواضح عن أفكاره.. تم تحميله بما يفوق طاقه الاحتمال.. فراح يقول كلاما غريبا ومدهشا ويطرح نظريات تنم عن أنه لم يرتب سياقا.. ولم يتسق له ترتيبا.. ولم يجهد نفسه بالقدر الكافي في استبيان عمق المعاني والقيم الموجودة في ثقافة هذا البلد وتاريخه .
--
لست في خصومة شخصية مع البرادعي، أنا أناقض الأسلوب والطريقة والمضمون، وبقدر ما أفتخر بكونه مصريا حاز نوبل، بقدر ما أحزن لهذه التحولات التي تجعله يمارس كل هذا القدر من العبث السياسي والسذاجة المفرطة في التعامل مع الأمور.. وكم كان سوف يسعدني بالتأكيد لو أنه تمكن من أن يطرح ذاته كسياسي مصري له وزن حقيقي ومتماسك ويعبر عن سياق فكري وشخصية واضحة النضج.. ويقدم نفسه كشخصية تقبل شروط التنافس في الساحة بالقانون.
أنا شخصيا مصدوم، ولا أعتقد أن تلك الصدمة سوف يفر منها قدر كبير من المصريين، وهم يتابعون يوميا هذه المقاربات التي يتفاعل بها محمد البرادعي مع الحراك المصري، وتلك المداخلات التي يعبر بها عن نفسه يوما تلو آخر.. مظهرا نفسه في مستوي أقل من التوقعات.. علي الأقل توقعاتي الشخصية .
وفي الأسبوع الماضي قال البرادعي إنه يمثل البديل الثالث.. ما بين الإخوان والحكم.. وكنت أتمني أن تكون تلك المقولة صحيحة.. غير أنها ليست كذلك لأسباب مختلفة:
أولاً: الإخوان، باعتبارهم حركة دينية متطرفة، ضد الدولة المدنية، ولهم جذورهم الإرهابية، ليسوا بديلا مطروحا علي المجتمع.. وبافتراض أن هذا كان قائما لبعض الوقت.. فإن الرأي العام اختبر تلك الفرضية.. واكتشف الحقائق التي موهت عليها أخاديع الشعارات.. وخداع الكلام البراق.
ثانياً: إن البرادعي نفسه لا يمثل بديلا، لأنه ببساطة لم يطرح شيئا، إن اقتناعه بنرجسيته، وإيمانه المغرور بذاته، لا يعطيه الحق علي الإطلاق في أن يقدم نفسه.. هكذا فرديا باعتباره بديلا.. فللبديل مواصفات معروفة.. لابد أن يعبر عنها تيار لا فرد.. ولابد أن يكون لها ظهير فكري وثقافي.. ولابد أن يكون لها عمق سياسي.. واستنادات اجتماعية.. ناهيك عن الاشتراطات القانونية.
ثالثاً: إن البديل يكون مطروحا ولا أقول مقبولا إذا كان ضمن أطراف اللعبة.. أو يقبل علي الأقل بشروطها القانونية.. ولا يقفز عليها بالمظلة.. من سماء فيينا.. لا يمكن أن تقنعني أنك قادر علي إصلاح أحوال اصطبل عنتر بقيم كافكا.. ولا يمكنك أن تقول إن أوضاع المنصورة سوف تتبدل بأضغاث أحلامك في منزلك الريفي بجنوب فرنسا، حيث تحيط بك أقراص عباد الشمس.. خاصة إذا كان لدي مصر نسختها الخاصة من نبات عباد الشمس.
وبالتالي أدعو الدكتور محمد البرادعي مجددا لأن يراجع أفكاره.. وأن يسيطر علي نرجسيته.. وأن يقيد اغتراره.. وأن يلجم رغبته الجموح في أن يكون أشهر مما هو عليه.. إذ لو أراد أن يخدم الناس فإن لذلك أساليب معروفة.. وحتي يحين ذلك فإننا نرحب بتهديده أن يقاضي الصحافة القومية.. وفي النيابة وساحة القضاء سوف نختبر قدرة القانون المصري علي القبول بحرية التعبير وانتقاد الشخصيات العامة.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الأراء المتنوعة على موقعه الشخصى
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.