مع انتهاء قانون حظر التجول بدأت أسمع فى شارعنا ليلا أصوات زمجرة موتوسيكلات مثقوبة الشكمان حتى تصدر أعلى الأصوات كلما زادت سرعة الموتوسيكل.. والأعداد كثيرة ومتلاحقة وتزداد ليلة بعد أخرى ولا يرفعون لافتات ولا يهتفون بشعارات معينة.. فقط يزيدون السرعة لتنطلق أصوات الشكمانات مدوية مزعجة تمزق سكون الليل.. ليخرج السكان يطلعون من شرفات منازلهم فى خوف وتوتر.. وهذا هو المطلوب إثارة الفزع والارتباك ونشر الفضوى.. والإعلان أننا موجودون !!
كانت مظاهرات الاحتجاج من قبل.. تعتمد على أصوات الدق على الأوانى النحاسية.. ثم تطورت الأساليب لتصبح الضغط على شكمانات الموتوسيكلات.
المثير أن أغلب هذه الموتوسيكلات دخلت مصر وتحركت فى شوارعها بدون أن تحصل على تصاريح مرور، حسبما ما أكدته أقسام المرور فى وزارة الداخلية.. أى أن هناك اختراقا جسيما للقانون شارك فيه الذين استوردوا هذه الموتوسيكلات.. والذين باعوها للمواطنين بتسهيلات عديدة فى الدفع وتركوها تخترق شوارعنا بلا رقابة وبلا حساب لتعلم العصيان والتمرد وتصبح وسيلة للاغتيالات كما حدث فى كنيسة الوراق منذ أيام عندما صوب إرهابى قاتل سلاحه من مكان جلوسه فى المقعد الخفى للموتوسيكل ليحصد أجساد الواقفين على رصيف الكنيسة. ودون أن يتمكن أحد من المراقبة.
وكان من بين الضحايا طفلة بريئة لا ذنب لها فيما يحدث، إلا إذا كان ذنبها أنها لم تصدق ولم تتصور أن هناك بشرا بهذا الإجرام والسفالة.
وإعلان الحرب بالموتوسيكلات صيغة أكدها المخرج الإيطالى الكبير (فيللينى( فى فيلمه الرائع (روما - فيللينى( الذى صور فيه بدايات الانهيار والتفكك فى العلاقات الاجتماعية ثم انتهى فيلمه بمظاهرة ضخمة من راكبى الموتوسيكلات وكأنها أعلان صريح للفوضى والتدمير !
ورحل المخرج (فيللينى( عن عالمنا.. فى جنازة مهيبة غطت شوارع روما.. وظلت رؤيته الفنية باقية للتاريخ دليلا على صدق الإحساس بنبض الشارع.. ولم يدع للتصالح مع القتلة والأشرار ولم يحاول أن يبرز أفعالهم الإجرامية.
∎ أتفق تماما مع الكاتب الصديق وحيد حامد فى صرخته المؤلمة التى وجهها فى نهاية تحكيم مسابقة أفلام السينما المصرية والتى أعلنت نتائجها منذ أيام دون مشاركة بحضور فنانى السينما الذين طالبوا كثيرا بإعادة الحياة لجوائز السينما.. وعندما عادت المسابقة والجوائز.. اختفوا من الساحة.. وفضلوا السفر والتواجد فى مهرجانات سينمائية عربية أخرى وتركوا عرس بلدهم..! موقف سخيف والأسخف منه نوعية الموضوعات التى دارت حولها بعض الأفلام الأخيرة لتحقيق إيرادات أكبر حتى لو كانت ضد الذوق وضد الفكر الإنسانى وإنما لتمجيد القوة والعنف وترويج كل ما هو شرير وفاسد.
كفاية بقى ربنا يخليكم.. ليست هذه سينما يكتب لها الخلود.. بل هى سينما يأكلها الدود!!.