كلما يأتي عيد الأم تحيط بنا التهاني من كل ناحية.. ليس من أبنائنا فحسب، بل وكل من وجد فينا صورة الرعاية أو الإرشاد أو التعليم أو حتي الصداقة.. ولا تأتي التهاني في شكل واحد بل نصحو علي رسائل الموبايل الرقيقة والمكالمات المملوءة بالمشاعر الطيبة.. ونتلقي الهدايا والورود.. وهي كلها مظاهر رقيقة لمشاعر نبيلة تجعلنا نفكر ألف مرة: هل نستأهلها أم لا! ومع التعبير عن عرفاننا لهؤلاء المهنئين الصادقين، تأتي أسئلة تفرض نفسها علي رؤوسنا: هل نحب أبناءنا بطريقة صحيحة؟ أي هل نحبهم لأنفسهم، أم نحبهم لأنهم ضمن ما نملك اوما نستطيع أن نحكم فيه؟ ونتساءل أيضاً: كيف نتعامل معهم؟ هل هم متنفس لغضبنا أحيانا، أم جزء من بهجة حياتنا، أم شر لابد منه، أم مسئولية علي عاتقنا، أم مشاركون فعالون في حياتنا؟.. كيف نتعامل معهم؟ هل ندللهم أكثر من اللازم؟ هل نقسو عليهم؟ ولتقييم أدائنا كأمهات وكآباء يجب أن نجيب عن بعض الأسئلة.. أولها: هل نعرف أبناءنا؟ وهل نعرف أن كلا منهم إنسان متكامل له مشاعر وفكر ونظرة خاصة وله ما يميزه عن غيره ذ وعن والديه أيضا؟ إذا كنا نؤمن بهذا فهل نساهم في بناء تلك الشخصية الجديدة بمعالمها الفريدة وجمالها المستقل؟ أم نفرض عليها نظرتنا وشكلنا وملامح شخصيتنا وأفكارنا ومزاجنا بل وحتي ذوقنا؟ وهل نرقب تلك الشخصية الوليدة بوعي وذكاء لننمي ملكاتها ونشجع مواهبها ونحاول علاج مشاكلها؟ أم نعمل فيها بأيدينا ومعاولنا لنشكل منها ما قد حلمنا به - ربما لأنفسنا - ولم نستطع تحقيقه؟ أو ننحتها لتصبح ما نفتخر به أمام هذا وذاك؟.. هل نعرف أولادنا حقا أم أن لهم أصدقاء ومعلمين، بل ومن الجيران أحيانا من يعرفهم أكثر منا؟ والسؤال الثاني الذي ينبغي أن نسأله لأنفسنا هو: هل نحترم أبناءنا؟ إن كنا نستخف بوجهة نظرهم باستمرار، ونأخذ الرأي المضاد دائما، ولا نسمعهم جيدا، ولا نحترم خصوصيتهم، بل نبحث في أدراجهم ونتلصص علي مكالماتهم ونتدخل في كل شئونهم - بدافع الريبة - إن كنا كل ما سبق أو بعضه فالإجابة (لا) وهي إجابة خاطئة، والإجابة الصحيحة لابد أن تكون (نعم نحترمهم)، والدلائل أننا نعطيهم فرصة جيدة للتعبير عن آرائهم مهما كانت، ونترك لهم حرية الحركة والخصوصية، وحرية الاختيار، كما نحترم مشاعرهم ونحترم اختياراتهم وأصدقاءهم وذوقهم مهما اختلفنا معهم. وحيث إننا نعرفهم ونعرف إمكانات كل واحد منهم وقدراته فنحن نحترم إنجاز كل منهم حسب ما يستطيع ولا نقلل منه ولا نقارنه بغيره لأننا نحترمه هو ونعرفه هو. والسؤال الثالث هو: هل نتواصل مع أبنائنا بطريقة صحيحة؟ إن كنا نلجأ للعنف قبل التفاهم، والكلام قبل الاستماع، وفرض القواعد دون مناقشتها، والأوامر المنتهية دون الإقناع بها.. وإن كنا نعاقب ونثيب دون دراسة، وننهي المناقشة دون نتيجة، فالإجابة هي (لا) وهي إجابة خاطئة.. والصحيح هو أن نتعلم مهارات التواصل، ونعرف معني التحكم بنبرات صوتنا، ومتي نتكلم ومتي نصمت، وماذا نقول في كل موقف، وكيف تختلف طريقة التواصل من ابن لابن ومن ابن لابنة، وكيف نشجع، وكيف نحذر، وكيف نمنع ومتي.. لاتزال هناك أسئلة هامة نحتاج أن نطرحها ونحاول إجابتها.. ولكن إلي ان نطرحها، أقول لكل من يهنئونني بعيد الأم: كل عام وأنتم بخير وسلام وسنحاول أن نكون عند حسن ظنكم بنا.. وللأسئلة بقية.