مع قرب انطلاق الدراسة فى الجامعات يوم 11أكتوبر المقبل، تعود قضية الحرس الجامعى لصدارة المشهد مرة أخرى، خاصة فى ظل الظروف الأمنية التى تمر بها البلاد حاليًا، والتهديدات التى تطلقها الجماعة الإرهابية وأذنابها، الأمر الذى يثير عدة تساؤلات فى غاية الأهمية، فهل يعود الحرس الجامعى مرة أخرى لحفظ الأمن فى الجامعات؟ وبأى شكل يعود؟ وهل تضمن عودته تحقيق الاستقرار بين أسوار الجامعات المصرية؟ هذه القضية طرحتها «أكتوبر» على نخبة من الخبراء وأساتذة الجامعات واستطلعت آراء الطلبة الجامعيين.. وهذه هى الحصيلة. الأحداث التى شهدتها جامعاتنا تثبت مدى احتياجنا لعودة الحرس الجامعى مرة أخرى لحراسة الجامعة، هذا ما يؤكده د. صديق عبد السلام نائب رئيس جامعة الإسكندرية، موضحًا أن تواجد الشرطة شىء أصيل فى جميع جامعات العالم، حيث تعطى لهم صلاحيات لما تمثله من هيبة واحترام لا يستطيع أن يحققها الأمن الإدارى وحتى فى حالة الاستعانة بشركات الأمن الخاصة فإنها لن تستطيع تحقيق هذه الهيبة التى يمثلها الحرس الجامعى من الشرطة.. فالتعدى عليه له عقوبة شديدة، فضلًا عن أن الأمن الإدارى غير مؤهل ومعظمهم من الموظفين الذين لا يمتلكون أى خبرات أمنية. ويضيف د. صديق أنه خلال دراسته فى الولاياتالمتحدةالأمريكية للحصول على الدكتوراه كان الأمن الشرطى والدوريات المتحركة بواسطة الموتوسيكلات هى التى تمشط الجامعات ليلًا نهارًا.. مؤكدًا أن التواجد الشرطى فى الجامعات معمول به فى جميع دول العالم وليس بدعة للحفاظ على المنشآت والمبانى والأجهزة المعملية والبحثية التى تقدر ثمنها بملايين الجنيهات، وأيضًا لحماية أرواح أعضاء هيئة التدريس والطلبة والعاملين، ويأتى ضرورة هذا التواجد الشرطى بالجامعات لأن كثيرًا منها تحتوى على مستشفيات جامعية تستقبل آلاف المرضى وأيضًا معدات ومعامل وأجهزة بملايين الجنيهات تحتاج لمن يحميها! فكر جديد ومن جانبه يقول د. حسن شحاتة مدير مركز تطوير التعليم الجامعى الأسبق بجامعة عين شمس إنه يؤيد عودة الحرس الجامعى ولكن ليس بشكله ووصفه القديم والذى كان يتدخل عن طريق أمن الدولة فى شئون الجامعة والكليات ويتدخل فى تعيين القيادات الجامعية. ويرى د. شحاتة أن عودته تتطلب أن تكون بشكل جديد للجامعات فبعد ثورة 25 يناير تغير المناخ وتغيرت معه معاملة الشرطة للشعب وأصبحت تعمل على إعلاء حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن المطلوب أن يعود الحرس الجامعى بفكر ورؤية جديدة تقوم على احترام حقوق الإنسان والاحترام المتبادل والتقارب التام مع اتحادات الطلاب بحيث تشارك اتحادات الطلبة فى القرار ولا ينفرد الحرس الجامعى وحده بالقرار، مؤكدًا أن عودة الحرس الجامعى ضرورة فقط للمحافظة على الأمن والمنشآت وأيضًا المحافظة على أرواح الطلاب والأساتذة، مطالبًا بأن تكون عودته مصحوبة بقائمة إرشادية تعلن فيها العقوبات للمخالفين ولمن يدمر أو يخرب أو يعتدى أو يدخل ممنوعات داخل الحرم الجامعى. ويقترح د. شحاتة بأن تخصص كل جامعة قائمة كبيرة للحوار والمناقشات تسمى «قائمة الحوار» لتكون بمثابة مزارع للفكر الديمقراطى يقوم على إدارتها اتحادات الطلاب وبعض الأساتذة والشخصيات العامة ولا يكون لقيادات الجامعة أو الحرس الجامعى أى تدخل فيها ليستخدمها الطلاب فى إبداء آرائهم بدلًا من الاعتصام لتعطيل الدراسة ويحق لكل طالب أن يقول ويفعل ما يريده وهذا سيساعد على التنفيس للطلاب مما يساعد على تحقيق الاستقرار داخل الجامعات. العودة بالتدريج وفى السياق ذاته ترى د. محبات أبو عميرة العميد الأسبق لكلية البنات جامعة عين شمس أن تكون عودته على مراحل وليس مرة واحدة.. مؤكدة أن الحرس الجامعى موجود داخل الحرم الجامعى فى جميع جامعات العالم لحماية المنشآت وأعضاء هيئة التدريس والطلبة، ولكنه لا يتدخل فى الشئون التعليمية والأكاديمية ولا يتدخل فى تعيين من يتولى الوظائف القيادية بالجامعة، مؤكدة أيضًا أن هذا لا يقلل من قدسية الحرم الجامعى، فالشرطة موجودة بالحرم المكى نفسه. وترى د. محبات إذا عاد الحرس الجامعى مرة أخرى فيجب أن يعود فى ثوب جديد وتحدد اختصاصاته الأمنية داخل الجامعة، قائلة: أهلا به بعيدًا عن التدخل فى عمل الاتحادات الطلابية واختيار القيادات الجامعية، كما يجب ألا يتدخل فى الشئون التعليمية والعلمية داخل الجامعات، مشيرًا إلى أنه قبل ثورة 25 يناير كان الحرس الجامعى يتبع أمن الدولة الذى كان دوره داخل الجامعات هو كتابة التقارير الأمنية لمن يصلح لتولى الوظائف القيادية وكان يكتب تقارير لاستبعاد من ينتمون لتيارات سياسية أو دينية تؤثر على الأمن القومى المصرى.. وهذا ليس مشكلة ولكن المشكلة إذا كانت التقارير تستبعد الكفاءات للوصول لقيادة الجامعات فهذا هو الخطأ الذى نريده ألا يتكرر مع عودته. وتتساءل د. محبات ماذا سيفعل الحرس الجامعى عندما يجد مظاهرة سلمية داخل الحرم الجامعى؟ هل وضعت له اختصاصاته فى كيفية التعامل مع هذه المظاهرة أم ستكون اختصاصاته فقط هى حماية المنشآت والمبانى؟.. وإذا تدخل لفض هذه المظاهرة هل سيكون بالاشتباك بالأيدى أم له الحق فى القبض على الطلاب الخارجين على القانون؟.. مؤكدة أن كل هذه الأسئلة تحتاج لإجابات، فضلًا عن ضرورة تحديد اختصاصات للحرس الجامعى. وتشدد د. محبات على أننا فى أشد الحاجة لعودة الأمن للجامعات لحماية الطلاب والأساتذة وتحقيق الاستقرار.. وتقترح د. محبات بأن تنظم الجامعات برامج ومؤتمرات تثقيفية للطلاب وأساتذة الجامعات لمنع التصادم.. وأن يتم عمل «كتيب» صغير يحدد اختصاصات الحرس الجامعى حتى لا يخرج عن اختصاصاته وحتى لا يتعدى الطلاب بالقول واللفظ أو الاعتداء على أفراد الحرس ليعرف الكل حدوده.. مؤكدة أننا فى هذه المرحلة التاريخية والتى تمر بها البلاد من فوضى وعنف فى أشد الحاجة لمن يضبط هذه العملية الأمنية داخل الجامعات.. عودته ضرورة ومن جانبه يؤيد د. فاروق إسماعيل رئيس جامعة القاهرة الأسبق ورئيس جامعة «الأهرام» الكندية عودة الحرس الجامعى فقط داخل حرم الجامعات وليس الأمن الوطنى (أمن الدولة) الذى كان يتدخل فى السابق فى شئون الجامعات وفى كل كبيرة وصغيرة داخل الجامعة!! ويضيف أنه مع إعطاء حرية التعبير للطلبة للتعبير عن آرائهم ولكن أن تصل إلى حد المصادمات الدموية وتدمير المنشآت الجامعية كما شهدنا فى العام الماضى فى جامعات الأزهر وعين شمس والقاهرة فهذا مرفوض، لذا فإن عودة الحرس الجامعى تعد أمرًا مهمًا فى هذه المرحلة وهى مرحلة التحول، خاصة أن الشباب اليوم لا يفرق بين الصالح والمصلحة ويتصور أن اعتداءه على أى منشأة جامعية هو وضع طبيعى وبالتالى لابد من الوصول للمخرب أو من يعتدى على زملائه وهذا لا يتأتى بالحرس المدنى الضعيف الموجود حاليًا وإنما بتواجد الحرس الجامعى الشرطى لما لديه من خبرة وقوة.. مؤكدًا أنه ليس مع التصريحات بأن يكون الحرس الجامعى متواجدا خارج أسوار الجامعة، فلابد أن يتواجد الحرس الجامعى داخل الحرم الجامعى وأن يأخذ تعليماته من رئيس الجامعة فقط ولا تكون هناك أى جهة استخباراتية داخل الجامعة.. ويرى د. فاروق أن ما حدث فى الجامعات العام الماضى هو نتاج غياب الوعى لدى الشباب بقيمة المنشآت الجامعية التى يدمرونها لعدم علمهم بأنها ملك لهم! المميزات والعيوب وفى نفس السياق يرى د. أحمد إبراهيم أستاذ الإدارة التعليمية بجامعة بنها أنه لابد أن ندرس المميزات والعيوب للحرس الجامعى قبل عودته مرة أخرى.. فإذا رجعنا للوراء قليلًا نجد الحرس السابق قبل إلغائه كان يتدخل فى كل شىء داخل الجامعات ويتدخل فى شئون الكليات بشكل يفوق الحد، فقد كانت تجربة قاسية وغير محمودة ومع ذلك نريده أن يعود مرة أخرى ولكن ما نخشاه هو أن يكرر ما سبق وهذا هو سبب تحفظنا على عودته.. مؤكدًا أن عودة الحرس الجامعى أصبحت مطلبًا ضروريًا خاصة بعد أحداث العنف والتدمير والتخريب واقتحام الغرباء لحرم الجامعات وهذا يفرض علينا عودته لعدة أسباب، الأول حماية المنشآت.. والسبب الثانى حماية أرواح هيئة التدريس والطلبة والعاملين فى الجامعة.. والسبب الثالث انتظام العملية التعليمية وتحقيق الجدية فى انتظام المحاضرات.. وأوضح أن عودته تأتى بعد أن أصبحت معظم الجامعات مستهدفة من جانب الجماعة الإرهابية لإحداث الفوضى خاصة أن الأمن الإدارى الحالى ضعيف وغير فعّال وغير كاف لتحقيق الانضباط والأمن داخل الجامعات.. مطالبًا بضرورة توفير حراسة خاصة من الشرطة أيضًا على قيادات الجامعة لحمايتهم. ويقترح د. إبراهيم بأن تكون عودة الحرس الجامعى مؤقتة وليس بصورة مستديمة حتى يعود الاستقرار للجامعات والعملية التعليمية ثم يترك حرم الجامعة مرة أخرى ويتواجد خارج أبوابها وأسوارها.. وفى السياق ذاته يرى د. سمير أبوعلى العميد الأسبق لكلية التربية جامعة الإسكندرية أنه لابد أن نميز بين 3 أشياء لعودة الحرس الجامعى داخل الجامعات.. هل نريد عودته لضبط العملية التعليمية أم نريد عودته لحماية المنشآت أم نريد عودته لمواجهة فئة من الطلاب تريد أن تتحكم فى العملية التعليمية وإحداث الفوضى؟.. مؤكدًا أنه مع الطالب الذى يعبر عن آرائه بشكل حر ولكن بدون عنف أما إذا تواجد هذا العنف لفرض الرأى ووصل إلى حد الإيذاء لزملائه والآخرين فإننى مع وجود الحرس الجامعى داخل الحرم الجامعى لمنع ذلك.. ويؤكد د. أبو على - أنه من أنصار تواجد الحرس الجامعى خارج أسوار الجامعة وليس داخل حرمها - وإن حدث صدام أو اشتباك ففى هذه الحالة تتدخل الشرطة الموجودة خارج أسوار الجامعة.. مشيرًا إلى أن تواجد الحرس الجامعى داخل حرم الجامعات فى هذا الوقت على وجه الخصوص يعد غير مناسب لأن هناك رفضًا كبيرًا له من الاتحادات الطلابية وبالتالى لابد من إحداث نوع من المواءمة تجنبًا للإثارة الطلابية وأيضًا منعًا لتفاقم الأزمة. الطلبة يتكلمون ولكن ما رأى الطلبة فى عودة الحرس الجامعى داخل الجامعات؟ تقول الطالبة مريم محمود عبد الوهاب بكلية الآداب بالإسكندرية: إن الممارسات السابقة للحرس الجامعى وتدخله فى توجيه آراء الطلاب هى السبب فى الإصرار على عدم عودته مرة أخرى فكان يتدخل فى أى ندوة أو نشاط لجماعة طلابية أو حتى صحيفة حائط وكان قيام أى نشاط مرهونًا بموافقته مما كان يعد قيدًا على حركة الطلاب وأنشطتهم.. وإن عودته تتطلب أن يعود بشكل جديد وهو حماية أرواح الطلبة والعاملين فى الجامعة وحماية المنشآت. ويرى الطالب يحيى هشام بهندسة الإسكندرية أنه بعد ثورة 25 يناير يجب احترام طلاب الجامعات وعدم احتوائها من خلال شكل أمنى يتمثل فى الحرس الجامعى.. متسائلًا كيف سيكون هؤلاء الشباب هم الذين يتحملون المسئولية مستقبلًا ونقيد حركتهم بأشياء ثبت عبر عقود سابقة أنها كانت خاطئة وضد مصلحة البلاد؟.