رحب عدد كبير من أساتذة الجامعات بالحكم القضائى بعودة الحرس الجامعى مرة أخرى، ولكنهم اشترطوا أن تكون عودته فى شكل جديد بأن تقتصر مهمته فقط على تأمين المنشآت وحماية الأرواح بينما يبتعد عن التدخل فى الشئون الداخلية للجامعة كما كان يجرى فى السابق عندما كان تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات يخضع لتقارير جهاز أمن الدولة. «أكتوبر» التقت نخبة من أساتذة الجامعات وعددا من الطلاب لاستطلاع آرائهم فى هذا الموضوع الساخن الذى يشغل المجتمع المصرى قاطبة وليس الوسط التعليمى فحسب. فى البداية وحول رأيه فى هذه القضية الشائكة يقول د. حسن شحاتة مدير مركز تطوير التعليم الأسبق بجامعة عين شمس إنه يرفض عودة الحرس الجامعى بوصفه القديم، لأنه كان يتدخل عن طريق أمن الدولة فى شئون الجامعة والكليات ويتدخل فى تعيين القيادات الجامعية، مشيرًا إلى أن الأمر اختلف الآن وأصبح تعيين القيادات الجامعية يتم بالانتخاب وليس بالتعيين وبالتالى انتهى عمل أمن الدولة وأصبح لايستطيع أن يتدخل أو حتى يؤثر لأن الذين ينتخبون القيادات هم أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم فقط وليس أى أحد آخر وبالتالى يصبح الحرس الجامعى القديم وما صحبه من لغط غير موجود. ويرى د. شحاتة أن عودته تتطلب أن يعود بشكل جديد للجامعات فبعد ثورة 25 يناير تغير المناخ وتغيرت معه معاملة الشرطة للشعب وأصبحت تعمل على إعلاء حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن المطلوب أن يعود الحرس الجامعى بفكر ورؤية جديدة تقوم على احترام حقوق الإنسان والاحترام المتبادل والتقارب التام مع اتحادات الطلاب بحيث تشارك اتحادات الطلبة فى القرار ولاينفرد الحرس الجامعى وحده بالقرار، مؤكدًا أن عودة الحرس ضرورة فقط للمحافظة على الأمن والمنشآت وأيضًا المحافظة على أرواح الطلاب والأساتذة، مطالبًا بأن تكون عودته مصحوبة بقائمة ارشادية تعلن فيها العقوبات للمخالفين ولمن يدمر أو يعتدى أو يدخل ممنوعات داخل الحرم الجامعى. ويقترح خبير التعليم بأن يكون سن ضباط الحرس الجامعى فوق 50 سنة ليكونوا فى مكان الآباء لأن بعض الضباط من صغار السن كان يعاكس الفتيات، لنغلق الباب ضد أى تجاوزات مؤكدًا أنه بعودة الحرس سيعود الاستقرار للجامعات والذى يعد شيئًا مهمًا للطلاب والأساتذة حتى لايكون هناك إهدار للوقت خاصة أن مد إجازة نصف العام قلل من مساحة الوقت «للتيرم الثانى» من الدراسة وأصبح الوقت لايسمح لتضييع الوقت. كما يقترح شحاته بأن تخصص كل جامعة قاعة كبيرة للحوار والمناقشات تسمى قاعات الحوار لتكون مزارعا للفكر الديمقراطى يقوم على إدارتها اتحادات الطلاب وبعض الأساتذه والشخصيات العامة ولايكون لقيادات الجامعة أو الحرس الجامعى أى دخل فيها ليستخدمها الطلاب فى إبداء آرائهم بدلاً من الاعتصام لتعطيل الدراسة ويكون من حق كل طالب أن يقول ويفعل ما يريده وهذا سيساعد على تحقيق الاستقرار داخل الجامعات. أهلاً.. ولكن أما د. محبات أبوعميرة العميد الأسبق لكلية البنات بجامعة عين شمس فترى أن حكم المحكمة بعودة الحرس واجب النفاذ، ولكننا أمام مشكلة أن الكثيرين يرفضون عودته داخل حرم الجامعة، ولذلك ترى أن يكون دخوله تدريجيًا على مراحل وليس مرة واحدة. وتضيف أن الحرس الجامعى موجود داخل الحرم الجامعى فى جميع جامعات العالم لحماية المنشآت وأعضاء هيئة التدريس والطلبة ولكنه لا يتدخل فى الشئون التعليمية والأكاديمية ولايتدخل فى تعيين من يتولى الوظائف القيادية بالجامعة. وترى أنه إذا عاد الحرس مرة أخرى فيجب أن يعود فى ثوب جديد وتحدد اختصاصاته الأمنية داخل الجامعة أى «أهلاً به» بعيدًا عن التدخل فى عمل الاتحادات الطلابية واختيار القيادات الجامعية، كما يجب ألا يتدخل فى الشئون التعليمية والعلمية داخل الجامعات، مشيرة إلى أنه قبل ثورة 25 يناير كان الحرس الجامعى يتبع أمن الدولة الذى كان دوره داخل الجامعة هو القيام بكتابة التقارير الأمنية لمن يصلح لتولى الوظائف القيادية وكان يكتب تقارير لاستبعاد من ينتمون لتيارات سياسية أو دينية تؤثر على الأمن القومى المصرى، وهذا ليس مشكلة ولكن المشكلة إذا كانت التقارير تستبعد الكفاءات للوصول لقيادة الجامعات فهذا هو الخطأ الذى نريده ألا يتكرر مع عودته. وتحذر د. محبات من أن عودة الحرس الجامعى مرة أخرى سيحدث صداما بينه وبين الطلاب، خصوصًا عندما تحدث مشاجرة أو اضطراب أو مظاهرة لأن الحرس سيتدخل لفضها وقد يحدث الصدام. وتتساءل ماذا سيفعل الحرس الجامعى عندما يجد مظاهرة سلمية داخل الحرم الجامعى؟ هل وضعت له اختصاصاته فى كيفية التعامل مع هذه المظاهرة أم ستكون اختصاصاته فقط هى حماية المنشآت والمبانى.. وإذا تدخل لفض هذه المظاهرة هل سيكون بالاشتباك بالأيدى أم له الحق فى القبض على الطلاب الخارجين على القانون؟ مؤكدة أن كل هذه الأسئلة تحتاج لإجابات فضلاً عن ضرورة تحديد اختصاصات للحرس الجامعى بعودته الجديدة. وتشدد د. محبات على أننا فى أشد الحاجة لعودة الأمن للجامعات لحماية الطلاب والأساتذة وتحقيق الاستقرار . وتطالب رؤساء الجامعات بأن يعرفوا ما هى اختصاصات الحرس الجامعى بعودته الجديدة.. وأن تكون عودته داخل حرم الجامعات تدريجيًا وليس مرة واحدة.. مؤكدة أن هناك عددًا كبيرًا من الأساتذة يؤيدون عودته باستثناء مجموعة 9 مارس التى رفعت دعوى برفع الحرس من الجامعات. وتقترح د. محبات بأن تنظم الجامعات برامج ومؤتمرات تثقيفية للطلاب وأساتذة الجامعات لمنع التصادم.. وأن يتم عمل «كتيب» صغير يحدد اختصاصات الحرس الجامعى حتى لايخرج عن اختصاصاته وحتى لايتعدى الطلاب بالقول واللفظ أو الاعتداء على أفراد الحرس ليعرف الكل حدوده، ولتكون الاختصاصات واضحة من البداية مؤكدة أننا فى هذه المرحلة التاريخية والتى تمر بها البلاد من فوضى وعنف فى أشد الحاجة لمن يضبط هذه العملية الأمنية داخل الجامعات. وتشيد بقرار رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور الذى يتيح لرئيس الجامعة لأول مرة بفصل أى طالب يصدر منه أو يقوم بأعمال عنف أو يخرج عن التقاليد الجامعية بدون عقد مجلس تأديب مشيرة إلى أنه إجراء حازم ويعيد الانضباط داخل الجامعات. جامعات العالم بينما يؤكد د. صديق عبد السلام نائب رئيس جامعة الأسكندرية أن الأحداث التى شهدتها جامعاتنا تثبت مدى احتياجنا لعودة الحرس الشرطى مرة أخرى لحراسة الجامعة موضحًا أن تواجد الشرطة شىء أصيل فى جميع جامعات العالم حيث يعطى لهم صلاحيات لما يمثله من هيبة واحترام مشيرًا إلى أن الأمن الإدارى وحتى فى حالة الاستعانة بشركات الأمن الخاصة فإنه لن يستطيع تحقيق هذه الهيبة التى يمثلها الحرس الشرطى فالتعدى على الأمن له عقوبة شديدة فضلًا عن أن الأمن الإدارى غير مؤهل ومعظمهم من الموظفين الذين لا يمتلكون أى خبرات أمنية. ويكشف د. صديق أنه خلال دراسته فى الولاياتالمتحدةالأمريكية للحصول على الدكتوراة كان الأمن الشرطى والدوريات المتحركة بواسطة الموتوسيكلات هى التى تمشط الجامعة ليلًا ونهارًا مؤكدًا أن التواجد الشرطى فى الجامعات معمول به فى كل دول العالم للحفاظ على المنشآت والمبانى والأجهزة المعملية والبحثية وحماية أعضاء هيئة التدريس والطلبة والعاملين ويأتى ضرورة هذا التواجد الشرطى بالجامعات لأن كثيرًا منها تحتوى على مستشفيات جامعية تستقبل آلاف المرضى وأيضًا معدات ومعامل وأجهزة بملايين الجنيهات تحتاج لمن يحميها. عودته ضرورة وفى نفس السياق يؤيد د. فاروق إسماعيل رئيس جامعة القاهرة الأسبق ورئيس جامعة «الأهرام» الكندية عودة الحرس الجامعى فقط داخل حرم الجامعات وليس الأمن الوطنى الذى كان يتدخل فى السابق فى شئون الجامعات وفى كل كبيرة وصغيرة داخل الجامعة. ويضيف أنه مع إعطاء حرية التعبير للطلبة للتعبير عن آرائهم ولكن أن تصل إلى حد المصادمات الدموية وتدمير المنشآت الجامعية كما شهدنا فى جامعات الأزهر وعين شمس والقاهرة فهذا مرفوض لذا فإن عودة الحرس يعد أمرًا مهمًا فى هذه المرحلة وهى مرحلة التحول وخاصة أن الشباب اليوم لا يفرق بين الصالح والمصلحة ويتصور أن اعتداءه على أى منشأة جامعية هو وضع طبيعى وبالتالى لابد من الوصول للمخرب أو من يعتدى على زملائه وهذا لا يتأتى بالحرس المدنى الضعيف الموجود حاليًا وإنما بتواجد الحرس الجامعى الشرطى لما لديه من خبرة وقوة مؤكدًا أنه ليس مع تصريحات وزير التعليم العالى السابق والحالى بأن يكون الحرس الجامعى متواجد خارج أسوار الجامعة فلابد أن يتواجد الحرس الجامعى داخل الحرم الجامعى وأن يأخذ تعليماته من رئيس الجامعة فقط ولا تكون هناك أى جهة استخبارية داخل الجامعة. ويرى د. فاروق أن مايحدث فى الجامعات هو نتاج غياب الوعى لدى الشباب بقيمة المنشآت التى يدمروها على الرغم من أنها ملك لهم. المميزات والعيوب ومن جانبه يرى د. أحمد ابراهيم أستاذ الإدارة التعليمية بجامعة بنها أنه لابد أن ندرس المميزات والعيوب للحرس الجامعى قبل عودته مرة أخرى.. فإذا رجعنا للوراء قليلًا نجد الحرس السابق قبل إلغائه كان يتدخل فى كل شىء داخل الجامعات ويتدخل فى شئون الكليات بشكل يفوق الحد فقد كانت تجربة قاسية وغير محمودة ومع ذلك نريده أن يعود مرة أخرى ولكن ما نخشاه هو أن يكرر ماسبق وهذا هو سبب تحفظنا على عودته، مؤكدًا أن عودة الحرس الجامعى أصبحت مطلبًا ضروريَا خاصة بعد أحداث العنف والتدمير والتخريب واقتحام الغرباء لحرم الجامعات وهذا يفرض علينا ضرورة عودته لعدة أسباب الأول حماية المنشآت والسبب الثانى حماية أعضاء هيئة التدريس والطلاب والعاملين فى الجامعة والسبب الثالث انتظام العملية التعليمية، خاصة أنه لم يتبق إلا حوالى 45 يومًا فقط على امتحانات نهاية العام وهذا الوقت المتبقى والضئيل يحتاج إلى أن تكون هناك جدية فى العملية التعليمية وانتظام المحاضرات، موضحًأ أن عودته تأتى بعد أن أصبحت معظم الجامعات مستهدفة من جانب الجماعة الإرهابية لإحداث الفوضى، خاصة أن الأمن الإدارى الحالى ضعيف وغير فعال وغير كاف لتحقيق الانضباط والأمن داخل الجامعات، مطالبًا بضرورة توفير حراسة خاصة من الشرطة أيضًا على قيادات الجامعة لحمايتهم بأن تكون عودة الحرس الجامعى مؤقتة وليس بصورة مستديمة حتى يعود الاستقرار للجامعات والعملية التعليمية ثم يترك حرم الجامعة مرة أخرى ويتواجد خارج أبوابها وأسوارها. وفى السياق ذاته يرى د. سمير أبو على العميد الأسبق لكلية التربية الأسكندرية أنه لابد أن نميز بين 3 أشياء لعودة الحرس الجامعى داخل الجامعات.. هل نريد عودته لضبط العملية التعليمية أم نريد عودته لحماية المنشآت أم نريد عودته لمواجهة فئة من الطلاب تريد أن تتحكم فى العملية؟ مؤكدًا أنه مع الطالب الذى يعبر عن آرائه بشكل حر ولكن بدون عنف أما إذا تواجد هذا العنف لفرض الرأى ووصل إلى حد الإيذاء لزملائه والآخرين فإننى مع وجود الحرس الجامعى داخل الحرم الجامعى لمنع ذلك، مؤكدًا أنه من أنصار تواجد الحرس الجامعى خارج أسوار الجامعة وليس داخل حرمها وإن حدث صدام أو اشتباك ففى هذه الحالة تتدخل الشرطة الموجودة خارج أسوار الجامعة وتدخل الحرم الجامعى لفض هذا الاشتباك، مشيرًا إلى أن تواجد الحرس الجامعى داخل حرم الجامعة فى هذا الوقت على وجه الخصوص يعد غير مناسب لأن هناك رفضا كبيرا له من الاتحادات الطلابية وبالتالى لابد من إحداث نوع من المواءمة تجنبًا للإثارة الطلابية وأيضًا منعًا لتفاقم الأزمة. الطلبة يتكلمون ولكن ما رأى الطلبة فى عودة الحرس الجامعى داخل الجامعات. تقول الطالبة خديجة محمود بكلية الصيدلة بالإسكندرية إن الممارسات السابقة للحرس الجامعى وتدخله فى توجيه آراء الطلاب هى السبب فى الإصرار على عدم عودته مرة أخرى فكان يتدخل فى أى ندوة أو نشاط لجماعة طلابية أو حتى صحيفة حائط وكان قيام أى نشاط مرهونًا بموافقته مما كان يعد قيدًا على حركة الطلاب وأنشطتهم. ويرى الطالب يحيى هشام بهندسة الأسكندرية أنه بعد ثورة 25 يناير يجب احترام آراء طلاب الجامعات وعدم احتوائها من خلال شكل أمنى يتمثل فى الحرس الجامعى متسائلًا كيف سيكون هؤلاء الشباب هم الذين سيتحملون المسئولية مستقبلًا ونقيد حركتهم بأشياء ثبت عبر عقود سابقة أنها كانت خاطئة وضد مصلحة البلاد.