بعد طرح فكرة حجب المواقع الإباحية خلال السنوات الماضية، تجدد الحديث مرة أخرى بعد أن أصدرت وزارة الاتصالات بياناً رسمياً بخصوص طلب الإفادة المقدَّم من المستشار/عبد المجيد محمود إلى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بشأن تنفيذ الحكم الصادر من القضاء الإداري بحجب المواقع الإباحية عام 2009. ولفت البيان إلى أن قضية حجب المواقع الإباحية هي قضية مثارة عالمياً ومعقدة للغاية، وأن عملية الحجب تتطلب حصراً كاملاً بأسماء تلك المواقع التي تقدّر بالملايين. وخاطب الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الشركات المقدمة لخدمات الإنترنت في مصر في أعقاب صدور الحكم عام 2009 لتنفيذ قرار الحجب، إلا أن الشركات كانت قد أعربت عن عدم قدرتها تنفيذ الحجب الكامل لهذه المواقع، وقامت الشركات بتوفير برامج حديثة للأسرة المصرية من أجل الاستخدام الآمن للإنترنت دون النفاذ إلى المواقع الإباحية بقدر الإمكانيات المتاحة. وفي هذا الإطار تعددت الأسئلة والافتراضات لدى الكثير من الباحثين والدارسين، حول عيوب ومميزات فكرة الحجب، وهل من الحرية مشاهدة الفرد لتلك المواقع، وهل ستنتهي المشكلات الأخلاقية التي يعاني منها المجتمع عقب هذه الخطوة أم لا؟ تأتي تلك الأسئلة في إطار تباين الرؤى حول موضوع حجب المواقع الإباحية، ففي الوقت الذي يصفه البعض بأنه خطوة مهمة وحل سريع في طريق القضاء على الإباحية وغيرها من الظواهر السلبية، إلا أن آخرين يرفضون هذا القرار ويعتقدون بأنه سيُسهم في انتشار ظواهر أخرى خطيرة مثل التحرش والاغتصاب وزيادة التوترات النفسية لدى الشباب. وقال الدكتور شريف هاشم، نائب رئيس المرفق القومي لتنظيم الاتصالات: "إن مصر باتت مؤهلة لحجب المواقع الإباحية، وإن الآلية الفنية لحجب تلك المواقع جاهزة للعمل منذ يناير الماضي". ومن ثم سنعرض أهم الاتجاهات التي صدرت تجاه ذلك الموضوع ومبررات كل اتجاه في تقييمه لهذه القضية. قرار منطقي: ويلقى قرار منع وحجب المواقع الإباحية قدراً من الترحيب والقبول لدى عدد من الباحثين والدارسين ولاسيما ذوي الاتجاه الديني، حيث يرون أن تلك المواقع هي السبب في ارتفاع نسبة الطلاق في مصر والوطن العربي، ومن شأنها إحداث الضرر بالقيم الأخلاقية في المجتمع. كما زعم البعض أن من أسباب هجر الأزواج لزوجاتهم في الفراش هي المواقع الإباحية على الإنترنت، ومن شأنها أيضاً الضرر والإخلال بالمصالح العليا للدولة والأمن القومي الاجتماعي. ومن ثم يشدّد هذا الاتجاه على ضرورة حجب هذه المواقع للحفاظ على الشباب والأطفال، وحرصاً على مصلحة المجتمع نظراً لتأثيراتها السلبية على سلوكيات الفرد والمجتمع. اغتصاب وتحرش: في حين يرفض آخرون هذه الفكرة، ويرون في هذا الحل مشكلة أكبر، فيرى أنصار هذا الفريق أن قرار المنع سيساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة التحرش نظراً لعدم تفريغ الشباب طاقاتهم مما يؤدي إلى تزايد حالات الاغتصاب في المجتمع المصري . علاوة على إسهامه في تدهور الوضع الاقتصادي نظراً لتكلفته الكبيرة، فأشار الدكتور حازم عبد العظيم الخبير في تكنولوجيا المعلومات، إلى أن تكلفة تطبيق هذا القرار تتعدى 16مليون دولار على مصر سنوياً، ويصل بالخارج إلى 50 مليون دولار. ويشير البعض الآخر إلى أن مثل هذا القرار قد يتم إساءة استخدامه لأغراض سياسية من خلال استغلال القائمين على تنفيذه بحجب مواقع أخرى إباحية أو غير إباحية من وجهة نظرهم. ويعتبر البعض مبدأ الحجب خطراً في حد ذاته، بناءً على مقولة: "الممنوع مرغوب". طرق شائكة: وما بين تلك الرؤى، يحتار المتابع بين الطريق الذي وصف القرار بأنه مفيد من الوازع الديني ومن الناحية الخلقية والاجتماعية، وبين فريق آخر يرفض المنع ويحذر من تفاقم المشكلات الأخلاقية بالمجتمع. ومن المؤكد، أن لكل فريق وجهة نظر يجب أن تُحترم، ولكن هناك مجموعة من الأمور التي يجب أن توضع في نصابها عند تقييم هذه القضية، أولها اعتراف الدولة بأنها الجاني الأول وراء ظهور تلك القضايا إلى السطح من خلال تراجعها عن مسئوليتها تجاه المواطن. فانتشار الظواهر السيئة مثل (ظاهرة التحرش،الاغتصاب، البطالة والعنوسة) ليس لها مبرر سوى فشل الدولة في تحقيق مطالب واحتياجات المواطنين. وليست الدولة وحدها هي المسئولة عن تلك الظواهر؛ بل شاركت مؤسسات أخرى، فكان تراجع المؤسسات الدينية الرسمية عن دورها في توعية المواطنين وترك الأمر لمؤسسات أخرى غير رسمية، أحد أهم الأمور التي أدت إلى تراجع قيمة الأسرة في توعية الأبناء بتلك الظواهر الخطيرة، فضلاً عن الدور السلبي الذي قام به الإعلام في الفترة الأخيرة من الاهتمام بقضايا سطحية وتركيزه بشكل ملفت على قضايا تبرز الغرائز الجنسية من خلال التنافس على عرض الأفلام والمسلسلات التي تَعرض المشاهد الجنسية في عددٍ من القنوات الفضائية. سياسات سليمة: وفي هذا الإطار يقدم البعض عدداً من السياسات السليمة التي يجب أن تتبع لمحاربة تلك الظواهر الخطيرة، حتى لا ينصبّ التركيز على قرار حجب المواقع الإباحية بشكل مبالغ فيه: تبدأ أولى هذه السياسات من خلال التعليم الأخلاقي عن طريق الأسرة والمنزل، فتعليم الآباء لأولادهم قيمة الأخلاق الحميدة هو السلاح الأول لحماية الأبناء من مشاهدة تلك المواقع الإباحية دون وصاية من أحد سواء كانت دولة أو رب الأسرة ذاته. علاوة على الدور الإيجابي المفترض أن يقوم به الإعلام، من خلال نشر التوعية ببعض القضايا المهمة وإغفاله للقضايا الهامشية التي تضر ولا تنفع. أما السياسة الثانية فتكمن في زيادة دور المؤسسات الدينية ودعمها في نشر الواعظ الديني لدى المواطنين بخطورة تلك الظواهر على الفرد ذاته وعدم إعطاء الفرصة لكيانات دينية أخرى تسعى إلى تفتيت الجهود دون توحيدها. فقبل أن نفكر في بروز تلك القضية على السطح يجب أن نركز على حل جذور تلك الظواهر السيئة من بدايتها، ولذا؛ حان الوقت أن تقوم الدولة بدورها في تقديم كافة الخدمات للمواطن قبل أن تحاسبه على أخطاء كانت هي السبب الرئيس وراءها. "بيان الاتصالات" يثير الجدل حول حجب المواقع الإباحية كتب : حاتم خاطر بعد طرح فكرة حجب المواقع الإباحية خلال السنوات الماضية، تجدد الحديث مرة أخرى بعد أن أصدرت وزارة الاتصالات بياناً رسمياً بخصوص طلب الإفادة المقدَّم من المستشار/عبد المجيد محمود إلى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بشأن تنفيذ الحكم الصادر من القضاء الإداري بحجب المواقع الإباحية عام 2009.
ولفت البيان إلى أن قضية حجب المواقع الإباحية هي قضية مثارة عالمياً ومعقدة للغاية، وأن عملية الحجب تتطلب حصراً كاملاً بأسماء تلك المواقع التي تقدّر بالملايين. وخاطب الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الشركات المقدمة لخدمات الإنترنت في مصر في أعقاب صدور الحكم عام 2009 لتنفيذ قرار الحجب، إلا أن الشركات كانت قد أعربت عن عدم قدرتها تنفيذ الحجب الكامل لهذه المواقع، وقامت الشركات بتوفير برامج حديثة للأسرة المصرية من أجل الاستخدام الآمن للإنترنت دون النفاذ إلى المواقع الإباحية بقدر الإمكانيات المتاحة. وفي هذا الإطار تعددت الأسئلة والافتراضات لدى الكثير من الباحثين والدارسين، حول عيوب ومميزات فكرة الحجب، وهل من الحرية مشاهدة الفرد لتلك المواقع، وهل ستنتهي المشكلات الأخلاقية التي يعاني منها المجتمع عقب هذه الخطوة أم لا؟ تأتي تلك الأسئلة في إطار تباين الرؤى حول موضوع حجب المواقع الإباحية، ففي الوقت الذي يصفه البعض بأنه خطوة مهمة وحل سريع في طريق القضاء على الإباحية وغيرها من الظواهر السلبية، إلا أن آخرين يرفضون هذا القرار ويعتقدون بأنه سيُسهم في انتشار ظواهر أخرى خطيرة مثل التحرش والاغتصاب وزيادة التوترات النفسية لدى الشباب. وقال الدكتور شريف هاشم، نائب رئيس المرفق القومي لتنظيم الاتصالات: "إن مصر باتت مؤهلة لحجب المواقع الإباحية، وإن الآلية الفنية لحجب تلك المواقع جاهزة للعمل منذ يناير الماضي". ومن ثم سنعرض أهم الاتجاهات التي صدرت تجاه ذلك الموضوع ومبررات كل اتجاه في تقييمه لهذه القضية. قرار منطقي: ويلقى قرار منع وحجب المواقع الإباحية قدراً من الترحيب والقبول لدى عدد من الباحثين والدارسين ولاسيما ذوي الاتجاه الديني، حيث يرون أن تلك المواقع هي السبب في ارتفاع نسبة الطلاق في مصر والوطن العربي، ومن شأنها إحداث الضرر بالقيم الأخلاقية في المجتمع. كما زعم البعض أن من أسباب هجر الأزواج لزوجاتهم في الفراش هي المواقع الإباحية على الإنترنت، ومن شأنها أيضاً الضرر والإخلال بالمصالح العليا للدولة والأمن القومي الاجتماعي. ومن ثم يشدّد هذا الاتجاه على ضرورة حجب هذه المواقع للحفاظ على الشباب والأطفال، وحرصاً على مصلحة المجتمع نظراً لتأثيراتها السلبية على سلوكيات الفرد والمجتمع. اغتصاب وتحرش: في حين يرفض آخرون هذه الفكرة، ويرون في هذا الحل مشكلة أكبر، فيرى أنصار هذا الفريق أن قرار المنع سيساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة التحرش نظراً لعدم تفريغ الشباب طاقاتهم مما يؤدي إلى تزايد حالات الاغتصاب في المجتمع المصري . علاوة على إسهامه في تدهور الوضع الاقتصادي نظراً لتكلفته الكبيرة، فأشار الدكتور حازم عبد العظيم الخبير في تكنولوجيا المعلومات، إلى أن تكلفة تطبيق هذا القرار تتعدى 16مليون دولار على مصر سنوياً، ويصل بالخارج إلى 50 مليون دولار. ويشير البعض الآخر إلى أن مثل هذا القرار قد يتم إساءة استخدامه لأغراض سياسية من خلال استغلال القائمين على تنفيذه بحجب مواقع أخرى إباحية أو غير إباحية من وجهة نظرهم. ويعتبر البعض مبدأ الحجب خطراً في حد ذاته، بناءً على مقولة: "الممنوع مرغوب". طرق شائكة: وما بين تلك الرؤى، يحتار المتابع بين الطريق الذي وصف القرار بأنه مفيد من الوازع الديني ومن الناحية الخلقية والاجتماعية، وبين فريق آخر يرفض المنع ويحذر من تفاقم المشكلات الأخلاقية بالمجتمع. ومن المؤكد، أن لكل فريق وجهة نظر يجب أن تُحترم، ولكن هناك مجموعة من الأمور التي يجب أن توضع في نصابها عند تقييم هذه القضية، أولها اعتراف الدولة بأنها الجاني الأول وراء ظهور تلك القضايا إلى السطح من خلال تراجعها عن مسئوليتها تجاه المواطن. فانتشار الظواهر السيئة مثل (ظاهرة التحرش،الاغتصاب، البطالة والعنوسة) ليس لها مبرر سوى فشل الدولة في تحقيق مطالب واحتياجات المواطنين. وليست الدولة وحدها هي المسئولة عن تلك الظواهر؛ بل شاركت مؤسسات أخرى، فكان تراجع المؤسسات الدينية الرسمية عن دورها في توعية المواطنين وترك الأمر لمؤسسات أخرى غير رسمية، أحد أهم الأمور التي أدت إلى تراجع قيمة الأسرة في توعية الأبناء بتلك الظواهر الخطيرة، فضلاً عن الدور السلبي الذي قام به الإعلام في الفترة الأخيرة من الاهتمام بقضايا سطحية وتركيزه بشكل ملفت على قضايا تبرز الغرائز الجنسية من خلال التنافس على عرض الأفلام والمسلسلات التي تَعرض المشاهد الجنسية في عددٍ من القنوات الفضائية. سياسات سليمة: وفي هذا الإطار يقدم البعض عدداً من السياسات السليمة التي يجب أن تتبع لمحاربة تلك الظواهر الخطيرة، حتى لا ينصبّ التركيز على قرار حجب المواقع الإباحية بشكل مبالغ فيه: تبدأ أولى هذه السياسات من خلال التعليم الأخلاقي عن طريق الأسرة والمنزل، فتعليم الآباء لأولادهم قيمة الأخلاق الحميدة هو السلاح الأول لحماية الأبناء من مشاهدة تلك المواقع الإباحية دون وصاية من أحد سواء كانت دولة أو رب الأسرة ذاته. علاوة على الدور الإيجابي المفترض أن يقوم به الإعلام، من خلال نشر التوعية ببعض القضايا المهمة وإغفاله للقضايا الهامشية التي تضر ولا تنفع. أما السياسة الثانية فتكمن في زيادة دور المؤسسات الدينية ودعمها في نشر الواعظ الديني لدى المواطنين بخطورة تلك الظواهر على الفرد ذاته وعدم إعطاء الفرصة لكيانات دينية أخرى تسعى إلى تفتيت الجهود دون توحيدها. فقبل أن نفكر في بروز تلك القضية على السطح يجب أن نركز على حل جذور تلك الظواهر السيئة من بدايتها، ولذا؛ حان الوقت أن تقوم الدولة بدورها في تقديم كافة الخدمات للمواطن قبل أن تحاسبه على أخطاء كانت هي السبب الرئيس وراءها.