رغم أن قرار غلق المواقع الإباحية قد دعا إليه العديد من الأشخاص لفترة طويلة، حيث اعتبروا تلك المواقع كابوس يجب حجبه خوفا من تأثيره السلبي على معظم الشباب ، إلا ان هذا القرار لم يحظى بالقبول 100 % ، حيث أن القرار كان محل اعتراض من البعض ومحل تأييد من آخرين ، وهناك من يؤكد أنه من الصعب تطبيقه . فقد تباينت آراء السياسيين والخبراء حول قرار النائب العام ، حيث أيد البعض القرار بقوه واصفينه بأنه يحافظ على المجتمع وعلى أخلاقياته وقيمه، بينما اعتبره آخرون بأنه ليس عقلاني في هذه الفترة اتخاذ مثل هذا القرار، وذلك لأن هذا الأمر سيكلف الدولة مبالغ طائلة.
"بيور نت"
وجاء قرار المستشار عبد المجيد محمود النائب العام، بحجب جميع المواقع الإباحية من على الإنترنت، ليسلط الضوء على حملة "بيور.نت" التي أخذت على عاتقها مهمة منع تلك المواقع بمصر، عن طريق إقامتها هذه الدعوى القضائية، وإقامة العديد من الندوات لتوعية الشباب بخطورتها.
ونشأت هذه الحملة لتوعية الشباب من الناحية الدينية والأخلاقية والطبية والنفسية لخطورة المواقع الإباحية، وتعتبر حملة رأى عام للضغط على الحكومة لحجب هذه المواقع، وقاموا برفع دعاوى أمام القضاء قائلين: "نحن مستمرون مع القضاء لتنفيذ الحكم".
"بيور.نت" تهدف إلى التوعية بعدم زيارة تلك المواقع الإباحية، بجانب المطالبة والضغط على الحكومة بحجبها، وتضم أعدادًا كبيرة من مختلف محافظات مصر، وتقوم الحملة بسلاسل بشرية للتوعية بأهدافها واستقبال أعضاء جدد، وتمول الحملة من تبرعات أعضائها، وتم إنشاؤها منذ عام ونصف العام.
وتلقت الحملة دعم كل من الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح الرئاسي السابق، والداعية محمد حسان، والعديد من الدعاة والمشايخ.
وقال المحامى محمد رائد المنسق العام لحركة "بيور نت"، إنه تقدم ببلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود، اليوم الأربعاء، ضد الدكتور عمرو بدوى، رئيس جهاز تنظيم الاتصالات، مطالبًا فيه باتخاذ اللازم قانونًا تجاه الامتناع عن تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بحجب المواقع الإباحية.
وأضاف في بلاغه الذي حمل رقم 63416 أنه أقام صحيفة جنحة مباشرة ضد بدوى لامتناعه عن تنفيذ أحكام القضاء والدعوى منظورة أمام جنح أكتوبر، وتم تأجيل نظرها اليوم.
وأضاف أن النائب العام لديه سلطة المساءلة لحماية المجتمع من الجرائم المنافية للآداب.
السلفيون والحجب
ويأتي القرار بعد أن نظم العشرات من الشباب السلفيين أمس الأربعاء، حملة شبابية، أمام دار القضاء العالي، أطلقوا عليها "الخطة الشبابية لحجب المواقع الإباحية"، لمطالبة الدكتور عمرو بدوي رئيس الجهاز القومي للتنظيم والاتصالات بحجب المواقع الإباحية من الإنترنت.
وقال أيمن عمر منسق الحملة بمحافظة القاهرة إن المحكمة أصدرت حكما بغلق المواقع الإباحية عام 2009 ولم ينفذ رئيس الجهاز القومي للاتصالات.
وردد المتظاهرون هتافات "يا مرسي ساكت ليه مش إسلامي ولا إيه"" مصر دولة إسلامية مش إباحية".
وطالب عدد من الشباب على الفيس بوك بحجب المواقع السلفية الاخوانية إذا حجبت المواقع الإباحية ، ولكن هذا الربط بين هذه المواقع وتلك لا يوجد له أي أساس ، ورد البعض على هؤلاء "مواقع إيه ما تشوفلك صنعة تشتغلك بيها أفضل من لعب العيال ده".
الإخوان يرحبون
ولقى القرار ترحيبا من قبل جماعة "الإخوان المسلمين" ، حيث رحب الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الجماعة، بقرار المحكمة بإغلاق المواقع الإباحية واستجابة النائب العام ومسارعته للعمل على تنفيذ قرار المحكمة، مشيرًا إلى أن إغلاق المواقع الإباحية الخطوة الأولى في تأسيس مجتمع قيمي.
وأوضح غزلان أن إغلاق المواقع الإباحية لا يختلف أحد عليه، منوهًا إلى أن القرار يجب تقييمه في إطاره الموضوعي.
وانتقد عضو مكتب إرشاد الجماعة اعتبار إغلاق المواقع الإباحية بمثابة أفغنة لمصر، مشددًا على أن القرار لن يتجاوز الحفاظ على القيم والأخلاق المجتمعية.
واستبعد غزلان أن يمتد القرار للمواقع الصحفية التي تنتقد الإخوان، موضحًا أن هناك الكثير من المواقع التي تهاجم الجماعة وتتحامل عليها ولم يتعرض أحد لها، وتابع: "كل ما نطلبه من المواقع الصحفية أن تلتزم بميثاق الشرف الصحفي عند التحدث عن الإخوان أو الإسلام".
حرية "البهائم"
وأكد ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشعب السابق أن قرار النائب العام بغلق المواقع الإباحية يتوافق مع الدستور والقانون .
وأشار إلي أن هناك نصوصاً في القانون تحافظ على الآداب العامة وتقاليد المجتمع . مؤكدا أن القرار يصب في المصلحة العامة .
وقال إسماعيل :"إن الذين يعترضون على هذه القرار باسم الحرية يتحدثون عن حرية "البهائم" التي تبيح الجنس في أي مكان" . مشيرا إلى أن حرية الإنسان مقيدة بقيم المجتمع وعاداته.
صعوبة تنفيذه
وعلق أيمن الصياد مستشار رئيس الجمهورية، على الانشغال بقرار النائب العام بحجب المواقع الإباحية، في نفس الوقت الذي يتم فيه كتابة الدستور، مطالباً بمراجعة الأولويات، ومؤكداً صعوبة حجب المواقع "تقنيًا".
وكتب الصياد على حسابه الشخصي على موقع "تويتر": "الذين ينشغلون بقضية حجب مواقع "لن يتمكنوا تقنيًا من حجبها" في وقت يُكتب فيه دستورهم، عليهم أولا مراجعة "أولوياتهم".
وفي الاطار نفسه أكد الدكتور طارق عبد الحفي مدرس علوم الحاسب بكلية العلوم بجامعة المنيا، تعليقًا على القرار، أن حجب أي موقع على الإنترنت بنسبة 100% في أي دولة، أمر مستحيل تقنيًا، ولا يمكن تنفيذه على أرض الواقع.
وقال عبد الحفيظ الذي نال درجة الدكتورة برسالة متخصصة في "فلترة وحجب الصور الإباحية على الإنترنت": إن الطريقة المتبعة لحجب أي موقع تعتمد على تقنية "الفلاتر"، وأن هذه الفلاتر هي عبارة عن برمجيات تسمح بمرور مواقع معينة وتمنع تصفح مواقع أخرى، وذلك بحسب ما يقرره القائمون على هذه الفلاتر، وأكد عبد الحفيظ أن هذه الفلاتر يمكنها أن تعمل على 3 مستويات، الأول هو مستوى الحاسب الشخصي للمستخدم، والثانى هو مستوى الخادمات (السيرفرات)، والمستوى الثالث هو مستوى البروكسي، وهو الذي يمتد تأثيره على نطاق الدولة ككل.
وأضاف عبد الحفيظ إن جميع هذه الفلاتر تعتمد على تقنيات رقمية يمكن خداعها أو تجاوزها، بشكل أصبح سهلًا ومعروفًا، إلا أن أكثرها كفاءة هو الفلتر المستخدم على مستوى الحاسب الشخصي للمستخدم، والذي من الممكن أن يتحكم فيه الوالدان في المنزل على سبيل المثال.
وعاد عبد الحفيظ ليؤكد أن التربية السليمة وتنمية الوازع الديني والأخلاقي لدى مستخدمي الإنترنت يظل هو الوسيلة الأفضل لضمان استخدام الشبكة الدولية فيما صنعت من أجله، لأن القائمين على المواقع الإباحية يستهدفون الربح المادي في معظم الأحوال لذا لن يتوانوا عن ابتكار السبل التي تضمن لهم جمهورًا متزايدًا لمواقعهم.
"خسارة فادحة"
من جانبه أكد المهندس حسام صالح رئيس جمعية "انترنت مصر" على أن تنفيذ قرار حجب المواقع الإباحية سيكلف الدولة خسارة فادحة وضعف للاقتصاد المصري.
وأكد صالح أن هذا القرار تم تنفيذه في وقت سابق وفشلت نظرا للتقنية التي يتم استخدامها في هذا السياق وذلك في الوقت الذي يزداد نشر هذه المواقع بشكل يومي قائلا:"في حالة تطبيقه تقنيا، لن تتجاوز نسبة الاستفادة منه في حذف المواقع، إلا 25% منها وقد سبق واتخذ قرار بحذف هذه المواقع وفشل".
وأوضح خبير الاتصالات، أن هذه التقنية التي تتعلق بحذف هذه المواقع عبارة عن مجموعة، من الأجهزة تحتوى على عدد من البرامج تعمل بشكل تلقائي، على حذف كل المواقع التي بها كلمات دالة والمشهورة بها المواقع الإباحية، مما يوحى بأن هذه الأجهزة والبرامج، تعمل على حذف المواقع الإباحية بشكل عشوائي، مما لا يضمن إمكانية حذف كافة المواقع الإباحية، كما أنه من الصعب تنفيذ القرار لوجود بعض الأجزاء الفنية، التي من الممكن أن تسبب في حجب مواقع غير إباحية.
ويرى بعض النشطاء أن القرار يأتي في إطار إلهاء الرأي العام وتخفيف وطأة الهجوم علي النائب العام بعد ظهور العديد من الملفات التي تدينه بلعب دور سياسي مضاد للثورة بامتياز ، وليس للقرار أي صلة بالتقاليد المصرية التي اكتشف سيادته فجأة أن تلك المواقع منافية لها . مواد متعلقة: 1. النائب العام يأمر بحجب المواقع الإباحية على شبكة الانترنت 2. قرار حجب «المواقع الإباحية» يُشعل «فيس بوك» و«تويتر» بالتعليقات الساخرة 3. القومي للإتصالات: حجب المواقع الإباحية نهائيا أمر «مستحيل»