الوجه البشع الاخر في الوضع الفلسطيني الراهن نصوح المجالي كان الوجه الابشع في المسألة الفلسطينية غطرسة اسرائيل، وعدوانها المتصل على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وتنكرها لأبسط الحقوق الانسانية للبشر، لكن بعد الانشقاق في غزة، الذي جعل الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، سلطتين تحت الاحتلال، وخيارين سياسيين متناقضين، وصراعاً مكشوفاً تحول الى عملية تفتيت للقضية الفلسطينية ومصدر شحن للبغضاء والتناحر، بين الفصائل الفلسطينية. وبين انصار كلا الفريقين في الضفة والقطاع فمنذ حزيران 2007، عندما وقع انقلاب حماس في غزة، رداً على تغول وتحيز اجهزة الامن الفتحاوية في غزة واستهدافها حماس انذاك، وكلا الفريقين يفعل تماماً ما فعله بعض العناصر الحمساوية المسلحة في غزة عندما القوا خصومهم من فتح من فوق المباني العالية فكل فريق يطارد جماعة الاخر، ويضيق على اتباع الاخر ويعتقل ما استطاع من انصار الاخر، في اعلان مكتوب بالدم الفلسطيني، ان كل طرف عملياً يحاول ان يحجم ويلغي الطرف الاخر في ساحته، فلا الضفة مكان آمن للحمساويين، ولا غزة مكان آمن للفتحاويين، وكلما هدأت الاوضاع بين الجانبين يتبرع الطرف النافخ في نار الفتنة والاغلب ان يكون عملاء اسرائيل واعوانها في الجانبين من افتعال حادث امني، اما تفجير، او اصطدام مسلح، او حادث قتل، لتعاود الاوضاع الى التأزم ويركب كل طرف رأسه، والاسوأ ان التهدئة بين اسرائيل وحماس اصبحت ممكنة في غزة لكن التهدئة بين فتح وحماس غير ممكنة وان كافة الوساطات التي تمت سواء من مصر او بمبادرات عربية باءت بالفشل. ومؤخراً هددت حماس المحاصرة في غزة بأنها قد تقوم بانتفاضة، وانقلاب في الضفة الغربية يطيح بحركة فتح، فالانجاز المتميز لنا نحن العرب اننا قادرون على ممارسة الانتخابات والديمقراطية تحت سطوة الاحتلال، واننا قادرون على ممارسة الانقلابات ايضا ضد بعضنا البعض، تحت سطوة الاحتلال؛ فالهدنة كما يبدو، توجه الآن، للتصفية والحسم بين الفرقاء الفلسطينيين، وليس لتجميع الكلمة، وتجاوز الخلافات بين طرفي المعادلة الفلسطينية او توحيد الرؤية السياسية من كيفية مواجهة الاحتلال، في المرحلة المقبلة. فنحن امام مشروعين سياسيين، واحد في غزة والاخر في الضفة، الاول: اوصل الناس الى الجوع والافلاس، وفرض نفسه على الناس بالقوة المسلحة، وهو يكابر رغم انه محاصر، وتحت سيطرة الاحتلال، وتحت رحمته من كل ما يحتاجه القطاع من مقومات الحياة، والآخر، راهن على خيار المفاوضات واقامة الدولة الفلسطينية، ولم يحقق أية نتيجة ملموسة، وهو ايضاً، غارق في الخلاف الفلسطيني الفلسطيني، وتصفية الطرف الآخر رغم اختلاف الظروف والأسباب، وهو ايضاً لا يعدو ان يكون ادارة داخلية تعمل بارادة الاحتلال، وتحت سطوته وشروطه هذا هو الوجه الآخر البشع في المعادلة الفلسطينية، والتي وصلت البشاعة فيها حد ان يلجأ الهاربون من انصار فتح في غزة، الى القوات الاسرائيلية، بعد ان اصبح تسلط وقهر الاخوة لأخوتهم لا يقل بشاعة عن تسلط وقهر المحتلين الاسرائيليين. فكلا الفريقين، حماس وفتح، يعطل الآخر، وكلاهما يضعف قضية شعب فلسطين، فالقضية اليوم اصبحت ان تقسم تركة القضية الفلسطينية بينهما، فحماس، تعد بتحرير فلسطين، من غزة المحاصرة والمنهكة حد الافلاس، وفتح، تعد باقامة الدولة الفلسطينية، من الضفة التي نهبها الاستيطان ويكاد يحول مدنها وتجمعاتها العربية الى معازل. والعرب منذ اوسلو وقيام السلطة نفضوا عن كاهلهم عبء القضية الفلسطينية بعد ان اصبحت قضية موكولة للسلطة التي اختارها الفلسطينيون لادارة شؤونهم. وينسى الفلسطينيون ان الفصائل الفلسطينية ادوات لتحقيق الاهداف الوطنية الفلسطينية وليس لتبديد الامل الفلسطيني فعندما تصبح الادوات اهم من القضية والفصائل اهم من وحدة الشعب الفلسطيني وحقوقه ينقلب الهرم السياسي والنضالي على رأسه وتضيع الحقائق والحقوق والاولويات وهذا ما يحدث اليوم امارة غزة اصبحت اهم من أي حل يقيم دولة فلسطينية وسيادة فتح في المعادلة السياسية، تبدو لا تقل اهمية عن وحدة الشعب الفلسطيني اذا لم تفوقه اهمية وتلك تركة المسار السياسي الذي بدأ بقمة الرباط عام 1974 ومر بكل النكسات والتنازلات والاتفاقات والاوهام التي وضعت الشعب الفلسطيني على مفترق الانقسام، والاحتراب الداخلي الذي يجري تحت عين الاحتلال وسطوته ويوجه لغايات تصفية ما تبقى من ارادة الفلسطينيين وحقوقهم واراضيهم. ليفرض عليهم ما يراه عدوهم من حلول في ظل انشغالهم بنزاعات الفصائل السياسية والامارات الوهمية. عن صحيفة الرأي الاردنية 5/8/2008