عرفت مصر في الفترة الأخيرة عددا من الأزمات التي كانت محل نقاش واسع في وسائل الإعلام المختلفة مثل أزمة خطف الجنود في سيناء، وأزمات نقص الوقود والطاقة وغيرها . ورغم ان الحكومة استطاعت أن تتخطي أغلبها والتخفيف من تفاقمها، إلا أننا نعتقد أنه نظرا لتنوع وتعدد الأزمات التي تواجه الحكومة حاليا مثل الأزمات السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية والتي ظهرت في الحقيقة نتيجة المشكلات المتراكمة والمتغيرات العميقة التي عرفها المجتمع المصري، فإنه من الضروري ان نكون أكثر استعدادا للتعامل بشكل فعال مع هذه الأزمات ونعتمد علي الأسلوب العلمي في مواجهتها. ومن المعلوم أن الأزمات هي حالات طارئة أو مفاجئة تتضمن تهديدا لبعض النظم المستقرة بالدولة مثل النظام الاقتصادي أو السياسي أو الأمني وقد تقود إلي وقوع عدد من الأخطار والنتائج غير المرغوب فيها إذا كانت الحكومة غير مستعدة لمواجهتها والتعامل معها ودرء مخاطرها. بل وقد يحدث نوع من الخلل والتوتر عقب وقوع الأزمات بسبب المفاجأة، ونقص المعلومات والحاجة إلي سرعة التحرك حتي لا تتفاقم الخسائر. وعلي ذلك كان من الضروري تبني التخطيط كمطلب اساسي مهم في عمليات إدارة الأزمة إذ أن اسلوب رد الفعل العشوائي الذي تتبعه بعض الحكومات قد يؤدي إلي اتخاذ قرارات غير مدروسة تضر بالصالح العام . والتخطيط في هذه الحالة يقوم علي التنبؤ بمتغيرات المستقبل وما قد يحدث من أزمات، وهذا يتطلب بطبيعة الحال جمع كم هائل من البيانات والمعلومات المحلية والإقليمية والدولية يتبعها جهود عقلية شاقة لتحليلها وتحديد الأزمات المتوقع حدوثها مستقبلا وتشكل خطرا علي الدولة أو احدي نظمها الاقتصادية أو الاجتماعية او السياسية، أي ان التخطيط يعد تخطيطا وقائيا لحد كبير ويتضمن عددا من القرارات والخطوات المعده سلفا. وللقيام بهذا النوع من التخطيط تتبني الحكومات أنواعا مختلفة من تنظيم الوحدات المصفوفة (Matrix Organization ) والذي يشكل من عدد من اللجان الاستشارية المؤهلة للقيام بالعمليات العقلية المعقدة، والوصول إلي عدد من السيناريوهات التي يمكن اتباعها عند حدوث ما تم توقعه من أزمات (اسلوب محاكاة الأزمة Stimulate the crisis) فالتخطيط هنا يتيح لفريق عمل إدارة الأزمات إجراء رد فعل منظم وفعّال لمواجهة الأزمة بكفاءة عالية. لذا فإننا نأمل ان يعيد مجلس الوزراء النظر في البناء التنظيمي للمجلس وتدعيمه بعدد من فرق العمل المتنوعة والمؤهلة للتنبؤ بالمشكلات والأزمات المتوقع حدوثها في المستقبل ووضع الخطط الوقائية لتجنبها ما أمكن أو التخفيف من تفاقم أثارها، بدلا من انتظار وقع الأزمة والتعامل معها وفق الخبرات السابقة.