ارجع د. جمال حواش الخبير الدولى فى إدارة الأزمات والتفاوض بأكاديمية ناصر فشل الحكومات المصرية المتعاقبة فى إدارة الأزمات والكوارث إلى أن متخذ القرار كان يكلف أهل الثقة لإدارتها ويتجاهل أهل العلم. وانتقد دور مراكز الأزمات بالمحافظات التى لا تؤدى دورها الحقيقى، إنما تعمل لأغراض الدعاية، فضلا عن تفريغها من الكوادر، كما تحدث حواش ل «أكتوبر» عن رؤيته لإدارة الأزمات فى المستقبل، بالإضافة إلى عدد من القضايا المهمة فى سياق الحوار التالى:* متى بدأ العمل بأسلوب إدارة الأزمات بمصر؟ ولماذا نفشل فى هذا المجال؟ ** ظهر علم إدارة الأزمات بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 وفق أسس ومبادىء وانتشر تدريسه فى الستينيات بالولايات المتحدةالأمريكية ثم فى الدول الأوروبية، ودخل مصر فى الثمانينيات ونشر بمعرفة الدكتور محمد رشاد الحملاوى بكلية التجارة فى جامعة عين شمس، حيث تم تدريسه فى السنة الثالثة، كما اعتمد دبلوم لإدارة الأزمات بالكلية ذاتها اعتباراً من عام 1995 ومستمر حتى الآن. وبعد إنشاء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء انتشرت مراكز المعلومات فى الوزارات والمحافظات وهو يعتبر أهم جزء فى مراكز إدارة الأزمات وهناك العديد من الجهات تم تفعيل هذه المراكز بها، ولكن يعوق عملها فى المحافظات أنها غير مدرجة بالهيكل التنظمى للمحافظات وبالتالى فلا يوجد لها كوادر فيتم شغلها بأفراد من إدارات أخرى، وبالتالى تعتبر عملا إضافيا، وليس للمركز ميزانية فهو يعمل بالجهود الذاتية، ولأغراض الدعاية، ولم يمارس العمل لعدم توافر كوادر مؤهلة. * بعد ثورة 25 يناير برز العديد من الأزمات، ولكننا لم ننجح فى حل أى منها.. فلماذا؟ ** السبب أن متخذ القرار كان يكلف أهل الثقة لإدارتها وليس أهل العلم، على الرغم من أنه توجد كوادر كثيرة حالياً مؤهلة، ولكن لا توجد قيادات مؤهلة لإدارة الأزمات ومهما فعلت المراكز فعندما تصل التفاصيل لمتخذ القرار يكون له رأى آخر مختلف عن الأسلوب العلمى. * نسمع كثيراً عن تهديدات لضرب السد العالى.. فما هى الوسائل التى يتم اتخاذها لدرء هذه الأزمة؟. ** لابد أن نعلم أن مثلث الأزمة «التهديد – المفاجأة – ضيق الوقت» فيجب التعامل مع أضلاع المثلث، فالمفاجأة نتغلب عليها بالتنبؤ وضيق الوقت نتغلب عليه برسم الخطط والسيناريوهات وكثرة التدريب عليها ، يتبقى التهديد وهو لابد من مواجهته، فالسد العالى من رابع المستحيلات ضربه أو تهديده لأنه مؤمّن بمنظومة دفاع جوى ونظام أرضى جديد، وبه قواعد مضادة للصواريخ، بالإضافة إلى أن طبيعة السد «تراكمى» لا يسهل تدميره. * هل هناك فرق بين الأزمة والكارثة؟. ** الأزمة هى الحدث المفاجىء الذى يهدد الكيان بالانهيار (الكيان = أسرة – منظمة – دولة) ويلزم سرعة اتخاذ القرار ويمكن التدخل فى الأزمات لمنع حدوثها من خلال التفاوض، ولكن الكارثة هى الحدث الذى ينتج عن خسائر كثيرة فى الأرواح والممتلكات وتلوث للبيئة ولا يمكن منع حدوثها، ولكن يمكن التخفيف من آثارها بسرعة إنقاذ المواطنين من تحت الانقاض أو إنقاذ الغرض. * لكل أزمة أو كارثة علامات إنذار مبكر (تنبيه).. فلماذا لا تدار جيداً؟. ** إذا فسر متخذ القرار علامات الإنذار المبكر خطأ فهو لم يستعد للتعامل معها وبالتالى تحدث الأزمة والآثار المصاحبة لها، وأيضاً هناك من يغفل عن علامات الإنذار المبكر ويبلغ المستوى الأعلى بعد فوات الوقت المناسب، أو لعدم ازعاج المستوى الأعلى. * من الجهة المسئولة عن مواجهة الكوارث فى مصر؟ ** حدد الدستور مصلحة الدفاع المدنى «إدارة الحماية المدنية» للتعامل مع الكوارث وتساعدها جميع أجهزة الدولة. * هل هناك أسلوب لتعاون القوات المسلحة مع وزارة الداخلية فى حالات الكوارث؟ وما مدى العلاقة بينهما؟. ** من ضمن مهام القوات المسلحة المعاونة فى حالات الكوارث وقد تضمن قرارا وزيرى الدفاع والداخلية أسلوب المعاونة فى نقطتين الأولى المعاونة، ويجوز لوزير الداخلية طلب معاونة القوات المسلحة بمعنى طلب معدات إنقاذ غير متوافرة بوزارة الداخلية، فتقدم المعدة بأفرادها وتعمل تحت قيادة الحماية المدنية، الثانية التدخل، ولوزير الداخلية الحق فى طلب تدخل القوات المسلحة بإمكاناتها وأفرادها ويصبح عنصر الحماية المدنية تحت قيادة القوات المسلحة. * وهل هناك سيناريوهات لدرء الأزمات؟ ** التعامل مع المشاكل فى مهدها يحول دون الوصول إلى مرحلة الأزمة وتفاقم المشاكل يلزمها حلول إدارية أو فنية للحيلولة لعدم وصولها للأزمة. * متى يقال إنه تم إدارة الأزمة بنجاح؟. ** النجاح فى إدارة الأزمات يعتمد على إمكانية منع حدوثها وإذا حدثت يتم مواجهاتها بالإمكانات المتاحة. * وهل التفاوض يصبح وسيلة سهلة لانهاء الأزمة؟ ومتى يتم؟ وهل له شروط؟. ** التفاوض هو أحد مراحل إدارة الأزمات ويبدو واضحاً فى عمليات احتجاز الرهائن لأن كل طرف له مطالب لدى الطرف الآخر، فالإرهابى له مطالب لدى الحكومة والحكومة تريد تحرير الرهائن. ويشترط لإجراء التفاوض أن يكون هناك موافقة لدى الأطراف الراغبة فى التفاوض، وأن يكون هناك مطالب للأطراف يتم التفاوض عليها، أما إذا امتلك طرف كل شىء فيصبح إملاء شروط وليس تفاوضاً. * فى رأيك هل تم التعامل مع قضية التمويل الأجنبى كأزمة بالطريقة الصحيحة أم كان عكس ذلك؟. ** على مستوى الدولة يوجد أشياء لا يعلن عنها ويجب ألا نبدى رأينا فى موضوعات مطروحة على القضاء. * كيف يتم تأهيل الكوادر العاملة فى مركز إدارة الأزمات؟. ** يتم التأهيل فى مراكز التأهيل وفى الجامعات وتقوم أكاديمية ناصر العسكرية العليا بتأهيل العسكريين والمدنيين من أجهزة الدولة والأشقاء العسكريين العرب ليصبحوا قادرين على إدارة الأزمات فى مراكزهم. * ماهى رؤيتكم لإدارة الأزمات فى المستقبل؟. ** من مهام مراكز إدارة الأزمات التنبؤ بالأزمات المحتملة وتحليلها وتقييمها وعمل محفظة الأزمات للمنشأة أو المنظمة لتحديد أولويتها ثم التخطيط ورسم السيناريوهات لها بحيث يكون المركز قادراً لتفادى حدوثها أولاً ثم يكون قادراً على مواجهتها فى حالة حدوثها، المهم أن الموضوع برمته يعود إلى ثقافة المجتمع، منظومته القيمية التى لا تجدى فيها مفاهيم مثل النظافة، تحمل المسئولية، تقبل التغيير بمرونة اتباع التعليمات، الإيجابية، الحذر، التعاون، الخوف على الآخر، وغيرها من قيم ومفاهيم يجب زرعها أولاً حتى يستوعب الجميع ما يتم وضعه من خطط ، ويصبح المجتمع مؤهلاً للتطبيق.