قال الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة "الأهرام" السابق ونقيب الصحفيين الأسبق، إنه بالتزامن مع احتفالات سلطات الانقلاب ولمدة أسابيع ب"مولد سيدى صندوق النقد الدولي"، وبعد احتفالات سابقة ب"مولد تفريعة قناة السويس والمؤتمر الاقتصادي" وغيرهما، لم يتوقف الخراب الاقتصادي على سد سلطات الانقلاب. وأضاف الولي "خلال مقاله الذي ينشر بصحف عديدة اليوم الجمعة "، أننا قضينا ثلاث سنوات من "الموالد" المستمرة دون أن تحقق وعود تحسن الأحوال، وما يحدث هو العكس تماما، موضحا أن المولد الجديد لصندوق النقد الدولى الذى سيقرضنا 4 مليار دولار سنويا، لمدة ثلاثة سنوات، ويعطينا شهادة تمكننا من اقتراض ثلاث مليارات دولار أخرى سنويا من جهات أخرى خلال السنوات الثلاث، لن يختلف عن سابقيه في الكذب باسم المشروعات القومية.
وتساءل الولي: " كم تبلغ قيمة القرض الذى سنطلبه من الصندوق ؟ الجواب 4 مليار دولار.. لكن مدفوعات ميزان المدفوعات المصرى بالعام الماضى بلغت 87 مليار دولار، أى أن قيمة قرض الصندوق وقروض الجهات الأخرى والبالغة معا 7 مليار دولار، تمثل نسبة 8 % فقط من المدفوعات المصرية".
وتساءل أيضا عن المقارنة بين قيمة القروض المطلوبة الجديدة والبالغة 7 مليار دولار، والقروض التى حصلنا عليها من قبل، لنجد أن المستخدم من القروض والودائع الأجنبية بالعام الماضى بلغت 23.7 مليار دولار، أى أكثر من ثلاثة أضعاف القروض الجديدة المطلوبة، ليظل السؤال الرئيسى: إذا كانت قروض قيمتها 23.7 مليار دولار فى عام 2015 لم تحل المشكلة، فهل تنجح المليارات السبعة في حلها؟".
وأكد الولي أن احتياجاتنا من النقد الأجنبى لن تكفي سوى لمدة شهر واحد فقط، وربما حدثت بعض التهدئة المؤقتة بالأسواق مصحوبة بالحملات البوليسية، لكنها ستعود مرة أخرى بعد وقت قصير للاشتعال.. خاصة أن نائب وزير المالية قال أن تكلفة الدين الخارجى من أقساط وفوائد بالعام المالى الحالى ستصل إلى 8 مليار دولار، أى أكبر من قيمة قروض الصندوق وغيره من المؤسسات الدولية والإقليمية، في الوقت الذي توجد لدينا فجوة دولارية سنوية بنحو 12 مليار دولار، وهناك عجز بالأصول الأجنبية بالجهاز المصرفى بلغت 9 مليار دولار حتى أبريل الماضى، وقيمة عجز الموازنة المتوقع 36 مليار دولار، وهناك احتياج لتمويل واردات سلعية بنحو 6 مليار دولار شهريا، واحتياجات لتمويل فوائد استثمارات الأجانب بمصر، وسياحة المصريين خارج البلاد ومدفوعات أخرى خدمية متنوعة.
وأوضح أن المكون الأكبر لموارد النقد الأجنبى يتمثل فى تحويلات المصريين بالخارج، والصادرات، والاستثمارات الأجنبية، والسياحة، وإيرادات قناة السويس، والمعونات، لكن كل تلك الموارد الرئيسية بها مشاكل تقلل من إيراداتها، فوجود فجوة كبيرة بين السعر الرسمى والموازى للدولار سيبعد تحويلات المصريين بالخارج عن البنوك.
وأكد الولي "إذا كنا لم نستفد بالمعونات الخليجية الضخمة ثم بالقروض الخليجية غير المشروطة، فسوف يختلف الأمر مع قروض الصندوق المرتبطة بشروط، تتعلق بخفض عجز الموازنة، أى خفض الدعم على المواد البترولية والكهرباء، وزيادة الإيرادات الضريبية من خلال فرض ضريبة القيمة المضافة، واتباع سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف، أى خفض جديد للجنيه بما يرفع من معدلات التضخم ويزيد معاناة الطبقات الفقيرة".
وتابع: "قد تتعثر أقساط قروض الصندوق، عندما لا نستجيب له عند الاستمرار فى طبع النقود، أو عندما يطالبنا بتوسيع دور القطاع الخاص، بينما البوصلة قد اتجهت لتوسيع دور الجيش بالنشاط الاقتصادى، وكذلك عندما يطالبنا بائتمان أكثر للقطاع الخاص، بينما غالب توظيف أصول البنوك يتجه لسد عجز الموازنة".