مفاجأة: الأحمال الزائدة "ليلا فقط".. وقطع الكهرباء نهارا "للعكننة"! "المازوت" قلل من كفاءة المولدات فزاد العجز.. و"حر الصيف" أدى لاشتعال الأزمة الأجهزة مصممة للعمل بالغاز الطبيعى.. و"المخلوع" أصر على استبداله بالقطران! مسئول بالكهرباء يكشف: قطع التيار نصف ساعة ليلا فقط يحل المشكلة.. وهناك محاباة لمناطق "أصحاب الحظوة" سرقات التيار بعد الثورة "القشة التى قصمت ظهر البعير".. و7 ملايين "تكييف" تفترس الطاقة حلول وقتية: عدم تشغيل الغسالات.. والاقتصاد فى المكيفات ليلا.. والإنارة وفقا للحاجة حلول دائمة: إنشاء 4 محطات جديدة وإحلال الغاز الطبيعى محل المازوت لتشغيل المولدات باختراق دهاليز محطات توليد وإنتاج وتوزيع الكهرباء والتحدث للموظفين والمهندسين والعاملين، تارة خلسة وتارة بشكل رسمى، تتكشف الحقائق حول أزمة الكهرباء. هناك أسباب عديدة للأزمة؛ سواء زيادة الأحمال، أو قلة الإنتاج، أو نقص الصيانة، أو خروج بعض محطات التوليد من الخدمة، لكن هناك مفاجآت أخرى لم تكن فى الحسبان تكشف عنها سطور التحقيق. اكتشفنا أيضا أن المحظوظ هو من يسكن بجوار مسئول كبير فى قطاع الكهرباء؛ حيث لا تقطع الكهرباء من منازلهم إلا نادرا، لأن هناك عمليات "تناوب" لفصل التيار الكهربائى يقوم بها موظفو الكهرباء، والمفروض ألا تتعدى نصف ساعة ليلا، لكنهم يحملون على مناطق بعينها مجاملة لمناطق أخرى يقطن بها "ذوو الحظوة"، مما يجعل حصة مناطق من القطع تتجاوز 6 ساعات يوميا. الدخول للمحطات لم يكن سهلا، والكلام مع المسئولين الرسميين ليس متاحا، لكننا حاولنا وتوصلنا إلى عدة أسباب وراء الأزمة نرصدها فى السطور التالية: كانت بداية جولتنا لمحطات توليد وإنتاج الكهرباء فى القاهرة؛ حيث محطة محولات شمال القاهرة لتوليد وإنتاج الكهرباء بالسواح بشارع بورسعيد، والتى بدت من خلف الأسوار تعمل بكامل عدتها وقوتها.. طلبنا مقابلة رئيس المحطة المهندس خالد إبراهيم؛ حيث أجرى رجل الأمن مكالمة هاتفية معه وأخبرنا فيها برفض الرئيس مقابلتنا، وأن علينا الذهاب للفرع الرئيسى لنقل الكهرباء؛ لأنهم هنا لا يمتلكون أى معلومات عن أسباب انقطاع الكهرباء، ولا عن كمية الطاقة المولدة، ولا عن حجم العجز فى الإنتاج. تهرُّب المسئولين انتقلنا إلى الشركة المصرية لإنتاج الكهرباء بالقاهرة بروض الفرج؛ وبالأسلوب نفسه أوقفنا رجال الأمن على البوابة مع ملاحظة وجود أجواء من التوتر والحرص الشديدين والرغبة فى التعتيم على كل شىء، إلا أن هناك موظفا من العاملين فى الشركة لم يكن يعرف هوياتنا بعد، لاحظنا أنه يلعن الثورة والثوار وما جنته عليهم من تعب وإرهاق. رفض المسئولون بالمحطة أيضا التعاون معنا أو الإدلاء بأى تصريحات ولم نتمكن من مقابلة المهندس على حسن -رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة لإنتاج الكهرباء- بحجة أن المهندس أكثم أبو العلا -المتحدث الرسمى باسم وزارة الكهرباء- هو الوحيد الذى يعرف حقيقة انقطاع الكهرباء والأسباب الكامنة خلفها. وهو نفس ما حدث بالشركة القابضة لكهرباء مصر -الشركة المصرية لنقل الكهرباء- محطة محولات السبتية رقم (1)؛ حيث تهرب المهندس عبد العزيز عنتر -رئيس قطاع القاهرة بالشركة القابضة للكهرباء- من مقابلتنا، بينما رفض مسئول هناك التحدث؛ لأنه فرد صغير -على حد قوله- فى تلك المنظومة ولا يستطيع الإدلاء بأى تصريحات حول الأزمة أو أسبابها إلا من خلال مسئول كبير من المحطات الرئيسية على مستوى القاهرة أو مسئول ذى صيت فى الوزارة، ذلك على الرغم من تأكيده بمعرفته بالمعلومات كاملة حول الأزمة وكافة الخلفيات عنها. العجز 5 آلاف ميجا وات أحد المهندسين الكهربائيين فى مرتبة استشارى فى إحدى تلك المحطات -فضل عدم ذكر اسمه- قال: إن قدرة مصر على توليد الكهرباء تبلغ 23 ألف ميجا وات، ومقدار العجز فى الشبكات يقدر ب5 آلاف ميجا وات، وهو ما يعنى أن مصر حتى تتغلب على تلك الأزمة فى حاجة إلى بناء محطتين كاملتين أو ثلاث لتغطية الاستهلاك، وتستغرق الواحدة منها فى البناء من 5 إلى 7 سنوات. وأكد أن توصيل الكهرباء لغزة لا يمثل أى مشكلة على الإطلاق لمصر؛ حيث إن الكمية المصدرة تبلغ 35 ميجاو ات وهى بطبيعة الحال لن تؤثر على الإطلاق فى شبكات مصر والتى تبلغ أحمالها كلها 23 ألف جيجا وات والتى تحمل البنية الأساسية منها 18 ألف جيجا وات. وبين أن محطة غرب القاهرة (الوحدة 6) خارج الخدمة منذ عدة أشهر وقدرتها 320 ميجاو ات وهى بالطبع تزيد من الأزمة التى تشهدها مصر حاليا، ذلك فضلا على خروج الوحدة (4) بمحطة شبرا الخيمة عن الخدمة والتى تقدر ب315 ميجاوات، وكذلك الوحدات (1)، (2)، (3) فى المحطة نفسها لا يتم رفع الأحمال عليها أكثر من 200 ميجا وات، لوجود تهريب بمواسير الغلايات! وأشار إلى أنه لا سبيل للخروج من تلك الأزمة إلا بطريقين على المدى القريب: تخفيف الأحمال بالشكل الذى تقوم به الوزارة الآن، والتى فى حالة عدم تخفيفها ستؤدى إلى حرق أجهزة التوليد، وخسارة المحطة بأكملها، أما الطريق بعيد المدى فهو إنشاء المحطات التى ستستغرق سنوات عديدة. المازوت بدلا من الغاز! ص.ع -أحد المهندسين فى محطة تحويل الكهرباء- قال: إن الرئيس المخلوع كان على علم تام من أجهزة المخابرات بأن تشغيل محطات إنتاج الكهرباء يعمل بالوقود البترولى (المازوت)، وذلك فى جميع شركات إنتاج الكهرباء على مستوى الجمهورية، علما بأن هذه الشركات مصممة فى الأصل للعمل بالغاز الطبيعى المصرى؛ مشيرا إلى أنه بذلت محاولات للتغطية على هذا الأمر ورضى بذلك وزير الكهرباء السابق. وقال: إن الحلول -فى وجهة نظره- تتمثل فى 4 خطوات معا: إنشاء محطة جديدة (تستغرق 5 سنوات)، مع إلغاء التعريفة الموحدة على فاتورة الكهرباء واستبدالها بنظام الشرائح، وهو ما سيجعل الناس أحرص فى استهلاكهم، مع استمرار توعية الناس من الجهات الرسمية بضرورة التكاتف على المستوى الشعبى والحكومى من أجل توفير الكهرباء ومرور تلك الأزمة، ثم إجبار المقاهى والمولات والمحال على الإغلاق فى حد أقصاه 10 ليلا، كبقية دول العالم؛ مع وقف عمل المحطات بالمازوت وإصلاح ما أصابها ثم تشغيلها بالغاز؛ مؤكدا أن تلك الخطوات ستحل الأزمة بشكل جذرى. الأسباب واحدة لاحظنا أن كلام المهندس حول أسباب الانقطاع يتطابق مع البيان الذى أصدره ائتلاف المهندسين المتخصصين لإدارة المحولات والمحطات بقطاع الكهرباء، منذ أيام قليلة، والذى وصف الأسباب الحقيقية التى تكمن وراء أزمة انقطاع التيار الكهربائى المتواصل منذ سنوات، وهو أنه يتم تشغيل محطات إنتاج الكهرباء بالوقود البترولى السائل الثقيل (المازوت)، وذلك فى جميع شركات إنتاج الكهرباء على مستوى الجمهورية، وهذه الشركات مصممة فى الأصل للعمل بالغاز الطبيعى المصرى، مما أثر على كفاءة المولدات. الائتلاف أوضح أنه تم تصميم هذه المحطات التى تم تركيبها فى مصر عام 1990 على أن تعمل بالغاز الطبيعى كوقود أساسى، ولكنها فى الوقت ذاته قادرة على حرق الوقود البترولى السائل (المازوت)، الذى يستخدم فقط كوقود احتياطى فى حالة الطوارئ (أى فى حالة حدوث طارئ يعوق وصول الغاز الطبيعى للمحطة)، ولا يجب أن يستخدم لأكثر من سبعة أيام متواصلة (أى يستخدم لأقل من 20%) من وقت التشغيل السنوى، أى بما يعادل (170 ساعة/السنة) بشرط أن تكون نسبة الكبريت الموجودة فى المازوت لا تتجاوز 1.9% حجما. وأضافوا أن الأضرار التى لحقت بمحطات إنتاج الكهرباء منذ توقيع اتفاقية بيع الغاز للكيان الصهيونى هى السبب الرئيسى لانقطاع الكهرباء عن أبناء الشعب المصرى، ومن هذه الأضرار تآكل أجزاء من الغلايات الحرارية، والتى تكلف الدولة مليارات الجنيهات، وذلك بسبب وجود عنصر الكبريت فى المازوت وتكوين حمض الكبريتيك وانسداد المسارات الداخلية نتيجة تراكم المواد الصلبة الموجودة فى المازوت، وزيادة نسبة التلوث الموجودة فى غازات الحريق المنبعثة من مداخن المحطات، وارتفاع تكاليف الصيانة نتيجة تآكل أجزاء الغلايات الحرارية بشكل سريع ومستمر. وأضاف الائتلاف أن الدولة قامت أيضا بشراء مواد إضافية للمازوت لتحسين عملية الحريق، فتكلفت مليارات الجنيهات، كما تقدر الخسارة التى تقع على المحطات بمليارات أخرى نتيجة عدم استقرار الوحدات وخروجها للصيانة باستمرار، ومن تلك الأضرار أيضا تكلفة الطاقة المستهلكة فى عملية تجهيز المازوت لإتمام عملية الحريق من تسخين وطلمبات ضخ وقطع غيار وخلافه. وأوضحوا أن من أخطر الأضرار التى لحقت بالمحطات أنها لا تستطيع العمل بالحمل الكامل اليومى لها، وذلك لتشغيلها ب"المازوت" يوميا دون اهتمام من المسئولين بها، لذلك ينقطع التيار الكهربائى عن المواطنين، وتقف شركات إنتاج الكهرباء فى عجز تام أمام هذه المشكلة وخصوصا فى فصل الصيف.