ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    13 شهيدا فلسطينيا حصيلة قصف جيش الاحتلال رفح    مطار الملك خالد يصدر بيانًا بشأن حادث انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    السر في شيكابالا، الزمالك يكشف سبب احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    بعد المشادة مع كلوب| ليفربول يحدد سعر بيع محمد صلاح    لا يوجد بهم خطورة.. خروج 9 مصابين في حادث تسرب غاز الكلور بقنا    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    إصابة 17 شخصا في حادث مروري بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    آخر ظهور للمخرج عصام الشماع قبل رحيله.. حفل تأبين صديقه صلاح السعدني    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الإثنين 29 إبريل 2024    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح مركز البيانات الحوسبة السحابية الحكومية    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل: بشار دخل فى صراع أكبر منه.. وأرحب جدا بزيارة السيسى لدمشق
نشر في الوطن يوم 09 - 10 - 2015

فى سلسلة جديدة من حوارات الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الممتدة «مصر أين وإلى أين؟»، مع الإعلامية لميس الحديدى، على شاشة «سى بى سى»، يحاول الكاتب الكبير إماطة اللثام عن المجريات التى تدور رحاها فى المنطقة وفى مصر، على الصعيدين المحلى والإقليمى، وعُقَدهما المتشابكة مع التحركات الدولية، فى حلقتين بعنوان «ماذا بعد؟»، إذ تُقبِل مصر على انتخابات برلمانية، وحول مستقبل الوطن ومستقبل المنطقة الذى لا ينفصل عن مستقبلنا، فيُبحِر «الأستاذ» فى خضم الأحداث الدائرة ومحاولة استقراء اتجاهات المستقبل، وما يجب على مصر أن تقوم به.. وإلى نص الحوار:
الكاتب الكبير ل«لميس الحديدى»: من لا يُصَب بتوهان فى هذا العصر فإنه شخص بليد
■ كنت سعيدة أننى شاركت فى الاحتفال بعيد ميلادك، واسمح لى أن أطرح عليك بعض التساؤلات فى عيد ميلادك حول بعض الجُمل التى أثارت كثيراً من الجدل فى حديثك، على هامش الاحتفال؟
- مع الأسف الشديد، ما أقوله دائماً ما يثير جدلاً، ليس ذلك فقط، بل خناقات لا تتوقف، وأنا أتقبّلها، بعضها يتجاوز والبعض يكون نقداً مقبولاً، لكن علينا أن نعرف أنه فى أوقات معينة من عمر الشعوب، العواطف تجنح كثيراً، والأعصاب لا تكون متسقة، وأنا أقبل هذا.
■ دعنى أبدأ بعبارة قلتها، إن «الرئيس السيسى مصدوم بما لاقاه من مشكلات»، وهى جملة أثارت مزيداً من الاهتمام والجدل، حيث لماذا يكون الرئيس مصدوماً، وهو كان فى مواقع سلطة متنقلة، فقد كان وزيراً للدفاع ورئيساً للمخابرات لفترة معينة وعضواً بالمجلس العسكرى الحاكم للبلاد فى فترة معينة، فكيف يكون مصدوماً؟
«بوتين» يرغب فى رد كرامة بلده.. ويتحرّك ليثبت أنه طرف فاعل.. وانتهز فرصة تراجع القوة الأمريكية
- أريد أن أقول شيئاً: ثمة فارق كبير بين أن يكون مديراً للمخابرات ووزيراً وغيره إلى آخره، حيث هناك نقاط تركيز معينة بحكم الوظيفة يتم التركيز عليها، وبين أن يكون رئيساً للدولة.. صحيح أنه رأى فى مواقعه المختلفة مشكلات مختلفة، لكن عندما يكون رئيساً فإنه يرى المشكلات بكاملها، والمشكلات الإقليمية المرتبطة بالدولية، فحجم التناقضات الموجودة داخل مصر، وحجم التناقضات الموجودة فى العالم العربى، وحجم التعقيدات الموجودة على الصعيد الدولى، أعتقد أنها تحتاج، فى محاولة للفهم، إلى جهد خارق، وأنا أتصور أنه رأى جزءاً من الصورة، لكن عندما رآها بشكلها الكامل، فى هذا الوقت أنا رأيته، وأنا أظن أنه استهول ما رأى، وأظن أن هذا إنسانى جدّاً، وكان من المفترض أن يعطى فترة سماح طويلة جدّاً أو طويلة على أى حال، وعندما كان مديراً للمخابرات كان يرى جزءاً من الاختصاص، مثل مراقبة الإخوان من جهة، ومن جهة أخرى على سبيل المثال، نظر إلى محاولات الاختراق الخارجى، لكن هناك اختصاصاً محدداً، أما رئاسة الدولة فتكون كلها شاملة، وعندما يرى الأوضاع الداخلية، وعلى نطاق الإقليم، ويربطها بالنطاق الدولى، فإنه يكون مصدوماً، وهذا إنسانى جدّاً.
«داعش» بلا مستقبل.. والفراغ فى المنطقة يجعل للجماعات الإرهابية قيمة.. وأواصر العالم العربى تفككت وظهرت به ثغرات فى «العراق وسوريا»
■ ماذا قصدت ب«سلطة عبدالناصر» و«سياسات إسماعيل صدقى»؟
- لأن البعض يتصور، وهناك سياسات فى بعض الأحيان، وعلى سبيل المثال، فى وقت التحول الاشتراكى، بعض الناس يعتقدون أن الحل هو العودة إلى النظام الإقطاعى فى وقت إسماعيل صدقى، وقت «عبدالناصر» كانت قضية، ووقت «صدقى» كانت قضية، «صدقى باشا» ماذا فعل فى البدارى؟ قام بمذبحة فى «الوفد»، ماذا فعل؟ جعل «النحاس» يتوجه لطنطا، فتوقف القطار فى أسيوط، اليوم لا نستطيع القيام بهذا، لأن العالم اختلف، الآن العالم كله ينظر إليك، وينظر إلى الداخل، وله تأثير عليك، سواء أحببت ذلك أم رفضته. فى وقت إسماعيل صدقى كان يمكن إخفاء بعض الأمور، لكن الآن ليس بوسعك القيام بهذا، وليس بوسع أحدهم ألا يتصور الماضى بشكل أو بآخر، أنتِ أمام عالم جديد بوسائل مختلفة، أنتِ فيه مكشوفة، جمال عبدالناصر كان يقوم بتعبئة الجماهير خارج مصر، كل بلد تتبدى نفوذه فى تأثيره خارج حدوده، واليوم لو أراد «السيسى» تعبئة جماهير عربية مع أى شىء أو ضد أى شىء، للأسف الشديد لن يستجيب أحد، لأننا فى حالة بُعد عن العالم العربى. فى يوم من الأيام وقف «عبدالناصر» فى شرفة القصر فى دمشق، وقال «اخرج يا مرجان»، رئيس وزراء العراق، فى ذات اليوم سقط، الوضع كان مختلفاً، انسى أى أحد ينصح بقمع، وأسلوب البدارى، أو أى شىء، حتى فى تجربة «عبدالناصر»، سواء اعتقالات واسعة أو غيره، ونحن انتقدنا هذا، وأنا أعتقد أن من حُسن الحظ أن تجربة «عبدالناصر» أكبر من هذا الجزء السيئ، لكن على أى حال العالم اختلف تماماً ولا يمكن استخدام وسائل قديمة جداً فى مقابلة ما هو كائن الآن وما نواجهه.
■ قلت أيضاً إن «مصر تائهة»، هل داخليّاً أم خارجيّاً؟
- من لا يُصَب بتوهان فى هذا العصر، فإن هذا من باب البلادة، لأن العصر يفاجئك، أو يطرح عليك أشياءً غير طبيعية، والعصر يفاجئ بأن التكنولوجيا لم تكُن تسمح لإثيوبيا فى أى وقت من الأوقات بالتعرّض لمساقط المياه من الهضبة الحبشية، الآن التكنولوجيا تسمح بهذا، وهذا الآن خطر وجودى لم يكن موجوداً فى عهد «صدقى»، لكن فى عهد «عبدالناصر» كان الاحتمال موجوداً، فالتكنولوجيا كانت تعطيك طمأنينة بشكل مختلف، لكن الوضع الآن اختلف، وعليكِ أن تحلى مع إثيوبيا، لكن بشكل مختلف.
■ هل هناك عجز فى الوصول إلى وسائل جديدة فى حل المشكلات؟
- كل وسيلة قديمة أو جديدة لها تكلفة، السؤال هو هل بوسعك تحمّل التكلفة؟ ومن أهم التكاليف إقناع الناس، ولو فرضنا أن الرئيس السيسى لديه شعبية كافية لدى الناس، ومثلاً «عبدالناصر» كان لديه عند الناس رصيد يكفى لإقناعهم مثلاً بالاشتراكية وخطر إسرائيل، لكن «السيسى» الآن هو أمام وضع مختلف، وضع «عبدالناصر» كان مختلفاً، حيث كان زمانه يسمح بظهور قيادات متخطية الحدود، فذلك الزمن كان به نهرو وتيتو وتشرشل وديجول، والآن الزمن به حدود، وله تخوم، وعليه قيود، وليس بوسعنا القيام بهذا الآن، وأنا مستعد لأن أقول إن معركة السد العالى كانت موجودة، الآن ليس هذا ممكناً، لأن القيود الموجودة حالياً أكبر بكثير من المتوقع، اليوم على سبيل المثال النظام المالى فى العالم دخل فى طور جديد، نظام العلاقات بين القوى الكبرى اختلف، فى الماضى استغللنا التناقض بين السوفيت والولايات المتحدة الأمريكية، اليوم يتحدّثون فى كل شىء، وفى كل الأمور، ويتعرّضون للسلبيات، ويعترفون بأن ثمة منطقة لا يحق لأحدهم الدخول فيها.
■ أنت تقول إن الأمريكان والسوفيت متفقان، لكن يبدو الآن أنهما متصارعان على مقادير المنطقة.
- تعالى انظرى الآن إلى المشهد، فارق بين أن يكونا متصارعين عليك، لكن خلف المشاكل التى لديكِ.. فالصراع فى سوريا، هناك أطراف متداخلة، لكن خلف أطراف محلية، فى الأوضاع السابقة الأطراف الكبرى تحاول أن تفرض إرادتها بشكل أو بآخر، دون مراعاة لأى شىء، لكن الآن يمكن أن تفرض هذا خارج الحدود، ونحن فى منطقة يتقرر كل ما فيها خارج حدودها، وينعكس على حدودها، لكن العالم لم يكن متداخلاً بهذا الشكل، مثلاً «الجزيرة» تؤثر الآن، ليس فى قطر فقط، والعالم اختلف، ويمكن لقوى جديدة أن تنشأ مستخدمة وسائل جديدة بأكثر من قوة الدولة المستخدمة.
■ قلت إن مشكلة هذه المنطقة أن مصائرها تُقرَّر خارج حدودها، وأظن أنها المشكلة الكبرى فى المنطقة لدول عديدة، لكن فى مقدمتها الآن سوريا، فهى الصراع الأكبر فى المنطقة، كأن العالم يتصارع على هذه البقعة الصغيرة.
- لا أريد أن أقول باستمرار إن الصراع ظل موجوداً على سوريا طوال الوقت، والصراع الدولى، وأتذكر أن جون فوستر وزير خارجية الولايات المتحدة، قال لى إن سوريا أشبه بحاملة طائرات كبيرة تقف على الشاطئ الآسيوى القريب من آسيا وأوروبا، وسوريا كانت موجودة فى التاريخ فى كل المراحل، فقد كانت نقطة الصراع بين الغرب والدولة العثمانية، وكانت أيضاً موجودة فى الخلاف بين حلف بغداد، وما يمثله «عبدالناصر». سوريا الآن موجودة فى ضوء الخلاف بين ما تتصوّره السعودية مثلاً وغيرها، وبسبب الموقع، فهى نهاية الامتداد الساحلى بعد جبال آسيا، خلفها من أول الصين، وحتى العراق كله يتجه بحراً.
■ كيف ترى الضربات الروسية الآن فى سوريا، فهى ليست معركة فقط بالطائرات، لكن لدينا معركة بالقاذفات؟
مشكلة المنطقة أن تقرير مصائرها يتم خارج حدودها.. ولو أراد «السيسى» تعبئة الجماهير العربية فلن يستجيب له أحد
- صحيح، روسيا طرف فى المعركة الآن، ولا تشارك فقط، فبوتين جاء بعد يلسن وجورباتشوف، وجد قوة لا يُستهان بها، وهى قوة لديها على الأقل السلاح النووى، ووجد بلداً لديه موارد بلا حدود، وهى طرف فى سباق السيطرة على الأقل، وهى ذليلة مهانة وتُنهب، وبعضنا لا يتصور أنه فى عهد «يلسن» كان هناك 10.000 مصنع فُكوا من الاتحاد السوفيتى، ونُقلوا إلى أوروبا الغربية وغيرها، وهى بلد فتح، وهناك شخص هو «بوتين» يرغب فى رد كرامة البلد، وتحركه لإثبات أنه طرف فاعل، فيريد إثبات هذا للغرب وللولايات المتحدة، وانتهز لذلك فرصة تراجع القوة الأمريكية، ورغم أنه يبحث عن نقاط الضعف، فأمريكا مشدودة على الآخر، فهناك لحظة ضعف فى أوروبا وأمريكا، ولحظة فراغ فى آسيا والوطن العربى، فقط يريد إثبات قوته تجاه العالم الخارجى، وما يقوم به الآن فى سوريا ليس فقط لطرف الصراع فى سوريا، لكن ليثبت للعالم الخارجى أن روسيا فى هذا العصر، وهذا الوقت، تستطيع، وأنها على قدم مساواة، إذا كانت تستطيع الولايات المتحدة أن تتدخل، فهو أيضاً يستطيع.
■ هل صحيح أنه يضرب مواقع «داعش» و«النصرة» فقط، أم أنه يضرب مواقع معارضى «الأسد»؟
- اتركى المعارضة، نحن فى سوريا نتحدث عن معارضة، هناك عدة مستويات، هناك نظام طال وتعرّض لمهانة التوريث، لأنه عندما يورث أب حاكم الحكم لابنه، ودون مبالغة، عندما دعانى بشار الأسد إلى زيارة سوريا، أنا اعتذرت، وقلت له وقتها «أنا أعارض التوريث فى مصر وذهابى الآن إلى سوريا سيكون فى ظل نظام وُرّث من أب إلى ابنه».. والحقيقة أرسل لى الرجل قائلاً: «إنه متفهم ما أقوله»، وعلينا أن نفهم أن ما يحدث فى سوريا هو نظام مكث فى الحكم أكثر من اللازم، معتمداً على ظروف الحرب الباردة وما بعدها، وهو نظام قمعى بشكل كبير، وهو نظام أقلية، لكن لا بد أن نسلّم بشكل ما بالرصيد الذى لديه، لأن الوطن العربى قدّر لحافظ الأسد وقوفه بعيداً عما يسمى اتفاقية السلام وغيرها، وله ما يشفع له، لكن عليه فواتير ومستحقات ليس بوسعه سدادها، وأعتقد أن ما يبقيه الآن هو الضغط على سوريا الوطن، ولو خفّ الضغط سيسقط النظام.
مصير بشار الأسد
■ أهمية المنطقة بدأت تتناقص مع تغيُّر قضية البترول والطاقة البديلة، ولم يعد البترول، كما قلت، القضية الأولى، لكن لماذا يتصارع العالم على سوريا، هل السبب الرئيسى هو قضية «داعش» أم نفوذ فى المنطقة؟
العالم العربى لا يرغب فى استقبال اللاجئين.. والسوريون بالنسبة إلى دول الخليج مشاكسون
- سوريا باستمرار موضع صراع فى العالم العربى، ومحمد على، ودولة الخلافة، وإبراهيم باشا، فى وجود محمد على، الصراع كان موجوداً فى سوريا، حيث زحفا إلى تركيا، وسوريا هى نهاية الامتداد الآسيوى الذاهب إلى البحر من عمق آسيا، وهى الأقرب فى الشرق الأوسط لجنوب أوروبا، ومتصلة عضوياً بالوطن العربى، وهى بؤرة الفوران باستمرار، وعندما أراد محمد على أن يضايق دولة الخلافة عمل فى سوريا، أى حلف أو قوة تريد ألا تضم سوريا فى عضويتها، سوف يتم الضغط عليها إلى ما لا نهاية له، سوريا بؤرة الفوران، تذكّرى أن الوحدة مثلاً بسبب أن سوريا طبيعتها هى الفوران، العالم العربى المهاجر نحو البحر، فهى باستمرار موضع انطلاق دعوات التغيير فى العالم العربى، فهى قلقة بطبيعة الحال، كل البر يضغط عليها، وكل ما فى البحر يهدّدها، فهى مكشوفة عبر شاطئ مطل شرق البحر المتوسط، فهى شاطئ مهمّ جدّاً، وما يُحدِث التوتر دوماً هو أهمية سوريا لمصر وأهميتها للعراق، وبالنسبة لشبه الجزيرة العربية، فهى منفذ العراق وشبه الجزيرة للبحر، وهى زاوية البحر الأبيض بالنسبة إلى القاهرة ودمشق، وموقعها يجعلها بؤرة الصراع والمنافسة فى المنطقة، من يستولِ على سوريا ويصل إلى قلبها فى أى مرحلة من مراحل التاريخ يكُن دوره أكبر فى المنطقة.
■ هل بشار الأسد موجود ضمن التسوية فى المرحلة المقبلة؟
- تسوية أو غير تسوية، أولاً «بشار» دخل فى صراع أكبر منه فى دائرة كبرى.
■ «داعش» فى هذه المنطقة هل ستتوسّع؟ هل ستقضى عليها روسيا أم ماذا؟
- أما أن «داعش» بلا مستقبل، فهذا صحيح، لكن الذى يجعل من استمرار الجماعات الإرهابية أن يكون لها قيمة وتضرب، هو الفراغ فى المنطقة، والذى حصل أن العالم العربى تفكّكت أواصره وظهرت به ثغرات فى العراق وسوريا، وكذلك خروج القضية المركزية وهى فلسطين، فقد كان لهذه القضية ميزة أنها تقوم بدور موحّد تعطيه وحدة الهدف، فعندما تخرج، وهى تناقُض رئيسى مع طرف آخر، تخرج كل التناقضات المختلفة، فالعراق مثلاً لديه مصلحة فى سوريا، فليس مطلاً على الشواطئ إلا من خلال جزء صغير على الخليج العربى، وإيران أيضاً، أكثر شىء نراه فى إيران وتدخّلها فى سوريا، فكل دولة برية تريد مطلاً على البحر، خصوصاً الأبيض، إذا استطاعت، سواء بشكل مباشر أو بالوساطة، وتذكرى أن انتشار الشيعة تحرّك من مصر من خلال الفاطميين إلى الشام، بعضهم إلى جبل الدروز، ثم إن الشاه إسماعيل فى القرن السابع عشر، كان يريد أن يجعل إيران تتمايز على عدوه، عن الإمبراطورية التركية السنية، فأرسل إلى أساتذة من جبال لبنان لنشر المذهب الشيعى فى إيران. تذكرى أن المذهب الشيعى فى إيران انتشر من جبل عامل، كانت هناك قلعة شيعية، تركها التطور التاريخى فى قلب سوريا الكبرى.
■ ما الحل؟
- هذا هو المأزق الذى يواجه مصر بالدرجة الأولى.
■ لماذا يواجه مصر يا أستاذ؟
- تعالى نرَ أن مصر، فى حد ذاتها، لا يمكن أن يكون لها نفوذ وقيمة، ويأتى من الانتشار، حتى بالمنطق المادى البحت والبعيد عن الأبعاد الثقافية وعن التاريخ، هذه الزاوية على البحر الأبيض، الزاوية الشرقية، وهى سوريا التاريخية، بما فيها فلسطين، موصولة وصلاً يكاد يكون مادياً بمصر عند حدود فلسطين، فسوريا بالنسبة إلينا قضية رئيسية، وما يجرى فيها يؤثر عليكِ وعلى دفاعِك عن نفسك، فإذا كان الخطر الآن هو إسرائيل، فوجود سوريا الآن فى الصدارة، والوقوف ضرورى جدّاً، لأنها زاوية.
■ ما الحل إذن؟
- أنا أعتقد أن هناك تقصيراً، ولننسَ بشار الأسد الآن، فنحن أمامنا سوريا، كنت أتمنى أن يكون دورنا أكثر نشاطاً.
■ كيف، والعلاقات مقطوعة منذ وقت «مرسى» تقريباً؟
- أنا والله لم يكُن لدىّ مانع فى إعادة العلاقات، وأرحب جداً أن يكون الرئيس السيسى موجوداً فى دمشق.
■ أنت لم تذهب، هل تريد أن يذهب الرئيس السيسى؟
- أنا لست الرئيس السيسى، فقد وجدت تحرّجاً.
■ ماذا عن اللاجئين السوريين، وهى قضية مهمة جدّاً وأوروبا «لايصة»، وهو أكبر نزوح بشرى؟
- ليس أكبر، هو كبير ولافت، ذنب مَن؟ أول شىء هناك رغبة فى العالم العربى، لو وجد وسيلة للهجرة، فسوف يذهب.
■ لماذا لم يلجأوا إلى العالم العربى؟ وهذا سؤال غريب والعالم العربى غنى.
- العالم العربى لا يوجد به مجال، وهو لا يرحِّب.
■ أوروبا الكافرة؟!
- العالم العربى غير مستعد ولا يرغب، بعض دول الخليج استقبلت بعض الأرقام، لكنها تخشى المشكلات، على مضض استقبلت بعض اللاجئين، فبالنسبة لهم هم يحفظون تركيبة السكان الحقيقيين لبلادهم، وهم يعرفون كيفية التعامل معهم، هل سوف يستقبلون سوريين، وهم بالنسبة إليهم مشاكسون؟ مصر استقبلت جزءاً ليس كبيراً، هناك عنصران فى الملف السورى، أن السوريين بطبعهم بحريون أكثر منهم بريين، فقد قاموا فى السابق بهجرات كبيرة إلى أمريكا اللاتينية.
■ هل أوروبا سوف تقبل كل هذه الأعداد؟
- أوروبا مستعدة لأن تأخذ أعداداً كثيرة، ولاحظى أن كثيراً من الأوروبيين انتقلوا من مرحلة الطبقة العاملة إلى التكنوقراط، ولديهم نقص فى العمالة.
■ ماذا عن سوريا وليبيا وتدفُّق الهجرة من هناك؟
- أنتِ أمام وطن عربى ضاقت فيه موارده عن طموحاته، وسادت به فترة من التململ بشكل كبير جداً، وارتكب زعماؤه فيه أخطاءً تاريخية بغير حدود، وأصبح هناك عالم عربى تائه، وفى القديم كانت القاهرة مركزاً، الآن ليس هذا موجوداً.
■ أليس الخليج مركزاً الآن؟
- الخليج مركز فرصة، وليس مركز قوة، فهو مركز للبحث عن فرصة، وعليكِ أن تحملى حقائبك فى انتظار الرحيل.
■ كيف يكون لنا علاقات مع تركيا، وهى لها موقف معادٍ من النظام الحالى، وتحتضن الإخوان المسلمين؟
- أنا موافق على أن هناك فارقاً بين أن تحاربى بلداً، وأن تتناقضى مع بلد وتعالجى الأمر، وأنا لست معجباً بأداء «أردوغان»، فهو قد يسقط فى أى انتخابات، لكن الشعب التركى باقٍ، ولن يبلعه البحر ويختفى.
■ لكن كيف يكون التصرّف السياسى المصرى؟
- النظام السياسى المصرى الحالى جاء بمواريث، وبعضها سيئ، وحان الوقت لتصفية بعضها الآن، مثلاً إيران، لمصلحة دول الخليج أن يكون هناك طرف عربى قادر على أن يتحدث فى إيران، وطهران قادرة على التحدُّث معه، وهو طرف قادر، لكن الدخول فى عداء مع سياسات دول الخليج مرهون بأمور كثيرة، وأنا متفهّم ظروفهم، فالولايات المتحدة بالنسبة لهم مهمة جداً، وأنا أفهم هذا، لكن هذا لا يدعونى، ولا يدعو دول الخليج أكثر، السعودية بالتحديد، لا يدعونا لأن نتعايش مع إيران.
■ ليبيا يبدو أن الغرب يغض الطرف عنها، رغم أنها دولة مصدّرة للإرهاب إلى مصر وتونس؟
- أليس من الأولى أن تهتمى بها؟ فالغرب أضر بليبيا وكسر النظام الموجود، ويستحق أن يذهب، وترك الأمور الآن للإرهاب والفوضى.
■ ماذا بعد إذن، السياسة المصرية وسط هذا الإقليم، قلت إنها تائهة فى محيطه، فكيف يجب أن تكون؟
- السياسة المصرية تائهة، لأن معظم الموجودين جدد، لهم علاقة بآثار التناقضات، وليس لهم علاقة بنشأتها، وأصبح من الضرورى أن نواجه ذلك من خلال: أولاً، لا بد من تعزيز الإدارة فى الرئاسة من خلال عناصر أكثر حول الرئيس، والبلد ملىء بالشباب، وأعتقد أن دائرة صنع القرار محصورة أكثر من اللازم، ثانياً، بعض المشاكل أو القضايا، لا بد أن يكون لها مجموعات عمل دائمة، دفاع وخارجية واقتصاد، ونقول مجموعات، حتى يتفرّغ الناس للعلاقات مع إثيوبيا وتركيا وإيران، نحن بلد فى قلب العالم العربى، وحولنا محيط عربى، لكن حول هذا المحيط إطار غير عربى، والقوة تركزت به، ولا بد من تقدير المسئوليات والمصالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.