بينما يؤكد المراقبون الإسرائيليون التزام الكيان الصهيوني الصمت تجاه الملف السوري، والاعتماد على سياسة "النأي بالنفس"، كشفت تصريحات المسؤولين الإسرائيلين في الفترة الأخيرة حقيقة هذا الإدعاء الصهيوني، حيث صرح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، الجمعة، بأن "تسوية الأزمة في سوريا تتطلب ترك الرئيس السوري منصبه" وهو ما يتضح منه ما يفضله الكيان الصهيوني والأنسب له في سوريا. قبل بداية الأزمة السورية وصل التوجس الصهيوني من سوريا وجيشها إلى أعلاه، فكان هناك تخوف ملحوظ في الأوساط الصهيونية من مهاجمة الجيش السوري لدولة الاحتلال، وذلك بعدما وصل التعاون السوري مع حزب الله اللبناني وإيران إلى ذروته، وفي فبراير 2010 وجه وزير الخارجية الإسرائيلي آننذاك أفيجدور ليبرمان، تحذيرًا للرئيس السوري بشار الأسد من مهاجمة الكيان الصهيوني حتى لا يخسر السلطة هو وعائلته. التصريحات الإسرائيلية في تلك الفترة، كانت ردا على الرئيس السوري بشار الأسد الذي هدد الكيان الصهيوني بقوله إن "الحرب معه قريبة وإن الاحتلال يدفع المنطقة إلى الحرب"، وعبرت تلك التصريحات بوضوح عن رغبة صهيونية في استهداف زعزعة الاستقرار السوري وإسقاط الأسد، وأكد ليبرمان: "أقوال الأسد بمثابة تغيير لقواعد اللعبة بشكل دراماتيكي وتهديدًا مباشرًا وتجاوزا بحق إسرائيل لا يمكن أن يمر مرور الكرام". خلال الأزمة السورية حافظ الكيان الصهيوني على علاقة غير مباشرة مع المعارضة السورية المسلحة في صراعها مع الحكومة السورية بتقديم المساعدات الطبية والعسكرية وتحقيق توازن دولي عن طريق الحليف الأمريكي في مواجهة الروس الداعمين لحكومة الأسد، وبعد ما يقارب الستة أعوام على تصريحات ليبرمان، المحذرة للأسد، خرج نفس الشخص ليعلن صراحة بأنه يفضل رحيل بشار الأسد عن السلطة لحل الأزمة. وعلى الرغم من قلة التصريحات الإسرائيلية المطالبة برحيل الأسد، فقد سبقت تصريحات ليبرمان، تمهيدات إعلامية تشير إلى الإعلان الصريح عن الموقف الصهيوني الرسمي، ففي فبراير 2016 خرجت صحيفة هاآتس الصهيونية، لتتناول الرؤية الإسرائيلية لتقدم الجيش السوري على كافة الجبهات مقابل تجمد تمدد الجماعات المسحلة في سوريا، وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها أن الكيان الصهيوني "بدأ تحديث مواقفه على خلفية التطورات الميدانية في سوريا، إذ ترى الآن أن انتصار نظام الأسد أمر سيئ"، مؤكدة أن الأهم أن "على الغرب أن يصحو من سباته، وأن يقدم مساعدات عسكرية حقيقية للجماعات المسلحة التي تحارب الأسد". وأضافت هآرتس أن الكيان الصهيوني يخشي "انتصار الأسد لأنه سيعزز مكانة إيران في المنطقة، كما أن عودة الجيش السوري إلى مرتفعات الجولان ستخلق تماسا بين جيش إسرائيل وحزب الله اللبناني"، وهو ما تراه أخطر بكثير من وجود منظمات مسلحة بما فيها تنظيم داعش في هذه المناطق، مؤكدة أن الكيان الصهيوني لا يرغب في المجاهرة بهذا الموقف وذلك لعدم إثارة حفيظة الروس الذين تريد الحفاظ على علاقات معقولة معهم. بعد كل هذه الفترة التي مرت على الأزمة السورية، لم تخجل المعارضة السورية المسلحة من الإعلان عن تعاونها مع الكيان الصهيوني، فخرج إلى العلن عدد من مسؤولي "الجيش الحر" الذي يعرف بالمعارضة المعتدلة في سوريا، ليطالب الاحتلال بالمساعدة في إسقاط النظام السوري، ووجه منسق "جبهة الإنقاذ الوطني" التابعة للجيش الحر فهد المصري، رسالة إلى حكومة الاحتلال يدعو فيها إلى "التعاون لإسقاط حكومة دمشق". وفي معرض التعاطي الصهيوني مع الرسالة استضافت قناة "إسرائيل 24" الصهيونية الناطقة بالعربية خلال نشرتها المركزية، فهد المصري، عبر "سكايب"، إلى جانب رئيس "حركة سوريا السلام" محمد حسين، عبر الهاتف، للتعليق على الموضوع. وقال المصري إن "بعض أطراف المعارضة تناشد إسرائيل أن تهبّ لمساعدتها وتدعو لتشكيل مجلس للأمن الإقليمي"، معتبراً أن "لا علاقة للواقع الميداني أو التطورات الميدانية في حلب أو مناطق أخرى، بالرسالة التي وجهناها اليوم للشعب الإسرائيلي". ولفت إلى أن "الهدف هو كشف موقفنا السياسي حيال "إسرائيل" وحيال المنطقة. قلنا بكل صراحة إن سوريا الجديدة لن تكون قوة معادية لأي قوة محلية أو إقليمية أو دولية"، أما حسين، فقد عبر عن "سعادته بتشكل رأي عام جديد في صفوف الشعب السوري"، مشددا على أن ذلك "أتى بعد جهد كبير بذلته حركة سوريا السلام، منذ نهاية شهر أكتوبر 2013، بعد اللقاء المباشر مع المسؤولين الإسرائيليين". ورأى أن "هناك مصالح مشتركة في هذه المنطقة لا بد من أن تتكامل. الأسد هو الذي خلق المشكلة، هو الذي زرع الكراهية والحقد في أجيال عدة تجاه الكيان الصهيوني، بينما العدو الحقيقي هو هذا الأسد ومن يعاونه كإيران"، وردًا على ذلك اعتبر المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، أمير أورن، خلال حديث مع القناة، أن "لدى إسرائيل علاقات جيدة ببعض قطاعات المعارضة السورية".